رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قد يكون من السهل علينا أن نألف دوائر الراحة التي قضينا فيها زمناً، قد يظهر هذا (الاعتياد) لردود أفعال معينة، أو لأفكار ومشاعر نحبها أو لا نحبها صاحبتنا طويلاً وعزّ علينا مفارقتها، أو لروتين معين واظبنا عليه دهراً، أو حتى لمستوى معين دأبنا عليه من الحياة والثراء والعلم والعلاقات ألفناها بالتكرار والمداومة. معه تصبح تلك الألفة وذاك الاعتياد حاجزاً يمنع عنا التوسع واستقبال الخيرات، وحجاباً بيننا وبين أن نرتقي بأنفسنا إلى معارج جديدة، ومستويات أفضل من حياتنا الحالية في جُل مجالاتها. لذا، فمن الجميل أن تُفكر ملياً في أن تمنح نفسك الفرصة لتعتاد على ما لا تستسيغه من التجارب والظروف والأحوال لأن لاقتحام التجارب إذنا بالتلذذ والمتعة. وطول البقاء في منطقة راحتك يُضائل (لياقتك للاتساع) وقابليتك للنمو، ويدفعك لاستغراب كل جديد، ولانكار كل مستحدث!. ولربما لو منحت نفسك مزيداً من الوقت، لرأيت في ذاك الخروج فرصة لأبواب جديدة تُفتح، ومهارات مبذورة بداخلك تُزهر، وعوالم مُدهشة تنتظر اقتحامك لها وحينما تكون لديك القابلية لتذوق خيارات أكثر، والدخول في تجارب جديدة، وتُمرن نفسك دائماً على الخروج من دائرتك التي ألفتها واعتدت حدودها. عندها تستطيع أن تتخيل نفسك في إطارات جديدة، وضمن (سياقٍ) كنت تراه من قبل من بعيد، وتُصر على تجربته والتنفس من خلاله على أرضه وبين جمهوره. وحين تعيد النظر فيما ألفته من أفكار، وقناعات، ومشاعر. وتنظر لها من زاوية جديدة، وتشعر بها وتتذوقها بنكهة مُغايرة، حينها تكون قادراً على الاتساع والتمدد، ومستعدا بكل شموخ لفرد جناحيك للتحليق في فضاءات الحياة الرحبة. *لحظة إدراك: الحياة بطبيعتها في اتساع مُطرد، ورحابة متنامية، وكل ما حولك يتطور ويتغير، إن لم تكسر دوائر راحتك باستمرار وتتسع فلن تتقدم، ومن لا يتقدم يتأخر لا محالة، فليست هناك منطقة وسطى للثبات (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر)، وليس بلازم أن يكون هذا الخروج عن منطقة الراحة ثورياً، فتكفي فيه قاعدة: (أدومه وإن قل). فالخطوات البسيطة المستمرة وإن قلت خير من كثير منها منقطع.
750
| 31 يناير 2023
قد يكون من السائد أن فكرة النجاح مرتبطة دائماً بالإنجازات المادّية والملموسة، تلك الإنجازات الصاخبة المرئية التي يُشار لها بالبنان ! فمن نجاحٍ دراسي يُقيّم بعلوّ الدرجات، ووفرة الشهادات، إلى نجاحٍ مالي يُقاس بحجم الأرصدة البنكية، وبذخ الحياة المادّية، ورفاهية العيش، إلى نجاحٍ اجتماعي يُثمّن بعدد الأصحاب، وقوة نفوذ العلاقات.. وهكذا وليس في ذاك النوع من النجاح أية شائبة، بل هو نجاح مُعتبر إن كان (حقيقياً) ويُمثل ما يريده صاحبه فعلاً وليس فقط مسايرةً لاقتطاف الانتباه والتألق الكاذب.. ولكن في المقابل، هناك ما أُطلق عليه (نجاحات ناعمة) لا يلحظها كثيرٌ من الناس لأنها ببساطة غير صاخبة.. نجاحات خفيّة قد تصل إلى لغة الصمت حتى يكاد صاحبها نفسه لا يتعرّف عليها ! انتصاراتٌ نفسية، وذاتية ونعم ترفل بها قد لا يرى مظاهرها من ينخدع فقط ببهرجة المظاهر، ومن يقيس النجاح فقط بشكله المادّي المتألق الذي يُبهر الآخرين ! إن كنت تريد التعرّف عليه فحاول أن تتذكر كم من انتصاراتٍ داخلية تغلبتَ فيها على خوفٍ في نفسك، أو انتشلت حزنا في قعر ذاتك، قد سجلتها في خانة نجاحاتك ؟ كم من أيام سعيدة هادئة نعمت بها براحة البال وصفاء السريرة لم تسجلها ضمن انتصاراتك ؟ كم من اجتماعٍ سعيد مع أبنائك أو أفراد عائلتك يسوده الانسجام والفرح لم تعده نجاحا معتبرا ؟ كم لحظة عطاءٍ صادقة ولو ابتسامة افتر ثغرك بها لأحدهم أضاءت بها ظلامه، أو كلمةٍ من نورٍ منك عابرة تركت أثراً لا يُمحى في روحٍ متعبة، نسيتها ربما، ولكن لم تعدم بها بصمة لا تُنسى ؟ كم من معروفٍ حقّرته وهو عند الله عظيم ؟ كم من إطراء صادق قدمته لأحدهم بعفويتك ولكنه صنع يومه ؟ كل هذه النجاحات الناعمة هامسة ! ربما لم تنل قدرها من الصخب والثرثرة.. هي انتصارات قد تصل إلى حد الصمت لكنها تركت حُسن الأثر.. إن ضاعت عندك ولم تلحظها فهي عند الله لم ولن تضيع.. وسترى أثرها في نفسك وعلى من حولك آنياً أو تالياً. *لحظة إدراك: لا تظلم نفسك عندما تبتئس وتظن أنك غير ناجح وفق مقاييس المجتمع، أنتَ أعلم الناس بمعاركك الداخلية وانتصاراتك، بالظروف التي مررت بها وعايشتها وتجاوزتها وأنت الأعلم في المقابل بمسراتك الخفيّة ونعم الله عليك التي تحتاج منك ملاحظةً وشكراً وامتناناً. والله يعلم فوق علمك ما أخفيت وأعلنت من نواياك وأعمالك.. والمُطمئن أن مقاييس الله لا تشبه مقاييس البشر، فافرح بكرمه وتنعّم بملاحظة وتقدير نجاحاتك الهادئة وعوّد نفسك على رصدها.
948
| 25 يناير 2023
عندما نتأمل فكرة (حسن الظن بالله)، وما ورد في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي)، سنجد أن فكرة (حسن الظن) تجاه أي شيء تعتمد على أمر أساسي هو: (الصورة الذهنية) التي تكونت لدينا عنه. فحسن الظن بالله مثلاً يعني أن لدّي (صورة ذهنية) مشرقة عن رب العالمين، تكونت عبر الكثير من العوامل والمعتقدات والقناعات التي تكونت عبر الزمن، ونتيجة للمواقف وما قيل لنا عنه سبحانه، وما استنتجناه طوال حياتنا ولم تكن بالطبع هذه الصورة وليدة اللحظة، فهو إيمان يُبنى، ويقين يُنسج، وليس محض فكرة عابرة بلا تصديق، أو فعل حاضر بلا جذور!. هذه الصورة الذهنية (الإيجابية) تجعلنا نتأمل الأحسن، ونتوقع الأفضل، ونتيقّن بحُسن التدبير والعوض. فـ(الصورة الذهنية) باختصار هي: مزيج من المعتقدات والقناعات والمشاعر التي تكونت بناء على مواقف، أو برمجات سابقة.. تفكيكها أحياناً يساعدنا على توضيح مكوناتها ويسمح لنا ببنائها من جديد كما نرغب بتعمّد ووعي وكأنها قطع من البازلز. نقيس نفس الأمر على أمورٍ أخرى.. فحسن الظن بالنفس، نابع من (صورة ذهنية) جميلة عنها، تجعلنا لا نستسلم لأوقات عثرتها. وحسن الظن بالناس نابع من (صورة ذهنية) عن أخلاقهم وطباعهم. والعكس بالعكس في مفهوم (سوء الظن).. فسوء الظن ناتجٌ عن صور ذهنية سيئة تكونت من قناعاتنا وبرمجاتنا ومخاوفنا وشكوكنا، لذلك فنحن فعلاً نعكس في (ظنوننا) صورنا الذهنية عن أنفسنا وعن الآخرين. لذلك، فإن (الاستثمار) في تحسين (جودّة) صورنا الذهنية عن الله، أنفسنا، الناس، الحياة..