رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

لنتقبل الانتقاد!

من النادر أن تجد شخصا لا يحاول انتقاد الآخرين في زماننا، وهذا الكلام يشمل غالبية الناس. والانتقاد يعني، وفقا لقواميس العربية، نقد الشّيء، وبيان عيوبه ومحاسنه، ويقال: ‹›لا يُبصر الدينارَ غيرُ الناقدِ»، وبهذا فإن نقد الناس هي محاولة لإظهار عيوبهم ومحاسنهم! وانتقاد الذات، أو الآخرين، من المواضيع الحيوية والملاصقة للناس في كافة مجالات حياتهم، ولا يتخلف في ذلك الفقراء والأغنياء، والجهلة والمتعلمون، والخفراء والأمراء وغيرهم. والانتقاد قد يكون إيجابيا، وهو الأقل والأندر، وقد يكون سلبيا وهو الأكثر والأوسع. والكثير من الناس تتألم نتيجة الانتقادات السلبية لأنها من معاول التقزيم للذات الإنسانية، ومن أدوات القتل المعنوي للناس. ونلاحظ اليوم أن غالبية الكيانات السياسية والفكرية والشرعية الصافية والملوثة، وكذلك الكثير من الأشخاص الأنقياء والملوثين حريصون على انتقاد الناس، أو الكيانات الأخرى، ولا يتقبلون أي انتقادات لكياناتهم وشخوصهم وكأنهم معصومون من الخطأ، أو هم فوق الشبهات! والانتقاد البنّاء وسيلة طيبة لمساعدة الآخرين على تجاوز حالة سلبية ولكن بأسلوب مهذب ولسان طيب وأفكار تنويرية، وذلك على خلاف الانتقاد الهَدّام والذي يكون بأسلوب فض، ولسان مرّ، وأفكار ظلامية! وفي المجالات السياسية الواسعة والضيقة يفترض تثقيف الأتباع على سياسة الانتقاد على اعتبار أنهم مرآة عاكسة لعمل الدولة والكيانات والمؤسسات السياسية والشرعية والمجتمعية. وبالمقابل فإن المسؤول الحكيم والناجح ينبغي عليه قبول الانتقاد، وأن يتابع مرحلة، أو مراحل، التصحيح دون المساس بالشخص المُنْتَقد لأن ملاحقة المُنتقدين يعني إيقاف عجلة التفحص والمتابعة والبناء والتكوير. ومن هنا فإن المسؤول الصادق ينبغي عليه تقديم الناصحين وتكريمهم، وابعاد المزورين للحقائق وتقليص دورهم! إن الاعتراف بالخطأ من الفضائل التي تليق بالفرسان، والمسؤول المعترف بتقصيره، والمتماسك والضابط لنفسه، والمبتعد عن الجدال والرد والتشكيك والطعن بالآخرين يستحق الثناء، حتى وإن أخطأ، لأن العاملين لا شك يقعون في الخطأ، والنائمون قطعا لا يقعون في الخطأ! ولهذا ينبغي على الإنسان العاقل والدول المتينة والمؤسسات الرصينة أن تراجع نفسها بين حين وآخر، بل وتطلب من رجالاتها الأنقياء تقديم النصح والمشورة والانتقاد للحالات السلبية الخطيرة! ولا ننسى هنا مسألة النقد الذاتي وأهميته وضرورة أن يكون أولوية كبرى في مراحل العمل وبالذات تلك المليئة بالتحديات الداخلية والخارجية! إن أبرز صور الفشل العام للدولة والمؤسسات والأفراد تكون بتراكم الأخطاء، وعدم البحث عن الحلول الناجعة وبالنتيجة نكون أمام تلال من المشاكل البعيدة عن التفاهمات والمقاربات! ولهذا فإن دوام واستمرار ذات الأخطاء والسلوكيات المهلكة تتحمل القيادة مسؤوليته لأنها هي التي ارتضت لنفسها ان تكون في الصدارة، ويتحملها كذلك كل مَن يقدر على التقويم وآثر الصمت لمصالح شخصية وخاصة! لنتعلم أن الأنقياء على مرّ العصور قبلوا النصيحة والنقد حتى من عموم الناس فضلا عن علية القوم والنخب الثقافية والدينية والمجتمعية، التي يهمها النصح، والخلاص من السلبيات، والتأسيس لمرحلة جديدة قائمة على الثقة المتبادلة، والنصيحة، والعمل الممزوج بالحب والتسامح! وبذلك فإن الانغماس في المثاليات الفارغة والمفاخر المزيفة، واسقاط اللوم على «المُنْتَقدين» وجعلها شماعة للتخدير، وربما، لتبرير الفشل تُعدّ من أهم أسباب التكابر والتعالي على الانتقاد وعدم قبول الآخر! صنع القرار الصائب يكون بالحكمة والدراسة والتشاور مع العقلاء، وبخلاف ذلك فستكون الدولة والمؤسسات أمام قرارات ارتجالية همجية يمكن أن تحرق القريب والبعيد والأخضر واليابس! لا يُمكننا أن نُوقِف الانتقادات، وبالذات الإيجابية والمفصلية منها، وعليه ينبغي أن يُنْظر لها بأنها جزء من منظومة العمل، بل هي فرصة للتقويم والتجديد وليس بالضرورة هي مؤامرة وعدوانية وتخريبية!

