رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
قبل أيام قليلة فازت ابنة صديقي العُمَاني بالمركز الأول عربيا في مسابقة "التحدث باللغة العربية الفصحى والخطابة والإلقاء الشعري وتعميق دراسة النحو" التي نظِّمت من قبل وزارة التربية والتعليم بمصر بالتعاون مع جامعة الدول العربية، ولأنّي من المهتمين بإعلام الطفل ورصد التجارب الناجحة والمتميزة للناشئة والشباب، فقد توقفت عند سرّ تميزها وسألت أباها، وهو أديب وصاحب مبادرات ومشاريع تربوية، عن الجهات التي أسهمت في هذا التميز، فعلمت أن لأسرتها الدور الأكبر فيما وصلت إليه.لقد قال لي بالحرف: إنّ اهتمامه باللغة العربية ليس مقتصرا على هذه الابنة التي تمتلك ناصية نظم الشعر رغم أنها في الصفّ الأول الثانوي فحسب، بل يتجاوزه إلى أخواتها اللواتي يكبرنها واللواتي هنّ أصغر منها، واختصر لي سرّ دوره في النجاح الذي وصلت إليه ابنته بتطبيقه مشروع اللغة العربية الوظيفية عليها وعلى أخواتها، حيث يقوم المشروع على جعل اللغة العربية كائنا حيّا يتفاعل مع البيئة المحيطة به، وضرب على ذلك مثلا بقوله: عندما نكون جلوسا على مائدة الطعام نحول حديثنا عن الموضوعات المتصلة به إلى أبيات من الشعر. ويستطرد قائلا: مما أذكرُ في هذا المجال أن ابنتي الصغيرة طلبت مني ذات مرّة أن أزيدها من السبانخ، فقلت لها إن كنت تريدين ذلك فأرجو أن يكون طلبك كما كان يطلبه الشعراء من الملوك قديما، وهنا تدخّلت أختها التي تكبرها (الفائزة بالمسابقة) لإنقاذ أختها الصغيرة محوِّلة طلبها إلى صيغة شعرية بسليقة جميلة: زدْ يا أبي كن طيباً معطاءً ... كالنحلِ فاقَ العالمين صفاء وكنت قد رصدت قبلها قصة طفلة باكستانية بدأت مشوارها في تعلّمِ العربية الفصحى عندما كان عمرها أقلّ من عامين، حيث كان أبوها يقتصر في التحدث إليها على العربية الفصحى، بدلا من لغتها الأم "الأردية"، ثم تابعتُ تطورات تجربتها في الأعوام الأربعة الماضية، حيث إنها مع إتمام عامها السادس أصبحت تتقن تماما العربية الفصحى، محادثةً وفهماً، إلى حد كبير، ثم اجتازت امتحانا جامعيا وهي في سنّ سبع سنوات عندما حصلت على شهادة جامعية من جامعة العلامة إقبال المفتوحة بإسلام آباد، ثم تمكّنت وهي في التاسعة من عمرها من الحصول على دبلوم عالٍ في اللغة العربية من الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد، وألّفت كتبا في التعبير باللغة العربية لغير الناطقين بها، وهي لا تزال الآن في سن العاشرة. وأعرف قصصا لأطفال آخرين اهتم أولياء أمورهم بلغتهم العربية وملكاتهم الأدبية فبرزوا في الإلقاء وصار لهم شأن في عالم الشعر والنثر والخطابة، ولكن ما يهمّنا هنا أمران اثنان: الأول الاهتمام الذي يلقاه الطفل منذ نعومة أظفاره بلغته العربية من الأسرة أو المدرسة ينعكس عليه في تميزه في هذا المجال، وهذا الاهتمام حتى يؤتي أكله ثمارا يانعة لابدّ أن يرّكز على الجانب الوظيفي أو العملي للغة، والممارسات العملية وربط اللغة بالبيئة المحيطة بالطفل، لذا لا ينبغي أن يدرّس النحو كقواعد نظرية جافة فقط، بل لابدّ أن يدرّب الطفل على ممارسة التحدث بلغته مع ضبط أواخر الكلمات وتأليف الجمل ليسلم اللسان من الخطأ في النطق والقراءة، ويسلم القلم من الخطأ في الكتابة، وعدم إغراق الطلبة في المسائل المتشعبة وخلافات المتخصصين. وينبغي أن يسمع الطفل هذه اللغة الفصحى سليمة وصحيحة من أهله ومن معلميه، ومن وسائل الإعلام وأن تعتاد أذنه على جمالها البديع، وعندها سنجد بدلا من عشرات القصص أن الكل محبّ للغته والحديث والإلقاء بها والكتابة فيها، متذوّقا لها، شغوفا بالمطالعة بلسانها.ولأنّ العاميّة هي الشائعة في بيوتنا، ولأنّ الاهتمام بلغتنا العربية الشريفة من قبل الأسر وأولياء الأمور وغرس حبّها لدى الأبناء منذ نعومة الأظفار نادر، فإن الأولى البحث عن مشاريع تهتمّ بهذه الجوانب وتعميمها على مدارسنا ومعاهدنا لتركّز على تعليم الفصحى لأطفالنا مع إيلاء الجوانب العملية، كالتحدث والقراءة بصورة سليمة وتذوق حلاوة اللغة شعرا ونثرا، الحصة الكبرى. هنا لابدّ من الإشارة إلى نظرية وتجربة الدكتور عبد الله الدنان في تعليم اللغة العربية بالفطرة أو السليقة والممارسة والإشادة بها، والتي تعتمد على استغلال القدرة الفطرية الهائلة لاكتساب اللغات عند الأطفال قبل سنّ السادسة وإكسابهم اللغة العربية الفصحى قبل أن تبدأ بالضمور بعد سنّ السادسة، كما تعتمد اللغة العربية الفصحى لغةً وحيدةً للتواصل في المدرسة طوال اليوم المدرسي داخل الصفّ وخارجه، بحيث لا يسمع الطالب في المدرسة إلاّ الفصحى ولا يقبل منه إلا الفصحى. حيث طبّقت التجربة في عدد من المدارس في أكثر من دولة عربية وحققت نجاحا كبيرا. ولاشك أن الأفق مفتوح لأي نظريات أو تطبيقات أخرى يمكن تعميمها لنصل إلى جيل عربيّ محبّ للغته الأم متقن لها عند التواصل تحدثا وكتابة.. وإلا فإنّ غربة أجيالنا عن لغتهم العربية ستظل قائمة بكل ما يكتنف ذلك من مخاطر وتحديات، بما في ذلك هوانها في نفوسهم وهيامهم باللغات الأخرى.
872
| 15 أبريل 2015
يقف المتابعون لعملية "عاصفة الحزم" المتواصلة حتى الآن على طرفي نقيض بشأن التأثيرات المتوقعة لها سواء القريبة منها والبعيدة، ويقع هذا التباين على خلفية نظرتهم السياسية إزاءها.وفيما يرى المهوّنون من شأن العملية أن تأثيراتها ستكون محدودة وستقتصر في أحسن الأحوال على إجبار جماعة الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وقواته على الجلوس إلى مائدة المفاوضات، يعتقد آخرون أنها ستكون فيما لو بنيت على رؤية واضحة للصراع وخطة استراتيجية للتحرك مقدِّمَة لإحداث تغيير في خارطة توازنات القوى ليس في داخل اليمن وإنما على مستوى الإقليم والمنطقة. ولعل ما يدعم وجهة النظر الأخيرة ما يلي: ـ تحرك التحالف العشري الذي تقوده المملكة العربية السعودية جاء مباغتا للجهات المستهدفة من جهة وللدولة الداعمة للحوثيين (إيران) من جهة أخرى، ودون أن يسعى كثيرا وراء أخذ موافقات مسبقة من الهيئات الأممية أو الدول العظمى أو من دول إقليمية، بقدر ما أعلمَ من يريد بالعملية. ـ العملية حظيت بموافقة الغالبية العظمى من الدول العربية ومن دول إسلامية كثيرة، خصوصا الدول المؤثّرة فيها، كما أنها حظيت بتأييد شعبي عربي واسع. ـ العملية جاءت بعد صبر طويل على غطرسة الحوثيين وسعيهم للسيطرة على مقدرات دولة رغم أنهم أقلية فيها، وتهديد أمن الدول المجاورة، وصبر مماثل على التمدد الإيراني الصفوي في المنطقة العربية وتبجح مسؤوليهم بالسيطرة على أربع عواصم عربية، ورغبتهم في الوصول لشواطئ المتوسط.. ـ هذا التحرك وإن جاء متأخرا، إلا أنه يمثل نقطة تحول جديدة وتحركا غير مسبوق من الدول الخليجية ضد خصومها في المنطقة سواء من الدول أو من المليشيات المسلحة، حيث إن ما كان سائدا سابقا في الأغلب هو الصمت أو غضّ الطرف أو الاكتفاء بالتصريحات والحلول السياسية وهو ما أدى إلى تمادي الخصوم إلى حدّ لا يطاق. في تصوري أن هذه العملية ألقت حجرا في الماء العربي الراكد منذ عقود، وأنها يفترض أن تكون بداية لتصحيح جملة أخطاء وقعت خصوصا في العقدين الأخيرين، وأهم هذه الأخطاء هو عدم مقابلة الغطرسة والاستعلاء بالقوة المناسبة والمكافئة له، والسماح للدول الإقليمية والدولية لفرض أجندتها أو التمدد والتغول على حساب الدول العربية دون ردّ عملي عليها.