الخ هو استثمار مستحق فعلاً، لأن نتائجه ببساطة ستؤثر مباشرةً على (شاشة) حياتنا، والتي ستكون مجرد انعكاس لتلك الصور التي نحملها وكأنها (فيلم سينمائي) يعرض ما تحمله بكرات الفيلم من صور ومشاهد. فـ (الحياة الجيّدة) هي باختصار في مجملها انعكاس لصور ذهنية جيدة، و(حسن الظن) ببساطة يعني أن نتدخل في تحسين جودة هذه الصور بتعمّد، وببناء إيمان ويقين عميق، ونتائج حياتنا على أرض الواقع هي ما ستعطينا تغذية راجعة عن مدى تقدمنا في إحراز ذلك. * لحظة إدراك: يظلم الإنسان نفسه بما يُسقطه على غيره من سوء ظنه، وبما يحمله من تصوّرات عن ربه وعن خلقه، وهو غافلٌ عن أنه سبب ما يضع نفسه فيه من مآزق، وأنه إنما يحصد ما زرعه من الظنون، خيراً بخير، وشرا بشرّ. (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)
3084
| 16 يناير 2023
في القاعدة الفلسفية الأصيلة فإن: (الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوّره) بمعنى أن حكمك على أي أمر بسوئه أو صلاحه أو قبولك به أو رفضك ناتجٌ عن ما شكلّته داخل عقلك من تصوّرات عنه، وما كوّنته من صورة ذهنية خلقتها في وعيك مما سمعت أو قرأت أو قيل لك عنه. تلك التصوّرات هي القاعدة التي ينطلق الكثير من البشر منها للتداول مع الحياة والناس، وخلق قناعاتهم وتوّجهاتهم وبالتالي انعكاس ذلك على سلوكياتهم وتعاملاتهم.. لذلك فإن التصوّرات التي يُكونها الإنسان وبرمجاته (وبالذات غير الواعية) قد تقوده إلى كوارث على كافة المستويات ! فلنا أن نتخيّل حياة إنسان يظن أن الشر في الناس أصيل والخير فيهم دخيل مثلاً ! أو أن الله يأمر بالتفريق بين عباده على أساس الجنس أو الدين أو اللغة أو الشكل أو النسب..الخ أو يرفض توجه أو مسار معين لأنه قد قيل له أنه حرامٌ ويغضب الله ! أو يرفض عمل ابنته أو زوجته لأنه يتخيل أن بيئة العمل بيئة غير مناسبة للنساء ! يحكم على الأمور بما خلقه في عقله هو تجاهها من تصوّرات، ولم يُكلّف نفسه عناء السؤال والبحث والنظر في المسألة والتريّث في إطلاق الأحكام ! لذلك فليس بمستغرب أننا قد نتكلم في مسألة واحدة في الظاهر، ولكن في حقيقة الأمر فإننا نتحدث عن أمرين مختلفين تماماً بناءً عن تصوّر كل منا عنه. وهذه (نقطة عمياء ) لأنها مغالطة منطقية متكررة الحدوث، وربما كثيرٌ من الناس يغفل عنها لأنه يظن أن ظاهر المسميات تكفي ويغفل عن بواطنها، وهذا ما يترتب عليه فرق شاسع في الفهم واتخاذ المواقف. لذلك فأخذ فسحة قبل تبّني أي موقف، و(الانفتاح) لخلق توّسع لتلك التصوّرات، وتقبّل نقيضها، والتعرّف على جديدها (شجاعة) عقليّة ونفسيّة وروحيّة لا يملكها الجميع، لأنها ستضعهم في اختبار مواجهة مع ذواتهم، وتدفعهم نحو تجربة (الأصالة) بتحمّل مسؤولية انتقاء ما يشبههم.. بل وربما تطلّب منهم هدم بعض ما قضوا زمناً في بنائه باعتباره جزءاً من هوّيتهم ! *لحظة إدراك: حينما تكون غارقاً في المُسلّمات، وتتعامل مع الأمور بما قد قيل لك عنها وما سمعت وما ألفت وما دُربت عليه، فستقع غالباً في فخ الأحكام الخاطئة، وربما يُحيل هذا حياتك إلى زيف، لن تُدركه إلا بعد أن تتخذ مسؤ,لية تكوين صورك الذهنية الخاصة عن أي أمر في الحياة، والغوص في بواطنها ومعانيها ومن ثم تُشكلّ رأيك وموقفك عنه بناءً على بيّنة وإدراك وفهم. غفلتك عن هذه (النقطة العمياء ) من الممكن أن تُحيلك إلى (إمعّة) مُستعبد الفكر والتوّجه، مخطوف الإدراك، وأنت تظن أنك تُحسن صنعاً !