1014

| 24 سبتمبر 2024

معضلة «الاستسلام» للخراب الفكري والإنساني

الاستسلام لحظة فاصلة ما بين النصر والهزيمة، والعز والخنوع، والنجاح والفشل، والبناء والهدم، والنور والظلام، والحياة والموت. والاستسلام ليس مفردة خاصة بالهزائم العسكرية الميدانية بل هي مفردة موجودة في كافة نواحي الحياة المدنية والعسكرية، والعامة والخاصة. والاستسلام يمكن قبوله من الفاشلين والخانعين والخونة والجبناء والبخلاء والتافهين والساقطين، ولكن لا يمكن قبوله من الناجحين والصامدين والمناضلين والشجعان والكرماء والحكماء وعلية القوم، وإلا سنكون أمام معضلة فكرية وإنسانية وتربوية، وربما، شرعية وإنسانية! ويختلف المُسْتَسْلِم لغايات شخصية ودنيوية عن المُسْتَسْلِم الشجاع والكريم والقوي لأن الأول استسلم دون اضطرار للاستسلام، بينما الثاني استسلم نتيجة للظروف القاسية المحيطة به، ولم يرفع الراية البيضاء إلا بعد أن أجبر على رفعها! وتبرز مواقف الرجال الأصلاء في أوقات الأزمات الكبرى، وبالذات تلك المتعلقة بالأوطان، ومستقبل الكيانات الكبرى والتجمعات الإنسانية، وحتى التربوية والشرعية. ويفترض في الحالة الطبيعية أن يكون موقف الرجال مع العدالة والإنصاف والصواب، ولكن، مع الأسف، نشاهد اليوم الكثير من الحالات السقيمة التي يقف فيها الكثير من الذين يدّعون أنهم من «النخب» العلمية والفكرية مع الباطل ضد الحق، ومع الظالم ضد المظلوم، ومع الخراب ضد البناء! وهنالك الكثير من المعضلات بمضار الاستسلام وأخطرها استسلام «النخب» المجتمعية والفكرية للواقع وأصبحت، وبلا حياء، لا تمتلك أيّ رأي، وقرار، وتَهْرُب من الواجب الإنساني والأخلاقي بسرعة البرق! وهكذا فإن «النخب» التي تبيع الحق وتشتري الباطل، وتتاجر بالمبادئ، وتساوم على الثوابت، وتقايض بالقيم هؤلاء آفة خطيرة ومعضلة مهلكة وسرطان قاتل يستحق الاستئصال من الجذور! ومن طرق علاج آفة الاستسلام الكلمة الطيبة والنصيحة والمحاجة المنطقية وإلا فإن التهديد بكشف حقيقتهم وتعريتهم من الحلول الاضطرارية لتخليص الحاضر والمستقبل من شرورهم! ومن أخطار الشخصيات «الاستسلامية» عملها الدؤوب لضرب الشخصيات الفاعلة والعاملة، وحرصها على التشكيك في أعمالهم، ولهذا فإن محاربة الشخصيات «الاستسلامية» ضرورة ملحة لاستمرار المسيرة والعمل والحياة لأن الاستسلام وقتل الحقيقة ونصرة الظالمين هو هزيمة قاسية وساحقة للإنسان، ومن يقتل الإنسان ماديا لا يختلف عمن يقتل معنويا! إن الحكمة المزيفة، والصلاح المغشوش، والتقوى الوهمية لا يُمكنها أن تصمد أمام حركة الحياة وتطورها! وعليه فإن ولم أر في حياتي أخس من المُسْتَسْلِم المتملق الباهت وقد يكون استسلامه بسبب الخوف على الوظيفة أو المنحة والمكرمة وغيرها من المكاسب المادية! فكيف ينظر أمثال هؤلاء لأنفسهم؟ وكيف ينظر إليهم الآخرون؟ والسؤال المهم هنا لماذا ينتصر الأشرار في حربهم ضد الأخيار، ولماذا يكون صوت الباطل هو الأعلى؟ ولا ينتصر الشر على الخير، والظلام على النور ولماذا يقومون بتخدير الناس ورميهم في مواجهات ساحقة وحروب طاحنة بسبب لاعب كرة قدم دولي يلعب في هذا النادي أو ذاك؟! وهؤلاء التافهون أو المغرر بهم، ربما، يدخلون في نقاشات باهتة وساخنة بسبب دوري كرة القدم أو مهرجانات للرقص والغناء! لقد شغلوا الناس بأخبار سقيمة، وشغلوهم وخوفوهم من قضايا الأمة المصيرية، وأرعبوهم من أزمات وأمراض وأوبئة بعيدة، والغاية هي إشغال الناس بالتوافه، وإسدال الستار على الأمور الكبرى، وأهمها الحفاظ على حياة الإنسان وكرامته وحاضره ومستقبله! يفترض بالأنقياء ألا يسمحوا للساقطين والتافهين والنفعيين أن يتسلقوا سُلْم العمل الوطني والإنساني لأنهم «يناضلون» لتأمين منافعهم الشخصية وإن ظهروا بمظهر النقي الورع والحارس للوطن والدين والناس. المنتصرون على الاستسلام هم الذين يمتلكون الشجاعة الإنسانية والفكرية لقول كلمة بيضاء تنير ميادين الظلم وظلمات الجور! ورحم الله مصطفى الرافعي حينما قال: إن لم تزد شيئاً على الدنيا: كنت أنت زائداً على الدنيا!

1167

| 16 سبتمبر 2024

البطانة «الشيطانية» والحاشية «الماكرة»!

لا يُذكر أي مسؤول في العالم، وبالذات في عالمنا العربي، إلا وتذكر معه البطانة والحاشية التي تعمل معه. والبِطانة: (اسم)، وجمعها: بَطَائِن، والبِطانَةُ: ما يُبَطَّن به الثوب، والبِطانَةُ هي السريرةُ، ويقال في قواميس اللغة العربية: بِطانَةُ الرَّجُلِ: أَهْلُهُ وَأَقْرِباؤُهُ. ويرى العالم محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح المعروف بالقرطبي إن كلمة «البطانة» مصدر، يسمى به الواحد والجمع. ويؤكد بأن «بطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره، وأصله من البطن الذي هو خلاف الظهر. وبطن فلان بفلان يبطن بطونا وبطانة إذا كان خاصا به. قال الشاعر: أولئك خلصائي نعم وبطانتي... وهم عيبتي من دون كل قريب». وهنالك تشابه بين الحاشية والبطانة فكلاهما بمعنى واحد تقريبا حيث تذكر قواميس اللغة العربية أن الحاشية: الأهل والخاصّة، والبطانة: حاشية الرَّجل/ الملك. وفي جميع الأحوال فنحن نقصد غالبية الأشخاص المقربين من الملوك والرؤساء والأمراء والمسؤولين وزعماء الكيانات الكبيرة والصغيرة. وتشمل البطانة اليوم السكرتير الخاص، ومدير المكتب (السكرتير)، والحرس الخاص، والسائق الشخصي، وغالبية الأفراد المقربين من المسؤول. وقد لاحظنا بأن الحاشية (البطانة) قد تكون صالحة وصافية وقد تكون طالحة وشيطانية، ولا شك أن الكلام في الغالب ينصب على الحاشية السوداء والشيطانية والخبيثة والحاقدة والماكرة والمستهترة والشاذة. وأخطر أنواع البطانة الشريرة هي البطانة التي تتفق مع بعضها في تضليل المسؤول وتخريب رأيه ونظره للقضايا المحيطة به والأفراد! وصِرنا، ربما، أمام مرحلة «حُكم الحاشية» حيث إن الحاشية هي التي تتحكم بهذا الملف أو ذاك، وهي التي تقدم هذا الشخص أو ذاك، وهي التي تزكي وتُسَقِط وتُضيّع وتلعب بالملعب وكأنها القادرة على فعل أي شيء وقد يكون دورها ليس فقط خداع هذا المسؤول أو ذاك بل وتتحرك وتتصرف وتقرر دون الرجوع عليه مستغلة الثقة التي منحها ذلك المسؤول لفلان أو فلان من الحاشية! إن المنطق السياسي والعقلي والإنساني يؤكد أن الحاكم أو الملك أو القائد أو أي مسؤول هو المسؤول عن أي قرار يصدر من مكتبه سلبا أو إيجابا، وهنا تكمن أهمية وخطورة البطانة الخبيثة ودورها في قتل وتسقيط ونهاية المسؤول «النائم في العسل» بسبب الثقة الكبيرة التي منحها لأُناس لا يستحقونها! والحقيقة فإن البطانة الشريرة هم ثلة من السرّاق والخبثاء والأشرار والنفعيين والفاقدين لأبسط مقومات الرجولة، وهم يَدّعون النزاهة والأمانة والنقاء والطيبة والرجولة. ولا يمكن هنا أن نُبرئ المسؤول من تقريبه لهذه الحاشية الفاسدة المتهالكة، وكان ينبغي عليه أن يفطن لألاعيب البطانة واتفاقهم المستمر في التقييم، وتطابق الآراء ولعبهم لدور الجنود الأوفياء الأنقياء والحقيقة هم أعداء خبثاء! ولا يفوتنا هنا أن نشير بأن المسؤول النقي يفترض أن يتابع الترف المادي والمالي لحاشيته، والذي لا يتوافق مع ما يحصلون عليه من أموال خلال عملهم معه، وهذا يدلل على وجود فساد مالي وإداري يحتاج للمعالجة والاستئصال! ليعمل كل مسؤول سواء في الدولة أو خارجها سواء أكان هو المسؤول الأعلى أم هنالك من هو أعلى منه أن يعمل على إعادة النظر في بطانته وحاشيته، ويسعى لتنقيتها من الأشرار والخبثاء الذين يتظاهرون بالطيبة والولاء وهم أخطر أعداء المسؤول، وربما، هم من سينهُون مسيرته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. المسؤول الناجح هو المسؤول الذي يعرف كيف يختار حاشيته وبطانته، والمسؤول الفاشل هو المسؤول الذي لا يحرص على تنقية حاشيته ويترك مصير العمل بيد بعض الحاشية وكأنه بهذا التصرف بعيد عن المساءلة! صححوا المسار، ونقوا مكاتبكم وصفوفكم من الحاشية والبطانة الفاسدة قبل فوات الأوان!

