رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

"كلمة السر.. الحرب على الإرهاب"

قال أحدهم إن المالكي نجح في التأثير على مواقف أمريكا وجذبها لتؤيده وتدعمه في حربه ضد أهل الأنبار، بعد أن رفع شعار الحرب الإرهاب.. انتهت النكتة، ومرارة النكتة، إن حال أمريكا صار مذريا بائسا تحركها أصابع هنا وهناك،عند بعض الإعلاميين، حتى صار المالكي صاحب قدرة على تحريكها وتغيير مواقفها وجذبها لموقفه في الحرب على شعب العراق.عند هؤلاء الإعلاميين، صارت أمريكا دولة تديرها وتحرك سياستها إسرائيل، ولا حول لها ومؤسساتها ولا قوة بفعل سيطرة اللوبي الصهيوني على إستراتيجياتها وسياستها، وهى دولة غير قادرة على قصف وإطاحة بشار الأسد لأنه ممانع وقوي وجبار، وحين تجرا رئيسها باراك أوباما – المسكين وفق هذا الوصف - وورط نفسه وبلده في إعلان تحريك السفن والاستعداد لقصف محدود ومحدد لقوات بشار، صار أوباما يبحث عمن ينقذه من بشار الوحش الكاسر الذي يقف خلفه الإيراني ذو القوة الديناصورية المرعبة، وهنا ظهر المخلص بوتين الذي بالكاد أقنع بشار بالعفو عن أوباما المسكين.كان بشار كريما حين نزع أسلحة بلاده الكيماوية طواعية للتدمير، لإنقاذ سمعة أوباما، وأمريكا. وفق هذا الوصف، تدهور حال أمريكا في السيطرة على العراق إلى درجة التقاط بارقة الأمل التي لوح بها نوري المالكي حين رفع شعار الحرب على الإرهاب، وجدت طوق نجاة، فتلقفته شاكرة جميل المالكي الذي أنقذ سمعتها وأعاد لها هيبتها، فلبت مطالبه بإمداده بالسلاح وعرضت تدريب قواتها خارج العراق!بعض الناس تحلو لهم الحياة في الأوهام، أو هم يروجون للولايات المتحدة عبر خطة أشد خبثا –من خطة إظهارها بمظهر المعتدي المتجبر، التي جعلت العالم يكرهها - حين يظهرونها بمظهر المغلوب على أمره، إذ يقدمون خلطة عجيبة بين خطة الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها ومصالحها بلا حرب، وبين أنها لم تعد ذات قدرة.. نكتة المالكي المريرة، أراد مطلقوها أن يبرئوا ساحة الولايات المتحدة – بنفس الطريقة التي يجري تبرئتها من جرائم إسرائيل - فصار المالكي هو البطل الذكي الذي يعرف كيف يوجه القرار الأمريكي لتحقيق مصلحته أو أهدافه.وواقع الحال، أن الولايات المتحدة ضعفت قوتها وقدرتها ولم تعد مطلقة اليد في صناعة القرار الدولي، والحديث بغير ذلك انحراف في رؤية الواقع، غير أن الحديث عن أن الولايات المتحدة فقدت قدرتها وصارت ورقة في بحر يوجهها هذا أو ذاك، فهذا نمط من الخداع لا أكثر ولا أقل.والمالكي هو في بداية ونهاية المطاف لا يستطيع البقاء في موقعه ومكانه في حكم العراق ليوم واحد، إذا قررت الولايات المتحدة إطاحته، وهو في نهاية المطاف ليس إلا حاكما جرى تعيينه من قبل الولايات المتحدة وإيران باعتبارهما دولتي احتلال العراق، والمالكي لم يفعل شيئا بإعلانه الحرب على الإرهاب، سوى أنه يقاتل ضمن إطار مصالح الولايات المتحدة وضد نفس الطرف الذي ظلت تقاتله - هي - منذ لحظة احتلالها للعراق وحتى يوم مغادرة معظم قواتها لأرضه.والحكاية من أولها وآخرها أننا أمام محاولة لتغيير صورة الولايات المتحدة من صورة الدولة المعتدية والقاتلة والمعادية لمصالح الشعوب إلى دولة "نبيلة" تكافح الإرهاب وتدعم الديمقراطية، وأنها الدولة القوية التي يطلب الآخرون منها، في كل أنحاء العالم، أن تتدخل ضد الطغاة والقتلة من الحكام، لتستثمر هي تلك الوضعية لتحقق ما تراه في خدمة مصالحها.والأهم والأخطر أن الحرب على الإرهاب صارت كلمة السر في دعم أمريكا للطغاة.. هذا هو البديل الأمريكي لدعم الديكتاتوريات والانقلابات العسكرية وقتلة الشعوب في الوقت الراهن.. البديل الأمريكي لدعم الانقلابات العسكرية والديكتاتوريات، أن ترفع هي الحرب على الإرهاب، فيأتي الدعم والتأييد تحت هذا "البند". كلمة السر هي: "إذا أردت أن تبقى ديكتاتورًا وأن تقتل وتقمع شعبك، وتلقى كل الرعاية والحماية الأمريكية، ما عليك إلا أن ترفع شعار الحرب على الإرهاب، وأن تصير وكيلا للولايات المتحدة في حربها على كل أشكال المقاومة لنفوذها واستغلالها، بذلك تصبح أمريكا "نبيلة وأخلاقية" وتحافظ على صورتها بل تغير ما لحق بها من كراهية.. فيما هي.. تظل.. كما هي"!!

1014

| 17 يناير 2014

ما بعد فشل الاغتيال المعنوي لمرسي

جاء تأجيل جلسة محاكمة الرئيس المصري المنتخب د. محمد مرسي، لتكشف عن مدى فشل خطة الاغتيال المعنوي للرجل، بل يمكن القول إن هذا التأجيل والطريقة التي جرى بها والأحداث التي شهدتها البلاد خلال يوم المحاكمة، كانت الإعلان بالفشل النهائي لتلك الخطة، حتى أن الكثيرين باتوا يتحدثون عن سيناريو آخر ما بعد فشلها أو عن الخطة "بى"، التي يجرى خلالها اغتيال الرئيس وإنهاء حياته – لا سمعته - للخلاص من مأزق صموده والانتقال إلى محطة ومرحلة مختلفة من الصراع الجاري في مصر منذ إطاحة الرئيس وعزله.لقد جرت وقائع خطة إعلامية وسياسية لاغتيال د. مرسي معنويا منذ الأيام الأولى لترشحه للرئاسة، إذ جرى إطلاق أوصاف متعددة تسم الرجل بالضعف وبعدم امتلاكه المؤهلات والقدرة على أداء مهام الحكم، وبأنه مرشح بالصدفة. وإذ لم تنجح تلك الخطط بوصول د. مرسي إلى موقع الرئاسة عبر صناديق الانتخاب – رغم انحياز الكثير من القوى التي دعمت الانقلاب من بعد إلى صف منافسه في المرحلة الثانية للانتخابات - جرت خطة شرسة لاغتيال الرجل معنويا – بالصعق على كرسي الحكم - وكان سر شراستها، أنها باتت تجرى ضد رئيس أصبح يتمتع بشرعية انتخابية وأن الرجل بات عنوانا للحدث في إدارة الحكم وأنه بدأ يحقق نجاحات ولو كان فاشلا لتركوه يسقط بالتقادم. لقد وجهت كل الاتهامات للرجل واستخدمت ضده أسوأ وأقذر أنواع الدعاية السوداء وإلى درجة لم تبلغها مثل تلك الدعاية قط. وهي خطة جرى تصميمها للاستفادة من اهتزاز ثقة المواطنين في موقع الرئيس الذي أهانه مبارك، ومن أجواء وظروف وارتباكات المرحلة الانتقالية – التي يفتقد فيها اليقين عند المواطنين - ومن أجواء وحالة فوضى الديمقراطية المستجدة على المجتمع.. الخ. وكان الأهم أن جرى الاستفادة من الدائرة المغلقة للإفشال التي نصبت للرئيس ووزرائه والأجهزة المنتخبة للدولة لتسعير الهجوم والاغتيال المعنوي للرئيس، تحت اتهامات بالفشل في تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين.غير أن الوصول إلى ذروة الحدث بإقصاء الرئيس، كان كاشفا لكثير من الدعايات السوداء التي أثيرت ضد الرئيس. لقد أصبح الحكم الجديد في مواجهة ذات المشكلات الضخمة التي كانت تواجه حكم مرسي، بما جعل المواطنين يقارنون بين ما كان يقال لهم في الدعاية السوداء وما لا ينجز فعلا على الأرض، كما أن صمود الرئيس قد أنهى جانبا كبيرا من الدعايات التي أثيرت ضد شخصه فطهر الرجل قويا صامدا ومحتسبا، بما غير انطباعات بعض المتأثرين بالدعاية ضده حين أدركوا أن الرجل حاول بكل الطرق والأساليب تحاشي انفجار صراع يضر بمصالح المجتمع والدولة. وكان لصمود المؤيدين للرئيس والديمقراطية وتراجع بعض القوى والتيارات والجماعات السياسية عن مواقفها ضد مرسي، أثره هو الآخر في اهتزاز قناعات من تأثروا بتلك الدعاية السوداء، بل إن الرئيس بدا لمؤيديه ولكثير من الذين عارضوه خلال حكمه بطلا قوميا وإنسانيا وحاكما عادلا وصابرا بعد ما رأوا سلوك الحكم الانقلابي في مواجهة المتظاهرين من كل التيارات والفئات.حتى جاءت المحاكمات لتظهر انقلاب الصورة ومدى الخوف من الرئيس المحبوس، إذ حيل بينه والإعلام والمحاكمة العلنية في الجلسة الأولى، وجاءت الجلسة الثانية لتشهد إلغاء وتأجيلا بطريقة مرتبكة، بما حول دفة الحالة وقلب الصورة لتهتز صورة خصومه.تلك الحالة في وضعيتها الأخيرة وبعد انقلاب الصورة دفعت الكثيرين للتحذير من مؤامرة على حياة الرئيس. هناك من يرى أن من أطاح بالرئيس وحاول اغتياله معنويا ويحاكمه بتهم ملفقة وقتل كل هذا العدد من داعميه،ليس مستبعدا أن يقتل الرئيس. لكن هناك من يقول إن ارتكاب هذا الجرم سيكون قد اتخذ قرارا بتفجير البلاد وفتح الصراع فيها على المجهول.ولله الأمر من قبل ومن بعد.

1081

| 10 يناير 2014

العراق اليتيم !

وكأن العراق ليس عربيا،وكأنه تحرك من مكانه ولم يعد البوابة الشرقية ولا قلب الأسد في الصراعات مع إسرائيل،وكأن من فيه من البشر هم زيادة عدد على بقية سكان المنطقة من العرب،وكأن الإبادة والقتل والتفجير وتغيير هوية كل هذا الوطن، لا تنطبق عليها قوانين وقواعد حقوق الإنسان ولا حق العربي على العربي.وكأن ما يجري هناك للبشر وعلى الأرض أمر يخص مافيه لا يغير ولا يؤثر على بقية العرب وفي الإقليم وعلى الصعيد الدولي،فيما الأمة تعيش أشد حالات اختلال التوازن بعدما غيب العراق.وإذ يثور العراقيون على ما آل إليه حال بلادهم المعذب والجريح بكل ما لم يحدث في التاريخ الإنساني من كثافة القتل والتهجير والإعدام والقصف بالنووي إلى حد الإبادة،فكثير الإعلام لا يرى ولا ينقل حقائق ما يجري في تلك الثورة ولا البشائع التي يرتكبها المالكي وميليشيات القتل الإيرانية،بل يظل يتعامل مع ما يجري وكأنه مجرد أحداث أمنية، وكأن ثمة قلوب وعقول ختم عليها بالصمم.وإذ يمكن للمتابع أن يفهم –دون أن يتفهم - أسباب ترك المقاومة العراقية في مواجهة قوات الاحتلال الأمريكي وحيدة من كل غطاء عربي أو دولي،بحكم الخوف المستشري بين حكام الإقليم وفي الخارج،من جبروت وإرهاب الأمريكان وبسبب السطوة الأمريكية على الإعلام، فالعقل يحتار في أسباب عدم المتابعة الإعلامية لما جرى من حراك شعبي سلمي وطني في العراق لمدة عام تحت القتل والقصف من ميليشيات المالكي. هذا الإعلام يتابع حادثا فرديا في أمريكا بالساعات ولا يتابع مذبحة إبادة لشعب كامل على مدار سنوات.والأدهى والأمر أن سياسة البعض في الخليج لا تزال متمترسة عند هدف وسياسة التعويل على الأمريكان والغربيين لتعديل التوازنات – أو لضبطها-مع إيران،بينما الثورة العراقية هي الأقدر على إعادة ضبط الميزان بل واتقاء المخاطر ومواجهة وتشتيت الريح العاتية التي بدأت تهب على دول الإقليم ما بعد الاتفاق الأمريكي الغربي مع إيران على تقسيم المصالح والنفوذ مع إيران في العالم العربي.أليست أمورا محيرة؟ وإلى متى يظل العراق يتيما لا سند له وهو ساند من ساند وقدم ما لم يقدمه الكثيرون دفاعا عن الأمة سياستها وبقائها؟ هل لا يزال هناك من لم يتعلم أن التضحية بالعراق أضرت مصالح واستقرار بل بوجود الجميع منا؟ ألم يكن إخراج العراق من معادلة التوازنات الإقليمية،سواء في مواجهة إسرائيل أو إيران،هو ما جلب على بلدان الأمة كل تلك المخاطر الوجودية الراهنة؟ ألم يكن هذا الخلل في التوازن هو ما سمح بانتقال النفوذ والدور الإيراني إلى دول عربية كثيرة،وهو ما حقق –إذ جاء بعد خروج مصر من معادلة التوازن قبلها - تفوقا إسرائيليا حاسما بين دول الإقليم؟الأمر الآن صار واضحا وقاطعا ولو حتى بحكم المصالح المباشرة وليس على صعيد الثوابت والمبادئ فقط. لا يجب أن يبقى العراق يتيما من كل عون ودعم عربي إعلاميا كان أو ماديا، فهناك تجري ثورة تستطيع وحدها إعادة تغيير التوازنات في الإقليم كله. والأخطر أن الإيراني والأمريكي والإسرائيلي الذين تحالفوا لإيصال العراق إلى ما وصل إليه، ويخوضون الآن أشرس معركة ضد العراق وأهله، فإن حسم الأمر لمصلحتهم لا قدر الله، فهم يحسمون المعركة في الإقليم كله، ليصبح الكيان العربي مجرد مجموعات سكانية لا مكان ولا قدر ولا حساب ولا دور ولا مصالح ولا نفوذ ولا استقرار لها، وهم من بعد سيتقدمون ليحسموا الأمور المعلقة في سوريا، ولن يتوقفوا حتى يحسموا الأمور في القضية الفلسطينية!إلى متى يبقى العراق يتيما ونحن أحوج له عزا وقوة وصمودا ومقاومة وانتصارا. نحن الأحوج إلى العراق ونصره.

1135

| 03 يناير 2014

تصنيع وإشعال الحرب الأهلية.. في مصر

لعل الحديث الآن أكثر قربا إلى عقول من اعتبروا أن لا فرصة لوقوع الحرب الأهلية في مصر، وأن التنبيه لمخاطر واحتمالات اندلاعها مجرد تخوفات لا مبرر حقيقيا لها. وأهم ما يمكن قوله الآن وسط الأحداث المتلاحقة، هو أن نماذج الحرب الأهلية متنوعة بلا حدود وأن إحدى مشكلات إنكار وجودها في مصر راجع إلى حالة تمترس عند أنماط كلاسيكية جرت من تلك الحرب، والقياس عليها، فضلا عن أن البعض منا يحاول الهروب من مواجهة الوقائع الضاغطة على الأرض أو التي تدك الرأس دكا، بالعودة إلى محددات وثوابت تعرضت أمامه للاهتزاز ويرفض أن يراها محطمة أمامه. الساحة المصرية تعج الآن بالتصريحات العنفية والأعمال الإرهابية – على تنوع مصادرها وأطرافها- وبمشاهد الفوضى المصنعة والمدفوعة للجمهور العام للاحتذاء بها وتقليدها بما هو أسوأ، فضلا عن توسع غير مسبوق في إطلاق يد القتلة المأجورين في سفك دماء الآخرين لقاء المال أو حتى لقاء التغاضي عن جرائم أخرى يرتكبونها تجاه أفراد المجتمع كالسرقة بالإكراه وممارسة أعمال البلطجة كمصدر للحصول على المال، في أغرب تحالف مصالح تشهده المجتمعات. ما يجري أمام أعيننا في مصر ليس إلا حدث متصاعد في وقائعه بهدف إشعال نمط مصنع من الحرب الأهلية، نمط خاص - وإن كان قريب الشبه بما يجري الآن في الإقليم - يقوم على حشد، يشمل القوة العنفية للدولة بعناصرها وقدراتها التنظيمية والتسليحية والمالية الإعلامية، مع بعض الأقليات السياسية التي لا أمل لها في الوصول للسلطة عبر الصناديق، والفئات الاجتماعية من رجال الأعمال الفاسدين الذين يجمعون الثروات عبر صلاتهم واختراقهم لمؤسسات الدولة بالفساد، والأقليات الدينية – التي يجري حشدها بالإكراه وتحت وقائع تخويف مصنعة لإرهابها- ومجموعات غير نظامية أقرب إلى الميلشيات غير الهرمية التسلسل. كل هذا التحالف يدخل في مواجهة حالة ثورية في الشارع، مستخدما كل وسائل العنف لهزيمة الإرادة الشعبية التي تتفاعل في المواجهة على طريقتها. لقد جرت عملية مخططة لشق الصفوف السياسية والفكرية والقيمية والنفسية في داخل النخبة المصرية وعبرها جرى اختراق قطاعات من المجتمع، حتى حدثت حالة تخندق وانقسام بين معسكرين لا مرور بينهما أبدا، بسبب ما جرى قصدا من نسف كل جسور التواصل، عبر الإلحاح على الكراهية المطلقة بين طرفين في المجتمع. بعدها جرى الإلحاح والتأكيد على صناعة صورة ذهنية عن الطرف الآخر الممثل للإرادة والشرعية الجماهيرية، جعلت منه كائنا شيطانيا يقتل غيره ويقتل نفسه، وكل ذلك لتبرير مواجهته بالسلاح، وهو ما جرى بالفعل تحت ظلال تغطية الطرف السياسي والمجتمعي المساند والمتأثر. والآن نعيش حالة أخرى يجري فيها الحديث والممارسة القاطعة للعنف الرسمي النظامي والميلشياوي والإعلامي والسياسي في شكل حرب المطاردة الشاملة. لقد شهدت مصر أعمالا من البلطجة والقتل خلال وما بعد ثورة يناير، وشهدت قتلا وترويعا خلال فض التظاهرات والاعتصامات، لكن الأمور ظلت عند حدود لا دعوة فيها للعنف والمواجهة الشاملة بالسلاح، بل كان يجري الاختباء حول أخطاء الطرف الآخر لتبرير أعمال القتل. الآن تغيرت الأمور، لقد شهدنا رجل أعمال يخرج على الإعلام ليهدد بالمواجهة العنيفة من خارج الأطر النظامية للدولة – الجيش والشرطة – وهو بذلك اتهم الجيش والشرطة بالضعف وعدم القدرة حين حدد أعداد المتظاهرين بـ300 و400 متظاهر. هو اتهم الجيش والشرطة بعدم القدرة وبذلك فتح الطريق للمواجهة المجتمعية بالسلاح وهو أمر لا يمكن أن يجري إلا عبر مجموعات تقوم بهذا الفعل قد تكون أقرب إلى صحوات العراق أو جيش الشبيحة في سوريا. ومن بعد شهدنا التفجير الإرهابي الذي جرى ضد مبنى مديرية الأمن في محافظة الدقهلية، وجاءت تبعاته خطرة وقد بدت خطواتها سابقة التجهيز. لقد جرى تصنيع مشاهد أذيعت على الرأي العام يجري خلالها حرق سيارات وتحطيم محتويات شقق واقتحام سلسلة المحلات التجارية، دون وجود للشرطة، وهو ما يعتبر صناعة لاحداث فعل أهلي عنفي يهدد بفوضى لا يمكن التحكم فيها، خاصة بعد إعلان جماعة الإخوان إرهابية ومطالبة من إعلاميين بإبادتها ومحو كل آثارها بما لا يجعلها تعاود الظهور قبل مئة عام. مرة ثانية وثالثة.. مصر تشهد تصنيعا لنمط من الحرب الأهلية.

492

| 27 ديسمبر 2013

تقييم الموقف الراهن في مصر

يمكن وصف المرحلة الراهنة من عمر الصراع الجاري في مصر،بمرحلة التطورات والتغييرات الكمية،التي تجرى خلالها أعمال الإعداد والاستعداد من طرفي الصراع لإحداث نقلة نوعية جديدة في التوازنات،وفي ذلك يعتبر الجميع أن يناير المقبل سيكون شهرا حاسما أو بوابة تغيير التوازنات بشكل حاسم أو مؤثر،وبداية لإحداث نقلة نوعية تغير طبيعة واتجاهات الصراع وقدرات الطرفين على استكمال مشوار كل منهما.هكذا ينظر إلى الاستفتاء على وثيقة لجنة الخمسين المعينة ما بعد انقلاب 3 يوليو (الدستور) وفاعليات الحشد الجماهيري المتوقع توسعها في ذكرى ثورة 25 يناير،باعتبارها تطورات ستنقل الصراع من مرحلة توازن القوى، إلى مرحلة قلب التوازنات وفتح الطريق لإحداث التغيير من جهة أو لتواصل وجود السلطة القائمة. الحالة الراهنة،وصل إليها طرفا الصراع بعد مشوار طويل مدته 6 أشهر.كانت البداية "المباشرة" مظاهرات 30 يونيو التي شكلت نقلة نوعية في الصراع الذي كان جاريا بطرق مباشرة وغير مباشرة قبلها.تلك المظاهرات شهدت احتشاد قوى متعددة،جمعها العداء للطرف الآخر،أكثر مما جمعها برنامج سياسي أو رؤية موحدة أو حتى متفق عليها،فكما كان الحشد الجماهيري متعددا ومتضادا أيضاً لا يجمعه إلا شعارات العداء للرئيس المنتخب،كان الحال بشأن الاتفاق السياسي.غير أن ما تلاها في بيان 3 يوليو،شكل بداية تغيير المواقف وتمايز الاتجاهات والمصالح في داخل تلك القوى،وهو ما تعزز من بعد مع دوران عجلة إدارة الحكم سواء ممارساته أو القوانين والتشريعات التي أصدرها،حتى وصل الحال حد نزول بعض المشاركين في مظاهرات في الشوارع ضد السلطة التي كانوا هم من فتحوا الطريق لتشكيلها،فردت عليهم بدورها بأدوات الحل الأمني.وصار عدد من هؤلاء القيادات خلف القضبان الآن.حدثت بداية تغيير التوازنات بهذا الانسلاخ وبفعل تغيير بعض القوى موقفها ووصفها ما جرى بالانقلاب العسكري. وعلى الطرف الآخر المناصر للشرعية والديمقراطية،كانت البداية حين جرت أعمال الحشد والتعبئة في ميداني رابعة العدوية بالقاهرة والنهضة بالجيزة قبل مظاهرات 30 يونيو لمواجهة تطورات الموقف،وحين صدر بيان 3 يوليو كان أنصار الشرعية في وضع الضاغط جماهيريا.وفي ذلك أصبح تحالف دعم الشرعية في موقع قيادة المواجهة المضادة والساعي إلى توسيع تحالفه السياسي والجماهيري على حساب الطرف الآخر. وهكذا جرت أحداث القتل أمام الحرس الجمهوري وخلال عمليات فض اعتصامي رابعة والنهضة لتغيير التوازنات بالقوة،فرد تحالف دعم الشرعية باعتماد استراتيجية الانتشار والتوسع وحشد القوى والأنصار الجدد وتوسيع وتعميم حالة الصمود،والاستمرار في عملية تغيير التوازنات الجارية حاليا،التي تنتظر النجاح في حال توسيع التحالف ليضم القوى التي انفصلت عن تحالف 30 يونيو،وتشكيل إطار جامع لكل الحركة المضادة للانقلاب أو للسلطة الجديدة،باعتباره أحد جوانب الاستعداد لتغيير التوازنات. السلطة القائمة تنظر لإقرار الدستور باعتباره يمثل نوعية لوضعية علاقاتها على الصعيد الخارجي، وبداية دوران عجلة تشكيل المجلس التشريعي وانتخاب الرئيس – بغض النظر عن إنفاذ آليات الديموقرطية - على الصعيد الداخلي، وهو ما تتصوره أساسا يمكنها من تفعيل مواجهة الطرف الآخر في الصراع على نحو أكثر كفاءة. وذكرى ثورة يناير ينظر لها المعارضون للانقلاب على أنها يوم للحدث الكبير ويوم بداية إطلاق حملة تغيير المعادلات الجماهيرية على الأرض،ويوم التأسيس العملي لتحالف سياسي واسع يعظم فعاليات المواجهة،كما يتصور أنه سيكون بداية زخم يحاكي ما جرى ضد نظام مبارك،أي يوم بداية اجتذاب أعداد واسعة من الجمهور العام. وفي كل الأحوال فالموقف الراهن تشير ملامحه العامة إلى توسع قدرة معارضي الانقلاب أفقيا، فيما تتقلص قدرات السلطة القائمة وتضعف علاقاتها بالجمهور العام وتضيق مساحة تمثيلها السياسي في المجتمع، ووسط النخب، وإن كانت تغير نمط مؤسسات حكمها ووجودها.

560

| 20 ديسمبر 2013

كيف أدار الأمريكان اللعبة؟!

لم يدرك الكثيرون مغزى ما قاله توني بلير في بداية ثورات الربيع العربي، من أن الغرب "سيدير التغييرات". كان تعبيره دقيقا للغاية ولم يكن إعلانا سياسيا أو إعلاميا على الطريقة العربية في التفاخر وإظهار ما ليس جديا. كان إعلانا عن خطة إستراتيجية.لقد جرت بالفعل عملية إدارة للتغيير في ثورات الربيع العربي، حدث خلالها "عكس" دورة التغيير من الثورة إلى الثورة المضادة، وكانت الأداة الرئيسية في أحداث هذا التحول هي حالة الفوضى المصنعة والمخططة والمبرمجة التي جرى إطلاقها في كل الدول التي شهدت التغيير، سواء تلك التي انحازت تجربتها إلى نموذج الحراك السلمي اللاعنفي (والفوضى تختلف عن التظاهر والفعل الثوري) أو تلك التي جرت وفق نموذج الفعل العسكري أو التي دفعت إليه تحت ضغط القمع والقتل الذي مارسته الأنظمة القديمة، إذ جرى دفع بعض الدفع داخل حراكها (رغم أنف الثوار) نحو نموذج الفوضى. جرت عملية متصاعدة لتشكيل مجموعات احترافية تتمتع بعوامل القوة والنفوذ والخبرة في إحداث حالة خطرة دائمة من الفوضى لإسقاط تجربة بناء نظم سياسية ديمقراطية مستقرة، في مهدها.تلك المجموعات المشكلة لإحداث الفوضى (المجموعات الشعبوية-والمجموعات المسلحة) لم ينحصر دورها في إحداث فوضى عدمية، بل كان لها دورها في إرهاق وإجهاد المجموعات والقوى المشاركة في إحداث التغيير المخطط وتفكيك صفوفها، والأخطر أن كان لها على الرأي العام، إذ استهدفت دفعه إلى الشعور بعدم جدوى الثورة ودفعه للتحول من تأييدها أو تأييد السلطات الجديدة إلى رفضها والحنين للعودة إلى النظم القديمة لاستعادة الأمن الاجتماعي ودوران عجلة الحياة التي كادت تتوقف، بل صار بعض من الرأي العام يتخوف من استمرار حالة الثورة بسبب التدهور الشامل في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، جراء الفوضى الحادثة.لكن الفوضى ومجموعاتها لم تكن هي وحدها "أداة" إدارة دورة التغيير للاتجاه العكسي، إذ كانت هناك مجموعات أخرى عديدة، متواطئة من داخل أجهزة الدولة القديمة (العميقة) التي كانت على صلة وثيقة (ثقافية ومصلحية) بالولايات المتحدة والغرب. تلك المجموعات صارت أشد شراسة بعد أن جاءت نتائج الثورات على حساب مصالحها (الطبيعية أو الفسادية أو التسلطية). هنا حدث تناغم في الأدوار أو اكتملت الحلقة من داخل وخارج السلطة، بما هيأ الفرصة لصاحب القرار الغربي لإدارة الحكم الجدد بالأزمة أو بالأزمات المتتالية لإفشاله ليعود إلى ذات الأوضاع التي كانت عليها النظم القديمة. تلك الأوضاع المصطنعة انتهت في بعض الدول إلى الانقلاب على الشعب والسلطات الجديدة.ولم تتوقف الإدارة الخارجية للتغيير ودفعه للاتجاه المعاكس، نحو الثورات المضادة، عند حدود دور ومجهود وقدرات "المجموعات الداخلية للثورة المضادة من داخل وخارج أجهزة الدولة القديمة"، بل جرى دفع وتطوير واستخدام إمكانات وجهود دول في الإقليم تتعارض مصالحها مع ما يجري، وتتطابق أهدافها مع الأهداف الغربية في السعي لوقف انتقال عدواه في الإقليم، بل جرت أعمال مخططه – الأغلب أنها كانت أعمال استخبارية- لتعزيز حالة الريبة والشك والخوف من تأثير تلك الثورات وقادتها وحركاتها، ودفع تلك الدول الخائفة وفتح الطريق أمامها للعب دور معاد ومضاد للتغييرات ولقوى الثورة.وقد رأينا في الحالة السورية كيف انتهت الصراعات الدولية إلى تعاون ينهك قوى الثورة ويغير اتجاهات الصراع من الثوري الوطني لإعادة بناء سوريا ديمقراطية مستقلة قوية إلى صراع طائفي وعرقي وجهوي، من خلال آليات متعددة أخطرها التزام الصمت على تدخل ميليشيات طائفية في الصراع مدعومة بنفوذ ودور وتمويل إيراني، رغم دورها الدموي الإرهابي ضد الشعب السوري.للأسف لم يكن كل ما يجري ممكنا في الانقلاب على ثورات الربيع إلا وفق الإدارة الغربية التي هيأت وخططت وفتحت المساحات ووحدت الجهود وجعلتها تحقق مصالحها. النظر بإمعان لما جرى ضد ربيع سوريا (والعراق) يقدم الصورة الكاملة لكل ما جرى ويجري في مختلف الدول الأخرى. كانت الحالة الصافية لوضوح المواقف الإقليمية والدولية المعادية لثورات الربيع وخطط إجهاضها في سوريا وفي الإقليم كله.

470

| 13 ديسمبر 2013

كيف أدار الأمريكان اللعبة؟!

لم يدرك الكثيرون مغزى ما قاله توني بلير في بداية ثورات الربيع العربي، من أن الغرب "سيدير التغييرات". كان تعبيره دقيقا للغاية ولم يكن إعلانا سياسيا أو إعلاميا على الطريقة العربية في التفاخر وإظهار ما ليس جديا. كان إعلانا عن خطة إستراتيجية.لقد جرت بالفعل عملية إدارة للتغيير في ثورات الربيع العربي، حدث خلالها "عكس" دورة التغيير من الثورة إلى الثورة المضادة، وكانت الأداة الرئيسية في أحداث هذا التحول هي حالة الفوضى المصنعة والمخططة والمبرمجة التي جرى إطلاقها في كل الدول التي شهدت التغيير، سواء تلك التي انحازت تجربتها إلى نموذج الحراك السلمي اللاعنفي (والفوضى تختلف عن التظاهر والفعل الثوري) أو تلك التي جرت وفق نموذج الفعل العسكري أو التي دفعت إليه تحت ضغط القمع والقتل الذي مارسته الأنظمة القديمة، إذ جرى دفع بعض الدفع داخل حراكها (رغم أنف الثوار) نحو نموذج الفوضى. جرت عملية متصاعدة لتشكيل مجموعات احترافية تتمتع بعوامل القوة والنفوذ والخبرة في إحداث حالة خطرة دائمة من الفوضى لإسقاط تجربة بناء نظم سياسية ديمقراطية مستقرة، في مهدها.تلك المجموعات المشكلة لإحداث الفوضى (المجموعات الشعبوية-والمجموعات المسلحة) لم ينحصر دورها في إحداث فوضى عدمية، بل كان لها دورها في إرهاق وإجهاد المجموعات والقوى المشاركة في إحداث التغيير المخطط وتفكيك صفوفها، والأخطر أن كان لها على الرأي العام، إذ استهدفت دفعه إلى الشعور بعدم جدوى الثورة ودفعه للتحول من تأييدها أو تأييد السلطات الجديدة إلى رفضها والحنين للعودة إلى النظم القديمة لاستعادة الأمن الاجتماعي ودوران عجلة الحياة التي كادت تتوقف، بل صار بعض من الرأي العام يتخوف من استمرار حالة الثورة بسبب التدهور الشامل في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، جراء الفوضى الحادثة.لكن الفوضى ومجموعاتها لم تكن هي وحدها "أداة" إدارة دورة التغيير للاتجاه العكسي، إذ كانت هناك مجموعات أخرى عديدة، متواطئة من داخل أجهزة الدولة القديمة (العميقة) التي كانت على صلة وثيقة (ثقافية ومصلحية) بالولايات المتحدة والغرب. تلك المجموعات صارت أشد شراسة بعد أن جاءت نتائج الثورات على حساب مصالحها (الطبيعية أو الفسادية أو التسلطية). هنا حدث تناغم في الأدوار أو اكتملت الحلقة من داخل وخارج السلطة، بما هيأ الفرصة لصاحب القرار الغربي لإدارة الحكم الجدد بالأزمة أو بالأزمات المتتالية لإفشاله ليعود إلى ذات الأوضاع التي كانت عليها النظم القديمة. تلك الأوضاع المصطنعة انتهت في بعض الدول إلى الانقلاب على الشعب والسلطات الجديدة.ولم تتوقف الإدارة الخارجية للتغيير ودفعه للاتجاه المعاكس، نحو الثورات المضادة، عند حدود دور ومجهود وقدرات "المجموعات الداخلية للثورة المضادة من داخل وخارج أجهزة الدولة القديمة"، بل جرى دفع وتطوير واستخدام إمكانات وجهود دول في الإقليم تتعارض مصالحها مع ما يجري، وتتطابق أهدافها مع الأهداف الغربية في السعي لوقف انتقال عدواه في الإقليم، بل جرت أعمال مخططه – الأغلب أنها كانت أعمال استخبارية- لتعزيز حالة الريبة والشك والخوف من تأثير تلك الثورات وقادتها وحركاتها، ودفع تلك الدول الخائفة وفتح الطريق أمامها للعب دور معاد ومضاد للتغييرات ولقوى الثورة.وقد رأينا في الحالة السورية كيف انتهت الصراعات الدولية إلى تعاون ينهك قوى الثورة ويغير اتجاهات الصراع من الثوري الوطني لإعادة بناء سوريا ديمقراطية مستقلة قوية إلى صراع طائفي وعرقي وجهوي، من خلال آليات متعددة أخطرها التزام الصمت على تدخل ميليشيات طائفية في الصراع مدعومة بنفوذ ودور وتمويل إيراني، رغم دورها الدموي الإرهابي ضد الشعب السوري.للأسف لم يكن كل ما يجري ممكنا في الانقلاب على ثورات الربيع إلا وفق الإدارة الغربية التي هيأت وخططت وفتحت المساحات ووحدت الجهود وجعلتها تحقق مصالحها. النظر بإمعان لما جرى ضد ربيع سوريا (والعراق) يقدم الصورة الكاملة لكل ما جرى ويجري في مختلف الدول الأخرى. كانت الحالة الصافية لوضوح المواقف الإقليمية والدولية المعادية لثورات الربيع وخطط إجهاضها في سوريا وفي الإقليم كله.

405

| 13 ديسمبر 2013

"الميليشياوية" .. بدلا من الحزبية !

تتدحرج الأوضاع السياسية في كثير من بلدان العالم العربي من حالة الصراعات الحزبية والنقابية ومن وضعية الخلاف بين المجموعات النشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ،إلى حالة صراع ميليشياوية بعد أن تحول الكثيرون إلى النمط الميليشياوى في التفكير والسياسة والتنظيم والإعلام ،وهو ما ينبئ بتصعيد أعلى ينقل الخلافات إلى حالة النزاعات المدمرة. الصراعات الجارية في كثير من بلدان الربيع العربي ،لم تعد حالة من حالات "الصراعات الديمقراطية أو الانتخابية أو حالات من الخلاف والحوار السياسي أو الإعلامي تحل بالعودة أو بالاحتكام إلى الشعوب عبر الآليات الديمقراطية .المجموعات والأحزاب صارت متعادية لا مختلفة فقط ،وأصبح نمط عقلياتها وممارساتها تتدحرج بإصرار نحو النمط الميليشياوي ،حتى صرنا نرى بأعيننا أعقد حالات الظاهرة الميليشياوية ممثلة في تشكيل طغمة أو مجموعه من الشخصيات داخل كل تنظيم ، تمسك بأيديها كل شيء وتحيط نفسها بزرافات من الأتباع والمنتفعين تستمد منهم قوتها وسطوتها وسيطرتها وتحارب بهم كل من حولها داخل أو خارج تنظيمها.صارت هناك مصالح خاصة لتلك الطغمة من عدم الوصول إلى حلول وسط ،وصارت تتمترس عند تصعيد الصراعات وديمومتها. لقد رأينا في حالات كثيرة كيف انسلخت قيادات وأحزاب وجماعات من فكرة الاحتكام للشعب والعمل من أجل تحقيق حالة تداول السلطة في المجتمع عبر صناديق الانتخابات ،وكيف صارت تعمل جاهدة لإثارة الكراهية – وليس الاختلاف في الرأي أو المصالح - بين أنصارها والآخرين وإلى درجة الحض على القتل ، وكيف أخرج بعض الأطراف خصومه من النسيج الوطني، وبات يستخدم الإعلام لتجييش الشارع والدفع للمواجهة مع هؤلاء الخصوم –وبعضهم كان في تحالف سياسي وانتخابي معهم من قبل - باعتبارهم خونة . لقد جرت تحولات لدى كثيرين ،من تبني فكرة الحرية والديمقراطية–بعد نضال أو حديث طويل عنها -إلى تبني أفكار الحسم في الشارع أو بالشارع بقوة الشارع ،وصارت بعض القيادات متلبسة بجرم الترويج العلني لحالات التعصب الأعمى والحض على الاقتتال،والأدهى والأمر أن نمط العقليات الميليشياوية لم يعد محصورا في هذا النمط الشعبوي فحسب ،بل صار هناك من يدير الدول ومؤسساتها بتلك العقلية الميليشاوية .بعض المسؤولين تحول من النظرة الوطنية لأجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والسياسية إلى نظرة ميليشاوية تدير مختلف أجهزة الدولة لحساب جماعته أو طائفته أو زمرته أو طغمته دون مراعاة لأي مصلحة وطنية. ما يجري هو عملية مبرمجة مخططة لإخراج بقية ثورات الربيع عن مسارها الحقيقي السلمي الذي جعل منها ربيعا ،وهو خطة إستراتيجية تستهدف منع دولنا من التقدم والتطور في نظمها السياسية .وهو قطع للطريق على إمكانية أن تصبح دولا ديمقراطية حقيقية.ما نشاهده جليا ليس أمرا عفويا وليس حالة تستهدف دول الربيع وحدها بل هي حالة يجري تعميمها في دول الإقليم جميعها .هذا نمط من تطبيقات الفوضى الخلاقة أو الهلاكة والفتاكة ،الذي يقوم على تعميق حالة ووضعية العقلية والممارسة الميليشياوية ،فلا تقوم للديمقراطية قائمة ..أبدا. الحالة الميليشاوية بدأت تستشري ،وإذا كان البعض لا يدرك مخاطرها الآن ومستقبلا مكتفيا بالإشارة إلى قلة أعداد من يسقط من ضحايا ، فهو لا يدرك مخاطر استمرار تأثيرات تلك الحالة على تماسك المجتمعات وعلى أجهزة الدول التي تتعرض الآن لتحولات هائلة خطرة .وهو لا يدرك أن كثيرا من البلاد العربية دخلت بداية نفق الفوضى . الحالة الميليشاوية تشق طريقها عبر كثرة من أجهزة الإعلام التي ركزت أهدافها ودورها في وضع عصابة على أعين المواطنين ،لكي لا يروا حقيقة ما يجري.بعض أجهزة الإعلام باتت أقرب إلى ممارسات الصحافة الصفراء في متابعة الأخبار ،ولممارسات الدعاية النازية في الكذب على الشعب وتجييشه .ولا هم ولا دور لها إلا مطاردة الخصوم وتحويلهم إلى أعداء داخل الوطن.

649

| 06 ديسمبر 2013

الميليشيات :جوهر الاستراتيجية الإيرانية

بدأت عملية التغيير في الإقليم العربي مع مطلع الألفية الثانية،بإنفاذ الاستراتيجية الأمريكية المعتمدة لإحداث التغيير باستخدام الجيش الأمريكي وشن الاعتداءات العسكرية وأعمال الاحتلال،وكانت البداية من العراق - التي جاءت تالية لأفغانستان - غير أن المقاومة الوطنية العراقية استطاعت تكسير تلك الاستراتيجية وإنهاكها،بما أدى لسحب القوات الأمريكية من العراق ووقف زحفها إلى دول أخرى. وبعد عشر سنوات ظهر المكافئ الشعبي للتغيير،فجاء مضادا لنمط الاستراتيجية الأمريكية،إذ اعتمد استراتيجية الفعل الشعبي والنمط اللاعنفي للتغيير من داخل المجتمعات لا من خارجها وعبر الحشود الشعبية في الشوارع لا عبر القوة العسكرية،وكانت البداية من تونس التي زحفت منها فكرة التغيير اللاعنفي إلى مصر واليمن وليبيا وسوريا،وكان ما كان في كل تجربة. وإذ جرى التركيز على الاستراتيجية الأمريكية ومن بعد على استراتيجية التغيير الشعبي في مرحلة الربيع العربي،لتغيير النظم العربية - التي اعتمدت استراتيجية الصراع من أجل البقاء -فواقع الحال أن ثمة استراتيجية ثالثة كانت تجري وما تزال، هي استراتيجية التغيير التي اعتمدتها إيران، وجوهرها وكلمة السر فيها هي: تشكيل الميليشيات،إذ ما من نقطة وصل إليها النفوذ والدور الإيراني في العالم العربي إلا وكانت القضية المحورية هي تشكيل ميليشيا عسكرية. حدث ذلك في لبنان والعراق وسوريا واليمن،وما خفي كان أخطر. لم تطرح إيران والجماعات الموالية لها فكرة أو مشروع للتغيير الذي يعيد تشكيل النظم السياسية للدول،بل ظهرت بشكل دائم في وضع الباحث والمدافع عن مصلحة طائفية ومن يجيش نفسه للمواجهة مع الدولة والآخر في المجتمع،وهو وضع يختلف عن الاستراتيجية الأمريكية للتغيير من الخارج وعن استراتيجية التغيير الشعبي اللاعنفي.وإذ لم تكن مصادفة أن تبدأ حركة تصعيد استراتيجية تشكيل ونشر الميليشيات من العراق،بحكم وجود ميليشيات جاهزة للدخول إلى الأراضي العراقية بعد الغزو والاحتلال الأمريكي،غير أن الأمر تخطى الحالة العراقية وظهر كاستراتيجية إيرانية شاملة. بدأت تجربة حزب الله في حالة ميليشيا طائفية "مغلقة" للقيام بدور استراتيجي لمواجهة إسرائيل،إذ لم يطرح حزب الله ولم يشكل اختراقا في الأزمة الوطنية المجتمعية في لبنان،وقد انتهى الأمر به إلى سلوك طائفي،حين ذهب بقواته للقتال في صف حاكم يقتل شعبه الذي ينشد إنهاء حكم ديكتاتوري وطائفي. لكن الاستراتيجية الإيرانية في نشر الميليشيات، جاءت واضحة أكثر – أو بلا غطاء - انطلاقا من العراق،لتنتشر من هناك باتجاه سوريا في دورها ونشاطها المباشر ولتصبح أداة إيرانية في تهديد الدول الأخرى (الكويت في فترة والسعودية مؤخرا)، كما ظهرت جلية في اليمن،في حالة الحوتيين الذين شكلوا ظاهرة انشقاقية في المجتمع اليمني وباستخدام السلاح..الخ. لقد أصبح عدد الميليشيات المرتبطة بإيران في العراق نحو 14 ميليشيا، وهي الآن تقاتل علنا في سوريا في صف قوات بشار متساندة مع حزب الله ومجموعات أخرى قادمة من اليمن وبعض دول الخليج،وهو ما يجعل الأحداث الجارية في سوريا نذير خطر كبير على دول كثيرة في الإقليم. لقد توسعت الاستراتيجية الإيرانية من دولة إلى أخرى حتى أصبحت ظاهرة عامة في الإقليم،ولقد قامت تلك الميلشيات المرتبطة بإيران بارتكاب جرائم وفظائع على نطاق إجرامي خطير في دول متعددة أخطرها العراق وسوريا وهناك تقوم تلك الميلشيات بارتكاب جرائم إبادة وتطهير طائفي وعرقي وديني،لكن أحدا في العالم لم يطالب باعتبار أي منها منظمة إرهابية! والآن،يبدو أن الطريق صار مفتوحا أكثر لنمو تلك الميليشيات وتمتعها بالحماية أكثر على الصعيد الإقليمي والدولي،بحكم توصل إيران والغرب إلى توافق واتفاق، هو أقرب إلى نمط اتفاقيات سايكس بيكو،تقوم الميلشيات فيه بأكبر دور استراتيجي في تنفيذه!

641

| 29 نوفمبر 2013

حتى الشهداء ...شعبين !

جاءت ذكرى أحداث شارع محمد محمود هذا العام، ومصر تعيش حالة صراع واضطراب خطرة،لم يعد الخلاف يجري فيها حول مصير الأحياء فقط،بل وصل الحال درجة الاختلاف الحاد حول الموتى.لقد أظهرت محاولة إحياء ذكرى محمد محمود أن تحالف 30 يونيو تتصاعد في داخله الخلافات إلى درجة الاشتباك في الشارع،إذ جرت اشتباكات بين أطراف شاركت موحدة في مظاهرات يونيو،كما أضافت الذكرى قطاعا جديدا - أو أعادت إظهار - مواقف مجموعات شبابية رافضة للحكم الراهن وإجراءاته،خاصة بعدما جرت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة..الخ. غير أن أخطر ما كشفته محاولة إحياء الذكرى،أن الصراع في مصر قد تفاقم وأصبح حادا إلى درجة التفرقة والاختلاف حول الشهداء الذين قدموا حياتهم فداء للثورة وحقوق الشعب.جاءت ذكرى هذا العام وبعض القوم صار يقول بوضوح أن بعض من قدموا حياتهم منذ يناير وحتى الآن هم من الشهداء (دينيا وسياسيا وقانونيا وماليا)، لكن البعض الآخر لا يصح التعامل معهم على هذا النحو،بل جرى وضعهم في خانة من تستباح دماؤهم فلا يحاكم من قتلهم ولا حقوق لذويهم،ووصل الأمر أن اعتبر البعض أن قتلة الشهداء -المدنيين المتظاهرين من أجل الحرية-عملا وطنيا بامتياز،بعدما شهد الإعلام تكثيفا في ترديد مقولة أن ثورة يناير لم تكن إلا فعلا لأجانب وأشخاص غير مصريين تسللوا عبر الحدود. وواقع الحال أن التعامل مع قضية الشهداء على هذا النحو مثل المعيار الأدق في تحديد الموقف من حق التظاهر والاعتصام والإضراب،وهو الكاشف لكل المواقف المؤيدة والداعمة للثورة من جهة وتلك المنحازة لنظم الحكم الديكتاتورية والفاسدة (فضلا عن المواقف من الإرهاب الذي يجري في سيناء).أمر الاختلاف حول الشهداء ظهر مع بداية ثورة يناير -وقبل انتصارها -إذ كان الحديث يجري عن اعتبار قتل شهداء الثورة عملا من أعمال الحفاظ على الأمن ومقدرات الدولة ضد خارجين على القانون (وبلطجية عند بعض آخر)،ولذا كانت قضية الشهداء والاعتراف بشهادتهم من أجل قضية نبيلة وصرف الحقوق لذويهم حالة صراع سياسي حقيقي وجوهري وحالة من حالات الاعتراف بالثورة من عدمه.لكن الأمور تغيرت من بعد إذ جرى الحديث عن الشهداء بكل ألوان وأشكال الاحترام والتقدير،وإن لم تتخذ إجراءات عملية حقيقية في القصاص من القتلة بحكم استمرار هيمنة وسيطرة مؤسسات الدولة التي كانت اتخذت قرارات إطلاق الرصاص على المتظاهرين في بداية الثورة.ومؤخرا شهدت الأمور تدهورا خطيرا.فمنذ إطلاق مقولة هم شعب واحنا شعب،وكل متابع منصف يعيش في وضعية القلق المرعب من أن تجرف تلك المقولات البلاد إلى الهاوية السحيقة،إذ نحن أمام من يضع بعضا من المصريين في مرتبة أدنى من البشر الآخرين في ذات الوطن،وهو ما يمثل تغييرا فكريا وسياسيا وثقافيا،وردة خطيرة عما تحقق بعد الثورة. كانت فكرة أن المتظاهرين شهداء قد استقرت-وبدأت محاكمة من قتلهم –لكن الأوضاع استدارت ليصبح قتل المتظاهرين عملا من أعمال البطولة وأداء الواجب الوطني،باعتبار المتظاهرين والشهداء مجرد إرهابيين يجب مطاردتهم وقتلهم،وهو أمر يفتح الطريق في داخل البلاد لوجود أساس فكري وسياسي وثقافي للقتل والتصفية واستحلال الدماء.انتقل الأمر من حالة الدفاع عمن قتلوا شهداء ثورة يناير إلى تمجيد من قتلوا متظاهري رابعة والنهضة ومسجد الفتح واعتبارهم أبطالا..لم نعد فقط أمام حالة من حالات التعالي السياسي الذي يصل إلى العنصرية فقط،بل في مواجهة حالة استباحة للدماء. هذا الأمر خطير على الجميع،إذ هو يضع أساسا لقتل المصري للمصري.واللافت مع بدء وانتهاء فعاليات إحياء ذكرى محمد محمود ظهر أن أمر التفرقة قد امتد إلى داخل بعض المجموعات الثورية أيضا. وصلت التفرقة إلى الشهداء لا الأحياء فقط.

502

| 22 نوفمبر 2013

ممارسات حرب أهلية في مصر !

يبدو أن هناك من انتقل من التحضير لحرب أهلية تحرق الأخضر واليابس في مصر،وبات منغمسا في ممارسات لا يمكن وضعها إلا في خانة ممارسة هذا النمط من الحرب،وهو ما بات يمثل خطرا حقيقيا وداهما في ظل انسداد آفاق الحلول السياسية في الوقت الراهن. لقد كان باديا منذ نجاح ثورة ينار 2011،أن هناك من قرر أن يجهز مصر للحرب الأهلية وفق نمط خاص مدروس يصلح لتهديم هذا البلد المتجانس في نسيجه المجتمعي لأمد طويل وتاريخي،للمواجهة والقضاء على النتائج التي حققتها الثورة،وكانت أولى المؤشرات على وجود هذا الفكر هو ما جرى من خطة وقف تقديم خدمات تحقيق الأمن المجتمعي عبر الشرطة وإحداث حالة من الرعب والهلع داخل أفراد المجتمع ودفع المواطنين دفعا لتحقيق الحماية لأنفسهم بصفة فردية تحت ضغط الفوضى المرعبة التي اجتاحت البلاد.وقد كان لافتا من بعد،دخول هذا الكم "المهول" من السلاح إلى مصر بعد الثورة،حتى وصلت التقديرات الرسمية-كما أعلن رئيس الوزراء الأسبق د.كمال الجنزوري –إلى وجود نحو 10 ملايين قطعة في مصر.وهكذا تواصل مخطط تجهيز البلاد للحرب الأهلية عبر إشعال الفتن الطائفية المتنقلة والتي لم يكشف النقاب عن الأسباب والفاعلين في أي منها،بما في ذلك إحداث واقعة ماسبيرو في قلب القاهرة –قرب ميدان التحرير.وقد تبعها وقوع مجازر حقيقية راح ضحيتها مئات الأشخاص –أخطرها مجزرة بورسعيد التي قتل فيها 72 شابا مصريا-انتابها جميعا الغموض حتى قيل في مصر،إن ثمة طرف ثالث هو من يقف خلف تلك الجرائم المروعة،وقيل وقتها إن طرفا يسعى لإحداث الانقسام بين أقاليم البلاد.وبعد وصول الدكتور محمد مرسي إلى كرسي الحكم كأول رئيس مصري مدني منتخب،جرت أوسع وأعمق عملية مخططة فكريا وسياسيا وثقافيا ونفسيا لإحداث الانقسام الحاد –بلا مرور-بين قسمين في المجتمع وبث الكراهية بين الطرفين،مع منع الوصول إلى أية حلول بين الطرفين اللذين وصف أحدهما بالديني والآخر بالمدني،وقد جرت خلال تلك الفترة أعمال اقتتال بالسلاح أمام القصر الجمهوري وأمام مقرات الإخوان،دون أن تتدخل أجهزة الدولة لمنعها أو وقفها. وقتها فهم الأمر على أنه مجرد صناعة أزمة تمهد لإنهاء حكم مرسي وعملية مبرمجة لصناعة بديل له،غير أن ما جرى بعد الانقلاب على مرسي قد طرح بعد الحرب الأهلية بأكثر مما حدث بعد نجاح ثورة يناير. لقد جرت عملية متشددة تكاد تكون أقرب إلى نمط الخطط العسكرية،لملاحقة قطاع من المجتمع إلى درجة القتل،إذ بثت دعايات كراهية جرت مقرونة بالتحريض على القتل في الشارع دون رادع والطلب من المواطنين بوضوح ضرورة الخروج في الشوارع لمواجهة المتظاهرين بالسلاح –مع صمت كامل على الأقل في مواجهة إباحة قتل المتظاهرين-من خلال الدعوة لتشكيل ما سمي بالجيش الشعبي لمواجهة وملاحقة هؤلاء المتظاهرين باعتبارهم خارجين على القانون والوطنية وأنهم أصحاب مخططات هادمة للمجتمع والدولة وعملاء لدول خارجية ينفذون أهدافها في تدمير وتقسيم مصر والاستيلاء على مقدراتها،وجرى تصعيد أعمال البلطجة في الشوارع وفق خطط قتالية محددة ومدروسة حسب كل حالة،وجاء كل ذلك،متزامنا مع الترويج الحاد والحاسم بأن المتظاهرين مسلحين وأنهم قتلة وإرهابيون مع تحميلهم المسؤولية عن كل الأحداث التي تشهدها البلاد،بما في ذلك أعمال القتل التي تجرى ضدهم أنفسهم.وهكذا تواصل الحال حتى وصل الخلاف والقطيعة إلى داخل كل بيت وسادت لغة العنف واستخدام السلاح،وصار المجتمع لا يطيق بعضه بعضا ولا يوجد أمامه أي سبل لتسوية مشكلاته وأزماته وصراعاته،وكل ذلك،بينما المشكلات الاقتصادية والمعيشية في وضع التفاقم. لقد جرى تنفيذ مخطط واسع وعميق لإحداث الانقسام وسيادة الكراهية السياسية والنفسية وأغلق الباب أمام الحلول وجرت فعليا ممارسات جزئية من وقائع الحرب الأهلية. هذا هو الوصف الدقيق..للأسف!

479

| 15 نوفمبر 2013

فعلها مرسي !

لم يتمارض مخادعاً ليستدر تعاطف المواطنين، ولم يبدو خانعا أمام من وقفوا يحيطون به، بل هو تعمد أن يبدو في وقفته وحركته ومشيته متقدما الجميع وأن يبدو على ما تعود الناس أن يروه من قبل. ولم يكن دفاعيا في موقفه وكلماته في ذاك الصباح، بل كان هجوميا، وهو الذي حرص من قبل حين كان صاحب القرار والسلطة العليا أن يكون في موقف المدافع ضد هجمات مغرضة، لم يكن يهاجم إلا بالقدر والنذر اليسير، لكنه كان هجوميا في ذاك الصباح بلا تردد ولا وهن. وهو حين دخل قاعة المحكمة أظهر بجلاء أنه يركز رهانه على الشعب بعد المولى سبحانه وتعالى، حين تحدث بصفته الرئيس الشرعي الذي لا يفرط في أمانة حملها الشعب له عبر صناديق الانتخابات بالملايين. تحدث بصفته الرئيس بعد غياب قسري لأكثر من أربعة أشهر كان معزولا فيها عن الدنيا، لكي تأتي تلك اللحظة وهو في حالة ضبابية. لكنه ظهر على الناس وهو في كامل لياقته الذهنية والسياسية. لم يمكن د.محمد مرسي خصومه من التقاط الصورة التي أرادوها.. ولم يمنحهم الفرصة التي خططوا لها، كانوا قرروا أن ينتزعوا في أول يوم محاكمة، رسالة من الرئيس، يجري توجيهها للشعب بأن الرجل ضعف واستسلم وبأن كل شيء انتهى.. وأنه أصبح مثله مثل مبارك في بداية أيام خلعه.. رئيسا سابقا ومتهما وخلف الأسوار، ومستسلما. تحدث قائلا: أنا الرئيس، وقال إنه موجود في هذا المكان بالقسر.. وحمل سامعيه مسؤولية التغطية على الانقلاب الذي جرى على الشرعية. وجاء دخوله القاعة بعد دخول كل من جيء بهم قسرا واتهموا مثله، ليكون البروتوكول مضبوطا، فهو الرئيس. وزاد من ترتيبات البروتوكول أن صفق له من سبقوه بما أضفى جوا حقيقيا من التناغم مع قوله: أنا الرئيس. استقبل رئيسا وودع كذلك، حتى إن الرأي العام تناقل معلومات أو تمنيات– فور انتهاء الجلسة-عن إصداره قرارات بعزل المسؤولين والمشاركين في الانقلاب على الشرعية. كان خصومه قد أعدوا العدة لتلك اللحظة. فقد حضر من كان معدا أو مستعدا للهتاف ضده في داخل القاعة. وكان إعلامهم حاضرا مستعدا للتشويه بكامل طاقته.. أو لشن الحرب النفسية الأخطر على الشعب. وكانت خطتهم –كما ظهر جليا-أن يلتقطوا صورا لمرسي وهو كسير الرأس أو زائغ البصر، أو جاءت خطتهم على أن يركزوا كاميراتهم على تحركاته (العفوية والطبيعية ليحصلوا على كادرات) وإحضار من يحلل الصور تشويها للرجل، نفسيا وسياسيا وإنسانيا. كانوا يريدون أن يستخلصوا من الصور والحركة والسكنات والنظرات.. رسائل إعلامية سرعان ما كانوا سيوجهونها للشعب، ليقولوا إنه مكتئب.. أو مستسلم.. أو خانع أو ضعيف. وكان هدفهم، الأمل، أن يرسلوا رسالة للرأي العام أن عصر مرسي انتهى ليس فقط بأن أصبح متهما.. بل لأن أمر تمثيل الشعب رئيسا، قد انكسر من داخله.. ليرسلوا إلى من يؤيدوه ويدافعوا عن إرادتهم التي سلبت بأن كل شيء.. انتهى، وأن الرجل تخلى عمن انتخبوه ومن مازالوا يساندوه. فعلها مرسي.. كان مواجها وقويا. فتراجع خصومه عن إذاعة الجلسة على الهواء، وأصبحوا هم من يقف موقف الدفاع والخوف، حتى قال البعض إنه أقوى منهم وهو سجين. لم يستطيعوا أن يحصلوا على أي صورة إلا وهي تحمل رسالة قوة وصمود من الرئيس لا العكس. بل أعاد ظهوره طرح القضية الأصلية. وهي أنه الرئيس الشرعي. كان ومازال. فعلها مرسي.. ولو لم يفطنوا في اللحظات الأخيرة لخطورة نقل الجلسة على الهواء على كل ما فعلوه، لكانت أمور من سجنوه أسوأ.هم من تراجعوا وخافوا وهم يخشوه وهو لا يخشى إلا الله. تلك هي الرسالة التي خرج بها المتابعون.

535

| 08 نوفمبر 2013

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

2292

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

1200

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

786

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

687

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

669

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة

أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام...

597

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
النهايات السوداء!

تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى...

585

| 12 ديسمبر 2025

alsharq
تحديات تشغل المجتمع القطري.. إلى متى؟

نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...

543

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
معنى أن تكون مواطنا..

• في حياة كل إنسان مساحة خاصة في...

531

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
الوطن.. حكاية شعور لا يذبل

يوم الوطن ذكرى تجدد كل عام .. معها...

507

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
مسيرة تعكس قيم المؤسس ونهضة الدولة

مع دخول شهر ديسمبر، تبدأ الدوحة وكل مدن...

498

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
مطار حمد.. صرح عالمي ورؤية نحو التميز

في قلب الخليج العربي، وتحديدًا في العاصمة القطرية...

465

| 09 ديسمبر 2025

أخبار محلية