1776
| 09 يناير 2023
قد قيل: (جاور السعيد تسعد) ! وإنّي لأجدها حقيقة ذات اعتبار.. فما المشاعر إلا عدوى.. تنتشر كما ينتشر العبير وتضوع كما يضوع الشذى.. فالناس تألف من يصاحبها حيناً من الدهر.. وتعتاد الطباع من كثرة الخُلطة والمؤانسة.. وتستلهم مع طباعهم مشاعرهم وردات أفعالهم.. حتى يصبحوا كحقلٍ واحد من الشعور.. فتحّل عليهم الأقدار المتشابهة.. والصروف المتماثلة.. فما أن تجاور سعيداً ممتلئاً بالرضا، غامراً بالحمد والمسرّة حتى تألف طباعه وشعوره، وردّات أفعاله وكلماته، ويُذّكرك ما فيه من الرضا بما أنعمه الله عليك من الفضل، وما قدّره عليك من الابتلاء الذي لن يألو صاحبك جهداً في تذكيرك بأنه خيرٌ من الله مستتر.. فلا تلبث إلا تصيبك عدوى سعادته وجمال روحه.. وعلى نفس القدر من التأثير فإن مجاورة التعساء، الآفلين تُتعسك وتأفل نجمك ! ذلك لأن دوام الصحبة والمخالطة تؤثر فيك من حيث تعلم ولا تعلم، ومهما بلغت مجاهدتك لتقليل أثرها عليك، فإنك لن تستطيع أن تبلغ تحييد الأثر، لأنه قد تعدى الظاهر إلى الباطن، إلى طبيعة الفكر والشعور. ولذلك فليس من المستغرب أن يُقال تخيّر لنفسك ما يليق بمقامها، لأن الصحبة انتقاء، والرفقة اصطفاء، ومن الحكمة أن نتعمّد الاختيار لمن نريد أن نكون أشباههم في الفكر والشعور والسلوك، وبما أن الطيور على أشكالها تقع، فاجعل الشكل الذي يرضيك هدفاً تطلبه. وإن لم تجد في من حولك من يسرّ خاطرك ويُشبع طموحك فاخرج عن ما ألفته من دوائر المعارف، ووسع دائرتك حتى تجد أشباهك، ومن تريد أن تكون على شاكلتهم في طيب الخلق والتوفيق والنجاح والفلاح والسعادة والطموح، حتى تعيش حياة تشبهك، وتحيط نفسك بمن يرفعك ويسمو بك لا من يُسقط بك إلى مهاوي الردى، وقيعان الهلاك ! *لحظة إدراك: قد قيل: (وجالس جميل الروح، تُصبك عدوى جماله) فما العلاقات إلا عدوى نُصاب بها، فانتقِ منها لنفسك ما تريد أن تكون عليه، و تُشرّفك صحبته، وتأنس برفقته، من يُصبك بعدوى جمال روحه، وطيب أخلاقه.
3459
| 03 يناير 2023
هل أنتَ من الذين يأخذون الحياة على محمل الجَدّ دائماً ؟ هل تراها بعينيك ساحةً للصراعات، أو لإثبات الذات، أو حتى لسحق بعض خصومك ؟ هنيئاً لك ! فلقد وقعت في الفخ ! كلما أخذت الحياة بفرط جدّية وعمل كلما أظهرت لك وجهها العابس، وفي أحسن الأحوال وجهها المُرّ الصعب ! ستعيش (المكابدة) وحرقة الأعصاب، وربما الخيبات المتتالية ! الحياة ببساطة ليست إلا لعب ولهو ! ولكي أُقرّب المقصد، وتتضح الصورة أكثر.. الحياة تشبه كثيراً لعبة (كرة القدم ) ! ومن قريبٍ جداً ودعنا أيام مونديال كأس العالم، وأعتقد أن أغلبنا بات على بيّنة من المقصد من مفهوم (لعبة) ! اللعب في حقيقته لا يعني انعدام الجدّية والعمل والإصرار، أو غياب القوانين والحدود، ولا يعني كذلك غياب الهدف أو استمرارية السعي ! لعبة مثل لعبة كرة القدم لها قوانينها، ووقتها المحدد، ولها تدريباتها وجدية الاستمرارية فيها، ولها أهداف تحققها، ولها مقامات ودرجات ترتقي لها، وفيها جهد يُبذل، وحماس وشغف يُوجّه.. إلا أنها في النهاية تتم بهدف المتعة، وبهدف تحقيق الانتصارات ولكن دون تشنج زائد.. الحياة تماماً كتلك اللعبة المفضلة عند الكثيرين، لها قوانينها وأنظمتها وجزاءات اختراق قواعدها، ولها مكافآتها وانتصاراتها.. تتطلب المهارة، واستمرارية الدُربة، وتحتاج الخبرة، والتعاون مع بقيّة أعضاء الفريق.. ولكن في المقابل يفسدها التحكم الزائد، أو الجدية المفرطة، أو حب الاستئثار باللعب والفوز، لأن النتائج حينها _حتى لو تحققت _فإنها ستتحقق بعناء وأزمات وربما تُخسر العديد من العلاقات، وربما يتم تدمير الفريق أو التلاعب على القوانين ! للحياة قوانينها الإلهية، ومن يُجيد اللعب سيعرف جيداً كيف يستمتع، وكيف يُطوّر نفسه ليرتقي، وكيف يتعاون ليصبح الفوز للجميع ممتداً، وكيف يكسب بهجة حاضره، حتى لو خسر في بعض المرّات أو تعثّر ! وسيُدرك كيف يتزن فيستمتع بالمتاح وبالموجود، وكيف يطلب في نفس الوقت المفقود، ويتطلّع للأفضل.. وكيف يفوز في دنياه وأخراه دون أن يقع في فخ التعب والنصب والجهد المُهدر ! *لحظة إدراك: ليس معنى اللعب واللهو غياب الانضباط والالتزام ووضع الأهداف! وليس معنى ذلك غياب الغايات الكُبرى، وزرع طيب النوايا قبل الأعمال ! إنما المعنى الاتزان بين الاستمتاع والتحقيق، ومعرفة الأثر بين الجهد والنتيجة، وتبيّن معنى أن الحياة التي نحياها مهما بلغ مبلغها فهي (دُنيا) ! وأن هناك ما يستحق أكثر أن نقدّم لأجله، ولا نخسر في سبيله أنفسنا !
1020
| 26 ديسمبر 2022
النضج من أجمل المراحل التي من الممكن أن يصل إليها المرء، لأنها (حالة) عقلية وعاطفية وسلوكية، غير مرتبطة -كما يظن البعض - بالتقدّم في العمر إلزاماً.. حيث إنها مستوى وعي، وطريقة للنظر للحياة، من أهم أماراتها أنك عندما تنضج ستصبح راحة بالك أولى أولوياتك.. ستُدرك جيداً أن معاركك السابقة لم تكن ذات جدوى.. فلا طائل من جدالٍ همّك فيه إثبات صحة رأيك ! ولا نفع من قلقٍ لا يُقدّم لك شيئاً ولا يؤخر ! ولا فائدة تُرجى من حمل همٍّ قريبٍ أو صديقٍ لا تملك له ضراً ولا نفعاً ! وأن الصمت في أحيانٍ كثيرة عبادة الأحرار، ويُجزي عن فضول الكلام ! ستُدرك بشكلٍ جلّي أنه ليس من الضروري أن تنتصر في كل معاركك ! ولا أن تعوّض كل خساراتك، ولا أن تربح كل نزال، ولا أن تكون على حق في كل حين ! فللحياة إقبالٌ وإدبار، وارتفاعات وانخفاضات.. إذا ارتقيت لجبالها يوماً فلا بأس أن تتنزه في سهولها مرة ! ستبصر جيداً قيمتك في عين نفسك.. فلن يُؤثر فيك ما يُقال عنك، ولن يؤرقك ما سيقوله الناس عند إقدامك على أمر، أو إتيانك لفعل أو ممارستك لما تحب وتهوى.. ستقلّ عندك الاعتبارات، وتنخفض عندك الحسابات.. ستكون أقرب ما تكون إلى السلام.. وستكون أدنى ما تكون من السكينة والاطمئنان وكلما زاد (نضجك)، أدركت أن الحياة (نسبية) جداً ! فما يناسبك ويتوافق معك قد لا يناسب غيرك.. وما تنسجم معه الآن في مرحلتك الحاليّة، ووعيك وإدراكك الحالي قد لا يُشبهك بعد فترةٍ من الزمن.. وأن كل تجربة في الحياة فريدةٌ من نوعها مهما بلغ تشابهها مع غيرها.. وأن (لكل مقامٍ مقال)، ولكل حالٍ ظروفه وملابساته.. والقرار الذي اتخذته ونجحت بسببه، ربما يكون هو نفسه سبب فشل أحدهم ! هذا النضج سيسمح لك لأن تكون أكثر مرونة في تعاطيك مع الأمور، وأعمق إدراكاً في تقييمها، وسيتيح لك فسحة الاستمتاع بمباهج الحياة بروّية دون الاقتتال أو السعي المفرط، أو البحث عن الأفضلية، لأنك تدرك حينها أن هناك اختلافا بيّنا بين أن تُجرّب وتعيش الحياة وبين أن تكون مجرد كائن حيّ ! *لحظة إدراك: الجميل بأن النضج مرحلة لا ينفع أن تتظاهر بها أبداً إن لم تكن قد وصلت لها فكراً وعقلاً وعاطفةً وسلوكاً حتى أصبحت فيك كالسجيًة، تدفعك للإحجام عن التردّي لحضيض التفاهات، وسفاسف الأمور، وتجعلك ترى الحياة بمنظورٍ آخر أكبر قيمةً، وأكثر تريثاً وحكمة.. والأهم أكثر (متعة) و(بهجة) !
1749
| 20 ديسمبر 2022
لكأس العالم مرور لا يشبه مضيّ أي حدثٍ عابر! فالدروس التي خرجنا بها هي دروس للحياة، دروس لإعادة ضبط عقليتنا ومشاعرنا على مؤشر حياة استثنائية، تتميّز بالجودة لنوعيتهّا، وتتمتع بالعيش الطيّب لكيفيتها. ولعل من أهم هذه الدروس أن الأحلام يمكن لها أن تتحقق بالإيمان واليقين والسعي الجاد، وأن الاستصغار للقدرات يُحجّم الطموحات، وأن كل مُتوقّع آتٍ إن آمنا به. وأن جودة الحياة إنما تنبع من وضوح قيمها التي تستند عليها. وأن التحديّات أمر طبيعي تُهذّب النفوس، وتصقل القدرات، وتزيد المؤمنين إيماناً وتصديقاً، وتُشد من أزر الساعين، وتعلو الهمّة، وتُقوي الإرادة.. لأنه: (من يتهيّب صعود الجبال.. يعش أبد الدهر بين الحُفر!) وأن الأحلام بقدر بُعد رؤية وطموح وهمّة المتطلعين إليها، وإن صغر حجمهم أو مقامهم في أعين غيرهم ! وأن الاتساع هو دائماً قدر الحالمين.. ونصيب المُحلقين. هذه التجربة علّمتنا من بُعد آخر أن أصل الناس واحد، وأن الحب مُقدّم على الكراهية، وأن الجهل بالآخرين قد يكون سببا من أسباب عدم فهمنا لهم، لذلك فالانخراط والتوسع والانفتاح يُمكننا من تفهّم الآخرين وحبهم إنسانيا.. وأن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوّره، لذلك فمن المهم أن نخلق تصوّرات أقرب للحقيقة ونبعد عن إطلاق الأحكام ! وأن للجميع الحق في التعبير دون حجر أو إدانة، وأن المواقف تعلو على الأقوال، وأن الأصالة والتمسّك بالهوّية مفتاح الانطلاق ويُكسب الاحترام على أي مقام ! وأننا جميعاً - بلا استثناء - سفراء لإنسانيتنا، وأوطاننا وثقافاتنا وأدياننا.. وأن الرحابة والسماحة تتسع للجميع، وتخلق لدى الآخرين ليونة المواقف، وتُساعد على التقبّل مهما بلغ الاختلاف مداه. وأن بعضاً من أكبر التحولات قد تنتج من أصغر المواقف، وأن أعظم التأثيرات ليس بالضرورة بحجمها، وإنما بعمق ملامستها للوجدان ! وأن التفرّد (صناعة)، تنطلق من الحفاظ على أصالة الجذور، وعلو الهمّة، والسعي المستمر دون إبطاء. وأن التميّز في النتائج يكون - دائماً - على سعة صفاء النوايا، وأن العواقب تُجنى على قدر السعي المُجاد به، وعلى طاقة الجهد المبذول، فـ(لولا المشقّة ساد الناس كُلهم). * لحظة إدراك: التأمل في التجربة القطرية لاستضافة كأس العالم، تمنح للحياة أبعادا أخرى، من الإنسانية.. من الأصالة.. من التميّز.. من استنطاق العوامل التي تُسهم في النجاح.. والأهم من كيفية تطبيق كل ذلك على أرض الواقع لخلق حياة استثنائية على المستوى الفردي والمجتمعي.
3642
| 12 ديسمبر 2022
إن أعظم انشغال تنشغل به في حياتك هو انشغالك بشؤونك الخاصة. تُولي لنفسك أولاً من الوقت برهة لتتعرف عليها.. لتُدرك ما تحب وما تكره، ما تقتنع به، وما تفكر به، ما يُميزها من القوة، وما تحتاج إلى تقويته من نقاط الضعف. تَتبيّن مشاعرك وتتعلم كيفية التعامل معها، تفقه سقطاتك وتَعلم انتصاراتك. تنشغل بتهذيب نفسك. فتأخذ بيدها إلى مدارج الارتقاء في الخُلق، وإلى انتقاء أطايب القول والفعل، وإلى بَذْر الخير، واقتلاع ما مات وانتزاع ما شذّ من حديقة قلبك. تُعيد النظر فيما قدّمت في حياتك، وما الذي ستقدمه في الآتي من الأيام. تتفكّر في كيف تزيد جمالاً في خُلقك وخلقتك، في روحك ونفسك وجسدك. كيف تُهذّب ردود أفعالك، وتتخيّر استجاباتك فتتعامل مع ما لا يروقُ لك بالجمال والإحسان. بالهجر الجميل والصبر الجميل والصفح الجميل. وكيف تكفّ أذاك إن لم تكن تمتلك شيئاً من الود واللطف يُعينك لتدفع به ما تواجه. كيف ترتقي بذاتك فتبادر بالخير دون انتظار، وتعفو عند الاقتدار، وتصبر عند الاختبار، وتتجاوز. فتدفع بالتي هي أحسن. إن فعلت ذلك كله ما لك وما للناس ما قالوا وما فعلوا فقد سَلمِتَ وسلّمت، وزدت وارتقيت. فما عليك إلا نفسك لا يضرك من ضل. إذا اهتديت!. *لحظة إدراك: كل ما يُثير اضطرابك في الناس، وسخطك على ما لا يعجبك، يعكس ما في دواخلك من حاجة للتهذيب والارتقاء.. تركيزك على نفسك يسمو بك ويُزكيك، ويُهذب سقطاتك، ويزيدك تواضعاً في ذاتك، ويضاعف رحمتك لغيرك.
1608
| 05 ديسمبر 2022
ثَمّة إدراك عميقٌ جداً من المُهمّ أن يتأصل في نفسك، تُبنى عليه خيارات حياتك، ونوعيّة قراراتك، هذا الإدراك من المفترض أن ينبع من شعورك النفيس بـ (القيمة الذاتية)، وإحساسك الجزيل بـ (القدر) في عين نفسك. ذاك الشعور الذي تعي معه بأنك أنتَ القيمة المضافة لكل شيء، وأنه لا يوجد في الحياة من حولك ما يمكنه أن يضيف لك قيمة أنت لا تشعر بها داخلك.. التعامل مع الذات على أنها (قيمة حقيقية)، ورأس مالك الأصيل، سيصبح علامة فارقة جداً في حياتك وفي تثمين كل من وما تتعامل معه، أو تُدخله من علاقات أو اختيارات إلى حياتك في شتى مجالاتها، وسيلعب دوراً مميّزاً في انتقاء ما يكون لذاتك لائقاً، وفي اختيار ما يرقى إلى أن يصبح بك جديراً.. لن يُشكّل المنصب، أو اللقب، أو المظهر، أو الصحبة حينها أمراً تستمد منه شعورك بالقيمة والتقدير.. وتتنّفس من خلالهم الكرامة والعزّة.. بل إن استثمارك في نفسك، واحتفالك بأصالة أن تكون نفسك على كل حال، واهتمامك بارتقائها كل حين، سيجعلك أنت من تضيف (القيمة) على كل شيء تتعامل معه، أو تتولى مسؤوليته ! سيكون قدومك موقعاً بهيبة قدومك، ورصانة حضورك، وبهاء سطوع ألوانك الذي لا يُماثل أي شيء آخر سوى بصمة روحك، وأصالة وجودك. * لحظة إدراك: قيمتك الأصيلة تنبع من غَورِ باطنك، ومن سحيق طويتك.. من حيث أقمتَ أنتَ نفسك في عين نفسك لا من عَرضٍ عابر، أو صيتٍ زائل ! وكما كتب الرافعي ذات يوم: (مقامك حيث أقمت نفسك، لا حيث أقامك الناس، فالناس لا تعدل ولا تزن)
4215
| 28 نوفمبر 2022
من المعاني الأثيرة، والقيم الصفية في تأسيس حياة طيبة قيمة (الجمال). تلك القيمة التي قد يعدّها البعض لا تعدو أن تكون سوى مبحث من المباحث المُجردة للفلسفة، أو فضل ترف، أو محض إضافة للحياة، لا قيمة أساسية نسعى لتواجدها في حياتنا، أو نتطلع لتوفيرها في تفاصيلنا!. ولكن في ظني أن (الجمال) رديف (الخير)، وتوأم (البرّ).. وما من جميل الحال والمقال إلا وتطوف به هالة الخيرية، وسِمْة الطّيب وهيئة الإشراق والنور. فالجمال أليف الخير والإحسان، وكأنهما صنوان لا يفترقان. فأينما حل الجمال حل الخير معه. فالله (الخير المُطلق) جميل يحب الجمال. جمال الداخل وجمال الظاهر، جمال القول واللفظ وجمال الفكر وجمال الخُلق. حتى إنه وَسَم أعلى درجات الأخلاق بالجمال (صبراً جميلاً، هجراً جميلاً، صفحاً جميلاً.. الخ) ويمكننا أن نرى أن الخُلق المُكرّم يقترن بالـ (حُسن) ويُنعت السلوك الراقي بـ (حُسن الخلق). كما أن (الإحسان) يرتبط بالسمو في مراتب الحُسن والجمال. فكلما ارتفع مقاماً، وتنزه مرتبة كلما كان (أحسن) و(أجمل). كما يمكننا أن نلحظ حتى في مظهرنا أن التجمل والتطيب ممدوح في كل حين خاصة عند إقامة العبادات والشعائر فأينما وُجد الخير، والبر، حل الجمال معهما! *لحظة إدراك: من يُدرك قيمة الجمال هو في حقيقة الأمر يعي قيمة (الخيرية) في نفسه وفيما حوله، ويتلمس من نفسه خيريتها بتزكيتها. وهذا في حد ذاته (جمال) آخر!
1242
| 22 نوفمبر 2022
أحياناً.. ومع انغماسنا في شؤون الحياة وتحدياتها، وصعود هضابها ونزول سهولها. ننسى أن (نحيا) الحياة! ننسى الغاية، ويتوه منا المعنى. ونفقد طعم الحياة! ونظل نعيش في دوامة من الأيام المتشابهة.. والمشاعر الشاحبة! نتحول من (أحياء) إلى أشباه الأحياء، فقط تظل أسماؤنا على قيد الحياة دون تفعيل لبذرة الحياة الحقيقية فينا. دون شعور، دون لون أو رائحة!. لذلك فإن (الحياة) ليست للجميع! الحياة بمعناها الحقيقي (التدفق والسريان والمتعة والسعادة وتحقيق غاية الوجود) هي فعلاً لمن يجرؤ ويغامر. لمن يُقبل ويُدبر. لمن يكر ويفر. لمن يتزن.. فيُعطي كما يأخذ، ويفوز كما يخسر. فالحياة ما هي إلا لعبة لها قوانينها، لن يُقبل عليها إلا من (يجرؤ) على المخاطرة، ومن يجسر على الإقدام. من يخلع عنه رداء الخوف، ويتخلص من شعور التردد. من يستمتع خالصاً بلحظاتها، ويبتهج بفوزها وخسارتها. من يتأمل الفوز ولا يخشى الخسارة. من يتطلع للفرص الأخرى ويصقل مهارته بالدُربة والخبرة. هذه هي الحياة، لا ما يشبه الحياة! الحياة التي قيل عنها: (كل نفسٍ ذائقة الموت، ولكن ليست كل نفس ذائقة الحياة)! *لحظة إدراك: كل نَفْسٍ (متنفسّة) ومتفاعلة هي نفس ذائقة الحياة، تذكرك أنك ما زلت على قيد الحياة، قيد الحب، قيد اللحظة التي تدور على مسرحها أحداث حياتك.. تذكر أن تحيا لا أن تعيش فقط!
3039
| 14 نوفمبر 2022
مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
1200
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
786
| 10 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...
687
| 11 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
669
| 08 ديسمبر 2025
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام...
597
| 08 ديسمبر 2025
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى...
585
| 12 ديسمبر 2025
نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...
543
| 11 ديسمبر 2025
• في حياة كل إنسان مساحة خاصة في...
531
| 11 ديسمبر 2025
يوم الوطن ذكرى تجدد كل عام .. معها...
507
| 10 ديسمبر 2025
مع دخول شهر ديسمبر، تبدأ الدوحة وكل مدن...
498
| 10 ديسمبر 2025
في قلب الخليج العربي، وتحديدًا في العاصمة القطرية...
465
| 09 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية