رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

قطر شريك موثوق وحليف سلام

هذه الجملة قالتها أطراف عديدة في مناسبات كثيرة منذ تسعة أشهر عن الدور القطري المتميز في إحلال السلام ولو جاءت التعابير عن نفس المعنى باختلافات جزئية لكنها تشكل موقفا موحدا من منزلة دولة قطر في صناعة الأمن في المنطقة وفي العالم فقد قالها الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ورددها وزير خارجية الولايات المتحدة السيد بلينكن وقالها أيضا زعماء المقاومة المشروعة في غزة وفلسطين كما قالها السيد بوتين الرئيس الروسي وكذلك الرئيس الصيني وآخر من ذكر بهذه الحقائق كان الرئيس البولندي أثناء الزيارة الرسمية الناجحة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله حيث شدد صاحب السمو على مساعي بلاده لوقف الحرب المتواصلة على غزة للشهر التاسع على التوالي مشيرا إلى أن الوضع في القطاع المحاصر «مأساوي». وقال سموه خلال لقائه مع الرئيس البولندي (أندجي دودا) في العاصمة وارسو إن «قطر تسعى لوقف الحرب على غزة من خلال إيجاد حل ووقف القتال وتحرير المحتجزين من الجانبين وأضاف سموه أن «الوضع (الإنساني) في قطاع غزة مأساوي وصعب جدا، ونحتاج إلى جهد العالم لوقف هذه الحرب»، موضحا أن «منطقة الشرق الأوسط تمر بظروف صعبة جدا». ثم جاء انضمام قطر الى أكبر منظمة عالمية وهي منظمة شنغهاي الي عقدت أخيرا مؤتمر قمتها فكان الترحيب بصاحب السمو وبقطر حليفا متميزا لأكبر الدول التي أنشأت شنغهاي وأبرزها الصين وروسيا ودول تعتبر نمورا اقتصادية وإستراتيجية فاعلة وهو المعنى الذي أكده سفير قطر السابق في فرنسا والمدير السابق لإدارة الشؤون الآسيوية عبد الرحمن بن محمد الخليفي حيث قال: ان قمة شنغهاي تعتبر حدثا دوليا بارزا يجمع قادة وممثلي الدول الأعضاء لبحث وتنسيق الجهود المشتركة في مجالات عدة تحت شعار تعزيز التعاون الإقليمي والتنمية المستدامة وتطوير دور المنظمة كمنصة رئيسية للتعاون المثمر بين دولها الأعضاء وقال الخليفي في حديث للجزيرة نت: إن قطر ستكون عنصرا مهما في القمة وفي الوقت ذاته ستمنح مزايا عديدة أهمها أن المنظمة تستعد لتطوير نطاق تأثيرها وتعزيز قدراتها في مواجهة الأزمات إضافة للاستفادة الاقتصادية الكبيرة من هذا التجمع الكبير وهو ما يجعل العالم يترقب ما ستثمره هذه القمة من قرارات وإجراءات تساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة بالمنطقة وتقديم نموذج فعال للتعاون الدولي في وجه التحديات العالمية المتزايدة.وأكد سفير قطر السابق في فرنسا أن قطر ستستفيد من قوة المنظمة في رؤيتها للتغير المناخي والأمن الغذائي وأمن الطاقة ومكافحة الإرهاب والتهديدات السيبرانية إذ تتطلع الدول المنضمة للمنظمة إلى أن تكون قمة أستانا 2024 نقطة تحول في مسيرة منظمة شنغهاي للتعاون تسهم في تعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء ومنهم قطر وتقديم حلول فعالة للتحديات السياسية والاقتصادية والعسكرية. ويرى المدير السابق لإدارة الشؤون الآسيوية أن أهمية انضمام قطر للمنظمة يأتي ضمن أهدافها في توسيع علاقتها مع روسيا والصين وآسيا من جانب والاتحاد الأوروبي من جانب آخر وهو ما يحقق مصالح الجميع لأن الدبلوماسية القطرية لا تنضم للاستقطابات أو المحاور العالمية إذ حظيت سياستها الخارجية الاستباقية وجهودها المتميزة في مجال الوساطة بإشادة دولية لدعمها عمليات السلام في السودان والصومال وأفغانستان وفلسطين، مما يدل على التزامها بالمصالحة ومنع الصراعات الإقليمية والعالمية وهنا من واجبي أن أثني على افتتاحية (الشرق) الغراء لأنها في تقييمي بالغة التعبير عن حقيقة الموقف القطري تجاه قضيتنا المركزية وسبل دعمها دبلوماسيا وسياسيا وماليا دون انحياز هذا الموقف لجانب من جوانب الصراع المعقد أو التخلي عن مبادئ صاحب السمو الأمير حفظه الله في تمسكه بالشرعية الدولية وتطبيق مقاصد منظمة الأمم المتحدة في الاعتراف بعدالة حقوق الشعب الفلسطيني وأولها حقه الأساسي في تحرير أرضه من الاحتلال الذي يشكل بداية الانحراف والقتل والبهتان. ومما جاء في الافتتاحية قولها إن قطر لن تـدخـر جـهـدًا فـي مـسـانـدة الـشـعـب الفلسطيني الـشـقـيـق وتــواصــل تـقـديـم الـدعـم الـكـامـل لـه والجميع يدرك الـظـروف الانـسـانـيـة الـصـعـبـة الـتـي يـتـعـرض لـهـا وتـقـوم الــدوحــة إلـى جـانـب دورهــا الانـسـانـي الـكـبـيـر بــدور حـيـوي ورئـيـسـي في إطار الوساطة المشتركة لوقف الحرب. وتواصل الدبلوماسية الـقـطـريـة جـهـودهـا واتـصـالاتـهـا المـكـثـفـة مـع كـافـة الـشـركـاء الاقليميين والـدولـيين مـن أجـل الـتـهـدئـة وإنـهـاء الـحـرب ورفـع المعـانـاة عـن المدنيين وإطلاق ســراح الأســـرى بـهـدف حقن الدماء وتجنيب المنطقة الانـزلاق في دائـرة عنف أوسـع تدفع ثمنها شعوب المنطقة التي أنهكتها الحروب والصراعات. كما تدعو دولة قطر إلى مشاركة المجتمع الدولي في حث الطرفين الاسـرائـيـلـي والـفـلـسـطـيـنـي لـقـبـول خـطـة بـايـدن الـتـي تحظى بتأييد دولي لانهاء الحرب وإنهاء الصراع من خلال حل دائم وشامل ومستدام وعادل للقضية الفلسطينية. يـعـد الـدعـم الـقـطـري للقضية الفلسطينية سـيـاسـة راسـخـة ومـوقـفـا ثـابـتـا ومـبـدئـيـا لـصـمـود الـشـعـب الفلسطيني ونيل حـقـوقـه المـشـروعـة. وهي حقيقة اعترف بها نائب وزير الخارجية التركي حين صرح في الدوحة منذ أسبوع قائلا إنه كما تعلمون، منذ بداية الأزمــة، اضطلعت تركيا وقــطــر بــجــزء كـبـيـر مــن المـســاعــدات الــتــي قـدمـتـهـا الـدولـتـان إلـى غـزة. وتشكل سفينة اللطف التركية وهي تحمل 1950 طنا من المعونات الانـسـانـيـة الـتـي تـم تنظيمها بـالـتـعـاون مـع (منظمة آفــاد) وصندوق قطر للتنمية نتيجة مـلـمـوسـة لـلـتـعـاون بين البلدين.

459

| 12 يوليو 2024

شهود من أهلها يحذرون إسرائيل من خطر الزوال

(إسرائيل التي عرفناها إلى زوال)! هذا الاستنتاج ليس من أقوال حماس أو الجهاد و ليس ادعاء «معادين للسامية» بل تؤكد حقيقته هجرة جماعية لليهود من الدولة العبرية (350 ألفا منذ الطوفان) و تعززه استقالات وزراء و سفراء إسرائيليين من مناصبهم ثم فشل سياسة التعتيم و التمويه التي تمارسها حكومة اليمين المتطرف مضافة اليها فوضى المظاهرات اليومية التي تعج بالاف الشباب الإسرائيلي الى جانب مشاهد انتفاضة طلاب العالم ضد حرب الإبادة فهذه العبارة إذن هي عنوان مقال كتبه الصحفي والمحلل صديق إسرائيل (توماس فريدمان) مباشرة بعد الانتخابات التشريعية يقصد بتلك العبارة أن تكون بمثابة تحذير للفت الانتباه إلى مدى مخاطر تطرف هذا الائتلاف وأضاف الصحفي الأمريكي أن الكثيرين «لم يوافقوني الرأي وأعتقد أن تطورات الأحداث أثبتت خطأهم بعد أن أصبح الوضع الآن أسوأ من ذي قبل فإسرائيل التي عرفناها تسعى إلى زوالها وهي اليوم تواجه خطرا وجوديا وأوضح الأسباب التي تدفعه إلى هذا الاعتقاد ومن بينها أن إسرائيل تواجه قوة إقليمية عظمى متمثلة في إيران التي تمكنت من وضع إسرائيل «في كماشة» باستخدام من وصفهم بوكلائها في المنطقة كما يذكر فريدمان أن إسرائيل لا تملك ردا عسكريا أو دبلوماسيا، وإزاء هذه التطورات يقول الصحفي الأمريكي إن رئيس الوزراء لم يجد مناصا من أن «يبيع ضميره» ليشكل حكومة مع متطرفين يمينيين يصرون على أن إسرائيل يجب أن تقاتل في غزة حتى «النصر التام» بقتل آخر عنصر من حماس، ويرفضون أي شراكة مع السلطة الفلسطينية «لأنهم يريدون سيطرة إسرائيلية على كل الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك غزة ووفقا لفريدمان، فإن نتنياهو فعل ذلك من أجل البقاء في السلطة لتجنب احتمال إيداعه السجن بتهم تتعلق بالفساد ويتابع أنه مع انهيار مجلس الحرب الإسرائيلي المصغر بسبب افتقاره إلى خطة لإنهاء الحرب والانسحاب الآمن من غزة فإن المتطرفين بالائتلاف الحاكم يخطون خطواتهم التالية من أجل السيطرة على السلطة وعلى الرغم من أن هؤلاء المتطرفين تسببوا في كثير من الضرر بالفعل -كما يعتقد فريدمان- فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن، واللجنة الأمريكية (أيباك) الإسرائيلية للشؤون العامة تناسوا هذه المخاطر التي تهدد مصير إسرائيل ووجودها وانتقد كاتب المقال قرار رئيس مجلس النواب مايك جونسون وزملاءه في الحزب الجمهوري بدعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة بالكونغرس يوم 24 يوليو المقبل. وأشار إلى أن الهدف غير المعلن من هذه الدعوة هو إحداث شرخ بين أنصار الحزب الديمقراطي من شأنه أن يُنَفِّر الناخبين والمانحين اليهود الأمريكيين ويجعلهم يتحولون إلى التصويت لصالح دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية وبحسب المقال فإن نتنياهو يدرك أن هذا كله يتعلق بالسياسة الأمريكية الداخلية ولهذا السبب فإن قبوله دعوة التحدث أمام الكونغرس لا يعدو أن يكون تصرفا ينطوي على «الغدر» بالرئيس بايدن الذي كان قد هرع إلى إسرائيل للإعراب عن وقوفه معها بعد هجوم حركة حماس عليها في السابع من أكتوبر ويرى فريدمان أن إسرائيل بحاجة إلى حكومة معتدلة واقعية يمكنها أن تخرجها من هذه الأزمة متعددة الأوجه، لافتا إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بالإطاحة بنتنياهو من منصبه بانتخابات جديدة غير أن الأمر المفاجئ -في مقال نيويورك تايمز- أن فريدمان يؤيد فكرة السماح لرئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار بإدارة القطاع بعد أن تضع الحرب أوزارها. ويبرر ذلك بأن الخيار المطروح في الوقت الحالي (أن تدير إسرائيل القطاع أو تصبح غزة صومالا آخر) هو بديل في نظره أسوأ بكثير ووصف اقتراح نتنياهو بأن يدير القطاع «فلسطينيون مثاليون» لا ينتمون إلى حماس أو السلطة الفلسطينية، نيابة عن إسرائيل، هو ضرب من الخيال. وأضاف أن الشعب الوحيد القادر على هزيمة حماس هم الفلسطينيون في غزة. أما الشهادة الثانية فهي ما نشرته أكبر المجلات السياسية الأمريكية (فورين افارس) يوم 22 يونيو 24 من تحليل معمق ونزيه كتبه عالم السياسة الأمريكي (روبرت بيب) المحاضر في أعرق الجامعات حول شؤون الأمن فقال: “ان العيب الرئيسي في إستراتيجية إسرائيل ليس فشل التكتيكات أو فرض قيود سياسية وأخلاقية على القوة العسكرية بل هو الفشل الشامل والصارخ في فهم مصادر قوة حماس واعتبر أن إسرائيل أخفقت على نحو يضر بها كثيرا في إدراك أن المذبحة والدمار اللذين أطلقتهما في غزة لم يؤديا إلا إلى زيادة قوة حركة حماس ويستمر الكاتب في تقييمه ليقول إن حماس تشن حاليا حرب عصابات تتضمن كمائن وقنابل يدوية الصنع (غالبا ما تكون مصنوعة من ذخائر غير منفجرة أو أسلحة تعود للجيش الإسرائيلي) وقد تطول هذه الحرب حتى نهاية عام 2024 على الأقل كما أن حماس يؤكد (بيب) لا يزال بإمكانها أن تضرب إسرائيل ولا يزال أكثر من 80% من شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة لها قابلة للاستخدام للتخطيط وتخزين الأسلحة، وتجنب المراقبة الإسرائيلية، وللاستيلاء والهجمات. ولا تزال معظم القيادة العليا لحماس في غزة سليمة. وباختصار فإن الهجوم الإسرائيلي السريع في الخريف أفسح المجال لحرب استنزاف طاحنة من شأنها أن تترك لحماس القدرة على مهاجمة المدنيين الإسرائيليين ويوضح عالم السياسة الأمريكي أن قوة حركة مثل حماس لا تأتي من العوامل المادية النموذجية التي يستخدمها المحللون للحكم على قوة الدول مثل حجم الاقتصاد والتطور التكنولوجي للجيوش ومقدار الدعم الخارجي الذي تتمتع به وقوة الأنظمة التعليمية بل المصدر الأكثر أهمية لتلك الحركات هو القدرة على التجنيد وخاصة قدرتها على جذب أجيال جديدة من المقاتلين والعناصر الذين ينفذون الحملات القاتلة وعلى استعداد للموت من أجل القضية. وهذه القدرة على التجنيد متجذرة في نهاية المطاف في عامل واحد: وهو حجم وشدة الدعم الذي تستمده المجموعة من مجتمعها وقال إن حماس تتمتع حاليا بالتفاف شعبي كبير حولها مما يساعد في تفسير عدم قيام سكان غزة بتقديم المزيد من المعلومات الاستخباراتية للقوات الإسرائيلية حول مكان وجود قادة الحركة والرهائن الإسرائيليين يرى الكاتب أن الدعم للهجمات المسلحة ضد المدنيين الإسرائيليين ارتفع بشكل خاص بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وهو الآن على قدم المساواة مع المستويات العالية باستمرار من الدعم لهذه الهجمات في غزة مما يدل على أن حماس حققت مكاسب واسعة النطاق في المجتمع الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر وأشار إلى أن العقوبة الإسرائيلية الفظيعة لسكان غزة لم يكن لها تأثير رادع كبير بينهم بل فشلت في الحد من دعمهم للهجمات المسلحة ضد المدنيين الإسرائيليين ودعمهم لحماس وفق تعبيره وقال (بيب) إن الوقت قد حان بعد 9 أشهر من الحرب الشاقة للاعتراف بالواقع الصارخ: السبيل العسكري وحده لا يهزم حماس فهي أكثر من مجموع العدد الحالي للمقاتلين كما أنها أيضا أكثر من مجرد فكرة مثيرة للذكريات. حماس حركة سياسية واجتماعية ليست على وشك الهزيمة ولن تختفي في أي وقت قريب وقضيتها أكثر شعبية وجاذبيتها أقوى مما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر وسيستمر مقاتلوها في التدفق والمشاركة بالقتال بأعداد أكبر وسيزداد تهديدها لإسرائيل. هذه تحاليل مفكرين واعلاميين نزهاء فضلوا تحذير إسرائيل بمعطيات حقيقية من خطر الزوال لأن هذا الكيان الغاصب المحتل أصبح في قلب خطر وجودي كما تنبأت له الكتب السماوية حين يبلغ درجة الطغيان والظلم.

711

| 05 يوليو 2024

رسالة مفتوحة إلى النخب العربية

السلام على نخب أمتنا من مفكرين وقادة رأي وصناع حضارة وعلى سلاطيننا وملوكنا وأمرائنا ورؤسائنا ورحمة الله وبركاته وبعد فإن 400 مليون عربي وأنا واحد منهم نحدق في السراب وننتظر ونعيش مع أطفالنا وشبابنا في عواصف حرب الإبادة لشعب من شعوبنا ديست حقوقه وترك وحده إزاء طغيان عنصري إسرائيلي أدانته كل أمم الأرض من غير العرب والمسلمين! وللأمانة فإن بعض مؤسساتنا الرسمية العربية والمسلمة بفضل قادة تجرأوا على الإصداع بالحق وتحركوا مساندين لقضايا الأمة فتناغمت مواقفهم مع ضمائر شعوبنا وفي طليعة هذه الدول دولة قطر التي تحظى بثقة جميع الأطراف الدولية الفاعلة كما لمسنا في الزيارة الرسمية التي أداها حضرة صاحب السمو أميرها حفظه الله الى (أمستردام) منذ أيام ليصارح الغرب كله من خلال هولندا بحقيقة الحرب الجائرة التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد شعب فلسطين ولمسنا تأثير منطق الحقيقة والشرعية الدولية على حكومة هولندا حين أكد رئيسها بأن قطر شريك في السلام لا غنى عن مواقفه الثابتة. و نعرف جميعا أن القدس تعيش لحظات القهر ولحظات الشهادة ولحظات التحدي ولحظات الصبر ثانية بثانية من خلال شاشات فضائيات الجزيرة بارك الله فيمن سخرها لفضح جرائم الإبادة و تعبئة الرأي العام الغربي و خاصة طلاب جامعاته ضد إسرائيل المحتلة لأرضنا وكانت ربما تلك المعايشة الحميمة للفواجع أولى خطواتنا العربية على درب العولمة وتدفق المعلومات فقد كُتب علينا ان ندخل العولمة مضرجين بدماء 20 الف طفل ملائكة من شهدائنا الأبرار منذ 7 أكتوبر و نتذكر منذ عشرين عاما استشهاد الطفل محمد جمال الدرة على المباشر بفضل الجزيرة وفي أسماعنا صرخته المدوية الأخيرة قبل ان يهوي في أحضان أبيه الجريح النازف! نعم كتب علينا ان ندخل القرن الحادي والعشرين فنواجه الرصاص والصواريخ والقنابل والطائرات والدبابات بالحجارة بينما القرار في أيديكم وهو الاستعجال بوحدتكم قادة دول و قادة رأي لتقترب موازين القوى من التعادل وحتى نرد على النار بالنار وعلى القهر بالقهر أنتم أبناء هذه الأمة ولدتم من أرحامها ورضعتم من لبنها وقرأتم قرآنها ولعبتم أطفالا في ساحاتها ومرابعها وأكلتم من نخيلها و زيتونها وتفاحها ورمانها وتجري في دمائكم كما في دمائنا قصائد طرفة بن العبد وعنترة العبسي وأبي الطيب المتنبي وأحمد شوقي وأبي القاسم الشابي ومحمود درويش وبطولات الصحابة الأجلاء وليوث الفتح من عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى صلاح الدين الأيوبي ومن طارق بن زياد إلى عز الدين القسام و من عمر المختار الى فرحات حشاد ولابد ان تكون زغاريد أمهات شهداء القدس قد هزتكم كما هزتنا فأنتم أبناء القدس مهما كانت أوطانكم و مهما بعدت جغرافيا عن مسرى الرسول صلى الله عليه و سلم ما دام الله سبحانه بارك حول مسجدها الأقصى إلى يوم الدين في كلمته القرآنية التي لا تبديل لها وأنتم بالإضافة إلى أنكم أبناء القدس الشريف كتب عليكم أن تكونوا حماة ذلك العرين: قبلة الاسلام الأولى وثالث الحرمين ومسرى الرسول الأعظم ومعراجه منذ أقسمتم كلكم حين استلمتم شؤون شعوبكم أو أنرتموها بثقافتكم و كتبتم لها بلغتها أمهات المؤلفات التي طالعناها منذ طفولتنا نتعلم منها ملاحم تحرير أوطاننا و نتربى على اعتبار دين الأمة أمانة في أعناقكم فلا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها لقد وضعتم أيديكم على المصحف حين تحملتم مسؤوليات شعوبكم و تخرجت أجيالنا من جامعاتكم بأن تحموا دينها و تحافظوا على دساتيرها وتصونوا أمنها وتؤمّنوا رزقها وترفعوا رايتها وتكونوا لها أوفياء وعلى تاريخها ومستقبلها أمناء وفي جهادها جنودا أقوياء وعلى حقوقها قائمين وفي ساحاتها صامدين وأشهدتم الله ورسوله على ذلك وتبعتكم شعوبكم ولم تخذلكم بل اعتبرت طاعتكم من طاعة الله و حين تجتمعون في قمة نسأل الله ألا تكون فيها قلوبكم شتى فهي فرصة نادرة لالتقاء ارادة الحاكم بإرادة المحكوم أمام أكبر مظلمة عرفها تاريخ البشرية مظلمة إحلال شعب دخيل محل شعب أصيل مظلمة إبادة تدريجية مبرمجة لشعب كامل تحت عيون الكاميرات مظلمة تهويد القدس بتخطيط دموي جائر مظلمة ضمان التفوق الصهيوني مهما كان الرئيس الأمريكي على حساب حقوق العرب ومصير أجيالهم القادمة. اليوم تدق ساعة الحق ففندوا مقولة اسرائيل التي تؤكد للرأي العام العالمي بأن مشكلة العرب جميعا هي مع العراق ومشكلة العراق هي مع سوريا والكويت ومشكلة مصر هي مع السودان ومشكلة الجزائر هي مع المغرب ومشكلة ليبيا هي مع تونس ومشكلة موريتانيا هي مع البعث ومشكلة المملكة السعودية هي مع اليمن ومشكلة اليمن هي بين شطرين ومشكلة لبنان هي مع اللاجئين ومع حزب الله إلى آخر ما تردده أبواق إسرائيل و تردده منابر اليمين العنصري في الغرب على أسماع العالم من أننا أمة خُلقنا لنتصارع حتى لم تنفع معنا دروس الاندلس ولا دروس احتلال أراضينا من قبل قوى الاستعمار الصليبي ولا دروس ضياع فلسطين بالرغم من ان الاعتبار بالأحداث يشكل ثقافة اسلامية لأن العلامة عبدالرحمن بن خلدون سمى كتابه الرائد المبدع بكتاب العبر وقد أعلنها القرآن بعبارة (فاعتبروا يا أولي الألباب) وقديما قال الإمام علي كرم الله وجهه: (ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار). اليوم في دوامة المحن العالمية حين تجتمعون أيها العرب إما قادة في قممكم أو مفكرين في مؤتمراتكم الأكاديمية و ندواتكم العلمية فلتجتمع كلمتكم على هدف واحد وعلى غاية مشتركة ألا وهي عودة الإرادة العربية المسلمة للضمائر و العقول وعدم التفريط في خيار المقاومة والإصرار على نيل الحقوق المغتصبة من قبل الدولة العبرية قاتلة الأطفال ثم الاعلان بألا تنازل عن القدس جربوا ان تقولوا (لا) قوية عازمة باسلة مجاهدة ونحن نقدر مقتضيات الحكم ونعرف صعوبة المسؤولية في مجال دولي متشعب متقلب و معاد للحقوق بل و مستثمر في الغرائز لكن لا يمكن تبرير العجز العربي أمام مجزرة وحشية تصنع بها دولة اسرائيل واقعا جديدا على الأرض ولا يمكن فهم تراجعنا أمام نقل سفارة أمريكا على أرض وقفية بالقدس من أوقاف الشيخ محمد الخليلي و لا توسع المستوطنات الاستعمارية كما لا يمكن تفسير كيف سكتنا على تشريد شعب ومسحه من على خريطة وطنه؟ اننا ننتظر ان تقودوا هبة أمتكم سياسيا و ثقافيا لا ان تخمدوها وان تسيروا في اتجاه التاريخ لا عكسه. وفقكم الله تعالى إلى ما فيه انتصار الحق على الباطل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

483

| 28 يونيو 2024

اعتراف «إسرائيلي»: خسرنا معركة الرأي العام العالمي وربحتها قطر

الحمد لك يا رب.. فالمسافة بين «اعتبار حماس حيوانات بشرية» بالأمس وبين تصريح (هاغاري) الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال اليوم بأن «حماس سكنت قلوب المسلمين ولن نهزمها» هي مسافة سنوات ضوئية في زمن قصير، لأن الإعلام المحتل انهزم في معركة التدليس ونجح الإعلام الصادق في توضيح الحقائق ودحض الباطل، ونرى اليوم «مخاوف في أوساط الاحتلال من خسارة معركة الإعلام التي تنفق فيها إسرائيل المليارات سنويا»، بهذا العنوان بدأ حوار في قناة 12 حول الحرب النفسية الإسرائيلية لتشويه المقاومة الفلسطينية وإحباط جهود الدول المناصرة لحماس وبث البلبلة في صفوف الرأي العام الغربي وهذه المليارات تضاف إلى المليارات المخصصة لشراء الطائرات والأسلحة القتالية، وأغلبها تموله خزينة الشعب الأمريكي والأوروبي وهي مبالغ طائلة تكرسها دولة الاحتلال لما تسميه الاستثمار في معركة المعلومات والوعي في الجامعات العالمية منذ ثورة جامعة كولمبيا وموجة الجامعات الغربية اعتقادا من منظري الاحتلال أن هذا هو المكان الذي يتواجد فيه الجيل الذي سيكبر ويقرر ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر في بيع الأسلحة للاحتلال ودعمه أم لا! وحول هذا الفشل وجهت (غئولا بن ساعر) الإعلامية الإسرائيلية البارزة انتقادا حادا إلى حكومة الاحتلال بالقول إنه «في بداية الحرب على غزة، أبلغ ممثلو وزارة الخارجية لجنة الخارجية والأمن بالكنيست أن الوزارة ستغلق جميع الأنشطة الدعائية بسبب استنفاد ميزانية عام 2023 ولذلك سيستمرون في العمل الدعائي على تويتر فقط، وحين سأل رئيس اللجنة عضو الكنيست (زئيف إلكين) كم من المال نحتاج لمواصلة النشاط الدعائي؟ جاء الجواب: 10 ملايين شيكل والنتيجة أن عواقب معاداة الرأي العام الدولي لإسرائيل ستكون كارثية وستزداد كراهية الناس في الغرب ليهود العالم، وأوضحت أنه «بعد أن شهد العام 2024 تمدد الحرب على غزة وبعد أن علمنا أنه يتعين علينا الاستثمار في الدعاية فقد تم تخصيص فقط 400 مليون شيكل لهذا العام بما يزيد قليلا على 100 مليون دولار مع أننا نشنّ كل يوم حرباً دعائية بينما تستثمر القوى المعادية لنا المليارات ضدنا منذ سنوات وتستثمر هذه الأموال بحكمة لاسيما إيران وقطر. وذكرت أنه «لا منطق من بعض المطالبات الإسرائيلية بأن يواصل أولئك النشطاء العمل متطوعين من أجل مناصرة الدولة، لأنهم مع مرور الوقت سيدفعون ذلك من جيوبهم الخاصة لأن المشكلة الحقيقية في مروّجي الدعاية المعادية للاحتلال باتت في الاستثمار المالي الكبير الذي يساهم فيه المدافعون عن فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه المحتلة ثم بناء دولته المستقلة وهؤلاء تقودهم دولة قطر بدعمها الدبلوماسي ووساطتها الناجعة وقنوات الجزيرة الخمس. وبفضل هذه الجهود ظهر جيل جديد من النخبة المناهضة للاحتلال في الجامعات الأمريكية وفي غضون خمس سنوات قادمة سيكون هؤلاء الطلاب والطالبات الذين يعتصمون اليوم في جامعاتهم بعد تخرجهم بشهادات عليا حشودًا في الكونغرس أو مساعدين بوزارتي الخارجية والدفاع ويحولون وجهة السياسة الأمريكية نحو مواقف مختلفة معادية لنا لا يتوقعها اليوم بنيامين نتنياهو ومؤيدوه في حربه المكلفة والخاسرة! وكما نرى تتزايد الانتقادات الموجهة للاحتلال بسبب إهماله لساحة الدعاية الإعلامية التي ربحتها دولة قطر بسبب وقوفها الى جانب الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة فقد كشفت استطلاعات الرأي العام الأمريكي في مركز (غالوب) في شهر مايو 2024 أن 57 % فقط من المواطنين الأمريكان يؤيدون «إسرائيل» مقابل 85 % سنة 2020 وأن نسبة كبيرة منهم ليس لهم موقف محدد وينتظرون كيف ومتى ستنتهي حرب نتنياهو على غزة؟ وهناك جيل أمريكي جديد نشأ في أجواء معادية لنا، وعن التحول العميق في الرأي العام الدولي كتب المفكر التونسي (البحري العرفاوي) يقول: «والسؤال حول «الأمة» يُطرَحُ اليوم بأكثر جدية بعد السابع من أكتوبر 2023، حيث فجّرت «طوفانُ الأقصى» النظامَ العالميَّ برمّته وأصبحت غزة صانعةً للمشهد العالمي وكاشفة لزيف فلسفة الغرب حول حقوق الإنسان وحول الكونية والتمدن والحداثة لقد تحول شهداءُ غزة إلى رُسُلٍ تطوف أرواحُهم بكبرى مدن العالم وأرقى الجامعات الغربية فإذا بالشباب الطلابي يثور على صنّاع السياسات في تلك الدول وإذا بالأعلام الفلسطينية وبالكوفية في كل أنحاء العالم كما لو أن آلاف شهداء غزة هم الذين يُحرّكون سواكن العالم يُزعجونه بالأسئلة ويستثيرون ضميره النائم، لقد تحولت غزة «المُدَمّرة» إلى أرقى مدرسة عالمية لتعليم فلسفة الحياة ومعنى الإنسان وقيم الجمال والمحبة وفضيلة الشجاعة والصبر والتضحية». ونسجل هذه التحولات في صلب القمم المؤثرة وآخرها قمة مجموعة السبع الأقوى التي انعقدت في إيطاليا في نفس شهر يونيو 2024 حيث قام رئيس البرازيل (لولا دا سيلفا) في كلمة ألقاها في المجتمعين ليقول إن ما تسمونه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ما هو سوى حق الانتقام من أطفال غزة ونسائها وأبريائها المدنيين وهو ما يشكل أخطر مروق عن القانون الدولي وأخلاق الحرب. وهنا اعتراف عديد الإسرائيليين بفشل أجهزة لوبياتهم القوية في تجنيد الرأي العام العالمي لمساندة دولتهم وتمرير عدوانها على الناس بكونه «دفاعا مشروعا عن أمنها» ثم إشاعة تهمة «معاداة السامية» وإلصاقها بكل من يندد بممارسات نتنياهو المارقة عن القانون الدولي فاصطدمت هذه الألاعيب بحقيقة دامغة وهي أن عديد المنددين بإسرائيل هم يهود وساميون لكن قراءتهم لتوراتهم تختلف عن بروتوكولات صهيون وتدعوهم للتعايش مع العرب والمسلمين مثلما تعايش العرب والمسلمون مع اليهود بسلام طيلة تاريخهم المشترك. كتب يوم الثلاثاء الماضي (توماس فريدمان) يقول: «حان الوقت ليفرض بايدن على نتنياهو وقف حرب الإبادة حتى لا تسقط المنطقة كلها في حرب مدمرة».

1086

| 21 يونيو 2024

كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟

مع إقدام الرئيس ماكرون على حل برلمان بلاده وطغيان اليمين العنصري المتطرف في البرلمان الأوروبي الأحد الماضي مع استقالة وزيرين من حكومة نتنياهو وفرض حماس نفسها كشريك في تحديد حل الأزمة يدشن العالم منعرجا جديدا غير مسبوق على خلفية حربي غزة وأوكرانيا و هما حربان قد لا يفهم الناس مدى ارتباطهما ببعضهما البعض وتأثيرهما الحاسم على ما يسمى «النظام العالمي الراهن». * 1) جغرافياً تقع غزة في فلسطين المحتلة أي في منطقة الشرق الأوسط، بينما تقع أوكرانيا بين القارة الأوروبية واتحاد الجمهوريات الروسية أي في قلب منطقة يمكن أن نصفها بالاستقرار والسلم لولا حرب الإبادة الصربية ضد مسلمي البلقان في بداية التسعينات. * 2) تاريخياً بدأت محنة فلسطين منذ سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924 وشروع الغرب المسيحي اليهودي في تنفيذ بنود معاهدة (سايكس بيكو) وتقسيم العالم الإسلامي الى دول رسمت لها قوى الغرب حدودا وهمية وسموها للتمويه «أوطانا مستقلة» رفعت رايات وطنية وأصدرت عملات محلية وطبعت جوازات سفر وانطلت مخططات الاستعمار الذي تقاسم تلك الشعوب على أغلبية الدهماء المسلمين فصدقوا خديعة «الدولة الوطنية المستقلة» وتناحر زعماؤها فيما بينهم كإعادة مأساوية لحروب الطوائف الأندلسيين بإدارة ملوك قشتالة ودهاء (فردينان) و(إيزابيلا) . ويعرف المؤرخون ما حدث بعد ذلك من محاكم التفتيش ومحارق المسلمين واليهود معا وطرد أخر ملوك بني الأحمر من الأندلس التي فقدها المسلمون الى الأبد وهو نفس سيناريو نتنياهو وحلفائه لإبادة شعب غزة فيما سمي صفقة القرن التي رفضها ورفض الخنوع لها جمع من فتية آمنوا بربهم فصنعوا لشعبهم ملحمة الطوفان. * ونلفت إلى أن التشابه بين حالتي غزة وأوكرانيا نبهت عديد الخبراء والإعلاميين الى ما ينتظر العالم من تحولات عميقة بسبب هاتين الحربين فاختار صحفيون مقاربة الحربين من زاوية إرهاصات نظام عالمي مرتقب وتحت عنوان إسرائيل– حماس، أوكرانيا… اتساع الهوة بين الغرب ودول الجنوب “كتب (سيريل بلوييت) في مجلة (لكسبريس): «إن العالم يشهد نقطة تحوّل خطيرة بعدما أظهرت الحرب في أوكرانيا وجود هوة بين المعسكر الغربي وباقي الدول ليأتي الصراع في الشرق الأوسط ويزيد هذه الهوة اتساعاً. ولاحظ (بلوييت) مراهنة عديد الدول العربية والمسلمة على الصين وروسيا وإيران لإضعاف الولايات المتحدة وزيادة نفوذ تلك الدول لدى الدول المتوجسّة من واشنطن وفي نفس السياق اعتبر (آلان فراشون) عبر صحيفة (لوموند) أن الصراعين الروسي – الأوكراني والإسرائيلي – الحمساوي أبرزا مجتمعاً دولياً منقسماً على ذاته وعاجزاً عن فرض قواعده وهو وضع تسعى الصين وروسيا الى الاستفادة منه لإرساء نظام عالمي معادٍ للولايات المتحدة، كما أن الخبير العالمي في العلاقات الدولية (برتران بادي) أشار إلى أننا نعيش لحظة تحوّل على صعيد النظام العالمي لكن يصعب التنبؤ بملامح هذا النظام. * والدليل على التحوّل الذي نعيشه هو عدم وجود تسمية جلية للواقع الراهن إذ يكتفي الأكاديميون بإطلاق وصف «نظام ما بعد القطبية الثنائية» حيث أننا ندرك ما كان قبله لكن لا ندري ما سيأتي بعده ويختم (بادي) تحليله قائلاً: “يجب الانتظار عقداً أو عقدين لنلمس بصورة عملية أثر الحربين في أوكرانيا وقطاع غزة في بلورة النظام العالمي المنتظر. وحتى نفهم حقيقة التغيرات المتوقعة كما كتبت الزميلة رغدة درغام فلنقل دون تردد بأن أوروبا في خطر وشيك تقرع أبوابها حرب كبيرة وقريبة كما رأينا في ذكرى مرور 80 سنة على يوم الانتصار في 6 يونيو، حيث أصر الرئيس الفرنسي ماكرون وملك بريطانيا على حضور الرئيس الأوكراني زيلنسكي في هذه المناسبة بموافقة الحليف الأمريكي بايدن مما شكل استفزازا واضحا للرئيس الروسي بوتين بينما كان الاتحاد السوفييتي (روسيا اليوم) تاريخيا هو القوة الحاسمة التي قضت على الرايخ الثالث وقوات المحور ومكنت أوروبا من الحرية. * كما تنعقد هذه الأيام قمة الدول الصناعية السبعة في إيطاليا ومؤتمر السلام لأوكرانيا في سويسرا وهما مناسبات لمزيد قرع طبول حرب عبثية منذرة بكل المخاطر بين الغرب وبين من يعتبرهم الغرب عدوين وهما روسيا والصين! الجديد الخطير في المواقف الأوروبية هو أن الغرب قرر أن من حق أوكرانيا استخدام الأسلحة الغربية التي توفرها لها دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) لضرب المواقع العسكرية في عمق الأراضي الروسية! وهو ما أسرع للرد عليه بوتين بخطاب قوي أعلن فيه الزيادة في مخصصات التسليح النووي بنسبة 30 % وبعقد قمتين روسية عربية وروسية افريقية كما فعلت الصين تماما ثم كوريا الجنوبية التي تعملقت في العقود الأخيرة بقصد واضح وهو قضم ما تبقى من القارة الافريقية والشرق الأوسط من دولها تحت هيمنة فرنسا وبريطانيا. لعل أحد مفاتيح هذا الجري وراء الكارثة في أمريكا وأوروبا هو ما فسره (توماس فريدمان) في مقال نشره أخيرا في (نيويورك تايمز) حول ما سماه (أفول سلطات الغرب وراءه غياب الأخلاق) ونعجب لتنامي ظاهرة رفض عديد النزهاء الإسرائيليين لليمين المتغطرس الذي يقوده نتنياهو منهم (شالوم ساند) والمثقفة اليهودية (بيرين سيمون ناحوم) عبر كتابها الجديد المندد باستعمال حيلة اتهام المخالفين بمعاداة السامية لكل من ينتقد حكومة متطرفة أساءت لشعب إسرائيل. نشر الكاتب البريطاني المخضرم «ديفيد هيرست“ مقالا عن التشابه بين ‏الاحتلال الإسرائيلي والصليبيين في الأساليب والمطامح، مؤكدا أن السلوك ‏الإسرائيلي يجعل من غير المستبعد أن يكون مصير الاحتلال مثل مصير ‏الصليبيين في الشرق.

735

| 14 يونيو 2024

أسباب انهيار الدول وخراب العمران

أتذكر حين انتهت الحرب الأهلية في إحدى دول أفريقيا أواسط السبعينيات وهي (ليبيريا) وانتصر أحد رؤساء القبائل على خصمه وأعلن نفسه رئيسا لجمهوريتها وظل يحكمها برعاية واشنطن حوالي 25 عاما منذ دخل عاصمة بلاده مؤيدا ببعض القبائل داخليا والمخابرات الأمريكية خارجيا وهو الرئيس (وليام توبمان) الذي توفي في لندن تاركا الرئاسة لنائبه (وليام تولبير) ثم ذات ليلة سوداء (أبريل 1980) وفي غفلة من أمن النظام انقلب على الرئيس مجرد عريف في الجيش الليبيري اسمه (صامويل دو) أعلن نفسه جنرالا وأعدم بالرصاص رجلا مسنا حاكما منذ 20 عاما وهو (وليام تولبير) وجميع وزرائه، وكتبت أنا في نفس هذا الركن على أعمدة الشرق الغراء مقالا بعنوان (بالروح والدم نفديك يا زعيم) وقلت بالحرف إن الطاغية الجديد جاء لإنقاذ وطنه من الطاغية القديم في انتظار من يأتي لإنقاذ نفس الوطن من الطاغية الحالي وهكذا دواليك! لا أنسى أن أخبركم بأن (صامويل دو) هذا انقلب عليه قسم من قبيلة منافسة يقودها «زعيمان» هما (برنس جونسن وشارلز تايلور) سنة 1990 قبضا على (صمويل دو) وتم تعذيبه بطريقة وحشية مقززة فقطعوا أصابعه وأذنيه قبل قتله وسحله في شوارع العاصمة (مونروفيا). * أما في عالمنا العربي فقد تأثرت في طفولتي بأخبار العراق حينما انقلب عبد الكريم قاسم على آخر ملك هاشمي هو المرحوم فيصل وأعدمه وسحله في شوارع بغداد مع رئيس وزرائه وأفراد أسرته الهاشمية، ثم بعد 4 سنوات جاء انقلاب عبد الرحمن عارف فأطاح بالطاغية الأحمر عبد الكريم قاسم (لأن قاسم استعان بالشيوعيين) وسحله مع وزرائه في نفس شوارع بغداد ونجا بحياته صديق تونس الرجل الفاضل المثقف المربي محمد فاضل الجمالي الذي تولى منذ الأربعينيات في حكومة نوري السعيد مهام وزارة الخارجية ثم رئاسة الحكومة في العراق ونجا الرجل من حبل المشنقة الذي كان منتصبا على مشانق ما سمي بمحكمة الثورة برئاسة عقيد في الجيش لبس جبة قاض مهووس ومتعجرف اسمه عباس مهداوي ظلم الناس ومات مسحولا هو بدوره في شوارع بغداد... نجا محمد فاضل الجمالي من الموت بفضل إصرار الزعيم بورقيبة على إطلاق سراحه حين اشترط على المنقلب الجنرال عبد الكريم قاسم أن «يعفو عنه» قبل أن يوافق بورقيبة على حضور قمة عربية في بغداد وبالفعل أفرج عن هذا الرجل الفاضل واستضافه بورقيبة في تونس أستاذا بكلية التربية وسبب إخلاص بورقيبة له هو أنه حين كان وزير خارجية العراق مثل بلاده في منظمة الأمم المتحدة بنيويورك وكان بورقيبة واقفا أمام مقر المنظمة ممنوعا من دخولها حتى جاء محمد فاضل الجمالي وتعرف عليه ووضع على صدره (بادج أي تأشيرة مرور) بصفته عضوا في الوفد الرسمي العراقي وهكذا تمكن بورقيبة من تعريف الوفود بقضية تونس ووزع مناشير أعدها ولم ينس أبدا فضل ذلك العراقي الشهم الجريء واستقر في بلادنا ضيفا مبجلا الى أن توفي فيها وخلال سنوات أصبح الرجل صديقي ونشرت له بحوثه التربوية على صحيفة الحزب وكنت رئيس تحريرها وطالما حدثني بلسان خبير عن الهنات والزلات التي تقع فيها النخب العربية رحمة الله عليه واستنتجت منذ مطلع شبابي أن كل من يدرس التاريخ يعرف أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج وان غياب دولة القانون والمؤسسات والوفاق الوطني لابد أن تؤدي إلى السقوط في نفس الظروف والملابسات التي أسقطت ما قبلها. ** مسكينة أفريقيا تلك القارة التي أراد محرروها من الاستعمار أن تكون قارة ديمقراطية موحدة ورحلوا عنها منذ ستين عاما ليتسلمها بعض الضباط المتناحرين «المنقذين» فأين أفريقيا من أحلام داعبت خواطر (نلسون مانديلا) بطل السلام و(باتريس لومومبا) بطل الكونغو الذي مات مقتولا على أيدي الدموي (موسى تشومبي)؟ وأين (أحمد سيكوتوري) بطل غينيا الذي وقف وحيدا في وجه الاستعمار الجديد ومات في ظروف غامضة أليمة؟ وأين (كوامي نكروما) زعيم غانا وأين وأين.. أولئك الذين أسسوا منظمة الوحدة الأفريقية لإنجاز وحدة القارة السمراء ثم تحولت إلى جهاز إداري بارد ثقيل لا روح فيه كما أجهض حلم مؤسسي جامعة الدول العربية عام 1945 واليوم تعيش عديد الشعوب الأفريقية والعربية فواجع الحرب الأهلية والتهجير نفس سيناريو البدايات المؤلمة يتكرر اليوم في غزة الشهيدة على أيدي احتلال عنصري غاشم وما يقع اليوم أيضا فيما يعرف بكاليدونيا وعاصمتها (نوميا) التي يريد شعبها الأصيل (الكاناك) الاستقلال عن باريس التي تبعد عنها بـ 13 ألف كيلومتر! إنها لعبة مأساوية تتكرر منذ الستينيات وفي انتظار حلها تغرق أفريقيا والعالم العربي في المجاعات والهجرات الجماعية وتفاقم الأوبئة وتغير المناخ وضياع الثروات المنهوبة وتناحر زعماء القبائل واستغلال الشركات الغربية لهذه الأوضاع لتسرق وتسلب وتتدخل في نوع جديد غير مسبوق من الاستعباد.

609

| 07 يونيو 2024

كيف عادت فلسطين أم القضايا

تتعاقب الدول الأوروبية على الاعتراف بدولة فلسطين الواحدة تلو الأخرى على خلفية مشاهد إبادة شعب من الأطفال والنساء وعلى خلفية حوالي 37 ألف شهيد منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى اليوم، من بينهم 15 ألف طفل من زهور فلسطين مع قوافل الشهداء من الحرائر والشيوخ والمعاقين! هي حرب إبادة جماعية انتقامية يشنها عنصري نازي من أجل إنقاذ نفسه من السجن والإدانة والأذى الذي ألحقه بشعبه قبل الشعوب الأخرى. لكن في قلب هذه المحنة الدموية تكمن منحة ربانية بعد أن كادت تطمس قضية الاحتلال الغاشم لفلسطين منذ 1947 ويطبع العالم مع واقع مدلس فرضته عليه ماكينة إعلامية وسياسية ضخمة غسلت العقول وأجبرتها على القبول بالمظلمة التاريخية كقدر محتوم انصاعت له بعض الأنظمة الرسمية العربية صاغرة لولا بعض الرجال من ذوي الجرأة في الحق تصدوا للمحتل وكشفوه ووقفوا مع المقاوم وساندوه ولله رجال منهم قيادة قطر بما سخرته لخدمة قضيتنا المركزية من أموال وقنوات إعلامية ووساطات سياسية وجهود لإعادة إعمار ما دكته نيران النازية الجديدة!. ** ويتوج هذا المسار بحكم محكمة العدل الدولية بإصدار بطاقات إيقاف ضد نتنياهو ووزير الحرب رغم أن المحكمة لم تفعل ذلك إلا بالمس من حماس! وفي دوامة تفاقم الأزمات العربية وتحولها تدريجيا إلى حروب انجرفت إليها قوات أجنبية متنوعة الأصول مختلفة الأهداف متناقضة الغايات نكاد أن ننسى نحن العرب أن قضيتنا الأولى هي فلسطين التي تقهقرت وتراجع اهتمامنا بها إلى درجة أننا انصرفنا عنها إلى قضايا أخرى (معهد جالوب لسبر الآراء) توصل إلى أن المجتمعات العربية كانت تضع القضية في طليعة اهتماماتها السياسية منذ خمسة أعوام وتراجع الاهتمام عام 2022 إلى تصنيفها بعد ظاهرة الإرهاب وبعد تدهور القدرة الشرائية وبعد بطالة الشباب والهجرة الناتجة عنها، وجاءت وزيرة الخارجية السويدية لتذكرنا بأن يأس الشعوب العربية من حل عادل هو الذي يدفع بشبابنا للتطرف والعنف. **ويأتي عالم مؤرخ فرنسي ليذكرنا بدوره وبأسلوب أكاديمي رفيع أن فلسطين هي حجر الزاوية لمعضلاتنا منذ أن بلغ انسداد حلها الخمسة والسبعين عاما ولا تزال. إنه الزميل الكبير الأستاذ الدكتور (هنري لورنس) الذي يعتبر في باريس وأوروبا والغرب من أكبر أساتذة الجامعة الفرنسية تخصصا وتعمقا في أسرار وألغاز الشرق الأوسط وهو الذي كرمته الدولة الفرنسية بتحميله مسؤولية كرسي الحضارة العربية في معهد (الكوليج دو فرانس) منذ عقد من الزمن وهو مؤلف أوسع الكتب التاريخية الأكاديمية انتشارا عن القضية الفلسطينية تم نقلها إلى اللغات الحية المعروفة وتعد مراجع أساسية في معرفة التاريخ العربي الحديث ومنعرجاته المعقدة منذ حملة نابليون بونابرت على مصر التي خصص لها الأستاذ لورنس أول أعماله حين كنا زملاء في قسم الحضارة العربية الإسلامية بجامعة السوربون الرابعة يشرف على رسائلنا لدكتوراه الدولة المستشرق الفاضل طيب الذكر (دومينيك شوفالييه). ** وللأستاذ هنري لورانس كتب عديدة حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منها ثلاثة في شكل أجزاء متكاملة، هي: اكتشاف الأرض المقدسة 1799-1922 والرسالة المقدسة للحضارة 1922-1947 والجزء الثالث الذي صدر منذ أيام بعنوان: استكمال الرسالات النبوية 1947-1967. ولا يخفى على المتابعين للشأن الفلسطيني أن أعمال الأستاذ لورنس (المتزوج من سيدة لبنانية) لا تحظى بتعاطف الأوساط الإسرائيلية المناهضة للسلام والعدل والحق بل إن هذه الأوساط تحاول النيل من صاحبها ومن الرؤية الموضوعية التي يريد تقديمها عن مأساة شعب. وهو يواصل الكتابة عن القضية بنفس الروح العلمية العالية في شهرية (لوموند دبلوماتيك) وأسبوعية (لوفيجارو) وطبعا لم يحظ بعد وعلى مدى ثلاثين عاما من الكفاح من أجل الحق العربي ونصرة القضية الفلسطينية بأي دعوة من جامعاتنا العربية وأقسام التاريخ فيها ولا بالطبع من جامعة الدول العربية المنشغلة بما هو أهم! ولا من منظمة التعاون الإسلامي التي تحفل أجندتها بالأمور «الجدية» الأخرى. ** كتب الأستاذ يقول: انقلابان أنجزهما الغرب ضد فلسطين! كان الانقلاب الأول عام 2001 مع الانتفاضة حينما شعرت إسرائيل بأن أبو عمار بدأ يدرك مخاطر اتفاقية أوسلو التي لم تنفذها إسرائيل وشرع الزعيم ينحاز لقضية شعبه بأمانة وهنا انقلب عليه الغرب المنحاز لرؤية إسرائيل ففرض عليه تعيين رئيس حكومة حتى يفرغ ياسر عرفات من كل سيطرة حقيقية على مؤسسات السلطة وهكذا أصبح أبو مازن هو رئيس الحكومة وتم بعد ذلك إبعاد أبو عمار تدريجيا إلى غاية وفاته في نوفمبر 2004. وجاءت بعد ذلك الإساءة الغربية الثانية لفلسطين حين دعا المجتمع الدولي إلى انتخابات نزيهة في الضفة والقطاع واختار الشعب بأكثرية مريحة نوابا من الاتجاه الإسلامي للمجلس التشريعي واختار الغرب أبو مازن كخليفة لياسر عرفات لكن الانقلاب بدأ مع السلوك العقلاني للقيادة الفلسطينية عندما انصاعت حماس رغم شرعيتها إلى الحل الوفاقي حتى يرفع الغرب الحظر على لقمة عيش الفلسطينيين. وبدأ ترجيح كفة فتح بصورة لا لبس فيها بالوسائل المعروفة وبالتنسيق مع تل أبيب وإشعال فتيل الصراع الأهلي الذي خطط له طويلا في سلطة منهارة اقتصاديا ومحاصرة ماليا مقطوعة عنها حتى مستحقاتها من الضرائب والإعانات التي وقع عليها الغرب! ** والنتيجة أن الغرب يجد نفسه اليوم مورطا في منطق أمريكي قديم لبوش الابن نشأ مع حادثة 11 سبتمبر 2001 أي الخلط المبرمج بين حركات التحرر الوطني والإرهاب وهذا الفخ لا تعرف الحكومات الأوروبية اليوم كيف تتحرر منه، وذلك المنطق المنحرف هو الذي يستبعد اليوم حركات المقاومة الفلسطينية من أي مشاركة في إيجاد حلول للأزمات بينما هي حركات سياسية لها شرعيتها المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والنتيجة التي ستزيد الطين بلة في فلسطين هي أن هذا المنطق الأعوج سوف يضع المناضل النزيه محمود عباس في موقف لا يحسد عليه أشبه بمواقف المتعاونين مع القوى الأجنبية ضد طموحات شعوبهم والمقدمين لمزيد التنازلات دون مردود. وحينئذ كيف سيتصرف الغرب إزاء عزلة السلطة التي يطالبونها بتمثيل الشعب الفلسطيني؟ أفيقوا على هذه الحقائق التي يقولها بجرأة رجال غربيون نزهاء يرحمكم الله قبل فوات الأوان حين لن ينفع الندم. فنحن العرب أدركنا منذ سبعين عاما أن أم القضايا العربية بل والإسلامية هي قضية فلسطين منها وإليها ينطلق ويعود كل مشروع عربي للنهضة والسلام مهما تكثفت السحب الدكناء اليوم عام 2024 فوق رؤوس العرب وإذا ما انجرفنا نحو القضايا الفرعية الهامشية وأهملنا الأصل فنحن ربما حققنا تخوفات الزعيم بورقيبة الذي قال في مارس 1965 إن العرب سوف يفقدون فلسطين كما فقدوا الأندلس.

948

| 31 مايو 2024

تاج معرض الكتاب سيرة الشيخ حمد باني نهضة قطر

كتاب أنيق الطبع شامل المعلومات دقيق الأرقام يحمل غلافه صورة مؤسس نهضة قطر الحديثة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وتتصدر هذا الكتاب القيم كلمة تكريم من خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أمير قطر، بمناسبة تولي سموه مقاليد الحكم ، وهي بصدقها وعفويتها تشكل برا من الولد بالوالد واعترافا بأفضال من كرس حياته لخدمة شعبه وتمكينه من قيادة مصيره وتحقيق غاياته في التنمية والتميز وخوض غمار القرن الحادي والعشرين بروح متوثبة رائدة في جميع المجالات. يقول حضرة صاحب السمو الشيخ تميم : "لقد رفع سموه اسمنا عاليا وفي عهده استمدت بلادنا قوتها من فعل الخير ونصرة المظلوم وإصلاح ذات البين واستطاع الوالد أن يحقق ثورة هادئة ومتدرجة وشاملة في كل مفاصل الدولة القطرية بلا استثناء: الاستثمار والاقتصاد والاعلام والثقافة والسياسة الخارجية والتعليم والصحة والرياضة والبيئة ليصنع في بضع سنين معجزة حقيقية في المنطقة ويقدم أنموذجا فريدا لشعوبها وإننا نسجل بمداد من فخر لسموه أن فترة حكمه تمثل مرحلة فارقة في تاريخ قطر". هذا جزء من كلمة سمو الأمير عن والده حفظهما الله ورعاهما بالصحة والتوفيق وطول العمر، وقد كتب الله سبحانه لي أن أكون شاهدا من جملة آلاف الشهود على صدق وحقيقة كل كلمة قالها عن والده حيث أقمت في هذا البلد الأمين أكثر من ثلث قرن منذ جئته سنة 1991 أستاذا زائرا لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، وألقيت على منبرها محاضرة حول العلاقات بين الإسلام والغرب من الحروب الصليبية الى معارك التحرير من الاستعمار ثم استقررت بالدولة لاجئا إليها من مظالم استبداد نفانا أنا والصديق رفيق المنافي والنضال محمد مزالي رئيس وزراء بورقيبة وكنا مطلوبين من (أنتربول) في سنوات الجمر، فكانت قطر العزيزة ملجأنا وملاذ عديد الملاحقين المثقفين الشرفاء من مصر وسوريا والعراق والتحق بالمظلومين في أواسط التسعينيات أبو الوليد خالد مشعل ورفاقه من حماس بعد محاولة اغتياله من الموساد ونجاته منها بإطلاق سراح الشيخ الشهيد أحمد ياسين. وفي قطر "كعبة المضيوم" أي كل من أصابه الضيم فعملنا في أمن من الملاحقات والسجون وساهمنا في جهود قطر التربوية والأكاديمية والثقافية بما استطعنا ردا لبعض جميل قيادتها المتمثلة أساسا في جرأة ومروءة رجل في قامة الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة واستمرار تلك الفضائل مع سمو الشيخ تميم بن حمد، مما جعل ريادة قطر في جميع المجالات متواصلة ومتصاعدة ومعترفا بها إقليميا وعالميا. ** ونعود لكلمة صاحب السمو الشيخ تميم فنقرأ: "بفضل إنجازاته الكبرى وتفانيه في خدمة وطنه وأمته وبفضل شخصيته الفريدة التي تجمع بين الحكمة والعاطفة وحسن التدبير والتخطيط من جهة والعفوية المميزة من جهة أخرى يحظى سموه بكل هذه الشعبية والمحبة ونحتفظ له بهذه المكانة الخاصة في قلوبنا جميعا. لقد تولى سمو الوالد القيادة في قطر حين كانت دولة عالقة في الماضي غير قادرة على النهوض والتطور واستثمار ثرواتها وتعاني من بنى تحتية ضعيفة ومستوى معيشي متواضع نسبيا فوضع سمو الرائد مشروعا إصلاحيا وتنمويا تضمن رؤية القائد وثقة لا حد لها في شعب هذه البلاد وكان عنصر الإقدام والمجازفة المحسوبة فيه قائما ولولا هذا الإقدام لما تمكنت قطر من تحقيق كل هذه الإنجازات وإرساء البنية التحتية لصناعة النفط والغاز ثم غادر منصبه في خطوة فريدة بل غير مسبوقة وهو منتصب القامة وقطر دولة متطورة ذات مرافق ومؤسسات حديثة يبلغ فيها معدل دخل الفرد أعلى المستويات في العالم. ** “ويضيف صاحب السمو الشيخ تميم في هذه الكلمة البارة تعريفات ضرورية بالوضع الذي تسلم فيه هو قيادة المسيرة بإرادة سمو الأمير الوالد فيقول: غادر سموه منصبه وقطر أشبه ما تكون بورشة بناء لا يتوقف وعلاقاتها السياسية والاقتصادية متعددة ومتوازنة ومتنامية ومجتمعها آمن ومستقر تكاد تنعدم فيه الجريمة. لقد تحولت قطر من دولة بالكاد يعرف البعض موقعها على الخارطة الى فاعل رئيس في السياسة والاقتصاد والاعلام والثقافة والتعليم والرياضة على مستوى العالم". وختم سمو الأمير كلمته بشرح قرار والده باختتام فترة حكمه وهو في قمة عطائه مؤكدا أن هذا القرار الحكيم سببه راجع لإيمانه بضرورات التغيير وتعاقب الأجيال فتسلم الشيخ تميم ولي العهد المشعل من الوالد راجيا أن يكون أهلا للثقة الأبوية الغالية بالقدرة على مواصلة الطريق الذي شقه هذا الرجل الاستثنائي باني دولة قطر الحديثة ورائد نهضتها. ** ثم يقرأ قراء هذا الكتاب الحدث ما خطته أقلام مؤلفيه المختصين الباحثين الأوفياء من الحقائق التاريخية فيحللون تعاقب الصعوبات والأزمات التي اعترضت مسيرة حكمه والتي تجاوزها بالحكمة والواقعية ولكن أيضا بالجرأة ومواجهة التحديات حينما تشتد بعض الخلافات أو الاختلافات إقليميا وعربيا وعالميا وهو مما ضمن دائما خروج قطر منتصرة على الأزمات شامخة الهامة في عالم لا يتسامح مع الأيدي المرتعشة والنفوس المترددة وكانت مواقف دولة قطر بقيادة أميرها تعتمد على الشرعية الدولية وقيم الإنسانية والإصرار على الحق ونصرته مهما كانت التيارات السائرة عكس اتجاه التاريخ والحضارة وثبت ذلك على مدى العشريتين في قضية العرب والمسلمين المركزية قضية الشعب الفلسطيني، كما ثبت ذلك في الزيارة التي أداها صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة الى غزة لكسر حصارها وطمأنة شعبها أنه ليس وحده ونفس المواقف تأكدت في أزمات السودان ولبنان وأفغانستان وهي المواقف التي استمر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد في الحفاظ عليها كأنما هي أمانة تجب المحافظة عليها من جيل الى جيل وهو ما رفع راية قطر شاهقة بين الأمم. ** ويشرح مؤلفو الكتاب الغاية من تأليفه فيقولون بأن غايته هي معالجة العديد من الموضوعات وإلقاء الضوء على أسباب الأزمات وبلوغ إدراك المواطن لعوامل النجاح من خلال مواقف صاحب السمو الشيخ حمد والتي يواصلها صاحب السمو الشيخ تميم بروح من الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الغلو والتطرف وتوسيع افاق الحوار وتفعيل تحصين الذات والثقة بكفاءة الشعب القطري بأجياله الراهنة والمستقبلية وانعكست تلك المبادئ على سيادة الدولة فعززتها وعلى مستوى عيش الشعب مواطنين ومقيمين، فطورته بل جعلت الشعب القطري يصنع مصيره بوعي وعقل فاعل وهو ما بوأ قطر اليوم عام 2024 موقع الريادة والتميز في جميع المجالات. ** تلك هي القوة الناعمة التي استعملها وتسلح بها قائد مسيرتها وبطل نهضتها صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة رعاه الله وبيض وجهه وجزاه عنا جميعا ألف خير. ولعل أفضل ما نختم به مقالنا هو ما كتبه يوم الأربعاء في (الشرق) السيد عبد الرحمن بن حمد العطية الشاهد على تلك الملحمة عن تسليم السلطة الى ولي العهد حيث كتب: "في خطوة تاريخية ووطنية ويوم مشهود عزز سموه خطاه التي انطلقت من رؤيته الوطنية التجديدية الإصلاحية التي تؤمن بدور الشباب في التغيير، في خطاب تنازله وتسليمه مقاليد الحكم لحضرة صاحب السمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في 25 يونيو 2013، حيث استهل سموه خطابه مخاطبا شعبه بقوله (نحن نستعد لدخول عهد جديد في تاريخ وطننا، وقد أردت أن أخاطبكم أولاً إذ أنتم أصحاب هذه الأرض الطاهرة وحماتها وبناة نهضتها وصانعو مستقبلها).

1107

| 24 مايو 2024

كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟

كانت أبرز سردية كل المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي بالدوحة هذه الأيام هي الإرادة على رفض ما سمي بالنظام العالمي بسبب فشله ومعاييره المزدوجة والظلم المسلط على الشعوب ومن جهة أخرى تتلاحق الأحداث الجسام في بلداننا العربية وفي العالم بأسره حولنا بوتيرة يومية لتعلن عن ظاهرة استثنائية عالمية قد لا يتفطن لها العرب في خضم مأساة جزء منهم فلسطين وهي تتعرض منذ 7 أكتوبر 2023 الى حرب إبادة جماعية نازية غير مسبوقة ومهما كان الخطب الراهن فنحن العرب معتادون على الغفلة بل مطبعون مع الاستسلام قابلون للاحتلال ثم للاستبداد حسب تعبير مالك بن نبي إلا قلة من حكامنا حفظهم الله يؤدون الأمانة ويثبتون على العهد أولهم حضرة صاحب السمو أمير قطر حفظه الله. ** لم تكن حالتنا تلك صدفة أو بإرادتنا بل جاءت نتيجة مدروسة لمخططات استعمارية قديمة زرعت في المسلم بذور احتقار الذات وتعظيم الغرب الطاغي! وأصابنا داء الانغيار (أي الذوبان في الغير) مع ما رافقه من عدم الاهتمام بما يمس مصالحنا الحيوية وأمننا القومي وهويتنا الأصيلة في زمن لا يغفر للغافلين غفلتهم وفي زمن نطلق عليه نعت عصر العولمة. يكفي أن نقرأ التحولات العميقة التي تضمنها بيان مؤتمر ميونخ للأمن الدولي المنعقد في 17 فبراير 2024 وبيان القمة للعشرين دولة الأقوى الذي انعقد في نيودلهي في 10 سبتمبر 2023 لندرك حجم ومدى التغيير في طبيعة العلاقات الدولية حيث استفاقت كل الأمم الأخرى على الحقائق الجديدة الطارئة والمفروضة على الناس جميعا. ** أكبر وأخطر هذه الحقائق هي إفلاس النظام العالمي الأطلسي التقليدي الجائر الذي نشأ مع نهاية الحرب العالمية الثانية وتشكل حسب مصالح وإرادة الدول الكبرى المنتصرة على الأعداء النازيين في ألمانيا والفاشيين في إيطاليا والمتجبرين في اليابان، أي أولئك المهزومين الذين يسمون تحالفهم بدول المحور حين هزمتهم جيوش أمريكا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفييتي (آنذاك) واستسلم المهزومون الثلاثة بعد قصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذرية في أغسطس 1945، وشرع الغالبون يقسمون الدول المهزومة إلى مقاطعات تخضع لهم وعاقبوها بإذلالها وحرمان شعوبها من أن تكون لهم دول مستقلة أو جيوش أو حتى رايات تمثل سيادتهم. **والكبار من القراء عايشوا الحرب الباردة بين المعسكرين الليبرالي الذي تتزعمه واشنطن والشيوعي الذي تتزعمه موسكو وكيف هندس هؤلاء المنتصرون نظاما سموه «عالميا سيستم» يضمن على المدى البعيد سيطرتهم ويضمن خضوع المهزومين ولكنه «سيستم» يضمن لهم كذلك استمرار عجز الشعوب المستضعفة عن التحكم في مصائرها ومن هذه الشعوب نحن العرب ولم نكن طرفا لا في الحرب ولا في السلم بل حشرونا حشرا في خانة سموها «دول العالم الثالث» أو بنعت ألطف «الدول السائرة في طريق النمو» واكتشف جيلنا العربي أن النمو لا يزال بعيد المنال وتساءلنا في كتبنا ومؤتمراتنا عن طريق النمو الموعود وقلنا إما أننا نزحف كالسلاحف على الطريق وغيرنا يجري كالغزلان وإما أننا أخطأنا الطريق أصلا! ** تشكل ما سموه النظام العالمي منذ 1945 على قياس المنتصرين ولخدمة مصالحهم ولضمان هيمنتهم فأسسوا منظمة الأمم المتحدة بمبادئ سامية معلنة تغش شعوب الأمم المستضعفة، بينما دفن المستكبرون في ميثاقها لغما يسمى «حق النقض» (الفيتو) فاستعملوه على سبيل المثال ضد الحقوق الفلسطينية 73 مرة آخرها منع واشنطن تمرير قرار مجلس الأمن لمنح فلسطين مقعدا في المنظمة رغم شبه الإجماع في الجمعية العامة على قبول دولة فلسطين في الأسرة الأممية! ثم فكر المستبدون في الهيمنة على الاقتصاد العالمي ومصادرة خيرات البلدان الهشة فأسسوا سوقين للمال يتحكمان في مسالك التجارة العالمية وتداول العملات وتحديد كمية المواد الأولية التي تستغل وأسعار الطاقة، والسوقان هما «وول ستريت» في نيويورك و»السيتي» في لندن (وقد ولدا في مؤتمر بريتن وودس في يوليو1944 مع البنك العالمي وصندوق النقد الدولي) وهما يسيطران إلى اليوم على 76% من اقتصاد العالم. ** ثم بطبيعة تشابك الاقتصادي مع السياسي انتهكت حرمات الشعوب المستضعفة وديست مصالحها الحيوية وصفيت قضايانا المركزية مثل الملف الفلسطيني المهدد بالحل النهائي الذي عرضه (جاريد كوشنير) على دول الشرق الأوسط في مايو2017 ورفضته دولة قطر في حينه بالقول إن قطر لا توافق على مشروع لم يحظ بموافقة الفلسطينيين أنفسهم. وانهارت حرياتنا وهوياتنا بفعل الغزو الممنهج واستمر النظام العالمي لمدة خمسة وسبعين عاما وهو ليس نظاما بل هو يرسم ملامح فوضى أقنعونا بأنها خطوط حمراء لا يجوز الاقتراب منها أو التشكيك فيها! وحين قامت حماس بعملية 7 أكتوبر زلزل النظام المسمى زورا بالعالمي واستيقظت الصين ليفرض رئيسها على الغرب في زيارته التاريخية منذ أيام الى باريس إرادة بيجين كسر وحدانية الولايات المتحدة وانفرادها بقيادة العالم كما عاد بوتين الى أصول روسيا القيصرية ليثبت أن موسكو لن تتسامح باذلالها في حرب الغرب عليها عن طريق أوكرانيا، وأذكر للتاريخ وللحقيقة أني حالفني الحظ بالتعرف منذ أكثر من ثلث قرن على المفكر الاقتصادي الأمريكي ومستشار الرئيس ريغن في الثمانينيات السيد «ليندن لاروش» الراحل عنا منذ سنوات قليلة وزوجته السياسية الألمانية السيدة «هلجا لاروش» رئيسة معهد «شيلر» الدولي وشاركت في مؤتمرات عديدة نظماها في واشنطن وبون وباريس وفرانكفورت وتحاورت معهما في عديد المناسبات وكانا يحملان هذه الأفكار منذ السبعينيات وينددان بالظلم المسلط على الأمم ويدعوان إلى تأسيس نظام عالمي عادل وبالطبع كانت كل أجهزة الإعلام الغربية تكيل الشتائم لهما وتروج أن هذه الأفكار هي متطرفة وخيالية (أقوى وسائل الإعلام كانت ولا تزال أذرعا للإمبراطوريات المالية). ** أدركت شخصيا اليوم أن إصرار ليندن لاروش على مبادئه ودفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني أثمر بعد عقود وأن زعماء أمثال بوتين وأردوغان والرئيس الصيني (شي جين بنغ) وأن نخبا من دول أوروبية وآسيوية ومن أمريكا الجنوبية يجسدون اليوم حلم «لاروش». وظهر ذلك في الاتجاه السليم الذي توخاه مؤتمر قمة العشرين الأقوى «جي20» وأعلن فيه الرئيس الصيني إنه على قادة العالم اليوم أن يتحالفوا لهندسة نظام اقتصادي ونقدي واستراتيجي وثقافي جديد ومختلف عن النظام القديم. **من هذا المنظور فإن تشكل نظام عالمي بديل تعزز بطوفان الأقصى الذي قلب الموازين وحطم الأساطير وأثبت أن المستضعفين قادرون على تحدي وهزيمة المستكبرين بروح إسلامية (أو أخلاقية) عادلة ومشروعة وهو في الحقيقة اعتراف بالمساواة بين الحضارات من دون الصدام الذي تصوره المفكر الأمريكي «صامويل هنتنجتن»، والذي كرسته في بداية القرن سياسات المحافظين الجدد بزعامة الرئيس بوش الابن.

1014

| 17 مايو 2024

قطر المساندة الدائمة لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة

* هل وصلنا إلى نهاية حرب إبادة؟ ** رغم الخطوة الإيجابية التي اتخذتها حركة حماس بإبلاغ الوسيطين القطري والمصري بموافقتهم على مقترحهما لوقف إطلاق النار في غزة إلا أن الاحتلال لم يتعاط بإيجابية مع هذا الموقف. وإزاء التصعيد في رفح جاء تحذير دولة قطر من قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف بلدية رفح واجتياحها المعبر البري والتهديد بتهجير المواطنين من مراكز الإيواء والسكن، داعية إلى تحرك دولي عاجل يحول دون اجتياح المدينة وارتكاب جريمة إبادة جماعية جديدة ضد الشعب الفلسطيني. آخر حلقات مسلسل القمع الذي تمارسه الحكومة العنصرية الإسرائيلية ضد حقوق الشعب الفلسطيني بعد فشل نتنياهو في تحقيق انتصاراته الوهمية بحرب الإبادة للأبرياء هو قرار غلق مكاتب الجزيرة القناة المناضلة والمؤيدة للشرعية الدولية من أجل حجب الواقع الدموي الهمجي عن عيون الرأي العام العالمي، ومنذ أعلنت وزارة الاتصالات الإسرائيلية أن الشرطة داهمت مكتبا لشبكة «الجزيرة» في القدس بعدما أقر الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يسمح بالإغلاق المؤقت لمحطات البث الأجنبية التي تُعتبر تهديدا للأمن القومي مع اتهام الحكومة الإسرائيلية للشبكة بالتحريض على الدولة، ونددت شبكة الجزيرة في بيان لها بقرار إسرائيل ووصفته بأنه فعل إجرامي.. كما وصف مديرُ مكتب الجزيرة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية القرار بأنه خطير ومسيس. ولم يعد خافيا اليوم بعد مرور سبعة شهور على الحرب أن الجزيرة شريك في إظهار الحق وفاضحة للمروق الإسرائيلي عن القانون والشرعية وارتكاب جرائم حرب فكانت ولا تزال الجزيرة بكل قنواتها عينا تراقب وتنقل وتعلق وجاءت انتفاضات جامعات الغرب نتيجة الاطلاع على الحقائق فهبت الضمائر الشبابية حتى في دولة الاحتلال نفسها لتندد بالمظالم وتطالب بوقفها ولم تنفع خزعبلات العادة من أن المحتجين كلهم معادون للسامية عندما استيقظت ضمائر نخبة من اليهود أنفسهم وأعلنوا في بيانات شديدة اللهجة أن سياسات الإبادة لا تمثلهم وهم من أول من يرفضها وبهذه التغيرات العميقة في مكانة إسرائيل نجد أنها نتيجة جهاد الجزيرة وطبعا دولة قطر وقيادتها الجريئة في الحق مع الجهد القطري المنصف كجزء من سياسة قطرية متكاملة لمساندة فلسطين، حيث أصـــدرت دار (روزا) أول كــتــاب يــرصــد تــاريــخ الــدعــم الــقــطــري لـقـضـيـة فلسطين منذ بدايات النكبة حتى أحداث غـــزة الأخـــيـــرة مــن تـألـيـف الــكــاتــب عـلـي المــســعــودي. يـسـلـط الـكـتـاب الـضـوء عـلـى فــصــول مـن الـصـمـود الـفـلـسـطـيـنـي في وجه الاحتلال الصهيوني وتوضيح جــرائــم الـصـهـايـنـة وكــيــف كــانــت بــوادر الدعم القطري للقضية الفلسطينية منذ الـلـحـظـات الأولـــى لــلــعــدوان الـصـهـيـونـي عــلــى الأراضــــــي الــفــلــســطــيــنــيــة، وأصـــل الــعلاقــات الـسـيـاسـيـة الـحميمة بين قطر وفـلـسـطين على كل الأصـعـدة، والـتـي ذكـرهـا الكاتب حول الــدور الحيوي والملهم للقيادة القطرية الرشيدة في دعم القضية الفلسطينية، وتبني المؤسسات الحكومية أعباء الدعم السياسي لها في أروقـة السياسة. كما في كاّفة أوجــه الـدعـم الـقـطـري المالي للقضية الـفـلـسـطـيـنـيـة حـيـث جـــاء الــدعــم ُ ليعـيـد بـنـاء مــا هـدمـتـه أيــادي العدوان عديد المرات وذلك بـإعـادة ُ البنية الـتـحـتـيـة الـفـلـسـطـيـنـيـة وإعــمــار القطاع وتشييد مـشـاريـع صحية وتعليمية ** كما يــســرد الــكــاتــب مــســيــرة الــدعــم الـقـطـري العالمي والدبلوماسي للقضية الفلسطينية، حيث كـانـت قطر ولا تــزال نـبـراساً لوعي عالمـي وثقافي حمل على أكتافه نصرة المستضعفين في كل مكان وجـاءت فلسطين الأبية في القلب من هـذا الجهد القطري العالمي، أدانـــــــت دولــــــة قـــطـــر بـــأشـــد الـــعـــبـــارات الـتـهـديـدات الإسـرائـيـلـيـة باقتحام مدينة رفــح معبرة عـن رفضها الـقـاطـع شـن أي عملية عسكرية في رفح محذرة من وقوع كارثة إنسانية، وجـاء ذلـك فـي بـيـان دولــة قطر الــذي ألقته ســعــادة الـشـيـخـة عـلـيـاء أحـمـد بــن سيف آل ثـانـي المـنـدوب الـدائـم لـدولـة قطر لدى الأمم المتحدة أمــام الجمعية العامة حــول طلب عدة دول قبول دولة فلسطين كعضو كامل الحقوق في المنظمة، وأكدت سعادتها أن هذه العضوية المشروعة هي حق راسـخ وتمثل خــطــوة أســاســيــة ومــصــيــريــة فــي طريق الحل العادل والشامل والنهائي للقضية الـفـلـسـطـيـنـيـة، مــجــددة دعـوتـهـا لمجلس الأمــن لاتـخـاذ الــقــرار الـصـحـيـح والـعـادل من خلال التوصية بقبول طلب فلسطين كدولة كاملة العضوية. دولـــة قـطـر جــددت دعـوتـهـا مجـلـس الأمــن للاضـــطلاع بـمـسـؤولـيـاتـه واتـخـاذ التدابير اللازمــة للوقف الفوري لــلــعــدوان وضــمــان وصــول المساعدات الإنسانية لشعب مهدد بالموت جوعا ووقف سـيـاسـة الـعـقـاب الـجـمـاعـي بـاسـتـخـدام الـغـذاء كــسلاح، مـشـددة على ضـرورة توفير الحماية التامة للمدنيين بموجب القانون الدولي والأعراف الأخلاقية. ورحبت بتقرير لجنة المراجعة المـسـتـقـلـة بــشــأن الأونـــــروا الــتــي كـلـفـهـا الأمين الـعـام للأمــم المـتـحـدة ومـا تضمنه من إنصاف لوكالة الغوث، داعية الدول المانــحــة كــافــة لمـواصــلــة وزيــــادة دعـمـهـا لأونروا بغاية مواجهة التحديات غير المسبوقة الــتــي تـواجـهـهـا خــاصــة فــي ظــل الأزمــة الإنسانية الكارثية في غزة. دولــة قـطـر لا تــزال مستمرة فـي جهود وساطتها بالشراكة مـع جمهورية مصر الـعـربـيـة والـولايـات المـتـحـدة لـلـوصـول إلــى وقـف فـوري ودائـم لإطلاق الـنـار فـي غـزة بغية الوصول إلى مسار سياسي جاد يقود إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الـفـلـسـطـيـنـيـة وفــقــا لـــقـــرارات الـشـرعـيـة الدولية.

654

| 10 مايو 2024

ثورة جامعات الغرب تمهد لنظام عالمي أعدل

خلال هذا الأسبوع كان لمعالي رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نشاط يومي في حضور اجتماعات دولية وخليجية أبلغ فيها الجميع ثوابت الدبلوماسية القطرية كما حددها حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى حفظه الله، حيث تشارك دولة قطر في كل مجهود يعمل على إيقاف عدوان المحتلين على شعب فلسطين والعودة للشرعية الدولية وتزامن هذا النشاط الحثيث مع حركات النخب اليهودية التي تكاثرت للتنديد بحرب الإبادة وآخر هذه التحركات المؤثرة كتاب وشريط سينمائي للكاتب والمخرج اليهودي الأسترالي (أنتوني أوينشتاين) بعنوان (ليس باسمي ترتكبون المجازر) ووقع على بيانه الشجاع 450 مثقفا يهوديا استيقظت ضمائرهم على جريمة دولة غير مسبوقة ارتكبها يهود في غزة. ومعلوم أن محطة 7 أكتوبر غيرت ملامح المشهد السياسي الدولي الجائر والذي فرض بقوة السلاح والاعلام تصورات مغشوشة مشوهة للحقائق لعل الناس أينما كانوا تعودوا على التسليم بها على مدى عقود من الزمن والاكتفاء بما يحكى لهم من أكاذيب دون إعمال العقل ودون التدبر لكشفها وخاصة المليار و800 مليون مسلم الذين مع الأسف خالفوا تعاليم ربهم سبحانه الذي أمرهم بالتدبر واستخدام عقولهم لتبين الحق من الباطل ثم التحرك والجهاد لفرض ذلك الحق كما كان فجر الإسلام منذ الوحي المنزل على الرسول صلى الله عليه و سلم وخلفائه الراشدين وعصر الفتوحات الكبرى. اليوم قام فتية آمنوا بربهم بتحقيق معجزة التغيير الكامل حيث حطمت أصنام الخرافة الصهيونية التي سوقت لدولة ديمقراطية نشأت على أنقاض هولوكوست رهيب وعاد شعبها إلى أرضه الموعودة! *منذ أيام ملأت شاشات القنوات صور حية لمظاهرات الطلاب الأمريكيين يعتصمون في جامعة كولومبيا ويرفعون رايات فلسطين الحرة ويطالبون بوقف حرب الإبادة وكف دولهم عن إعانة القتلة ومجرمي الحرب، واعتصم طلاب وأساتذة أعرق معهد للتكنولوجيا وهو (مساشوستس انستيتيوت أوف تكنولوجي) للمطالبة بإيقاف التعاون بين معهدهم والبنتاغون ووزارة الدفاع الإسرائيلية التي دفعت لإدارة المعهد 11 مليون دولار ثمن إنتاج صواريخ أدق وأسرع! ثم انتقلت عدوى المظاهرات إلى كل جامعات الولايات المتحدة ومنها الى جامعة السربون وكلية العلوم السياسية بباريس أشهر مصنع للقادة وحكام فرنسا منذ نصف قرن ويعتصم الطلاب وأساتذتهم داخل مباني الكلية لا يتراجعون أمام قمع السلطات الفرنسية رافعين أعلام فلسطين ومنددين بحرب الإبادة وقتل آلاف الأطفال. * بدأت تتأكد مؤشرات تغيير عميق في المواقف بفعل ثورة ضمائر الشباب الجامع فنقرأ منذ يومين استجوابا لأحد فلاسفة فرنسا المناصر القديم لإسرائيل ( ألن فينكيلكروت) الذي قال لأول مرة بأن دولة إسرائيل مهددة بالزوال وكرر تلك العقيدة مع الإعلامي (بوجيداس) في قناة «أل سي أي» وعودة الى جامعة كولمبيا نقول بأنها كانت دائما الرائدة في رفض المظالم ونتذكر ثورة طلابها عندما اغتيل (مارتن لوثر كينغ) في 4 ابريل 1968 كما انتفضت الجامعة للتنديد بحرب أمريكا في فيتنام عام 1972 وكان من أبرز المتظاهرين شابان هما (كلينتن) و(محمد علي كلاي) ثم إثر مقتل المواطن الأسود (جورج فلويد) بأيدي شرطي عنصري في يونيو 2021 واليوم تكمل نفس المسيرة لكن رجال السلطة الذين يقمعون طلابها هم أنفسهم الذين انتفضوا للاحتجاج على العنصرية واغتيال (لوثر كينغ)!! تعيد الانتفاضة الراهنة للأذهان ثورة الشباب الفرنسي ضد الرئيس ديغول في مايو 1968 وقد عشت تلك الهبة الطلابية والعمالية الشاملة في باريس وأدركت نتائجها الكبرى بتغيير جذري في المجتمع الفرنسي والأوروبي بشعارات مناوئة لصناعة الأسلحة وترويج العبودية الجديدة وهدم الهياكل المتكلسة في الإدارة والتعليم والنقابات بشعارات منها (الحب عوض الحرب). * اشتعلت الجامعات الفرنسية رفضا للإبادة الجماعية ولا ننسى أن فرنسا هي الوحيدة منذ 40 عاما التي سن برلمانها «قانون غايسو» الغريب العجيب الذي يحكم بالسجن على كل أستاذ جامعي أو مؤرخ يشكك في أرقام الهولوكوست وكان من ضحايا هذا القانون صديقي المفكر الكبير المسلم الفرنسي رجاء جارودي عام 1998 وأسست أنا لجنة عالمية لمناصرته مع جريدة الشرق القطرية الغراء. ويتذكر الكبار ثورة شباب الصين على استبداد الحزب الشيوعي بداية الثمانينيات وتلك الصورة الرمزية الرائعة للشاب الصيني الذي يقف أمام الدبابة ويمنعها من التقدم في ساحة (تيان أن مين) في بيجين. كما يتذكرون ثورة الشعب التشيكي بقيادة (ألكسندر دبشيك) ضد غزو براغ من قبل الدبابات الروسية وكذلك ثورة النقابات العمالية البحرية في ميناء (غدانسك) البولندي بقيادة (لاش فاليزا). كل هذه الثورات الشعبية التي قمعت في إبانها وسجن أو قتل محركوها استطاعت قلب موازين القرن العشرين ومكنت الأمم من حريات أوسع وفيها نضع ثورة الجامعات الغربية التلقائية التي انتفض شبابها ضد حرب الإبادة الإسرائيلية في حين لم تتحرك الجامعات في أغلب بلاد العرب ولم تتحرك الدول العربية كما كنا نتوقع والشكر لزميلي الدكتور أحمد البرقاوي رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بباريس الذي أنصف الموقف القطري على قناة الزيتونة الاسبوع الماضي حين قال: «دور سلبي للدول العربية ما عدا الاستثناء القطري المشرف» وطبعا بدأ المراقبون في كل العالم يدركون أن العنصرية الإسرائيلية الماسكة بالحكم هي المسؤولة عن انسداد آفاقها وفقدان أساطيرها * يقول الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان: «إنه إذا كان نتنياهو عازماً على اجتياح رفح في محاولة للقضاء على حركة حماس دون خطة للخروج وعدم وجود أي أفق سياسي من شأنه الدفع بحل الدولتين إلى الأمام فقد يؤدي ذلك إلى «اتساع نطاق العزلة التي تعيشها إسرائيل عن العالم والمزيد من الصدوع في العلاقات بين إسرائيل وإدارة بايدن» ومن جهة أخرى يذكرنا اياد أبو شقرا بكفاح الجامعات الأمريكية فيكتب: «مثلما لعبت هوليوود دوراً مهماً في المجابهة الليبرالية ضد ظاهرة المكارثية اليمينية المتشددة كانت الحُرم الجامعية وتحديداً في ولايات الجنوب حلبات مواجهة مع حكامها وساستها اليمينيين حصل هذا مع اشتداد عود «حركة الحقوق المدنية» المناوئة للتمييز العنصري في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ورفض غُلاة العنصريين السماح للطلبة السود بدخول جامعات البيض وكان بين أشهر شخصيات تلك الفترة القس الدكتور (مارتن لوثر كينغ) الناشط اللامع ضد العنصرية وغريمه (جورج والاس) حاكم ولاية ألاباما (في حينه) الذي كان من أشرس المناهضين للحقوق المدنية للسود.

1095

| 03 مايو 2024

دور قطر الحاسم والعادل مطلوب من الجميع

في عددها الأخير اختارت مجلة (تايم) الأمريكية الشهيرة 100 شخصية من مختلف القارات والاتجاهات صنفتهم كأكبر مؤثرين في مجال العلاقات الدولية والأوفر حضورا في المحافل الدبلوماسية، ومن بين هذه الشخصيات نجد اسم معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية. وفي قراءتنا لأسباب هذا الاختيار نكتشف أن الوسام وشحت به المجلة في الحقيقة صدر دولة قطر بأكملها وقيادتها، لأن قيادة الدولة هي التي توجه الجهود الدبلوماسية وتحدد السياسات الحكيمة على أسس الشرعية الدولية والقانون الأممي وآخر هذه المواقف وساطة دولة قطر لوضع حد لحرب الإبادة وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه المشروع في دولة وأمن وسيادة وهو ما أكده معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني حين قال إن دولة قطر أكدت منذ البداية التزامها بأن تسهم الوساطة القطرية بين حركة حماس وإسرائيل بشكل إيجابي وبناء وان تجسر الهوة بين الأطراف لإيقاف الحرب، موضحا معاليه أن هناك محاولات إساءة لدور قطر في الوساطة لبحث وقف دائم لإطلاق النار في غزة من قبل سياسيين يريدون خدمة مصالحهم، وهناك استغلال وإساءة للدور القطري وهذا مرفوض. وقال معاليه خلال مؤتمر صحفي عقد الأسبوع الماضي مع سعادة السيد (هاكان فيدان) وزير خارجية الجمهورية التركية: إن دولة قطر انخرطت في عملية المفاوضات من منطلق إنساني ووطني لحماية الأشقاء الفلسطينيين وتحاول مع الشركاء في هذه الوساطة مثل الولايات المتحدة ومصر تقديم المقترحات وهناك تقييم من قطر لعمل الوساطة وكيفية انخراط كل الأطراف. **وأضاف معاليه: «المسألة للأسف أخذت شهورا طويلة والخلافات كانت واسعة دائما نعمل بشكل وثيق مع شركائنا في هذه الوساطة سواء مصر أو أمريكا لتقديم مقترحات على أساس بناء وفي النهاية دور الوسيط هو دور محدود وله حدود لا يستطيع تقديم أشياء الأطراف نفسها تمتنع عنها وتابع قائلا: « تمر المحادثات بمرحلة حساسة وفي مثل هذه المرحلة الدقيقة يجب أن تسفر هذه المحادثات عن إطلاق سراح الرهائن وإيقاف الحرب وهذا ما نسعى إليه منذ اليوم الأول ولكن للأسف رأينا هناك إساءة لاستخدام هذه الوساطة وتوظيفها لخدمة مصالح انتخابية ضيقة وهذا استدعى من دولة قطر ان تقوم بعملية تقييم شامل لهذه الوساطة، مؤكدا أن هناك مزايدات سياسية كبيرة من بعض السياسيين أصحاب مصالح ضيقة يحاولون أن يقوموا بحملاتهم الانتخابية من خلال الإساءة لدور قطر». ** وشدد معاليه على انه من غير المقبول بأن يقال شيء في الغرف المغلقة بينما في العلن يطلقون تصريحات هدامة لا تسهم في إيجاد الحل بشكل إيجابي وقال معاليه: «نحن ملتزمون من هذا المنطلق الإنساني ولكن هناك حدودا لهذا الدور وحدودا للقدرة التي نستطيع أن نسهم فيها بشكل بناء وسنتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب حيال الوساطة». كما أشار إلى انه قبل التصعيد الإيراني دخلت قطر في اتصالات مكثفة مع الطرفين لاحتواء التصعيد. مضيفا: «ولا نعرف بعد إذا ما سيتم احتواء التصعيد أم انه سيخرج عن السيطرة وهو أمر غير معروف لكن ما نسمعه على الأقل من الأطراف انه ليس هناك من يرغب بتوسع النزاع»، مؤكدا أن حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى على تواصل مع القيادات العربية في دول مجلس التعاون ودول المنطقة لأهمية هذه الفترة الحساسة ليتم التنسيق المكثف بين القادة لتوحيد المواقف وهذا ما شهدناه من كافة القادة الذين تواصلنا معهم». كما ذكر معالي رئيس مجلس الوزراء انه بحث مع وزير الخارجية التركي التصعيد في المنطقة وتناولت المشاورات ضرورة خفض التصعيد الى جانب الشراكة الإستراتيجية والعلاقات الثنائية بين البلدين والتنسيق المستمر فيما يخص القضايا الإقليمية والدولية. وبين معاليه أن هذه الزيارة تأتي والمنطقة تمر بظروف حساسة وخصوصا التصعيد الأخير الذي تمر به المنطقة، وشدد على ضرورة احتكام الأطراف إلى خفض التصعيد ولغة العقل والحوار وحل القضايا بالمنطق والتفاوض وليس بلغة السلاح والعنف، قائلا اننا قمنا في الفترة الأخيرة باتصالات مكثفة مع كافة الأطراف طبعا التنسيق بين قطر وتركيا هو تنسيق قائم ومستمر ونحن نقدر ونثمن المواقف التي تتبناها الجمهورية التركية الشقيقة وخصوصا فيما يخص دعم الإخوة الفلسطينيين. ** وشرح معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أصول الموقف القطري الثابت فقال: «إنه في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على أشقائنا الفلسطينيين في الضفة الغربية تؤكد قطر على أهمية أن يرتقي المجتمع الدولي لمستوى مسؤولياته وأن يضع حدا لهذه الحرب وهذا التصعيد والاستفزازات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد أشقائنا الفلسطينيين، مؤكدا أن هذه الأزمة ستبقى مفتوحة طالما لا يوجد هناك حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية حسب قرارات الشرعية الدولية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، مبرزا تقدير وتثمين قطر للدور التركي وأهميته في هذه المرحلة بالنسبة للمنطقة. ** ونجد في رد وزير خارجية تركيا نفس العزم فيما يتعلق بالتنسيق القطري التركي لمنع التصعيد في المنطقة، حيث قال إن هناك آلية تنسيق مكثفة بين الدوحة وأنقرة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية خاصة على الصعيد السياسي، موضحا أن قطر تلعب دورا مهما في المفاوضات لوقف إطلاق النار ووقف التصعيد في المنطقة. ومن الطبيعي ألا يروق الدور القطري الفعال لمن انحازوا للباطل الإسرائيلي المارق عن الشرعية الدولية ومن بين هؤلاء القلائل عضو الكونغرس (ستيني هوير) الذي نشر منشورا على موقعه الرسمي تضمن العديد من المغالطات حول حماس وإسرائيل والدور الذي تلعبه قطر في الأزمة مطالبا دولة قطر بتأمين نتيجة مرضية لإسرائيل في نهاية المطاف!!! وردّت السفارة القطرية في واشنطن على منشور النائب الأمريكي مشيرة الى استغرابها استخدام النائب لغة التهديد موضّحة أن نتيجة التفاوض تقع على عاتق الطرفين المنخرطين مذكّرة إياه بطبيعة العلاقة القطرية- الامريكية التي قدرها جميع المسؤولين في الغرب. مع العلم أنه ليست المرّة الأولى التي يتم توجيه مثل هذه الاتهامات إلى قطر خلال الحرب الإسرائيلية على غزّة، ففي الأشهر الأولى من الحرب، أدلى عدد من أعضاء الكونغرس، والمسؤولين السابقين والأفراد الموالين لإسرائيل في واشنطن بسيل من التهديدات ضد قطر إذا لم تقم بتأمين التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل أو بالأحرى إجبار حماس على التنازل لإسرائيل وتلبية جميع مطالبها. كما ضغط هؤلاء على البيت الأبيض لكي يتّخذ إجراءات ضد الدوحة لضمان التوصّل الى نتيجة مرضية لنتنياهو. ** حاولنا أن نجد صدى هذا الوضع الراهن في الصحافة الإسرائيلية نفسها فلم نعثر على أفضل مما كتبه المحلل السياسي في صحيفة «هآرتس» (تسيفي بارئيل) وهو من أشد معارضي نتنياهو: من أن تنفيذ قطر لتحذيرها من شأنه توجيه ضربة خطيرة للمفاوضات وفرص إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين وذلك ليس فقط لأن الدوحة تتمتع بحضور كبير في قطاع غزة بل لأنها أيضا تمكنت من خلق ديناميكية فريدة في المفاوضات وأدت الوساطة القطرية إلى إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين في نوفمبر الماضي كما أنها توفر قناة مفتوحة بين حماس والولايات المتحدة وحذرت الصحيفة من أن تراجع دور الوساطة القطرية من شأنه أن يوجه ضربة قاسية للمفاوضات وللسلام في المنطقة.

582

| 26 أبريل 2024

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4308

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

2091

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1794

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

1635

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1455

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1173

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

963

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

687

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

672

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

645

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

627

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

567

| 07 ديسمبر 2025

أخبار محلية