1344

| 02 سبتمبر 2024

حرب العصابات في عالم المؤسسات!

هنالك العديد من التعاريف لكلمة مؤسسة [مفرد]: ج مؤسسات، في القواميس العربية الحديثة. وترى بعض القواميس أن المؤسسة هي منشأة‏ تؤسَّس لغرض معين أو لمنفعة عامة، ولديها من الموارد ما يكفل ذلك، وهنالك مؤسسات علمية، ودستورية، وسياسية وخيرية. وقد تحدثت العديد من الكتب عن المؤسسات وما يتعلق بها، وآخرها كتاب «حرب العصابات في عالم المؤسسات»، وهو من تأليف: باتريك لينشيوني، وترجمة: هبة نجيب مغربي، ٢٠٢٤م. ويناقش الكتاب العديد من القضايا المتعلقة بالعمل المؤسسي، ولا نريد الخوض في تفاصيلها. والعمل المؤسسي قائم على الخطط الجماعية والفردية ويعتمد بشكل واضح على التشاور في صناعة القرار في ترتيب وتطبيق مراحل العمل، وهو بعيد عن الفردية أو «الدكتاتورية المؤسساتية». وتعالج المأسسة (المؤسساتية) آفة الفردية وتكافح الديكتاتورية في العمل وبالتالي تفتح الباب للجميع للمنافسة، كل من موقعه، وذلك عبر زرع الثقة في نفوس جميع العاملين، والانتقال من الفردية التامة إلى الحالة الجماعية في القرارات والتخطيط والترتيب والتنفيذ. والعمل المؤسسي تجربة دقيقة بحاجة لفريق تخطيط حكيم ومتمرس، وهو ليس شعارا يرفع بينما العمل بعيد عن أبسط أبجديات المؤسساتية. ولا ننسى هنا الدور الريادي للقيادة في ترتيب وترشيد العمل المؤسسي؛ وبهذا فإن العمل المؤسسي الرصين والناجح تقف وراءه قيادة رصينة وناجحة، والعمل المؤسسي الهزيل أو الفاشل تقف وراءه قيادة هزيلة وفاشلة. والقيادة الواعية تعمل على كسر الحواجز المتنوعة سعيا منها لفتح باب المنافسة بين الزملاء وصولا لتحقيق أفضل النتائج في الميدان. والعمل المؤسسي ليس بعيدا عن الآفات الساحقة للأعمال الناجحة، ولهذا فإن المزاجية والمحسوبية والأنانية والتقييمات السقيمة وغيرها من الأسباب من أهم الآفات المدمرة للعمل المؤسسي. وبهذه الأساليب الإدارية الهمجية سيحكم بالإعدام على الكفاءة الإنتاجية وسيضطر الموظفون الأكفاء للهروب لمؤسسات حقيقية ورصينة. إن الإدارة الناجحة تزرع روح التعاون بين زملاء العمل من جهة، وبينهم وبين الإدارة من جهة أخرى، ولا تبني أي حواجز حقيقية أو وهمية بين الجميع. وتمتلك الإدارة السليمة، كذلك، القدرة على تذليل الصعاب ومعالجة المشكلات بحكمة وعلمية وموضوعية وتحاول زراعة روحية الفريق الواحد في أرجاء المؤسسة. وهنالك العديد من ثمرات العمل المؤسسي ومن أبرزها استمرارية العمل وقدرته على المنافسة في الميادين الحياتية المتنوعة. وعند تطبيق المؤسساتية الحقيقية سنصل إلى الاستثمار الأمثل للجهود والطاقات والموارد البشرية والمالية وصولا إلى النجاح المنشود في الميادين السياسية والاقتصادية والمجتمعية وحتى الإنسانية والدعوية. ولعل من أخطر العوامل المهددة لغالبية الكيانات التي تدعي بأنها قائمة على المؤسساتية هو غياب الروح الجماعية والتكاتف التلاحم والتواد بين غالبية أفرادها وكأنهم أحيانا مجموعة من الأعداء أو المتخاصمين في كيان واحد. وبناء على هذه الحقائق يفترض بالكيانات التي تعاني من «القيادة الفردية» وفوضى «العمل الفردي» والتي تحارب أو تتجاهل «العمل الجماعي» والمؤسساتي الحقيقي أن تسعى وبعجالة لتنمية «الفكر الجماعي»، وأن تحارب «الدكتاتورية الإدارية» وتُنهي حالة التجمعات الداخلية والعصابات المشكلة داخل المؤسسة. مَن يسعى لإنجاح العمل المؤسسي عليه أن يفتح باب النافسة الشريفة وتشجيع العمل التعاوني والجماعي، وتضييق الهوة بين العاملين من حيث التعامل والأجور والمكافآت والتأمين الصحي، وزرع الاستقرار النسبي للعمل وفتح باب قبول الرأي والرأي الآخر والانتقادات البناءة، وألا يحارب الكفاءات الفردية وغيرها من الأدوات الحافظة للعمل والداعمة للجهود والطاقات. العمل المؤسسي يتطلب الانفتاح على العالم وعلى الآخرين، وامتلاك عقلية حكيمة وناضجة، والابتعاد عن سياسات التسلط والتحكم بالآخرين. ولا تحولوا «المؤسسات» إلى ميادين للحروب بين الموظفين، وتذكروا أن العمل المؤسسي طريق النجاح المضمون في كافة المجالات العامة والخاصة.

1335

| 27 أغسطس 2024

فوضى الفكر والقيادة!