ولعل أهم نتائج التحرك فيما لو بلغ مداه ما يلي: ـ تشكيل ضغط معنوي على الجماعات والأذرع التي تأتمر بأمر النظام الإيراني في المنطقة كالمليشيات الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان والحدّ من نفوذها وغطرستها. لأن الانتصار على الحوثيين يعني كسر أحد أطراف المثلث أو المربع الموجود، والضغط بصورة غير مباشرة على النظام الإيراني لتقليص طموحاته الإمبراطورية أو العدول عنها. ـ تشجيع دول أخرى لأخذ زمام المبادرة في تنفيذ حملات وتحالفات مشابهة لوقف تهديد أمنها القومي والإقليمي ونقصد هنا تركيا لمواجهة النظام السوري أو فرض منطقة إنسانية عازلة تحمي السوريين من بطش طيران نظامهم المجرم. ـ التعويل عليه ليكون نقطة البداية لتشكيل تحالفات استراتيجية جديدة في المنطقة تكون مكافئة للنفوذ العسكري والسياسي الإيراني المتمدد في المنطقة، بحيث يكون ضمن هذه التحالفات السعودية وتركيا ومصر وباكستان..الخ. ـ إرسال رسالة واضحة للغرب في عدم التمادي بتفاهماته مع النظام الإيراني والتي أطلقت يده أو سكتت عن دوره في سوريا واليمن ولبنان والمنطقة عموما. وذلك على خلفية التفاهم على السلاح النووي أو مواجهة الإرهاب في المنطقة. ـ إجبار الغرب على تعديل ازدواجية المعايير التي يتبناها إزاء جماعات الإرهاب والتطرف في المنطقة ففي الوقت الذي يعتبر تنظيمات سنية مسلحة إرهابية كالقاعدة وداعش والنصرة، فإنه لا يدخل حزب الله أو تنظيمات إرهابية شيعية كعصائب الحث ومنظمة بدر في هذه القائمة أو يشطب اسم بعضها كحزب الله من هذه القائمة. ـ مقدمة لمراجعة تضمن تصالح بعض الأنظمة مع الجماعات والأحزاب الإسلامية المعتدلة وتيار الإسلام السياسي الوسطي باعتبارها حاجز الصد الرئيسي في مواجهة فكر التطرف والغلو، والأكثر تنظيما لمواجهة النشاط السياسي والفكري الشيعي، وقد بدأت بعض بوادر هذه المراجعات تحصل بالفعل حتى قبل عملية عاصفة الحزم لدى بعض الدول. ومع تفاؤلنا بعملية عاصفة الحزم والتطورات الأخيرة المتصلة بها..فإننا ندرك يقينا أن مواجهة المخاطر، ليست مجرد ضربة مؤقتة فقط، أو عملية منعزلة أو فورة وهبّة عابرة فحسب..لذا وجب الحذر وعدم التسرع في التفاؤل المُفرِط، أو إطلاق تقديرات متعجِّلة عن النتائج قبل أن تأخذ المواجهة مداها المطلوب، أو الاستهانة بقدرات الخصوم والأوراق التي يمتلكونها. ولكي تكون الأمة على مستوى تحديّ المخاطر التي تتهدّدها عليها أن تمتلك تصورا واضحا لمواجهتها، وتضع استراتيجية وخطّة واضحة للمواجهة، وترسم خارطة لها تتضمن ترتيب الأولويات، وتعدّ العدّة الكافية وتحشد الطاقات اللازمة لهذه المواجهة، وتوحِدّ المواقف إزاء هذا التوجّه، وتمتلك التصميم والعزيمة والصبر والنَفَس الطويل عند التنفيذ، والقدرة على تقييم أعمالها بشكل صحيح ودقيق. وهو ما نأمله إن شاء الله.
371
| 01 أبريل 2015
في مقال الأسبوع الماضي كنت قد تحدثت عن أهمية الزيارات الميدانية لمواقع الكوارث ومواضع النكبات كمخيمات وتجمعات اللاجئين والنازحين، وأهم الشرائح التي ينبغي أن تهتم المؤسسات الإنسانية لتكون ضمن وفودها أو فرقها الميدانية، ونوهت بإشارة موجزة فيه لأهمية وجود الأطفال والناشئة ضمن هذه الشرائح.دفعني إلى هذه الإشارة حينها وجود طفلين وفتى في رحلتين إلى مخيمات وتجمعات اللاجئين السوريين في الأردن وعلى الحدود التركية ـ السورية تم تنظيمها في إطار نشاط مبادرة "المتنافسون" التي تتبع جمعية قطر الخيرية، رغم أن وجودهم كان على الأرجح بمبادرة من آبائهم وأمهاتهم المرافقين للوفد، وقد دعوت في المقال إلى تعميم هذه الفكرة الخيّرة وتنظيم رحلات لتقديم الإغاثة من قبل الناشئة، بالتعاون بين جهات تربوية ونواد من جهة وبين المؤسسات الإنسانية من جهة أخرى.عقب نشر المقال سرّني جدا ما أعلمني به مسؤول في جمعية خيرية كويتية مرموقة أنها بالفعل قد قاموا بتنظيم رحلتين واحدة للأطفال الأولى لـ (الذكور) أعمارهم دون 13 عاما والأخرى لـ (الإناث) وأعمارهن دون 15 عاما، بل ذهب أبعد من ذلك حينما أخبرني أنهم نظموا زيارات خاصة إلى مواقع الأزمات لكثير من الشرائح التي أشرتُ إليها في المقال مثل: الأدباء والفنانين والكتاب والناشطين الشباب ونجوم المجتمع. الزيارتان اللتان نظمتا باسم "فتيان الخير" و"فتيات الخير" على التوالي من قبل مؤسسة الرحمة العالمية الكويتية، لتقديم الإغاثة من قبل أطفال الكويت إلى أطفال سوريا، لاشك أنهما مبادرة نوعية جديدة على مستوى العمل الإغاثي، خصوصا أنهما نفذتا بالتزامن مع موجة البرد والصقيع والثلوج في الشهرين الأول والثاني من العام الحالي، حيث تفقد الأطفال مواقع التجمعات السورية، وقدموا مساعداتهم ومواساتهم لأقرانهم السوريين في ظروف مناخية صعبة، وخاضوا في الوحل والطين المحيط بها وبالخيام والكرافانات، كما شاهدت في مقاطع فيديو الزيارتين.وإذا كان العمل التطوعي علامة على رقي المجتمعات ورافدا مهما لتنميتها والنهوض بها إلى درجة اعتباره قطاعا ثالثا إلى جانب القطاعين العام والخاص، فإن أفضل السبل لجذب أفراد المجتمع للعمل التطوعي ودمجهم فيه تبدأ منذ نعومة الأظفار، من خلال غرس قيم العمل الخيري والإنساني وهي كثيرة وأبوابها متعددة، بحيث يكون يكون الشق العملي ملازما للشق التنظيري، حتى يصبح التطوع سلوكا عمليا معتادا، وملازما لصاحبه حتى الكبر، لذا ينبغي أن نولي هذه المرحلة أهمية خاصة ونعطيها صدارة الأولويات، تتعاون في ذلك الأسرة والمدرسة والنوادي من جهة والمؤسسات الخيرية من جهة أخرى، ويتم ذلك من خلال برامج لا تقتصر على المحاضرات والمواعظ فحسب ـ على أهميتها ـ بل على أدوات غير مباشرة تجذب الطفل لهذا الجانب كاللعب والترفيه، وبحيث يكون مشاركا في تنفيذها أو تصميمها ويكون محورا رئيسيا فيها في جوانبها التطبيقية. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك البرنامج الوطني لتعزيز القيم الذي تتبناه قطر الخيرية وتنفذه على مستوى مدارس قطر، فقد اختارت لهذا العام قيمة "أنفعهم للناس" وسيكون تنافس الطلبة من خلال نماذج عملية تكرس هذه القيمة ويقومون بها بأنفسهم مثل أفلام اليوتيوب، والمسرح والرسم والدراما الإذاعية وغيرها. ولكن يبقى للعمل الإغاثي عموما والميداني منه خصوصا (المشاركة في تقديم المعونات والدعم..) أهمية معتبرة لذا نقترح أن تكون من الأمور التي تحظى بعناية خاصة ونحن في صدد تعويد الناشئة على العمل التطوعي ودمجهم فيه تدريجيا .