يُعدّ مصطلح «الفوضى» أو «الفوضوية» من المصطلحات العميقة التي تتلاعب بها القوى الشريرة الساعية لبقاء مئات ملايين الناس في ظلمات الجهل والتخلّف والهمجية!. والإنسان، كما يقال ابن بيئته، وعندما يولد الإنسان يكون خلال ساعات ابن بيئته التي ولد فيها، فأبناء الأمراء أمراء، وأبناء الأغنياء أغنياء، وأبناء الفقراء فقراء، وهكذا حال غالبية الناس. وابن البيئة المُرتّبة يعشق، غالبا، الترتيب، وابن البيئة الفوضوية يكون، غالبا، بعيدا عن الترتيب، وهكذا هي أحوال الناس في حِلّهم وترحالهم ومعظم تقلّبات حياتهم. والفوضى قد تكون في البيوت والشوارع وأماكن العمل وإدارة المؤسّسات والدول، وقد تكون مطلقة، وقد تكون محدودة. والفوضى وفقا لقواميس اللغة: «اختلال في أداء الوظائف والمهام الموكلة إلى أصحابها وافتقارها إلى النظام». والفوضى قد تكون أمنية، أو سياسية، أو إدارية، أو نخبوية وفكرية، أو قيادية، أو مجتمعية، أو اقتصادية، وتختلف درجة خطورتها وأهميتها تبعا لمدى التصاقها بالمجتمع والناس وتأثيرها عليهم. وأظن أن «الفوضى الأمنية» تقود لكافة أنواع الفوضى الأخرى، والفوضى الأمنية نتيجة حتمية للفوضى السياسية، وبالمحصلة، ربما، تُعتبر الفوضى الأمنية والسياسية من أخطر الأنواع والتي ستقود حتما لنشر التشويش والارتباك والخلط في الحياة. وأعتقد أن «الفوضى الفكرية» من أبشع الأنواع، لأنها حينما تُغرس في مكان ما تتلاعب بالمفاهيم والعقول وتحاول التحكّم بالآخرين عبر أدوات ناعمة ودقيقة، وخبيثة. والفوضى الفكرية الحاصلة في مجتمعاتنا اليوم سببها غياب الأهداف الواضحة، والتصادم الشديد بين الاختصاصات المختلفة والتناحر الحادّ بين القدرات الشخصية والتحصيل العلمي والطموحات الأنانية الشاذة، وغيرها من الأسباب التي تزرع الحيرة في نواحي العمل والحياة. وحينما تُذكر الفوضى تذكر مباشرة الفوضى الخلاقة، (البناءة)، «Constructive Chaos»! وهي مخطط سياسي وأمني قائم على الفوضى المقصودة والمدروسة لإخضاع شعب ما، أو لإنهاء أو نشر فكرة ما، وبالتالي تهدف الفوضى الخلاقة لبناء وضع سياسي وإنساني جديد مليء بالشعارات البراقة، وواقعيا يسعى القائمون على الفوضى الخلاقة لتحقيق أهدافهم مَرّة باسم الدين، وأخرى باسم الديمقراطية والانفتاح، وثالثة باسم حقوق الإنسان وغيرها من الشعارات القائمة على تخدير الشعوب!. ونجد، في العمل السياسي، أن «الفوضى الفعلية» تتمثل في غياب القائد أو الرئيس (المدير) الكفؤ، وحينها سيواجه العمل فوضى عارمة في البرامج السياسية، والخطط الآنية والمستقبلية، وفي اختيار «رفاق المسيرة» والموظفين وتقييمهم وغيرها من ضروريات العمل. ويحاول «زعماء الفوضى» خلال تنفيذ مخططاتهم الخبيثة خلط الأوراق، وتقديم الفاسدين، والمنافقين والمتملقين والزاحفين والساقطين، والمفترين!. وقد يتطور أمر «الفوضى القيادية» إلى درجة خلط الحقّ بالباطل، والصحيح بالسقيم، والنور بالظلام، والنقي بالملوث، بل وقد يصل الأمر لدرجة تفضيل الباطل والسقيم والظلام والملوث على الحق والصحي والنور والنقي، وهذا خلل خطير وكبير يتوجب معالجته بالحزم المؤسساتي، والضرب بقوة الفكر والمنطق والقوانين الناظمة وألا يترك لمثل هؤلاء «الفوضويين» العبث بمصير الناس وأفكارهم وتقييماتهم. ولا شكّ أن هذه «الفوضى القيادية الخبيثة» ستقود لتبديد الطاقات البشرية، والأوقات، والأموال، وفقدان الحكمة، وإيغال الصدور وزرع الكراهية بين أبناء المؤسسة وبالنتيجة الفشل الذريع للجميع دون استثناء. ورحم الله الشاعر الأفوه الأودي حينما قال: لا يصلــــــــــح النــــــــــــــاس فوضـــــــــــى لا سراة لهم ولا ســــــــــــــــــــراة إذا جُهَّـــــــــــــــــــــــالهم ســــــــــــادوا لنحارب الفوضى بالتخطيط والعمل والمواقف الصلبة، ولا نترك أي مجال للعابثين والفوضويين أن يستأسِدوا على الناس عموما، والرجال خصوصا. إن كنت في مركب مليء بالفوضى الإدارية والقيادية ليكن أول مشاريعك النجاة من هذا المركب لأن المراكب الفوضوية لا تصل إلى بَرّ الأمان.

1332

| 20 أغسطس 2024

والناقمون على طوفان الأقصى وانتخاب السنوار!

منذ أن انطلقت معركة طوفان الأقصى المباركة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ونحن نتابع بعض الأصوات الشاذة والأقلام المسمومة التي تطعن بالمقاومة الفلسطينية الباسلة! وقد انقسم العرب والمسلمون إلى فريقين: الأول، وهم الأغلبية، ويمثله المؤيدون والمناصرون لغزة، والثاني، وهم القلة، ويمثله الطاعنون والمثبطون للمقاومة! وخلال الحرب العالمية الثانية وجدنا أن بعض الدول الأوروبية انهارت بسرعة مذهلة، ولاحظنا أن الدنمارك استسلمت في ست ساعات، ولوكسمبورج انهارت بعد يوم واحد، وسقطت هولندا بعد خمسة أيام فقط، وخلال ثلاثة أسابيع رفعت بلجيكا الراية البيضاء، وبعد شهر وخمسة أيام استسلمت بولندا، واحتاجت فرنسا إلى ٤٦ يوماً فقط لتنهار، وسقطت النرويج بعد ٦٢ يوماً! واليوم نجد أن غزة المؤمنة وبإمكانياتها المتواضعة، ورغم التآمر عليها وهي تقاتل منذ أكثر من 300 يوم دولا عظمى، ولم ترفع الراية البيضاء! ومع هذا الصمود الفلسطيني المنقطع النظير صرنا نسمع بأصوات حاقدة ومعارضة للمقاومة ومؤيدة للخنوع والهزيمة، ولا ندري ما غايتها ولمصلحة مَن يقولون كلامهم المسموم؟ ومع الأسف وجدنا أن هذه الهجمة البربرية الهمجية من بعض المحسوبين على «علماء الدين» الذين يظنون أنهم وحدهم يفهمون الدين، ومن بعض علماء السلاطين، ومن بعض الصحفيين والإعلاميين والقنوات الفضائية والجامع بينهم أنهم جميعهم ضد المقاومة الفلسطينية! وكأن «الجريمة الكبرى» التي ارتكبتها المقاومة هي المقاومة، وكأنهم يقولون لا تُلْحقوا أي ضرر بالعدو، وحافظوا على سلامة «إسرائيل»، وأنتم مجرمون قتلة لأنكم تريدون تحرير أرضكم من العدو الغاصب القاتل المجرم! والأدهى والأمر أن بعضهم وصل إلى مرحلة السؤال عن «حكم الترحم على الشهيد إسماعيل هنية»؟ وبالمقابل لاحظنا أن بعض اليهود في أوروبا خرجوا في مظاهرات منددة بالجرائم الصهيونية بينما نجد أن هؤلاء الحاقدين والمحسوبين على العرب والمسلمين يقفون ضد المقاومة الفلسطينية! وسبق للحاخام حاييم سوفير عميد حركة «ناطوري كارتا» في بريطانيا، أن أكد، يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، أن» إسرائيل ليس لها حق في الوجود، والتوراة تمنع احتلال فلسطين»! وحينما نقرأ التاريخ النضالي للشعوب الأجنبية والعربية والإسلامية نجد أن القوات المحتلة لم تخرج بالورود والدعاء فقط، بل إن دماء الرجال وتضحياتهم هي التي عبدت طرق التحرير، وأجبرت قوى الاحتلال على الهروب والهزيمة! وهذه الحقائق النضالية كتبت في الجزائر ومصر والشام وليبيا والعراق وغيرها حيث وقف الأخيار من رجال هذه الدول بوجه القوى المحتلة، وأجبروهم على الاستسلام والاعتراف بحقوقهم، فلماذا حينما تكون المعادلة والقضية مع «إسرائيل» نجد هذا الكلام الهائل والغريب في الدفاع عن الصهاينة ونصرتهم؟ إن الثورات الشعبية والحراك التحرري المعارض للاحتلال قال كلمته ولم نسمع ولو كلمة طعن واحدة من العلماء والمثقفين والصحفيين والأدباء والمفكرين والفلاسفة ضد هذه الحركات التحررية! فلماذا صرنا اليوم أمام بعض التيارات العربية والإسلامية الحاقدة على المقاومة ورجالها وبحجج لا يمكن أن تصمد أمام أبسط القوانين الأرضية فضلا عن الشرائع السماوية! وأخيرا فإن اختيار يحيى السنوار زعيما لحركة حماس هو الرد الصاروخي على جميع الذين قالوا بأن المقاومة قد ندمت على معركة طوفان الأقصی! نصيحتنا الإنسانية لكل المتنطعين والحاقدين والذين ارتضوا لأنفسهم أن يرموا عقولهم في الظلام ويقبلوا بما يمليه عليهم فلان وفلان من الزعماء «والعلماء» عليكم أن تكفوا عن الطعن بشهداء فلسطين والأمة، وليتذكروا أن التاريخ لا يرحم المُخَذْلين! ومع جميع هذه المثبطات فإن فلسطين ومقاومتها ستنتصر وسيكتب التاريخ مواقفهم بالعز والفخر، وستُكْتَب مواقف المثبطين بالعار والخنوع!

801

| 12 أغسطس 2024

فزت وربّ الكعبة يا أبا العبد!

قبل ساعات دُفن القائد الشهيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية «حماس» والذي قَدّر الله له أن يكون اغتياله واستشهاده في إيران ومدفنه في دولة قطر. إن «إسرائيل» التي فشلت في سحق المقاومة الفلسطينية بعد 300 يوم من الصمود والتحدّي، وبعد أن قتلت، وبدم بارد، أكثر من 40 ألف غَزّيّ، وهجرت وسحقت الملايين، وجدت نفسها مثل الأفعى التي لا تدري كيف تحارب مَن يحاول سحقها، فراحت تحاول أن تنال من المقاومة عبر عمليات اغتيال خبيثة بدأت بالشيخ أحمد ياسين مرورا بالشهيد عبد العزيز الرنتيسي وغيرهما، ووصولا للشهيد إسماعيل هنية! ولقد نال العشرات من عائلة آل هنية الظفر والفوز بالشهادة بالجملة، منذ نيسان/ أبريل 2023 وحتى 31 تموز/ يوليو 2024، وهذا يعني أن فِريَة كون عوائل قادة المقاومة الفلسطينية بمأمن هي فِريَة واهية ولا تَصمد أمام الواقع! وجريمة اغتيال هنية لم تكن مفاجئة، بل كانت متوقعة، لكن الغريب والمفاجئ هو المكان والزمان والجهة المنفذة لهذه الجريمة السياسية والدبلوماسية والأخلاقية! وقبل الحديث عن الآلية أظن أن من الضروري الحديث عن مكان الاغتيال، وهو العاصمة الإيرانية، طهران، وتوقيت الجريمة الذي كان بعد ساعات من انتهاء حفل تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان! ولا شك أنه، وفي مثل هذه المناسبات، تدخل الدول في حالة إنذار كامل لحماية الحفل والشخصيات التي تمثل غالبية دول العالم، وبالتالي كيف تقع حادثة الاغتيال في ظل حالة الإنذار الكبرى، وأين كانت الحمايات الإيرانية، وحتى الفلسطينية، المرافقة للراحل هنية؟ وبعيدا عن تفاصيل الهجوم الإرهابي والغموض الذي يحيط بالجهة المنفذة سواء أكان الموساد أو غيره فإن الرجل راح ضحية الغدر وعدم الاهتمام بحمايته كونه شخصية مطلوبة للكيان الصهيوني ولعيونه المتواجدين في مختلف دول العالم! وفيما يخص آلية الاغتيال فهنالك، حتى الساعة، تناقضات والتباسات تَتعلّق بالكيفية التي وقعت فيها الجريمة! بداية ذُكِرَ بأن الهجوم نفذ بطائرة مسيّرة، وبعد ساعات قيل إن العملية نفذت بصاروخ أطلق من دولة مجاورة، فيما قالت وكالة «فارس» أنه «مقذوف جوي»، وأخيرا قيل إن هنية، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز « قُتل بعبوة ناسفة زُرعت داخل غرفته»! ولا ندري أين كانت الدفاعات الجوية الإيرانية والحمايات الدبلوماسية التي يفترض تواجدها حول أماكن الشخصيات المهمة؟ وقطعا أثبتت الحادثة بأن إيران قَصّرت في حماية ضيفها الكبير والمهم، وهذه ضربة دبلوماسية وسياسية جاءتها بعد ساعات من تنصيب رئيسها الجديد! وبعد الحادثة أكدت بعض الدول أن اغتيال هنية جريمة، ربما، ستشعل الشرق الأوسط! وأظن أن رجال المقاومة الفلسطينية سيكون لهم رأي آخر، وردهم سيكون في التوقيت الدقيق والمفاجئ، وربما سنكون أمام «طوفان جديد» انتقاما للغدر الذي وقع على الشهيد هنية! اغتيال هنية لا يعني نهاية المقاومة فهو المؤمن بأنه سيكون شهيدا في يوم ما، وهذا ما قاله في خطاباته الأخيرة! وأرى أن بنيامين نتنياهو وعبر سياساته الإرهابية الدموية قد أجهض أيّ محاولة للمفاوضات والسلام، وهذا دليل قاطع على أن «إسرائيل» كيان دموي إرهابي يكره السلام ويعشق الحروب والدماء! إن دماء هنية ورفيقه، وإن سالت في طهران، إلا أنها روت شجرة المقاومة والصمود في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة! وللتاريخ فإن هنية قائد حقيقي كان يتقدم جنوده في ميادين السياسة والصبر، وليس قائدا وهميا لا يتحرك إلا بإجراءات أمنية مشددة جدا ومبالغ فيها! رحمك الله يا أبا العبد، والخزي والعار لمَنْ شَمِت باغتيالك، وناصر «إسرائيل»!

1143

| 03 أغسطس 2024

نتنياهو يمثل ببراعة أمام الكونغرس الأمريكي!

ذكرت المادة الرابعة من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في 22/‏11/‏ 1969 في بند الحق في الحياة: 1 - لكل إنسان الحق في أن تكون حياته محترمة، هذا الحق يحميه القانون، وبشكل عام، منذ لحظة الحمل، ولا يجوز أن يحرم أحد من حياته بصورة تعسفية. وهذا الكلام المنمق الجميل تناقضه الوقائع والأحداث والسلوكيات الأمريكية في فيتنام وأفغانستان والعراق وفلسطين وتحديدا في غزة! وتأكيدا لهذا التناقض الأمريكي حظي خطاب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، يوم 25 تموز/‏ يوليو 2024، أمام أعضاء الكونغرس بترحيب واسع وتصفيق حاد من المشرعين الذين حضروا الجلسة «التاريخية»! ولم يحصل في تاريخ الكونغرس الأمريكي أن صفق لأي مسؤول أمريكي أو أجنبي لأكثر من 80 مرة خلال 50 دقيقة منذ دخوله إلى الكونغرس وحتى لحظة الخروج منه! وكانت كلمة نتنياهو مليئة بالأكاذيب والتزوير والتزييف للحقائق وكأن العالم لم يكن يتابع الجرائم الإسرائيلية في غزة عبر النقل المباشر! وتطرق السفاح نتنياهو لرؤيته لغزة لمرحلة ما بعد الحرب، والتحالف الذي يسعى كيانه لتشكيله لمواجهة إيران، وكذلك إشادته بالجهود الأمريكية لدعم بلاده في مواجهة حماس وحزب الله! وتأكيدا للهزيمة الصهيونية حاول نتنياهو خداع العالم بفعاليات إعلامية واستعراضية باهتة حيث أحضر معه بعض أفراد عوائل الأسرى الصهاينة وأحد الضباط «المسلمين» الذين يقاتلون في صفوف الجيش الصهيوني! والضابط الصهيوني «المسلم» هو أشرف البحيري، والذي عرف عنه نتنياهو قائلا بأنه: « جندي بدوي من مجتمع رهط المسلم الإسرائيلي. وفي السابع من أكتوبر، قتل أشرف أيضا العديد من الإرهابيين. في البداية، دافع عن رفاقه في القاعدة العسكرية، ثم سارع بعد ذلك إلى الدفاع عن البلدات المجاورة، بما في ذلك مجتمع كيبوتس بئيري المدمر»! وأكد نتنياهو: «مثل أشرف، حارب الجنود المسلمون في جيش الدفاع الإسرائيلي إلى جانب رفاقهم اليهود والدروز والمسيحيين وغيرهم، وهم من كل عرق ودين وتوجه سياسي»! ولا ندري أيّ دين هذا الذي يَدّعي البحيري الانتماء إليه والإسلام دين قائم على الولاء والبراء القلبي قبل العملي، فكيف بمَن يحارب في صفوف الصهاينة ضد العرب المسلمين في غزة؟ ومع جميع صور الدعم الرسمي لنتنياهو إلا أن الموقف الشعبي الإنساني في الداخل الأمريكي كان له كلمته التي، ربما، لم تكتب من قبل! وكانت بداية الفعاليات الشعبية بحرق العلم الأمريكي خلال الاحتجاجات على زيارة نتنياهو، ولم يتوقف الأمر عند هذه الخطوات النادرة الحدوث في الداخل الأمريكي! حيث أطلق بعض الناشطين المؤيدين لفلسطين آلاف اليرقات وديدان الطحين والصراصير داخل فندق «ووترغيت»، مقر إقامة نتنياهو بواشنطن، في ذات التوقيت الذي كان نتنياهو يتحدث فيه أمام الكونغرس، وفقا لصحيفة «التلغراف» البريطانية. وهذه المواقف تضرب بقوة الموقف الرسمي في الكونغرس الأمريكي لأن المواقف الشعبية أقوى وأمتن من المواقف الرسمية في ظل حالة عدم توازن القوى السائدة في العالم اليوم! وبالعودة إلى خطاب نتنياهو نجد أن نتنياهو حاول، وبالطرق المباشرة وغير المباشرة، الحصول على الدعم الأمريكي لحربه في غزة، وربما، لبقائه في منصبه لمدة أطول! وقد يكون خطابه بمثابة إعلان الهزيمة الصهيونية وانتصار المقاومة بعد عشرة أشهر من الصمود والبطولة! الحقيقة الدامغة أن نتنياهو، ومهما حاول عبر خطابه المكتوب بعناية أن يخدع العالم، سيبقى من أبرز سفاحي العصر الحديث، ولا يمكنه أن يُجَمِّل صورته وصورة كيانه أمام العالم! فعلا إنه زمن الهبوط والنحر للقيم والإنسانية! لا تصفقوا للقتلة والمجرمين! ولا تطبلوا وتلمعوا صورة الشاذين المنحرفين!

717

| 29 يوليو 2024

نتنياهو والمحكمة الدولية والدعاية الهتلرية!

لم تتوقف «إسرائيل» عن ضرب القوانين الدولية منذ بداية احتلالها للأراضي الفلسطينية في عشرينيات القرن الماضي، بحيث إن أول رئيس وزراء صهيوني «دافيد بن غوريون» قال في حزيران/ يونيو 1938: «أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئاً غير أخلاقي»! وقد نفذت «إسرائيل» العديد من النكبات في الأراضي الفلسطينية، وربما، من أبرزها نكبة 1948 التي تعدّ واحدة من أبشع حملات الطرد لشعب من أرضه في التاريخ الإنساني!. ولا يمكن تغافل نكبة وحرب الإبادة الصهيونية التي أعقبت عملية طوفان الأقصى في عام 2023 والمستمرة حتى الساعة. وخلال مراحل الاحتلال لم تكتف «إسرائيل» بالقتل والترهيب بل شنت حملات إعلامية منظمة لطمس الحقائق وتزوير الأحداث وكأنها صاحبة الحق في الأرض، وأنها تمتلك «سلطات دينية وقانونية» للتطهير العرقي!. وسعى الكيان الصهيوني إلى صبغ احتلاله بصبغة دينية توراتية حتى يخدع العالم بأنه يمتلك حقا مقدسا في فلسطين وليس احتلالا!. وحاولت «إسرائيل» وصف نفسها بأنها «دولة عادلة»، بينما الواقع مليء بالصور البشعة التي تؤكد أنها كيان إرهابي قائم على هضم حقوق الآخرين ولا علاقة له بالعدل والسلام والتعايش. وعمل الصهاينة بكافة الوسائل المتاحة وغير الأخلاقية لتشويه سمعة المقاومة الفلسطينية، وبأنها تعادي «السامية» وحاولوا وصمها ولصقها بالإرهاب وهذه جميعها محاولات لتزوير التاريخ البعيد والقريب. ومن أبشع الطرق لتزوير التاريخ هي سياسات تهويد مئات الأحياء الفلسطينية بعد تهجير أهلها وتدمير المنازل والأسواق ومنع الناس من العودة لمنازلهم وأملاكهم وكأنها حرب حرق للإنسان والحياة!. إن الخبث الصهيوني وصل لمراحل متناقضة لدرجة أن رئيسة وزراء «إسرائيل» السابقة «غولدا مائير» أنكرت في عام 1970 «وجود ما يسمى بالشعب الفلسطيني»، ولكنها عادت لتعترف بأنها حملت الجواز الفلسطيني قبل قيام «دولة إسرائيل»! فأي تناقض هذا!. ورغم أن «إسرائيل» جندت الأموال والأدباء والفنانين وحتى المشاهير في عالم الرياضة والتواصل الاجتماعي لتلميع صورتها وزرع أكذوبة حقها التاريخي في فلسطين إلا أن صمود الفلسطينيين ونضالهم دفع العالم للقول بأن «إسرائيل» كيان مارق ولا يمتلك أي حق تاريخي وقانوني وأخلاقي في الأراضي المحتلة. وتأكيدا لهذا الحق التاريخي والقانوني الفلسطيني طالبت محكمة العدل الدولية، يوم 19 تموز/ يوليو 2024، «إسرائيل» بوضع حدّ لاحتلال الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد 1967، داعية إلى إنهاء أيّ تدابير تسبب تغييرا ديموغرافيا أو جغرافيا. وهذه هي المرّة الأولى التي تؤكد فيه المحكمة الدولية أن «الاحتلال المستمر منذ 57 عاماً غير قانوني». وجاء هذا الرأي التاريخي بعد أن اعترفت 145 من إجمالي 193 دولة في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، وأبرز تلك الدول إسبانيا وأيرلندا والنرويج، والأرجنتين، والبرازيل، والصين، والهند، وروسيا وغيرها. وأهم ما جاء في رأي محكمة العدل الدولية هو الامتناع عن تقديم أيّ دعم «لإسرائيل» كقوّة احتلال، وأن استمرار وجود «إسرائيل» في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وأنها مُلزمة بإنهاء وجودها فيها بأسرع وقت ممكن. وكالعادة هاجم رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية وأكد أن « شعبنا ليس محتلا لأرضه ولا لإرث آبائه وأي قرار كاذب في لاهاي لن يشوه هذه الحقيقة التاريخية»!. ولا أدري من أين جاء نتنياهو بهذه القدرة على الكذب والتزوير للتاريخ وكأنه يطبق قاعدة «جوزيف جوبلز» وزير ماكينة الدعاية الألمانية في حكومة هتلر، وهي: «اكذب اكذب حتى يصدقك الناس»! ولكن ورغم جميع أنواع الكذب الصهيوني ستبقى فلسطين عربية وستعود لأهلها رغم الخداع الصهيوني. وستبقى الكلمة الفصل للمقاومة الفلسطينية الصامدة.

768

| 22 يوليو 2024

العمليات التجميلية السياسية!

يَذكر علماء وأطباء الجراحة التجميلية بأنها تخصص جراحي يتضمن العديد من العمليات الكبرى والصغرى، وتهدف لترميم أو إعادة بناء أو تغيير جزء من جسم الإنسان. وقَسّم الجراحون جراحة التجميل إلى فئتين: الأولى هي «الجراحة الترميمية» التي تشمل الجراحة المجهرية، وجراحة اليد، وعلاج الحروق، والفئة الثانية هي (الجراحة التجميلية). ولم تعد العمليات التجميلية مقتصرة على النساء بل ربما صار الرجال يفوقون النساء في بعض البلدان في ركضهم وراء عالم التجميل! وغالبية المولعين بعمليات التجميل يسعون لتحسين مظاهرهم الجسدية عبر العمليات التجميلية التي دخلت لغالبية أعضاء الإنسان إن لم تكن جميعها! والغريب أن عمليات التجميل قد دخلت لمجال خطير يمكن من خلاله إيهام السلطات وتزوير معالم وبصمات المجرمين. وفي هذا الباب الغريب أعلنت السلطات الفلبينية يوم 10 تموز/ يوليو 2024 أن مستشفيات سرية في الفلبين تقوم بتغيير ملامح المجرمين لإخفاء هويتهم وتسهيل عمليات تهريبهم، وأن عمليات التجميل والتغييرات الجذرية في المظهر تستخدم لتغيير هوياتهم وتجنب القبض عليهم. وبلا شك فإن هذه العمليات اللا قانونية تجري بطرق وأماكن سرية، مما يثير قضايا أخلاقية وقانونية ويطرح تساؤلات حول سبل مكافحة هذه الظاهرة وحماية المجتمع من المجرمين المتنكرين. وهذا التطور الخطير يشير إلى أن هذه العمليات ستساهم في حماية المجرمين، وبقاء خطرهم في المجتمعات التي يتواجدون فيها بأشكال، وربما، بهويات جديدة!ومن هنا يفترض تشديد الرقابة على العمليات التجميلية الكبرى ويفترض أن تتم بموافقات رسمية وقانونية حتى يقطع الطريق على المجرمين والمتاجرين من أصحاب المستشفيات لإلحاق الضرر بالمجتمع! ويبدو أن الجراحة التجميلية وصلت لميادين ومراحل مختلفة وبالذات في الميدان السياسي.والعمليات التجميلية في السياسة حقيقية وشكلية، أما الحقيقية فتهدف إلى تجميل المظاهر الشخصية للسياسي، وعائلته. بينما العمليات التجميلية الشكلية فلها العديد من الصور والأشكال. وأنا هنا لا أتحدث عن المكياج الإلزامي الذي يفرض على غالبية السياسيين والصحفيين قبل الظهور العام والتلفزيوني وإنما كلامنا عن العمليات التجميلية! وتسعى العمليات التجميلية الشكلية إلى تجميل الكيان السياسي، أو الشخصية السياسية بصور وأشكال منمقة ولكنها مزيفة أمام الجمهور، وعبر جيوش إلكترونية، وثلة من المتملقين والمنتفعين! وكذلك تحاول تلك العمليات قلب الحقائق، وتزوير الحاضر والماضي وسحق المستقبل لضمان التغول السياسي! وتختلف أدوات عمليات التجميل السياسية وهي تبدأ من اختيار الملابس الباهظة الثمن، والعطور والنظارات الشمسية والطبية والساعات من أرقى الماركات العالمية، مرورا بالمواكب الرسمية الفخمة وغير الضرورية وربما لشخصيات لو ساروا لوحدهم في الطرقات لا أحد يتعرف عليهم إلا نادرا! ومن بين الأدوات وسائل الإعلام «المتملقة والخاصة» التي تضيف الألقاب والأوصاف المزيفة، ويكون التركيز على ألفاظ التلميع أكثر من التركيز على فحوى الخطاب أو الكلام! إن التجميل السياسي يقلب الهزيمة إلى نصر، والمجاعة إلى تخمة، والجهل إلى علم، والظلام إلى نور، والمآسي إلى رفاهية، والخراب إلى إعمار وبناء، وكأن واجبهم هو قلب الحقائق تماما مثلما تفعل العمليات التجميلية بقلب أشكال الناس وتغييرها وقلبها!إن الهدف الأسمى من التجميل السياسي استمرار تخدير الشعوب النائمة، والتغطية على الفشل في إدارة المؤسسات الرسمية، والاستمرار في تنفيذ المخططات التخريبية والإستراتيجية للقوى المالكة للمال والسلطات! وهذه العمليات التجميلية تتحدث عن إرهاب المقاومة وتُجَمِّل إرهاب الاحتلال، وتُشَهِّر بالأصوات الداعية للخلاص من الظلم، وتُطَبِّل للقوى المُكمِّمة لأفواه الأحرار والمناضلين!ينبغي التحذير من خطورة «السحرة» العاملين في فرق التجميل السياسي لأنهم منافقون ينشرون السموم في قوارير العسل السياسي القاتل، وبالمحصلة تبقى الحالات السلبية والمرضية بلا علاج ناجع وفعال!لنحارب التجميل السياسي المتعلق بتزييف الوقائع والحقائق، والضارب للخير والنور والسعادة والحرية، والناشر للشر والظلام والتعاسة والعبودية!

852

| 16 يوليو 2024

شهادات وأقلام ومواقف للبيع

عَرَف الإنسان البيع والشراء منذ القدم، وكانت صوره بدائية تماما مثل حياة الناس حينها، وكانت البيوع، قديما، تتمّ بالمقايضات، ويقال بأنها استمرت حتى الألفية الثالثة قبل الميلاد. ولاحقا اختلفت أساليب التبادل التجاري بعد أن بدأت النقود تتبلور بشكلها الحالي، وتحديدا منذ عام 600 قبل الميلاد، عندما سَكّت الحكومة الليدية «منطقة الأناضول القديمة» عملة معدنية من الذهب والفضة، لتكون أول عملة وطنية. وبمرور الزمن تطوّر البيع والشراء بالعملات العالمية والمحلية، وفي العقدين الأخيرين صار التبادل التجاري عبر الشبكة العنكبوتية «الإنترنت»، وبكبسة زر. والبضائع المُبيعة تشمل الحاجيات الأساسية والضرورية والكمالية والترفيهية. والغريب أن البيع والشراء وصل لقضايا من المدهش أنها تدخل سوق البيع، ومنها شراء أقلام بعض الصحفيين والكتاب، وبيع رسائل الماجستير والدكتوراه وأبحاث الترقيات العلمية والوظيفية!. وبخصوص الأقلام الصحفية فإن غالبية الصحف والقنوات الفضائية ومراكز الدراسات والمواقع تنشر ما يتفق مع سياساتها، وبالتالي نجد بعض الكتاب يقلب رأيه ليتفق مع سياساتهم لضمان حصوله على «المكافأة»! واذكر موقفا ذكره لي مدير لقناة عراقية في دولة عربية بقوله: كنا ندفع مكافأة مقابل اللقاءات التلفزيونية، واتصلنا بأحد المحللين السياسيين وأخبرناه بموضوع اللقاء الشائك، وعند وصوله قال لنا: أنتم ماذا تريدونني أن أقول؟ وهذه كارثة تؤكد أن القضية مالية وبعيدة عن الموضوعية والرأي السليم!. ومن المهلكات غير المنظورة المكاتب والمراكز التي تعرض خدماتها مقابل مبالغ مالية ضخمة لكتابة رسائل الماجستير والدكتوراه وبحوث الترقية، وفي جميع التخصصات مع «ضمان الجودة والسرعة والأمانة»! والسؤال الذي يبرز هنا هل العلوم والترقيات بضاعة تُباع وتُشترى؟ ربما هنالك من سيقول نعم، العلوم بضائع تباع وتشترى بدليل دور الطباعة والنشر التي تدفع للكتاب، وأيضا المحاضرات والدروس التي يدفع لأصحابها. والجواب على هذه الاعتراضات بسيط كون البيع هنا لجهود حقيقية من الكتاب والعلماء والمحاضرين، ولكن اعتراضنا الحالي يتناول قضية بيع الرسائل العلمية التي يفترض أن تكون من جهود كاتبها وليس من جهود الآخرين!. وعليه فإن كانت تلك المكاتب والمراكز تتعهد باختيار المواضيع وتقديم المقترحات للجامعات ذات الصلة، وبعد قبولها يكتبون الرسالة من الألف إلى الياء، فأين دور الباحث؟ تولي المراكز والمكاتب التجارية كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه وبحوث الترقية يُعَدّ خيانة للعلم، وللعملية التعليمية والتدريسية، والطالب، والباحث المفترض، الذي يحصل على هذه الشهادة أخطر من أيّ مزوّر في عالم الجريمة لأن تزوير العلوم من أكبر أنواع التزوير. والمذهل أن غالبية الرسائل العلمية والبحوث تُكْتب مِن قبل بعض أساتذة الجامعات الذين وجدوا في هذا العمل «غير القانوني والمَعِيب» موردا ماليا مُهمّا، ربما، يفوق رواتبهم الجامعية، بينما ينحصر دور «الباحث» والدكتور المُقْبِل والمُعيد، ربما، في ذات الجامعة بدفع الأموال فقط!. ولا أدري هل هذه ميزة أخرى يمتاز بها أولاد الأغنياء على الفقراء، أم هذه آفة أخرى تضاف للترف المالي الذي يسحق بعض العوائل؟ منطقيا يمكن قبول إسناد دور المراجعات اللغوية والنحوية لمكاتب مختصة، وهذا ممّا يَدْعم الرسائل العلمية، أما أن يجلس «الباحث» في بيته، ويقضي مرحلة الكتابة في حالة سُبات تامّ لحين إتمامها من المكاتب التي تبيع العلوم، ويذهب للمناقشة دون أيّ جهود حقيقية فهذه حالة خطيرة وشاذة!. يفترض بالحكومات النقية والجامعات الحكيمة متابعة هذه الظاهرة والسعي لتحجيمها، قبل أن نجد أنفسنا أمام جيل من « الخريجين والموظفين بمختلف التخصصات» لا يعرفون أبجديات العلوم وهم يحملون شهادات عليا في العلوم الدقيقة المُتعلقة بمستقبل الوطن ومصير المواطنين!.

681

| 08 يوليو 2024

السياسيون وفن أو مهارة «التمويه»!

جاء في قواميس اللغة العربية أن مَوَّهَ: (فعل)، وموَّهَ يموِّه، تَمويهًا، فهو مُمَوِّه، والمفعول مُمَوَّه – للمتعدِّي! ويقال مَوَّهَ الحقيقة: أَلْبَسَهَا الباطل، وأَفْسَدَهَا، وزَوَّرهَا عليه وزَخْرَفَهَا على خِلاَفِ ما هي عليه. ومَوَّهَ عليه الأَخبار، زَوَّرهَا، ومَوَّهَ الشيء: طلاه بفِضَّة أَو ذهَب وليس جوهرُه منها! والتمويه ليس «فَنّا» من الفنون الأدبية، والعسكرية، وإنما يقال (فنّ التمويه) جزافا، وهناك مَن يرى أن التمويه «فنّ» «يعتمد على تناسق الأشكال مع الألوان المناسبة»! والتمويه، ربما هو نوع من التمثيل (الحقيقي)، إن صح التعبير، ولهذا يُقال التمويه «عملية إخفاء حقيقة الشيء تحت رداء مستعار بغية التضليل، أو المفاجأة، أو الإغراء، أو الخداع». والتمويه ممارس بوضوح في عالم الحيوان، وبالذات بالنسبة للحرباء والكثير من الحشرات في البر، وبعض أنواع سرطان البحر، والضفادع وبعض الأسماك، وكذلك الفراشات، وغالبيتها تمتلك القدرة على التشكل وفقا للمكان الذي تتواجد فيه! والتمويه «فنّ» قاتل ومزور للواقع استخدمه الإنسان والحيوان على حدّ سواء عبر الزمن وذلك لخداع الفريسة، أو العدو! والحقيقة يمكن تسمية «التمويه» بالمهارة، وهذه الكلمة أدق من كلمة «الفنّ»، ولهذا رأينا أن «مهارات التمويه» برزت عبر خداع العدو ببنايات وأهداف وهمية، وحتى بالمدن والمطارات الوهمية، بينما القطعات العسكرية الحقيقة تكون في أماكن أخرى، غير ظاهرة، ولم يُسَلَط عليها الضوء، وقد تكون وصلت للأهداف الحقيقية! ولا يُذكر «التمويه» إلا وتذكر العمليات العسكرية والحروب، ورغم أن هنالك مَن يرى أن التمويه استُخدم لأول مرة في الحرب العالمية الأولى، عبر استخدام تلوين الأماكن والملابس وإخفاء الأسلحة وغير ذلك من الأساليب إلا أن هذا القول لا يُمكن التسليم به كون «التمويه» لصيق الحروب، وهو جزء من الخديعة والمكر، وقد عرفه العرب وغيرهم منذ مئات السنين ولكن، ربما، لم يُدَوّن في كتب التاريخ بهذه التسمية! واليوم، ومع التطور الهائل في التكنولوجيا والتصوير الثلاثي الأبعاد وغيرها، يمكن للتمويه أن يُستخدم بأساليب أكثر دقة، وخداعا في الحروب، وحتى في التجارة والتسويق! ومع استخدام الإنسان التمويه في الحروب والصيد، لاحظنا أن «التمويه» استخدم أيضا في السياسة، وليس في الميادين العسكرية فقط! ونحن لا نريد أن نخوض في دراسة أساليب التمويه البشري الواقعي والعملي عبر الألوان ومزجها، وتقنيات ما يحيط بالميدان العسكري، ولكننا نريد أن نؤكد أن «التمويه» السياسي وغير السياسي يمكن أن يكون بالخطابات والوعود وخداع العقول وليس خداع العيون والأنظار عبر التمويه الميداني! والتمويه في السياسة له العديد من الصور، وهي في الغالب ظاهرها الرحمة والإنسانية والعدالة والخير والنجاح، وباطنها الانتقام والوحشية والظلم والشر والفشل! وخداع الجماهير أشرّ أنواع «التمويه»، وبالذات في المراحل السابقة للانتخابات، وأوقات الأزمات، وهذا النوع من «التمويه»، ربما، يصل في المراحل المرتبطة بمستقبل الناس والوطن إلى الخيانة العظمى! إن الفرق بين التمويه مع الأعداء والتمويه مع الجماهير يتمثل بكون الأول مقبولا، بل ومطلوب حتما لتحقيق الظفر وغلبة الأعداء، والثاني مَعِيب، بل وقاتل للمستقبل السياسي لأي «سياسي» يبني برنامجه الانتخابي على الخداع والكذب والوعود الفارغة! قطعا إن السياسي المُمَوِّه يخدع نفسه قبل أن يخدع الجماهير، ولكن بالمقابل فإن المواطن المُمَوَّه إن أعاد انتخاب أو تصديق السياسي المُمَوِّه فهنا يقع اللوم على المواطن رغم ارتكاب السياسي لجريمة التمويه! يفترض أن تكون هنالك حملة شعبية وإعلامية لكشف السياسيين المُمَوِّهين وإثبات تَمويههم، والتأكيد بأن التمويه خيانة وكذب وتضليل! ولا خلاف بأن السياسي الخائن والكذّاب والمُضلِّل لا يُوثق به ولا بوعوده!

1128

| 02 يوليو 2024

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4302

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

2061

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1788

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1452

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

1374

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1173

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

918

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

669

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

645

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

633

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

621

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

567

| 07 ديسمبر 2025

أخبار محلية