301
| 27 مارس 2015
مثل عيادة المرضى فإن الزيارات الميدانية لمواقع الكوارث ومواضع النكبات كمخيمات وتجمعات اللاجئين والنازحين ذات أهمية كبيرة، فهي إضافة لدورها في ترقيق القلوب تحقق فوائد متعددة " فليس من رأى كمن سمع " كما يقال. عقب زيارة أخيرة لأحد المستشفيات على الحدود التركية ـ السورية شاهدنا فيها ـ بمعية وفد إغاثي كبير ـ حالة طفل صغير لا يتعدى عمره عشر سنوات، يمشي بواسطة طرف اصطناعي بعد أن بترت قدمه بسبب شظايا قذيفة دبابة، قال لي طبيب مشارك في الوفد: كنت أظن أنني كطبيب جرّاح سأكون أكثر تجلدا عند رؤيتي للطفل ولحالات مشابهة رأيتها بالمستشفى، لكنّ عينيّ لم تستطيعا حبس دموع انهمرت منهما.. دموع ألمٍ لأنّ الحرب تسببت في أن يفقد قدمه دونما ذنب اقترفه ، ودموع فرح بعد أن سمعته يقول "الحمد لله" عقب تركيب قدم اصطناعي له ، وقدرته على ممارسة هوايته المفضّلة (اللعب بالكرة) وصبره على مصابه. لا ينبغي أن تنحصر زيارة ميادين الأزمات على العاملين في مجال الإغاثة والمؤسسات الإنسانية دون غيرهم من الشرائح الأخرى ، ولا على الكبار دون الصغار ، بل لعلّ الأوْلى بهذه المهمة هم الفتيان والشباب لاعتبارات كثيرة، ولا على الرجال دون النساء، فالنساء شقائق الرجال وهن شريكات لهم في هذا الأمر، بحسب ظروفهن وإمكانياتهن.أتمنى أن تتاح هذه الزيارات للجميع لأنهم بحاجة ماسّة إليها كما هي حاجة المستفيدين (المتضررين)، وباستثناء الأطباء والإعلاميين سأركز على بعض الشرائح النوعية بصفة أكثر تحديدا، نظرا لدورها وحجم إفادتها : ـ المحسنون والمتبرعون: لرؤية ثمرات بذلهم، والفرق الذي تحدثه تبرعاتهم في حياة الناس أفرادا وجماعات، ولكي يتم تشجيعهم وحفزهم على تقديم مزيد من التبرعات. ـ الأدباء والفنانون والكتاب والدعاة للإسهام في إنتاج مواد إبداعية مختلفة، تسهم في التوعية، وإبقاء القضايا الإنسانية حيّة في ضمائر الشعوب العربية والمسلمة، وإحياء شعور " إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " ـ الأطفال والفتيان والفتيات الذين يمكن أن يكونوا بصحبة أسرهم ، أو تنظم لهم رحلات بالتعاون بين جهات تربوية ونواد من جهة وبين المؤسسات الإنسانية من جهة أخرى، بغرض غرس قيم العمل التطوعي ومباشرته في نفوسهم منذ نعومة الأظفار، وترجمة هذه القيم إلى سلوكيات عملية إيجابية ، واستحضر في هذا المجال ما كان يقوم به الدكتور عبد الرحمن السميط رحمه الله كأحد رواد العمل الخيري الخليجي والعربي وكنموذج في التربية الأسرية ، حيث كان من عادته أن يصطحب أهل بيته من زوجة وأبناء في مثل هذه الرحلات، ولعل من حسن الطالع أن يكون في زيارتي الأخيرة لمخيمات اللاجئين السوريين طفل في العاشرة من عمره وفتى آخر في الخامسة عشرة من عمره، مع الفريق القطري وقد اصطحبهما أبوهما معه، وأعجبني حماسهما واستعدادهما للمجيء مرات أخرى رغم المشاق التي تكتنف مثل هذه الرحلات في العادة، وقد أتيح لي قبلها الاطلاع على تجارب أخرى مشرّفة رغم قلتها وندرتها.وبالنسبة للفتيان والشباب فإن هذه الرحلات تسهم في تعويدهم على التطوع بالجهد والوقت واكتساب الخبرات وتنمية القدرات وشغل الوقت بالنافع المفيد، وتعويدهم على الصبر والتقشف ومواجهة الصعاب والعمل تحت الضغط وفي الأزمات وتحمل المسؤولية والانشغال بمعالي الأمور ( هموم الأمة ومآسيها ) لا بتوافهها، ولعل همة الشباب وعزيمتهم تجعلهم الفئة الأكثر جدارة بهذا العمل الجليل ..ومثلما تقام لهم مخيمات للكشافة والجوالة فإنه ينبغي أن تقام لهم مخيمات للإغاثة ليشاركوا في التدخل الإنساني السريع، وفي المجمل فإن هذه المشاركات ستسهم في دمج الشباب في العمل التطوعي، بتأثيراته التنموية المادية والمعنوية الأخلاقية. ـ النساء لأنهنّ أقدر من غيرهن على تلمس حاجات النساء المنكوبات ومخاطبتهن في الميدان، كما أن الكثير من المشتغلين بالدعوة ومن المحسنين هم من النساء ونسب التبرع في صفوف النساء والنشاط في هذا الجانب مرتفعة كما تشير التقديرات على الأقل في منطقتنا العربية والإسلامية... ومعلوم أن النساء منذ مهد الرسالة الإسلامية قمن بأعمال الإسعاف والإغاثة في الحروب وغيرها ( الطبابة وتضميد الجراح وسقيّ الماء للجرحى) ولا شك أن الزيارات الميدانية للجمعيات الخيرية تضم أحيانا نساء يكنّ بصحبة أزواجهن وآبائهن ومحارمهن ، وهذا ما لمسته في عدة زيارات قمت بها، بما في ذلك رحلتي الأخيرة ، ولكن يبقى الأمر محدودا بفعل الصعوبات اللوجستية وظروف النساء الأسرية ، ولكن مشاركتهن في العموم دون ما هو مأمول، ربما بفعل العادات والتقاليد وعدم أخذ المرأة لدورها الحضاري الريادي. يسجّل لجمعية قطر الخيرية أنها استطاعت الإبداع في هذا المجال أكثر من غيرها، من خلال مبادرة "المتنافسون" التي استثمرت نجومية أبناء المجتمع القطري، ليكونوا مسوقين للعمل الإنساني، ولكن بعد أن قامت بأمرين الأول هو ترتيب زيارات ميدانية لهؤلاء الأشخاص لرؤية واقع اللاجئين السوريين عن كثب في تركيا والأردن أولا، ليكونوا أكثر إقناعا لغيرهم في شرح المعاناة الإنسانية للاجئين ومن ثم استقطاب التبرعات لصالحهم ، ثم تنظيم زيارات لاحقة ليروا آثار ما جمعوه من تبرعات ، وقد أصبح مجسدا على أرض الواقع يسهم في رسم البسمة على وجوه الأسر المتضررة وأبنائها ويدخل السرور على قلوبهم .
708
| 19 مارس 2015
البرقية الأولى حول اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الثامن من مارس كل عام، وبهذه المناسبة أكثر ما يشغل البال هو حال المرأة العربية والمسلمة في مناطق الكوارث والصراعات، ومدى العنت الذي ينالها بسبب ذلك. أشارت منظمة حقوقية عراقية على سبيل المثال لا الحصر إلى أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون أرملة في عموم العراق بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في العراق منذ 2003، وهناك أكثر من ثلاثة ملايين يتيم لنفس السبب. ولا تقلّ آلام المرأة السورية والليبية والصومالية عن ذلك، بسبب الظروف الاستثنائية، فالمرأة بمجرد غياب عائلها تتعرض للكثير من الانتهاكات وهضم الكثير من حقوقها، وابتزازها من أجل لقمة عيشها وتربية أطفالها والمصاريف المعيشية التي تحتاجها أسرتها، فضلا عن الخوف والفزع بسبب الاختطاف وظروف النزوح اللجوء بعيدا عن ديار الأهل، والقلق على مستقبلها ومستقبل أبنائها. وقد رأيت بنفسي في مخيمات النزوح السورية نساء مع أطفالهن فقط بدون عائل أو قريب بسبب استشهاد أزواجهن، ورأيت أيتاما مع جداتهن بسبب موت الأب والأم، ورأيت فتيات لاجئات بدون تعليم ومدارس يعلمن رغم صغر سنهنّ من أجل تأمين لقمة العيش الضرورية بكل ما يكتنف ذلك من إشكالات ومضايقات وعنت. ما تتعرض له المرأة النازحة واللاجئة والتي تعيش في ظروف الحروب والكوارث، إذا كانت أمّا لا يقتصر عليها، بل يتعداه لأبنائها وأسرتها التي غالبا ما تقوم هي على رعايتها بعد فقد الزوج والمعيل، لذا فإن الخسارة كبيرة في حال تعرضها للأذى، بمعنى فقد أسرة بكاملها. لذا وجب أن تحظى هذه المرأة بالحماية والرعاية لكي تتمكن من تربية الأجيال والأبناء وتوفير الحنان والدعم لهم، خصوصا أنهم يكونون بأمسِّ الحاجة إليها، خصوصا في ظل الأوضاع المرتبكة. ولعلّ هذا يفرض على المنظمات الحقوقية والإنسانية إيلاء هذا الجانب الاهتمام ما يستحقه وإلا فالخسارة مضاعفة. البرقية الثانية حول اليوم العالمي للغة الأم الذي يصادف الحادي والعشرين من شهر فبراير كل عام، ولعل ما ينبغي التنويه به بالنسبة لأمتنا في هذه المناسبة هو تحبيب الناشئة بلغتهم العربية، وهذا الأمر ـ كما أفهمه ـ هو الأخذ بيد هذه الشرائح كي: ـ تتذوّق تراكيب لغتها وصورها الفنية الجميلة التي ترد في الشعر والنثر وتتلذّذ بها.ـ تهوى التحدّث بلغتها الأمّ وتترنم بموسيقى كلماتها، وتطرب لسماعها وتتحدث بالفصحى دون لحن. ـ تحبّ التعبير عما تريد بلغتها الأم، وتكتب بلغة مفهومة وجميلة وسلسة وخالية من الأخطاء.ـ تحبّ القراءة وتعشق مطالعة الكتب بالعربية.ـ تفهم أن العربيّة لغة حيّة قادرة على التعامل مع المتغيرات المعاصرة واستيعابها في الجوانب العلمية والحياتية المختلفة، وأنها بسبب ذلك ينبغي أن تعتز بها وبجذورها الراسخة، وأن تكون مرتكز ثقافتها وسبيل تواصلها مع الآخرين.الأمر يحتاج إلى تحديد ورسم إستراتيجيات وسياسات دقيقة وتحديد وسائل وأساليب سليمة للوصول إليها، وإلاّ فإن كلّ جهد خارج هذه الدائرة قد يكون غير مجدٍ. لقد اطلعت على تجربة جديدة يريد أصحابها منها تحبيب الناشئة واليافعين بلغتهم العربية وتعزيز صلتهم بها، من خلال: ـ حصر كتابة القصص والمواد المقدّمة لهم بالنحو والصرف واللغويات وموضوعاتها.ـ قصر الموضوعات المقدّمة لهم على الجوانب التراثية..ورغم تقديري لجهودهم الكريمة ونواياهم الطيبة، فإني أعتقد أنه لا ينبغي ألا ترتبط لغة الضاد في ذهن الأجيال بالماضي فقط، مع أهمية الاعتزاز بالجذور، وإنما يجب أن تكون حيّة في واقعهم المعاصر تستخدم من قبلهم كلغة للعلم وأداة التواصل مع الآخرين، مع يقين راسخ بقدرتها على التعامل مع المتغيرات المعاصرة واستيعاب الجديد، وتذليل كل العقبات التي تحول دون ذلك، أو تدفعهم للهيام بلغات أخرى على حساب لغتهم الأمّ.البرقية الثالثة عن محاسن مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك وتويتر ـ وقبلها المدونات ـ فمن محاسنها أنها كشفت عن مقدرة متميزة في الكتابة لبعض أصحاب الحسابات فيها، بعضهم في مجال الخواطر والبوح والسير، وبعضهم الآخر في مجال القصص القصيرة أو القصيرة جدا، أو في التعليق والنقد السياسيين..كانت بدايات بعضهم من هذه المواقع التواصلية تحديدا.. والآن لهم مقالات أو أعمدة صحفية دورية محل تقدير وثناء، وبعضهم صدرت له كتب عن دور نشر، ولبعضهم الآخر ما تطبعه بعض وسائل الإعلام المقروءة من نسخ، وبعضهم صارت لهم شهرتهم الكبيرة التي عبرت حدود الدول، ووفّرت لهم بعد ذلك مواقع متميزة في العالم الحقيقي. إنها بسبب الفرصة التي منحها فضاء الإنترنت لهم أولا، ثم التطور في هذا المجال من خلال الدربة وتعليقات متابعي الصفحة وإعجاباتهم ثانيا.ظاهرة تستحق من وجهة نظري الرصد والتقصي من خلال التحقيقات الصحفية والدراسات العلمية للإعلام الرقمي، والإفادة منها في الكشف عن أصحاب المواهب والقدرات، لاسيَّما في أوساط الناشئة والشباب واستثمار حاضنة غير مُكلفة لتطوير ملكاتهم... ما رأيكم؟ وهل من نماذج وأمثلة تودون الإشارة إليها؟
598
| 12 مارس 2015
لا توجد معايير واضحة أو نموذج واضح لتقييم وقياس أداء المؤسسات الإنسانية والاجتماعية والجمعيات ذات النفع العام في العالمين العربي والإسلامي، وقد لا تؤخذ هذه المعايير بعين الاعتبار أو توضع نصب الأعين عند بناء السياسات الإستراتيجية أو وضع الخطط الخاصة بها، كما أن التقييم نفسه قد لا يتمّ فعليا وبصورة جديّة وصارمة من قبل جهات محايدة أو الجهات الإشرافية العليا.ما يتم بشأن التقييم في الغالب يكون شكليّا، ويعتمد على اجتهادات خاصة، ويركّز على معايير كميّة متعارف عليها لا نوعية، وقد يغيب عنه الاهتمام بالجانب الإبداعي وقياس الأثر على المستفيدين أفراداً ومجتمعات، والتركيز على جوانب تسدّ ثغرة أو تهتم بمساحة أو مجالات غفل المجتمع عنها أو قصّروا تجاهها. عملياً في هذا المجال قد تعتبر عديد من مؤسسات النفع العام أنّ من عوامل نجاحها المهني وأداءها المتميز قدرتها التسويقية في رفع مدخولاتها من المتبرعين والشركاء، أو في حجم ما خصصته أو أنفقته في تنفيذ برامج ومشاريع وأنشطة موجّهة للمستفيدين من خدماتها، أو تحقيق الريادة والأرقام القياسية في جانب ما مقارنة بغيرها، أو الحضور الإعلامي.. ولكنها قد تغفل عن أمور أكثر أهميّة.ولعلّ من أهم هذه الأمور في ظني ما يلي: غرس قيم العمل الخيري ونشر ثقافة العمل الإنساني وتوعية الجمهور بأهميتهما، والعمل على استقطاب أكبر كمّ من المتطوعين والمناصرين خصوصا النجوم وأصحاب القدرات، وإشراكهم فعليا لا بروتوكوليا وشكليا في خدمة المجتمع، والإبداع في العمل الإنساني سواء في تصميم وتنفيذ البرامج أو المشاريع أو جهود حشد المناصرة والتأييد والتوعية أو أساليب التسويق، أو إطلاق المبادرات، أو تصميم وتصنيع المنتجات المتصلة بهذا المجال، أو التركيز على التنمية واستدامة العمل، وبناء الفرق المتخصصة، وكيفية صناعة التغيير وقياس أثره على الأفراد والمجتمعات. تقييم الأداء مهمّ جدا لاعتبارات كثيرة أهمها: التأكد من مهنية العمل وحرفية القائمين عليه بعيدا عن العشوائية والارتجال، ولمعرفة الجهات المتميّزة بحقّ، حيث سيكون ذلك مفيدا للمتبرعين والجهات المانحة والشركاء المتوقعين والرعاة من أجل مواصلة دعمهم وزيادة حجمه، وبالتالي زيادة موارد هذه الجهات لتكون قادرة على تنفيذ برامج أكبر والوصول إلى شرائح أوسع، كما يسهم في الحصول على التقدير والاحترام الذي تستحقه من جوائز وتكريمات وأوسمة، والتمييز بين المتميزين بصدق وبين الأدعياء الذين يهتمون بالقشور والمظاهر الخارجية. الإبداع في العمل الإنساني على مستوى البرامج والمشاريع والنماذج والمبادرات والمنتجات والخدمات والأساليب وطرائق العمل، يمنح المؤسسة ذات المقدرة في هذا المجال سمعة طيبة أيضا ويضعها في موضع القدوة والتأسي، حيث تقوم المؤسسات الأخرى بتقليدها، كما يعطيها ميزة تدريب كوادر المؤسسات الحديثة والناشئة، لذا أجدني أكتب غير مرّة للاهتمام بهذا الجانب النوعي والأمور الأخرى التي تصنع فرقا في تقييم الأداء التي تم التنويه بها قبل قليل.في هذا الصدد لابدّ من تثمين البرنامج الوطني لتعزيز القيم لطلاب المدارس ـ سنافي وهبة ريح، الذي تنفذه جمعية قطر الخيرية للعام الرابع على التوالي، لأنه برنامج يحقق أكثر من معيار من المعايير التي اعتبرها تندرج في إطار التميز في الأداء، فهو برنامج تربوي يعزز قيم العمل الإنساني (قيمة هذا العام أنفعهم للناس) بطريقة غير مباشرة، تعتمد على دمج طلبة المدارس بالعمل الإنساني من خلال التنافس في مجالات إبداعية متعددة كالمسرح والمعرض الفني والمدوّنات ومقاطع اليوتيوب وغيرها، ومعايشتهم على مدار فصل دراسي لهذه القيمة، وقياس هذا التأثير عليهم من خلال استبانة علمية قبل وبعد بدء البرنامج. وما يزيد من قيمته ما تمّ إلحاقه بالنسخة الرابعة للبرنامج والمتمثلة بأمرين: الأول إضافة مجال تنافسي جديد هو الإبداع الاجتماعي، وإشراك الطلبة في تسويق المشاريع الخيرية، والآخر تعيين سفراء لقطر الخيرية في مجال القيم وهم عبارة عن نجوم في مجالات الرياضة والإعلام من أجل التنافس في هذه تمويل وتسويق مشاريع إنسانية في المجال التعليمي، بالتعاون مع طلبة المدارس الذين سينخرطون في منافسات البرنامج من خلال مجال الإبداع الاجتماعي، وأتوقع أن هذه التوليفة الجميلة ستستطيع تعزيز قيم العمل الخيري لدى الناشئة واليافعين وتسهم في استقطاب مزيد من المتطوعين النجوم بكل ما لهم دور تسويقي مهم، وإضفاء جو من الحماس على هذه العملية التنافسية، وخلق فرص جيدة لنقل الخبرات بين أجيال مختلفة، وتكوين فرق عمل تتكامل فيها الأدوار وتستقطب متطوعين من أعمار مختلفة بآن واحد. ويضاف لمزايا البرنامج أن مجال الابتكار الاجتماعي استند إلى بعد تربوي، ألا وهو نظرية الذكاءات المتعددة التي تعبّر عن قدرات يمتلكها الأفراد تبين مهاراتهم في جوانب عدة، كالذكاء اللغوي والذكاء المنطقي والذكاء الذاتي والذكاء الجسمي والذكاء الموسيقي والذكاء الطبيعي..، وهو ما سيسمح من الإفادة من الذكاءات المتنوعة للطلبة وقدراتهم المختلفة، ويعمّق العلاقة بين التربية والتعليم من جهة والعمل الإنساني من جهة أخرى، وبالتالي غرس القيم الإنسانية في نفوس الناشئة منذ الصغر وتنشئتهم عليها وتوسيع مجالات دمجهم في العمل التطوعي وخدمة المجتمع مستقبلا وبشكل علمي ومدروس وممنهج.أتمنى رصد مثل هذه النماذج النوعية وقصص نجاحها، وإجراء الدراسات لقياس تأثيرها والعمل على تطويرها وتوسيع نطاق المستفيدين منها.
734
| 05 مارس 2015
هل ستفرمِل اليمن من طموحات النظام الإيراني في المنطقة، وتكون بمثابة نقطة البداية في الحدّ من تمدده في الإقليم، وفرض أجندة الأمر الواقع من خلال أذرعه المختلفة، ومن ثمّ إقناع الولايات المتحدة والغرب بعدم التمادي في عقد صفقات تقاسم النفوذ والمصالح معه على حساب الدول الأخرى في المنطقة؟. أسئلة كبيرة ومهمّة تتعلق بالمستقبل القريب والبعيد، وقد تكون الإجابات عنها لا تزال مبكِّرة، كما يصعب أن تكون حاسمة، لأنها تنتظر مواقف الأطراف الأخرى من التطورات المتعلقة بها والمتغيرة بسرعة.ليس بخافٍ أن ذراع النظام الإيراني في اليمن هم الحوثيون، تماما مثلما حال الأذرع الأخرى كحزب الله في لبنان وبعض الميليشيات الشيعية في العراق، وهي تضاف إلى الأنظمة التي توالي إيران أو القريبة منها مثل النظامين السوري والعراقي.كان الحوثيون يتجهون منذ شهر سبتمبر الماضي للانقلاب كليّة على النظام الشرعي القائم ورئيسه الحالي عبد ربه منصور هادي، وقاموا بالشراكة والتفاهم مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح باجتياح العاصمة صنعاء، وسيطروا على مدن أخرى ومعسكرات للجيش وقوى الأمن ووزارات وأجهزة إعلام، وفرضوا الإقامة الجبرية على رئيس الحكومة ثم رئيس الدولة، لكنّ متغيرين رئيسيين قلبا الطاولة على رؤوسهم، الأول: السخط الشعبي عليهم وعلى ممارسات ميليشياتهم من خلال المسيرات الشعبية والجماهيرية والرفض العشائري المسلّح والعديد من مكونات التمثيل المحلي في المحافظات، والآخر تمكّن الرئيس هادي من الإفلات من قبضتهم وانتقاله لعدن وسحب استقالته، واعتبار كل القرارات التي صدرت عنهم أو تحت ضغطهم بسبب قوة السلاح باطلة ولاغية. لا يمكن فصل الدعم السابق والحالي للنظام الإيراني للحوثيين، وتحرك هذه المليشيات الأخيرة المتسارع في اليمن، خصوصا في الشهور الأخيرة، عن تحركات موازية لحزب الله ومليشيات عراقية تتحرك في العراق وسوريا، أو عن صولات وجولات سليماني في العراق وسوريا، لأنها تندرج في إطار خدمة الأجندة الخارجية للسياسة الإيرانية التوسعية في المنطقة، وتأكيد طهران على دورها الإقليمي وتمدد نفوذها وأمنها القومي الذي لم تخف أنه يمتد حتى سواحل المتوسط وربما حاليا نحو البحر الأحمر أي على الأقل للخليج والمشرق العربي، والسعي لاعتراف الآخرين في المنطقة والعالم بهذا الدور أو فرضه عنوةً. التوسع الإيراني وتقاسم النفوذ كان واضحا منذ الاحتلال الأمريكي للعراق من خلال التفاهم مع الأمريكان، واتضح بصورة أكبر بصورته المباشرة في الأزمة السورية من خلال قتال حزب الله والحرس الثوري الإيراني وميليشيات عراقية، ولولاه لسقط النظام السوري منذ مدة بعيدة، لكنّ تدخلا أخيرا وبقوة من هذه الأطراف في حلب / في الشمال، وهو تدخل لا يخلو من دلالات كشف عن خسائر كبيرة وقعت في صفوفهم، وتضخم فاتورة الضحايا. هل كان الحساب الإيراني في اليمن غير دقيق، وهل تقود طهران مغامرة لم تكن محسوبة العواقب، أم شجعتها على ذلك نجاحاتها في سوريا ولبنان مؤخرا وإن كانت على المدى القصير، والوهن في الصف العربي على مستوى الأنظمة والجماعات والقوى السياسية، والتشرذم في مواقفهم؟. الأرجح أن الحسابات لم تكن دقيقة لديها، وربما وراء هذه الحسابات الخاطئة إضافة لما سبق تشجيع الرئيس المخلوع علي صالح لها عبر تحالفه مع الحوثيين، خصوصا أنه يستعجل عودة نفوذه السابق. تختلف اليمن عن غيرها بحكم المساحة الكبيرة، ووجود السلاح بيد الناس، وعدم اختفاء النزعة القبلية، ووجود مساحة معقولة من الحرية، والأغلبية السنية (الشافعية)، والربط بين الحوثيين والإمامة المستبِدّة التي ثار الشعب ضدها في الستينيات، والاستياء من طرحها المذهبي والماضوي الضيّق، وربما لهذه الأسباب وغيرها كانت عصيّة على الاستعمار والاحتلال والاستبداد في مراحل سابقة من تاريخها. صحيح أن الحوثيين قد فرضوا أنفسهم كرقم صعب في هذه المعادلة وضمنوا لأنفسهم موطئ قدم في المشهد السياسي اليمني القادم وحسّنوا شروط التفاوض، ولكنهم لم ينجحوا في أمور كثيرة، أهمها: عدم قبول الناس لهم إلا في حدود ضيقة، تنامي حجم الكراهية لهم ولممارساتهم يوما بعد يوم من قبل القوى السياسية وقوى الثورة الشبابية ومكوّنات الحراك في الجنوب، عدم نجاح انقلابهم كما كانوا يأملون وظهورهم كجماعة نشاز تحاول أن تفرض حضورها وأجندتها السياسية وتوسعها من خلال قوة السلاح بعيدا عن العملية الديمقراطية والحزبية وصناديق الاقتراع، ارتباطهم في ذاكرة اليمنيين بالارتباط بقوى خارجية (إيران).وربما ساعد على فرملة تحركات وطموحات الحوثيين إدراك أنظمة المنطقة بخطورة نجاح هذه الميليشيا، خصوصا أنها صارت على مرمى حجر منهم، وتوفّر القناعة للعمل فعليا من أجل التصدي لهم، ودعم من يقف في وجه مخططاتهم. نجاح فرملة الحوثيين ومواصلة نجاحاته في تحجيم خطرهم مرهون داخليا بوحدة موقف القوى السياسية والثورية الشبابية والقبائل والمكونات المحلية والفكرية الأخرى ضد هذا الخطر، والتعاون على اتخاذ مواقف عملية لتطويق تمددهم ونفوذهم، وخارجيا بأمرين، الدعم الخليجي والعربي لهذه الجهود، وهو ما سيمهّد الطريق لإقناع الغرب بخطئهم في القبول بالتوغل الإقليمي لإيران وفي تقاسم النفوذ والمصالح معها في المشرق العربي. ولاشك أن النجاح في فرملة الحوثيين في اليمن سيسهم في فرملة المشروع الإيراني التوسعي في دول أخرى في المشرق العربي ويحدّ من أحلامه الجامحة والمغرورة.
599
| 26 فبراير 2015
كان جزء من زيارتي الأخيرة للأردن فرصة ثمينة وجميلة للتعرف عن قرب على عدد من المؤسسات والمبادرات والمجلات والإصدارات المعنية بثقافة وإعلام الطفل، والعاملين في هذا المجال.وأعرفُ حتما أن مثل هذه التجارب وغيرها موجودة على امتداد خارطة دولنا العربية والعالم هنا وهناك، سواء كانت تقوم على شؤونها جهات رسمية أو خاصة ومنظمات أهلية، كما أعرف أيضا أن كثيرا من هذه الجهود الجميلة والعظيمة قد تبقى محصورة في محيطها الذي قد لا يتعدى مدينة أو بلدا بسبب غياب الإعلام عن تعريف الفئات المستهدفة منها أو الجهات ذات العلاقة بها، أو التقصير في هذا الجانب، أو عدم وجود إعلام متخصص في الطفولة أساسا، يهتم بالجانب الإخباري الموجّه للأطفال مباشرة أو الموجه للكبار عن أنشطتهم، وعدم وجود مختصين أو متفرغين من الصحفيين بهذا الأمر. وإذا كنا نشكو من التقصير الكبير بحقّ الأطفال على مستوى الأدب والثقافة، والنقص الكبير في المواد المقدمة لهم سواء كانت كتبا أو قصصا أو مسرحيات أو أناشيد أو برامج.. فإن تقصيرا يوازيه أو أكثر منه بسبب التقصير في الاهتمام بإعلام الطفولة، ونقصد به الأمور التي تعنى بالجوانب الخبرية، وليس مضامين المجلات والقنوات والمواقع الإلكترونية التي يغلب عليها الأشكال الأدبية والفنية والمعارف العامة. التغطية الخبرية الموجّهة للطفل أو عن الطفولة والأطفال مهمة وتشمل جوانب متعددة، ولا تعني بالضرورة الأخبار السياسية التي يكثر الكبار من متابعتها. تتضمن التغطيات الخبرية التي تستهدف الأطفال الأمور التي تهمهم مثل الأخبار العامة في المجالات العلمية وأخبار المخترعات والأخبار الاجتماعية والرياضية والتعليمية والتدريبية والمنوعات، كما تتضمن أيضا أخبار الموهوبين من الناشئة ومخرجات أصحاب القدرات، وتقديم الشخصيات العلمية والمؤثّرة لهم، والفعاليات التي يكون الأطفال جزءا منها، والتعريف بالجهود والمرافق التي تصب في خدمتهم وتطوير إمكاناتهم مثل المؤسسات والمجلات والمكتبات والمواقع الإلكترونية، والإصدارات والمبادرات والأيام العالمية والأمور التي تعنى بحقوقهم والدفاع عنهم والقضايا الإنسانية والتطوعية، فيما تتضمن التغطيات الخبرية عن الطفولة والموجهة للكبار أغلب ما سبق من موضوعات، مع اختلاف في طريقة التناول واللغة المستخدمة. إن حاجتنا لإعلام الطفولة ملحّة لأكثر من سبب:ـ تنمية معارف الطفل وإثراء ثقافته وتنمية مداركه وإطلاعه على الجديد في الجوانب الحياتية العامة المحيطة به في مجالات العلوم والفنون والتربية والقيم والرياضة.ـ تنمية الشعور بالمسؤولية سواء ما يتصل بحقوق الطفل المختلفة كحقّه في الحياة والتعبير عن رأيه وحقه في التعليم وبيئة آمنة، أو مسؤوليته تجاه مجتمعه وأمته العربية والإسلامية والعالم من حوله.ـ تشجيع الموهوبين وأصحاب القدرات والمبادرات من الأطفال والناشئة من خلال عرض قصص نجاحهم وإبراز نقاط تميزهم، وحفزهم على مزيد من الإبداع والتفوق، وحث الأطفال الآخرين ضمنا للتأسي بهم.ـ تنمية إمكانات أصحاب المواهب الإعلامية من الناشئة واليافعين بشكل خاص وصقل مهاراتهم، من خلال توفير مادة تهتم بميولهم في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، ويتصل بذلك عقد دورات تدريبية لهم، وصقل مواهبهم عمليا من خلال دمجهم في عملية التحرير الإخباري. ورفع الوعي الإعلامي عند الأطفال بشكل عام. وعند الكبار يكتسب هذا الإعلام أهمية خاصة كونه يوفّر مساحة لتبادل المعلومات وتلاقح الأفكار والخبرات بين المعنيين والمهتمين والمختصين في مجال الطفولة، والاطلاع على جديد التجارب والمبتكرات والإبداعات في هذا الجانب، وتعميم التجارب المهمة والناجحة.إن الإشكالية المرتبطة بهذا الإعلام ليس في عدم الاهتمام به وإعطائه المساحة الكميّة الكافية فقط، بل بكيفية صياغة وتحرير المحتوى أو عرضه وتقديمه، فالموجود على ندرته إما أنه يتعلق بمواد لا تناسب الطفل، أو يصاغ بطريقة جافة أو غير ملائمة لعمره، أو يُخرج بأساليب ضعيفة الجاذبية، أو مليئة بالأخطاء والمغالطات.
649
| 21 فبراير 2015
كان لليمن ثورة في 11 فبراير 2011 أطاحت بالرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وجرى الترتيب لرحيله وللمرحلة اللاحقة له بطريقة تجنب البلاد المزيد من الدماء والخسائر، مقابل منحه الحصانة من المساءلة، وعبر مبادرة خليجية حظيت حينها بموافقة من القوى السياسية اليمنية. مثله مثل كافة الديكتاتوريين الآخرين حاول صالح بعد أن خرج من الباب أن يعود من الشباك مستغلا كافة الثغرات، بحكم ولاء كثير من الشخصيات العسكرية والأمنية له، وعمق جذور الدولة العميقة وتوظيف المال السياسي، وإضعاف نفوذ الرئيس عبد ربه منصور هادي، والتخويف من إرهاب القاعدة.. فكان له ما أراد من خلال التحالف مع الحوثيين الذين تصدروا الواجهة قبل شهور بدعم إيراني وسيطروا على المدن والسلاح بما في ذلك صنعاء إلى أن وصلوا إلى دار الرئاسة وفرض شروطهم بالقوة، ثم ما كان من استقالة الحكومة والرئيس هادي، لتكون اليمن في مهب الريح خلال هذه الأيام.. فراغ في الدولة من أشكال القوة السيادية، وفراغ في السلطة الانتقالية، وعاصمة تعصف الرياح فيها وتصفّر.أكثر من ذلك من الواضح أن ما حصل من قبل المخلوع صالح والحوثيين يحظى بمباركة شبه معلنة أو ضمنية من الولايات المتحدة، ومما يسمى المجتمع الدولي أيضا في إطار ترتيب إقليمي مع النظام الإيراني، والدليل على ذلك تصريح البيت الأبيض مؤخرا بأنه ليس واضحا للإدارة الأمريكية ما إن كانت لإيران سيطرة على الحوثيين من جهة، واستمرارها في التعاون مع اليمن لمحاربة الإرهاب من جهة أخرى، وسكوتها طيلة الأشهر الماضية عن تقدم الحوثيين وسيطرتهم على المحافظات اليمنية بما في ذلك العاصمة صنعاء، وعلى القرار السياسي وسلاح ومقدرات الجيش اليمني بتواطؤ من بعض قادة الأخير. لا أحد يعرف ما إذا كانت استقالة الرئيس اليمني بمحض إرادته ليقلب الطاولة على رؤوس من أهانوا كرامته وطلبوا منه التوقيع على مراسيم سيادية، أم كتبها تحت الضغط ليصل الحوثيون ومعهم المخلوع صالح للحكم مرة أخرى، عبر مجلس رئاسي أو خلافه، مجهضين ضمنا ثورة شعب انتفض ضد الظلم والتسلط والفساد في أجهزة الدولة ونهب مقدراتها. لكن من الثابت أن اليمن يعيش أياما عصيبة جدا، تهدده بأمور مهمة كثيرة، منها الفوضى والاقتتال الأهلي على خلفيات مذهبية وقبلية، والتمزق والتشرذم إلى دويلات وأشطار، وقد بدأت نذر هذا الأمر تلوح في الأفق، فالأقاليم تتحدى المركز، وترفض الطاعة، ويتكتل بعضها في مواجهة بعض، وبعضهم يتحدث عن نفخ الروح فيما كان يسمى باليمن الجنوبي، والتكهنات حول الوضع القادم ورسم ملامح اليمن القادم ضبابية، بل قاتمة السواد، وتنذر بما لا يحمد عقباه.وكل ما ذكر سابقا يعتبر من أهم مهددات اليمن وأبرز التحديات القادمة التي تنتصب في وجهه، فيما يسارع كل طرف لتنفيذ أجندته، وتحقيق مآربه في ظل خلط الأوراق المتواصل، بينما يغيب تأثير القوى السياسية الكبيرة، والحضور والتأثير الخليجي في مجريات هذه التطورات المتسارعة. قد يكون إيصال هذا الوضع إلى ما آل إليه ـ بغض النظر عن المخاطر المحدقة باليمن ـ يوافق رغبة أمريكية أو بمثابة اللحظة المناسبة لتحقيق أجندات معينة في ذهننا، أو يوافق رغبة المخلوع للعودة للحكم أو للتأثير في القرار السياسي، أو الحوثيين للوصول لحكم اليمن منفردين أو مشاركين أو لتضخيم حصتهم من كعكة المصالح، وتأمين موطئ قدم لداعميهم في خليج عدن والبحر الأحمر، وقد يوافق ذلك أو يعد ذلك اللحظة المناسبة لبعض الراغبين في تقسيم اليمن الموحّد، بعض النظر عن الدوافع التي حملتهم على ذلك. لكن اليمن الآمن المستقر الموحد كدولة مدنية تنشد الديمقراطية والعدالة الاجتماعية كما أرادها شباب ثورة، 11 فبراير 2011، وكما يرجوه كل عاقل لبلاده قد تكون أكثر المتضررين والمتأثرين بما يحدث.من الواضح أن هناك رفضا شعبيا لتحالف (صالح ـ الحوثي) وقد تمثل ذلك في المظاهرات الشبابية الكبيرة في صنعاء وتعز وإب وعدن وغيرها، ورفض كثير من الأقاليم تلقي الأوامر من صنعاء بعد استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، فيما يشبه مواجهة للثورة المضادة لثورة 11 فبراير، لكن الأمر يتطلّب من كل الخيّرين والوطنيين في اليمن تواصل اليقظة والحراك الثوري ومزيدا من الإبداع في رفض ومواجهة "تحالف الثأر والانتقام"، ومن جيرانه الخليجيين والعرب أن يقفوا وقفة جادة وقوية حتى لا يبقى اليمن في التيه وينزلق إلى ما لا تحمد عقباه، خصوصا إذا كان تحرك تحالف (صالح ـ الحوثي) متواصلا بدعم إيراني وغطاء أمريكي، وفق لعبة تقاسم النفوذ والمصالح كما حدث ويحدث في العراق وسوريا وغيرها. اليمن أمام مقتضيات لحظة تاريخية بالغة الحساسية.. والوقت محسوب بدقة، فإما أن يسارع الشعب اليمني، وفي مقدمتهم الشباب الثوار والنشطاء ومن ضمنه الفعاليات والأحزاب والنخب.. لقول كلمتهم والتعبير عن إرادتهم الرافضة لمخططات الهيمنة وإجهاض روح ثورة فبراير، أو يتأخر أو يتناحر فيما بينه ولا يلتقي على كلمة سواء فيدخل بلاده في نفق مظلم. وكما هي لليمن فإن هذه اللحظة التاريخية مهمّة أيضا لدول الجوار (الدول الخليجية) والدول العربية، إذ ينبغي أن تقف إلى جانب أمن واستقرار ووحدة اليمن، لأن أمنها كدول ومنظومة مجتمعة من أمنها، كي لا تضيع اليمن كما ضاعت دول عربية قبلها، حينما دخلت كليا أو جزئيا في حظيرة النفوذ الإيراني والتقاسم الدولي.
574
| 28 يناير 2015
واضح أن عملية اختطاف اليمن وهي في فصولها الأخيرة قد تمت بنجاح وكما هو مخطط لها، منذ أن سيطر الحوثيون على صنعاء في شهر سبتمبر الماضي على الأقل. لابد أن نعترف شئنا أم أبينا أن المشروع أو المخطط الإيراني يتقدم بذلك خطوة أخرى نحو الأمام ويحتل مواقع جديدة من خلال أذرعه في المنطقة، بعد العراق وسوريا ولبنان، حيث كلمته هي الأقوى، أو له حضوره الذي لا يمكن تجاوزه. أدوات المشروع الإيراني كما هو ملاحظ تزاوج بين القوة العسكرية “جناج ميليشاوي“ والواجهة السياسية والشعبية، وتغلّف تحركاتها بالعمل الثوري والمقاوم وهذا ينطبق على حزب الله والحوثيين والجماعات الشيعية الموالية لها في العراق. ومن المؤسف أن ذلك قد تمّ جهارا نهارا وعلى نار هادئة تحت أنظار عربية غافلة وتواطؤ دولي ضمن لعبة المصالح واقتسام مناطق النفوذ والاعتراف بإيران كلاعب إقليمي وإعطائها حصة في هذه “الكعكة”.إيران فضلا بناء قوتها الذاتية عسكريا وأمنيا وسياسيا فإنها تثبت قوتها الدبلوماسية عمليا، فهي توظّف أذرعها في هذه المعركة، وتستطيع أن تطمئن الغرب من خلال بعض الإشارات كالحرب على الإرهاب وجماعات القاعدة، وتضمن موافقته أو صمته ضمن توافقات المصالح، وتحاول كسب تأييد شعبي ومنطقي لتحركات مشاريعها الإقليمية. آثار هذا الاختطاف محزنة مؤلمة لأسباب كثيرة، فعلى المستوى الداخلي كشف عن: ـ سرقة ثورة شعب، وخسارة جديّة لثورات الربيع العربي، لصالح فئة ذات أهداف طائفية ومذهبية وإن غلّفت نفسها بحراك شعبي وأهداف ثورية.ـ تواصل التبعية الواضحة والولاء الفاضح لبعض الجماعات والأحزاب المحلية العربية دون رادع قانوني أو أخلاقي أو استنكار قوي، يتجلّى هنا في نموذج الحوثيين، وقبله حزب الله الذي لا يخفي أنه جزء من ولاية الفقيه.. وبسبب هذه البجاحة لم تعد إيران تخفي مقتل قيادات في الحرس الجمهوري في دول أخرى كالعراق ولبنان وسوريا، ولم يوجد وجودهم مستغربا مع عناصر حزب الله، جنبا إلى جنب.ـ ضعف الأحزاب السياسية وهشاشة النخب التي لم تستطع إدارة مواكبة التغيرات المتسارعة منذ الثورة اليمنية ضد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ولم تستطع إدارة معركتها بحرفية ضد تحركات الحوثي منذ بداياتها. ـ بقاء اليمن على صفيح ساخن لفترات قادمة وعدم استقرار أوضاعه السياسية والأمنية لفترات قادمة، لأن الحوثيين وإن امتلكوا القوة والتنظيم الجيد إلا أنهم ليسوا محل ترحيب من مكونات مناطقية ومذهبية واسعة في اليمن، ومن الصعب جدا بسط سيطرتهم على كامل التراب اليمني بيسر وسهولة.ـ احتمالات عودة اليمن لشطرين أو تمزّقه لعدة دويلات وأقاليم ودخوله في أتون صراعات مناطقية ومذهبية وحزبية.أما على المستوى الخارجي: ـ محاصرة منطقة شبه الجزيرة العربية من أكثر من جانب أي من جهة، اليمن فضلا العراق، ومحاولة الضغط على المملكة العربية السعودية سواء ما يخص التفاهمات المتعلقة بالملف السوري أو كميات إنتاج النفط وغيرها.ـ زيادة النفوذ الإيراني في منطقة الخليج والشرق العربي واتساع دوره الإقليمي في المنطقة العربية واكتساب مزيد من الاعتراف الدولي بهذا الدور كأمر واقع، وانتزاعه مزيدا من التنازلات العربية لصالحه.ـ انفتاح شهية المشروع الإيراني لمزيد من القضم والهيمنة في مناطق ودول عربية أخرى، ومحاولة العبث بأمنها واستقرارها. ولكن رغم ذلك؛ فإن ثمة من يرى أن إيران وأدواتها في المنطقة قد يبدون على المدى القصير والمتوسط في أوج قوتهم وهم يكسبون نقاط قوة ونفوذ جديدة ومتعددة إلا أنهم على المدى المتوسط أو البعيد قد يخسرون كثيرا، فإيران وأدواتها سيتنزفون اقتصاديا وعسكريا وبشريا وأمنيا في مواجهات على عدة جبهات، كما هو حاصل في سوريا ولبنان والعراق والآن في اليمن، كما أن حالة من الكره للنظام الإيراني وبعض أدواته في المنطقة قد صارت شائعة لدى قطاع كبير في الشارعين العربي والإسلامي بسبب هذه السياسات والتصرفات، خصوصا في السنوات الخمس الأخيرة، بعد أن كانا يحظيا بشعبية كبيرة حيث كان ينظر للنظام الإيراني كنظام مقاوم وممانع، ولأدواته كجماعات ومجموعات ومشاريع مقاومة ومواجهة للمشروع الصهيوني. في اليمن تركيبة معقدة صعبة، وحكمه ليس بهذه السلاسة وبذاك اليسر، لذا فليس مستغربا ألا ينفرد الحوثيون بالحكم لمفردهم وإنما يقودون البلاد ويتحكمون فيها من خلال الاستتار وراء شخصيات عامة قريبة منهم، أو من خلال التحالف من بعض الجماعات والمكونات السياسية.هاهي مسلسلات الاختطافات للمشروع الإيراني متوالية، ولا يستطيع أن ينكرها إلا أعمى بصيرة، وما من شك أن تداعياتها خطيرة، وهو ما يطرح سؤالا كبيرا عن كيفية مواجهتها ووضع حد لها، سؤال قد لا يحظى بإجابة سريعة وحاسمة بسبب الضعف والغفلة العربيين ليس على مستوى الأنظمة، بل على مستوى الأحزاب والجماعات السياسية والنخب.
427
| 22 يناير 2015
الفصول الأربعة والظواهر الطبيعية المرتبطة بها هي من سنن الله سبحانه، يجتهد الإنسان في التعايش معها ويحاول أن يكيّف نفسه ويتأقلم معها قدر الإمكان، بردا وحرا، ورياحا ومطرا وثلوجا..تعكس هذه الفصول نفسها على الحياة الاجتماعية وتفرض طقوسا وأجواء محببّة في العادة، وتترك في النفس ذكريات جميلة، ففي بلاد الشام على سبيل المثال يرتبط الشتاء الذي يكون شديد البرودة، ويشهد هطول الأمطار وتساقط الثلوج في العديد من المناطق، يرتبط بليالي السمر الجميلة، وأكل الكستناء مشوية حين يجتمع الساهرون حول المدفأة ويتلذذون بتقشيرها وتناول لبّها. وفي منطقة الخليج يرغب أهلها بالتخييم في البرّ بهذا الفصل، للاستمتاع بالهواء الطلق، بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخب المجمّعات التجارية، ويحيون الليالي بالسمر أمام النار التي يوقدونها وبالشواء.وعندما ينزل الثلج في الشام وغيرها تكون فرصة للصغار والكبار للاستمتاع بمنظره الأبيض النقيّ والتراشق به، ويفرح الصغار وهم يشاركون في تشكيل رجل الثلج وتزيينه وأخذ صور تذكارية إلى جانبه. ومن القصائد المحفوظة في ذاكرة الأجيال كونها كانت ضمن المناهج الدراسية لبعض الدول العربية قصيدة يتذكر فيها الشاعر اللبناني رشيد أيوب، من شعراء المهجر، موسم الثلج في لبنان، فيقول:يا ثلجُ قد هيّجتَ أشجاني ذكَرتني أهلي بلُبنَانِباللهِ عَنّي قُل لإخواني ما زالَ يرعى حرمةَ العهديا ثلجُ قد ذكّرتني الوادي مُتَنَصّتاً لِغَذيرِه الشّاديكم قد جَلَستُ بحضنه الهادي فَكأنّني في جَنّةِ الخُلدِ لكن يبدو أن الأزمات والأوضاع الاستثنائية المرتبطة بالحروب والكوارث تفرض واقعا مختلفا في هذه الفصول، وخاصة مع شدة البرد أو الحرّ، وبدلا من أن تكون الأمطار والثلوج موعدا للبهجة والراحة واستدعاء الذكريات الجميلة تكون مواسم للهمّ والتخوفّ وشدة المعاناة والقلق.ولعل هبوب العاصفة الثلجية "زينة" و"هدى" نهاية الأسبوع الماضي، وتصدر نشرات الأخبار لمعاناة اللاجئين والنازحين السوريين بالدرجة الأولى والفلسطينيين في غزة بالدرجة الثانية، والصور المؤلمة التي ترافقت معها جعلت أجيالنا الراهنة ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تتحدث بلغة أخرى غير لغة الحنين ولحظات الشوق واللهفة لبعض مظاهر الشتاء الماتعة. لقد أصبحت اللغة مختلفة، فثمة من يطلب من " زينة" و"هدى" ألا تطيلا الإقامة في ديارهم وتسرعا في الرحيل، رأفة بالضعفاء في المخيمات، ومنهم من استغرب أن تلصق الأسماء المؤنثة اللطيفة بالعواصف التي تحمل بين ثنايا أعطافها الموت والآلام والدموع. بل وصل الحد بأحد المغردين على حسابات "تويتر" للقول بروح فكاهية مغلّفة بالألم: "يا جماعة... زوّجوا هدى بسرعة عشان ما تعصف فينا". هبّت العاصفة الأخيرة فطغت صور الأطفال الذين قضوا بسبب البرد، ومنهم الطفلة النازحة إلى لبنان هبة عبد الغني (10 سنوات)، وصور الأطفال الذين يرتعشون بردا في أوحال المخيمات، على صور الأطفال الذين يشكّلون رجل الثلج أو يمرحون معا على بساطه الأبيض، وصرنا نسمع عن رجل يكسّر أثاث منزله ليجعل منه حطبا يتدفّأ به نظرا لندرة الوقود أو اختفائه، ونقص مصادر الطاقة الأخرى كالكهرباء، وأطفال ماتوا بسبب اشتعال خيامهم بسبب نار المواقد التي أضرمت داخلها.وحتى يبقى الشتاء جميلا في أذهان أطفالنا وأجيالنا ومجتمعاتنا، يجب أن نقف إلى جانب أصحاب الحاجات والعوز فنقدّم له المعونات الإضافية من ملابس شتوية واحتياجات التدفئة من مدافئ ووقود، ويصبح هذا المطلب أكثر إلحاحا في الأوضاع الاستثنائية كما حال بالنسبة للاجئين والنازحين السوريين.وحتى يكون الأمر أكثر فعالية وتأثيرا، فإنّ على منظمات المجتمع المدني والمحسنين والجمعيات الخيرية والمبادرات التطوعية أن تتحرك قبل فصل الشتاء بفترة كافية، باعتبار أن موعده محدد سنويا، وذلك حتى تضمن وصول مساعداتها في الوقت المطلوب، وليس بعد فوات الأوان، وألاّ ترتبط ثقافة المتبرعين والمؤسسات الخيرية بالتبرع لحظة وقوع الكوارث، والانفعال الآني لحظة التأثر فقط. رغم أنّ أكثر من موسم للشتاء مرّ على النازحين واللاجئين السوريين فإنّه لا تزال نسبة منهم تسكن الخيام وليس الكرافانات (الكبائن)، وهو ما يضاعف معاناتهم، ولعل التفات كثير من المؤسسات الخليجية لتوفير هذه الكبائن في العام الماضي والحالي يحسب لها، ومن خلال زيارتي لمخيم الزعتري بالأردن العام الماضي ظهر أن نسبة كبيرة من المأوى فيه قد تحوّلت من الخيام إلى الكبائن.ثمة احتياجات أخرى ترتبط بمواجهة الشتاء لابد من أن تؤخذ بعين الاعتبار حتى يكون الشتاء يسيرا على المنكوبين من أبناء الشعب السوري التي اضطرتهم الظروف لترك بيوتهم وديارهم، كالدواء والغذاء أيضا.اللهم لا تجمع على السوريين ـ ومن هم على شاكلتهم ـ عسرين، عسر التشرد وعسر الكوارث الطبيعية المرتبطة بالشتاء أو غيره من الفصول.
1079
| 15 يناير 2015
للإعلام دور مهمّ في تعزيز اللغة العربية لدى الأطفال والناشئة والشباب، سواء تمّ ذلك من خلال الصحف والمجلات أو المواقع الإلكترونية أو الإذاعة والتلفزة.يدفعني للحديث عن هذا الموضوع التجهيز الجاري للنسخة العربية الجديدة من برنامج الأطفال الأشهر: "افتح يا سمسم"، حيث يتوقع بثه بحلّته الجديدة في النصف الثاني للعام الحالي، بعد توقف دام لأكثر من ثلاثة عقود، ويضاف إلى ذلك حدث آخر على مستوى دولة قطر تمثل في تدشين فعاليات الضاد من قبل الحي الثقافي "كتار" للعام 2015، كبرنامج متكامل من ضمنه مجلة للناشئة باسم "الضاد". في الأسبوع الماضي عرّجت على الموضوع بشكل موجز جدا ضمن مقال عن استعادة المكانة اللائقة للغة العربية في حياتنا، بالنظر إلى أن اللغة العربية لا تزال تشكو من تقصير أبنائها تجاهها على أكثر من صعيد، رغم أنها مكوّن مهمّ لهويّتهم الثقافية وشخصيتهم الحضارية. التعزيز الذي يمكن لأجهزة الإعلام ومن في حكمها كشبكات التواصل الاجتماعي الاشتغال عليه في ما يخص لغتنا العربية الشريفة يتعلق بجوانب متعددة:ـ التمكّن من الفصحى قراءة وكتابة وتحدثا، ويتضمن ذلك تذوق السماع، والنطق بشكل صحيح، سواء لجهة التشكيل أو مخارج الحروف، وإجادة الكتابة سواء لجهة الصياغة الصحيحة بعيدا عن الركاكة، والسليمة من الأخطاء النحوية والإملائية. ـ تذوّق اللغة العربية وجمالياتها المختلفة، وهي مصاحبة وتالية لإجادة العربية نطقا وقراءة وكتابة، وتؤدي إلى عشق اللغة والتعلق بها والتلذّذ بها، وتقود إلى الكتابة الإبداعية وحبّ القراءة والمطالعة بلسانها، والتبحر فيها بصورة أكبر، والاعتزاز والافتخار بها.ولعلّ من هم اليوم آباء يتذكّرون كم كان أثر برنامج "افتح يا سمسم" عليهم كبيرا في طفولتهم (سن الطفولة المبكرة)، حيث تختزن ذاكرتهم عددا من المواقف الطريفة التي يزخر بها هذا العمل، فيما يردد كل منهم أغنية البرنامج الشهيرة، ونشيد أحرف الهجاء التي حفظ معظمهم حروف اللغة العربية بفضلها، وباختصار فقد جعل البرنامج من العالم العربي شارعا في قرية يقطنه كل طفل وطفلة من أبناء الوطن من المحيط إلى الخليج.ونفس الشيء يقال عن برنامج "مناهل" الذي عرض على التلفزيون الأردني وتوقف أيضا مع الأسف الشديد، كما يمكن أن يقال عن بعض برامج ومسلسلات قناة "ج" للأطفال في قطر. هذه البرامج وهذه القنوات لها دور كبير في تعزيز اللغة لدى الأجيال الصاعدة، بشكل مباشر أو غير مباشر، بناء على المحورين السابقين، ولكن يظلّ ذلك نادرا جدا وسط كمّ كبير من الغثاء الذي يقدّم عبر وسائل إعلام للأطفال أو تهتم بهم. بين لغة محكية "عامية" أو لغة عربية مكسّرة ركيكة بسبب ضعف القائمين على هذه البرامج والمجلات باللغة العربية، بقواعد اللغة وعدم تمكنهم من التعاطي السليم معها أو تذوقها، أو مترجمة بصورة غير لائقة، فضلا عن ضعف المضمون. لا تكفي الغيرة على العربية من بعض القائمين على مجلات الأطفال ووسائل الإعلام الموجّهة والمتصدرين للمشهد الثقافي لإصدار إنتاج إعلامي يكون مؤثرا في تعزيز العربية، بل لابدّ أن يراعي هذا الإنتاج جملة أمور، لعلّ أهمها: ـ أن يكون مندرجا تحت مظلة إستراتيجية لغوية يشترك في وضعها ممثلون عن وسائل الإعلام والتربية والتعليم وكتّاب الطفل والمجامع اللغوية والجامعات، بحيث تكون طويلة الأمد لتزويد الطفل بزاده اللغوي الذي يزيد انتماءه لحضارته وأمته.ـ توفير الكوادر المدّربة القادرة على القيام بأعباء العمل الإعلامي المبدِع المخصص للأطفال، مع الأخذ بعين الاعتبار، كفاءتهم اللغوية والأدبية.ـ اعتماد لغة وسطية جميلة وسلسلة تتجنب اللهجات المحكية الدارجة أو العربية الركيكة، كما تنأى بنفسها عن المفردات العربية المتقعرة التي قد تنفّر الطفل أو تشعره بالغربة عن لغته.ـ تجنب حصر الاهتمام باللغة العربية بالتراث القديم فقط والأساليب المباشرة (مثل قل ولا تقل، والتعريف بكتب اللغة وعلمائها الأقدمين)، بل لابد من ربطها بالحاضر المعاش، كمعالجة سبب عزوف الناشئة عنها وعن استخدامها في الأجهزة الذكية وشبكات التواصل أو أثناء الأحاديث الشفهوية. ـ تقديم البرامج والمواد التي تعنى باللغة (المباشرة أو غير المباشرة منها)، وتذوقها بأساليب جذابة ومشوقة، واختيار أفضل أساليب وطرق العرض والمعالجة عند إنتاجها وتصميمها، وإنتاج قصص ومواد تعنى بثراء القاموس اللغوي للطفل والشاب، وتحبيبه بجماليات لغتنا العربية. إن لغتنا، اللغة العربية، تقبع في مأزق خطير، وتعاني غربة بين ناشئتها وشبابها، لما تعانيه من الإهمال والتقصير، لذا لابدّ أن تولي أجهزة الإعلام والصحافة المطبوعة والإلكترونية، وخصوصا ما كان منها مختصا بعوالم الطفولة والشباب، اهتماما كبيرا بها، وعليها أن تتذكر أن كثيرا من الأفكار الجميلة إذا لم نحسن تقديمها ومعالجتها تفقد بريقها وجاذبيتها، ولا تحقق الأهداف التي وضعت من أجلها، وبالتالي تنعدم أو تتضاءل فرص تأثيرها.
917
| 08 يناير 2015
مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
3582
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...
2160
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
2076
| 04 نوفمبر 2025
من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...
1281
| 04 نوفمبر 2025
تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...
936
| 04 نوفمبر 2025
أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...
924
| 05 نوفمبر 2025
مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...
888
| 05 نوفمبر 2025
تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...
876
| 03 نوفمبر 2025
ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...
843
| 02 نوفمبر 2025
ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...
711
| 06 نوفمبر 2025
تتهيأ الساحة العراقية لانتخابات تشريعية جديدة يوم 11/11/2025،...
696
| 04 نوفمبر 2025
لفت انتباهي مؤخرًا فيديو عن طريقة التعليم في...
675
| 05 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية