رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هذا صدر بيت شعر من النشيد الوطني الرسمي لتونس والذي يفتتح بـ (حماة الحمى يا حماة الحمى*** هلموا هلموا لمجد الزمن * لقد صرخت في عروقنا الدماء *** نموت نموت ويحيا الوطن. إلى آخر النشيد الذي هو مصري في الأصل ومن شعر شاعر النيل مصطفى صادق الرافعي كتبه في الثلاثينيات لتحفيز المصريين لمقاومة الاستعمار البريطاني لمصر أما تلحينه فينسب أحيانا للفنان المصري محمد فوزي وأحيانا أخرى للموسيقار محمد عبد الوهاب. وحين اعتمده التونسيون منذ الثلاثينيات نشيدا للثورة على الاستعمار الفرنسي أضافوا له بيتين من أشهر قصائد شاعرهم العبقري أبي القاسم الشابي بعنوان (إرادة الحياة) وهما: إذا الشعب يوما أراد الحياة*** فلابد أن يستجيب القدر* ولا بد لليل أن ينجلي*** ولا بد للقيد أن ينكسر وذلك بسبب بحر العروض والقافية المشتركين بين قصيدة الرافعي وقصيدة الشابي رحمهما الله. ذكرت هذه المعاني القيمة التي تلهب شعور الجماهير وتحرك حماسها من أجل الفداء بالروح حتى يحيا الوطن محررا من دنس المذلة وخزي المهانة. حتى طلع علينا الشاعر اللبناني المشاغب والرافض للقوالب الموروثة ليقول علنا: «لست مستعدا للموت من أجل وطن لا أجد فيه كرامتي ولا أتمتع فيه بحقوقي بل يتحول باستبداد وظلم بعض رؤساء جمهورياته الوراثية إلى وطن يطردني ويهجرني...» وأتذكر أنا ما قاساه آلاف المفكرين والمثقفين والنخب من آلام الهجرة من بين العرب والذين كتب الله لي أن أتعرف عليهم وأعيش ما عاشوه من غربة في الدول التي قاومنا استعمارها وهيمنتها ثم وجدنا أنفسنا لاجئين في مدنها الباردة لأنها تملك دستورا يحمينا ومكنت العديد من رفاقنا من اللجوء السياسي وعاش معنا أولادنا فتكلموا لغة وطن اللجوء وتعلموا في مدارسها واندمجوا في مجتمعاتها ونشأوا على قيم الحرية والعدالة التي وجدناها لدى مستعمرنا القديم ولم يمنحها لنا حين استولى على خيراتنا واستخرب أرضنا (وليس استعمر) وحين فرض على مجتمعنا قوانينه وتقاليده منذ 1881 فسمى هذا الاستخراب «حماية» حتى يقنعنا بأننا تحت حمايته وتحت جناح رحمته ! الغريب أن هذه الحيلة انطلت ولا تزال تنطلي على «نخبة» من التونسيين والعرب والمسلمين تخرجت في جامعات أوروبا فحصل لديها اعتقاد كاذب وهو أن هذه الأمم الغربية مثل أعلى في التقدم العلمي والحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية بفضل التكاتف بين أفرادها عن طريق مؤسسات الضمان الاجتماعي المقننة والتي تمنح الحق لكل مواطن فيها أن يوهب جراية ويسند ماليا فننسى ويغيب عن إدراكنا أن المجتمعات الغربية ترمي كبار السن من جدود وجدات عيالهم فيما يعرف بدور العجائز وفي الحقيقة أماكن لعزل الطاعنين في السن ليموتوا في غربة مؤلمة وبلا رحمة من ولد صالح أو بنت صالحة انشغلا عنهم بالعمل الشاق في مصنع أو إدارة أو شركة تحولهم إلى عبيد جدد في أسواق النخاسة والربح السريع والصراع المتوحش! ولكن هذه النخبة العربية المسلمة في الحقيقة تم اجتثاثها من تراثها الإسلامي الأصيل وأصبحت مثل زهرة عباد الشمس تتفتح إذا اتجهت نحو شمس فرنسا أو بريطانيا أو أمريكا وطبعا ربوها في مدارس الغرب وجامعاته أن تتنكر لماضيها المجيد وتتنصل من جذورها العميقة فبحثت عن نعمة الانصهار التام في مجتمعات الغرب ولا نتردد في القول بأن التونسي تحول إلى «فرنسي صغير درجة ثانية» وأن المصري تحول إلى «إنجليزي صغير درجة ثانية» فلا نتعجب بعد هذا المسخ الحضاري أن يستمر استغلال القوى الغربية لخيرات أراضينا وأن تصدر لهم دولنا عن طواعية سواعد وعقول شبابنا ليعملوا لديهم بعد أن دفعنا نحن أعز ما نملك ليتعلموا ويصبحوا كوادر مؤهلة للشغل وبناء الأوطان فأصبحوا بناة لدول الغرب بل وقلدناهم كمغلوبين يقلدون الغالب حسب رأي علامتنا عبد الرحمن ابن خلدون في سائر ملبسهم ومأكلهم وفي انتحال لغتهم وأحيانا دينهم!! * ونعود إلى عنوان المقال لنؤكد أن هذه الانحرافات الخطيرة قضت على أوطاننا الأصلية والأصيلة لتعطينا وهما يسمى زورا وبهتانا «اللحاق بركب الحضارة» وهو الشعار الذي كان الحبيب بورقيبة رحمه الله يرفعه باستمرار على مدى عهد حكمه لتونس وهو مؤمن ربما عن حسن نية أن الغرب هو الحضارة وأن على شعوبنا نحن محاولة اللحاق بركبه وبوسائله هو وبقيمه هو وهذه عقيدة النخبة التونسية المسلمة التي صدقت الزعيم بورقيبة واتبعت خطاه حتى أدركنا الإفلاس النهائي لكل جهودها الواهمة للحاق بركب الحضارة!! وإذا قرأتم اليوم سرديات السوريين المنفيين والضاربين في أرض الله منذ عقود أو الناجين من مجازر بشار وأبيه يدرك أن استعادة الوطن يعني استعادة الحقوق والحرية من أنياب ومخالب وحوش بشرية قتلة ومجرمين في حين أن المهجرين قسرا من الشعب السوري يعدون بالملايين بداية من الإسلاميين الناجين من مجزرة حماة سنة 1982 ولنا منهم أصدقاء ورفاق منافي وزملاء في جامعة قطر طالما تذاكرنا وتبادلنا قصص المحن والتشرد وضياع العيال بين المدارس وفقدان الوطن وتلاشي الذكريات مع الزمن. وأتذكر ذات يوم من التسعينيات في مقهى باريسي قدم لي صديق نخبة كريمة من الطيارين الليبيين الذين انتدبتهم (شركة فرنسا الجوية) ليكونوا لديها قباطنة طائرات (إيرباص) بعد أن عوقب العقيد القذافي بتجميد شركة طيرانه والصديق قدم لي الإخوة الليبيين بقوله: «أقدم لك مجموعة من الكلاب السائبة...!» وهو النعت الذي أطلقه العقيد المعقد على كل من يعارضه فضحكنا جميعا ونحن نفكر بحزن وألم في أوطان فقدناها ولم تعد أوطاننا إلى أن يحين يوم تحريرها من الاستبداديات الداخلية الغبية وهي أعتى من الاستبداديات الخارجية التي تستبيح أرضنا وتنتهك عرضنا. لهذه الأسباب نقترح تعديل عبارة الوطن من المطلق الراهن إلى تنسيب «المواطنة» التي هي اشتراك شعب ما في التمتع بالحقوق والحريات في حالة وفرتها لنا الأوطان! فالوطن ليس رقعة جغرافية من الأرض بل مساحة حضارية من قيم ديننا وكفاءة لغتنا وخصوصية تقاليدنا وهذه الكنوز هي التي من واجبنا الحفاظ عليها وتوريثها لعيالنا من بعدنا. وفي حال توارثنا أوطانا تكون بحق أوطاننا يكون من حقها علينا أن نموت من أجلها وتحيا هي حرة خفاقة الراية مرفوعة الرأس محمية بمواطنيها الكرماء المكرمين مدى الدهر.
531
| 27 ديسمبر 2024
في قلب الأزمات الإقليمية العاصفة سافر حضرة صاحب السمو الأمير إلى أنقرة للتنسيق مع الشريك التركي (أردوغان) لجهود العمل المشترك من أجل السلام، حيث أصبح اليوم وخاصة بعد سقوط منظومة الأسدين من البديهي والمعتاد أن تستنجد دول العالم العظمى والإقليمية بالدبلوماسية القطرية التي سنها ووجهها صاحب السمو أمير البلاد لخدمة الأمن والسلام في الشرق الأوسط وفي العالم في كنف الشرعية الدولية وفي احترام كامل لبنود ميثاق منظمة الأمم المتحدة وأصبحت مبادئه هي المحركة للديمقراطيات في سائر بلدان العالم حتى لو مورست المظالم وحروب الإبادة لفترات من الزمن. كما أحيت دولة قطر يوم 18 ديسمبر ذكرى اليوم الوطني والــذي يستذكر فـيـه شعبها السيرة العطرة للمؤسس الشيخ جـاسـم بـن محمد بـن ثـانـي رحمه الـلـه الــذي أرســى قـبـل نـحـو 146 عـامـا لــدى تسلمه مقاليد الحكم في البلاد دعائم دولة ووضع أسس بنائها ونـهـضـتـهـا وكان إحياء الذكرى دون احتفالات إجلالا لما يستمر في غزة ولبنان وسوريا من عدوان همجي إسرائيلي مارق على القانون والأخلاق. وأكدت الدبلوماسية القطرية حرصها على أن تفعل وساطات الخير بين الدول وبين الفصائل المتناحرة في البلد الواحد وفي هذا السياق قالت وزارة الخارجية القطرية في منشور على حسابها بمنصة إكس إن معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي (جاك سوليفان) شددا على ضرورة ضمان وحدة سوريا وعلى العمل على انتقال سلمي في سوريا من خلال عملية سياسية جامعة استنادا إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وأكد الجانبان كذلك على ضرورة تعزيز الجهود لحماية المدنيين ومكافحة الإرهاب كما تلقى سعادة الشيخ سعود بن عبد الرحمن نائب رئيس مجلس الوزراء و وزير الدولة لشؤون الدفاع مكالمة هاتفية من نظيره الأمريكي (لويد أوستن) محورها ملفات الشرق الأوسط ذات الاهتمام المشترك. * في نفس السياق دعت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية الولايات المتحدة إلى المساعدة في بناء سوريا الجديدة قائلة إن الشرق الأوسط بحاجة لقصة نجاح متجسدة في بلد عربي تعددي وديمقراطي ملتزم بحقوق الإنسان بالإضافة إلى أن ذلك يعود بفوائد لأميركا وأوروبا والدول المجاورة وأضافت الصحيفة في افتتاحية لها أنه ومن خلال الدبلوماسية المنخرطة يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في كتابة فصل قادم أكثر إشراقا لهذا البلد «الذي يتمتع بموقع إستراتيجي والذي طالت معاناته». ولا ننسى أن للكيان الإسرائيلي مطامع قديمة في «اغتنام فرصة سقوط بشار للاستيلاء على مغانم التحول في سوريا وهي قلب الشرق العربي الإسلامي وتشكل تاريخ المنطقة وإرث أجدادها وأمجادها وفي هذا الصدد أشارت صحيفة عبرية إلى أن المعارضة المسلحة التي سيطرت على دمشق أعلنت أنها تريد دولة تعددية تسع الجميع رغم أن خلفيتها تشير إلى غير ذلك واستمرت الصحيفة تقول إن الحياة مليئة بالمفاجآت والحياة في الشرق الأوسط مليئة بالصدمات مشيرة إلى عدم توقع العالم سقوط حكم الرئيس المخلوع بهذه السرعة وقالت إن على أحمد الشرع الالتزام علنا بدعم قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي صدر في عام 2015 والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار وإنشاء سلطة انتقالية تضم جميع الفصائل السورية باستثناء الجماعات «الإرهابية» وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بعد 18 شهرا وأشارت إلى أن الاقتصاد السوري أصبح حطاما ويحتاج إلى مساعدة دولية لإعادة البناء وينبغي أن تتوقف تلك المساعدة على التزام الشرع بسوريا شاملة وتعددية. * يجب ألا تغيب عن العرب استراتيجية واشنطن لعدم ترك الحبل على الغارب الروسي فيما حدث في سوريا لأن الولايات المتحدة حسب تحليل نشرته (واشنطن بوست) تصر على الحضور على مائدة الشرق الأوسط مهما تعاقبت الأحداث التي تبدو خارجة عن سيطرتها المباشرة وأشارت الصحيفة إلى وجود نحو 900 جندي أمريكي أما دول الاتحاد الأوروبي فهي تخشى موجات من النازحين نحو سواحلها وهي استراتيجية يستخدمها بعض زعماء اليمين المتطرف لتخويف جماهيرهم من غزو نازحين الى سواحلها ومن جهة أخرى تبحث الدبلوماسية القطرية عن حلول لأزمة الشقيق اللبناني كما كانت الوساطة القطرية سنة 2008 التي أدت الى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية عندما جمع صاحب السمو الأمير الوالد جميع الفصائل في الدوحة. وجـاءت هذا الأسبوع الاجتماعات التي عقدها سعادة الدكتور مـحـمـد بـن عـبـد الـعـزيـز بـن صـالـح الـخـلـيـفـي وزيــر الــدولــة بــوزارة الـخـارجـيـة فـي بـيـروت وشملت دولـة السيد نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال في الجمهورية اللبنانية الشقيقة وسعادة السيد نبيه بـري رئيس مجلس الـنـواب والعماد جوزيف عـون قـائـد الجيش اللبناني والـتـي جـرت خلالـهـا مناقشة جهود سـد الـفـراغ الـرئـاسـي فـي لبنان حيث كـان سعادته حريصا على تأكيد موقف دولة قطر الثابت تجاه الجمهورية اللبنانية ووحدتها وسلامة أراضيها ووقوفها باستمرار إلى جانب شعبها الشقيق وأهمية تضافر الجهود الوطنية وتوحيد الصف اللبناني من أجل تجاوز التحديات الراهنة. * هذه أزمة إقليمية تصدت لها الدبلوماسية القطرية بالعلاج الناجع والفوري إيمانا من القيادة القطرية الحكيمة بأن أمن وسلامة كل شعب من الشعوب العربية مرتبطان وثيق الارتباط بأمن وسلامة الجميع ورأينا كيف تؤدي قطر رسالتها الدائمة في الحفاظ على وساطتها الخيرة من أجل الأشقاء وتحقيقا لمبادئ الشرعية الدولية وتجنب الحروب في منطقتنا ذات البؤر الخطيرة المنذرة بالتفاقم والتوسع. وعندما أذن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بفتح المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة في الدوحة كان يهدف الى تفعيل غايات المجتمع الدولي وطموحاته المشروعة للسلام حتى نعت السيد (غوتيريش) دولة قطر بالشريك الأممي والمؤتمن على رسالة الأمم المتحدة باحتضان كل المؤسسات المختصة التابعة للمنظمة وتوفير العون السياسي والمالي لها لتقوم برسالتها على أفضل الوجوه. وكان الجسر الجوي الذي يحمل المعونات الأخوية للشعب السوري الخارج من جحيم الوحشية رمزا لإنسانية الشعب القطري وتحمله لرسالة التضامن الفعال بين الأشقاء.
501
| 20 ديسمبر 2024
تأثرت بما قاله مواطن سوري مقيم في الدوحة عبر فيديو سجله لنفسه يوم سقوط بشار الأسد: "كانت أول دولة رفعت اليوم راية سوريا فوق مبنى السفارة السورية هي دولة قطر التي تمسكت طوال سنوات الجمر والقهر بموقفها المشرف الرافض للطغيان وغياب مؤسسات الدولة في شقيقتها سوريا ولم تعترف بمنظومة الأسد في حين تسابق العديد إلى إعادة بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية منذ شهرين بحجة واهية هي "توحيد كلمة العرب تجاه مذابح المحتل لفلسطين ولبنان"! وهذه صرخة الحق من مواطن سوري يستعد اليوم للالتحاق بوطنه المحرر حاله كحال سبعة ملايين مهجر قسري سوري أو أكثر شردهم بشار في البلدان المجاورة أو البعيدة باعتبارهم جميعا في نظره "ميليشيات إرهابية...!"، أما في نفس السياق فتسابقت وكالات الأنباء الأوروبية والأمريكية إلى التأكيد على عزم دولة قطر على مواصلة وساطة الخير قائلة انه في صورة افتتاح عهد ما بعد بشار بتقاتل مختلف الفصائل فيما بينها فقد تتدخل هذه الدولة الصغيرة حجما والكبيرة تأثيرا دوليا كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مقابلة في مكتبه في الدوحة عندما سئل عن هذا الاحتمال: "نحن لا نقول لا أبدًا" لأن الإطاحة بالديكتاتور بشار الأسد في نهاية الأسبوع الماضي تسببت في موجة من الفرح للشعب السوري الذي عانى طويلاً. ولكن هناك مخاوف وخاصة بين الدول المجاورة من أن الفصائل التي طردت الأسد في هجوم خاطف قد تبدأ في التقاتل فيما بينها من أجل السلطة مما يؤدي إلى عنف جديد وأكد الأنصاري أن المسؤولين القطريين على اتصال بالفعل بمجموعات في سوريا رغم أنه رفض تسمية أي منها وقال: "نحن على اتصال بجميع الأطراف المعنية على الأرض". وتأتي تعليقاته بعد أن ذكرت وكالة رويترز يوم الاثنين أن قطر على اتصال مع جماعة المعارضة الأقوى هيئة تحرير الشام ونحن نلاحظ أن هذه الوساطة تجعل قطر شريكًا أكثر أهمية للقوى العظمى التي غالبًا ما تلجأ إليها للمساعدة في التعامل مع الخصوم حينما تتعقد أزمة إقليمية. اليوم وسوريا بعد ستين عاما بلا حزب البعث وبعد 54 عاما بلا أسد يتنفس السوريون أينما كانوا أكسجينا نقيا غير ملوث بالأكاذيب والشعارات المضللة والانحرافات المبرمجة بقصد واحد أساسي هو تأبيد بشار الأسد في الحكم حتى لو قتل جميع السوريين. وما فتح أبواب بلاده في وجه قوى أجنبية إقليمية أو بعيدة سوى بقاء الرئيس بشار في قصر السلطة حتى على جبل من الجماجم وعلى ركام أشباح بشرية تم اكتشافها في سراديب سجن (صندينيا) الرهيب تحت الأرض ومنهم أطفال و نساء وطاعنون في السن لم يصدقوا الثوار الذين هبطوا السراديب لتحريرهم كأنما تحولوا إلى هياكل عظمية ملتصقة بجدران الكهوف المبتلة بالرطوبة منذ أن دفنها بشار بلا رحمة ونسيها وتغنى له كورال الشبيحة بـ "بالروح والدم نفديك يا بشار..!" من سنن الله سبحانه ومن سنن التاريخ أن يمتطي بشار طائرة تقله الى موسكو هو وزوجته وابنته وولديه فقط لا غير ويترك وراءه رئيس حكومته ومدير سجن صندينيا وجلاديه ومئات الآلاف من الشبيحة ببراميلهم المتفجرة معهم شاهدة على الحقيقة إلى جانب سلاحه الكيميائي الذي قضى على آلاف الضحايا ذات يوم ! من أين سيبدأ المعارضون الماسكون بزمام الحكم لمحاسبة هؤلاء وإنهاء مرحلة الإفلات من العقاب بعد ارتكابهم لجرائم فظيعة يعجز اللسان عن تعدادها لهول ما اكتشفه الثوار من أثار المسالخ البشرية التي فاقت كل عهود محاكم التفتيش الإسبانية وعهود مجازر المستعمر الفرنسي في الجزائر والألماني في موزنبيق والبريطاني في الهند! ومن جهته ذكر (بيدرسون) الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا أنه اتفق مع أطراف فاعلة على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية تحترم جميع الأقليات في البلاد ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن (بيدرسون) قوله: "اتفقت مع المسؤولين الروس والإيرانيين والأتراك خلال اجتماع في الدوحة على محاولة العمل مع القادة الجدد في سوريا لإنشاء حكومة انتقالية تحترم جميع الأقليات وعبر (بيدرسون) عن أمله في أن تتمكن الجماعات المسلحة من الاتفاق على إنشاء دولة سورية موحدة ولا تحاول كل جماعة الاحتفاظ بالسيطرة على مدينة أو قرية حررتها. وأشار إلى أن المجتمع الدولي يمكن أن يحشد إمكانياته لتمكين جميع النازحين واللاجئين من العودة إلى ديارهم، مبينا "حان الوقت للتفاؤل الحذر ولكن أيضا للتحذيرات من التحديات التي تنتظرنا إذا لم ننجح في تحقيق ذلك، ومن جانبه قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان (فولكر تورك) إن عملية الانتقال السياسي في سوريا بعد سقوط بشار ونظامه الدموي يجب أن تشمل محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت خلال فترة حكمه ودعا إلى حماية الأقليات. وأضاف: "لقد شهدنا الإطاحة بنظام مستبد بعد عقود من القمع الوحشي وبعد 14 عاما من النزاع المستمر، موضحا أن عملية الانتقال السياسي يجب أن تضمن مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة ومحاسبة المسؤولين عنها أما اختلاف مواقف ومقاربات الدول العربية فقد تجلت واضحة في البيان الذي صدر عن جامعة الدول العربية إثر اجتماع وزراء الخارجية في القاهرة حيث جاء فيه "تتابع جامعة الدول العربية بقلق بالغ التطورات الميدانية في سوريا وتؤكد على ضرورة احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية. وعن المفاجأة التي شعر بها الجميع عندما انهار الجيش الموالي للأسد في ساعات قال رئيس (أم أي 6) جهاز المخابرات البريطاني السابق السيد (جون ساورس) لصحيفة (الغارديان) نعم إن ذلك كان مفاجأة للجميع حتى للفصائل المقاومة التي لم تكن تتوقع هذا الانهيار السريع حينما شاهدوا استسلام كبار الضباط لهم وتسليم عتادهم الحربي وأسلحتهم للثوار. أما إسرائيل ففرحت علنا برحيل الأسد وفقدان إيران لأذرعها الإقليمية في المنطقة لكن صحيفة (معاريف) كتبت في افتتاحيتها:" في الحقيقة فقدنا حارسا أمينا لحدودنا الغربية طيلة نصف قرن والذي لم يطلق على إسرائيل رصاصة واحدة مع تمثيله دور المتصدي لنا والمدافع عن فلسطين!".
1698
| 13 ديسمبر 2024
عجز المتابعون العرب والعجم عن الإجابة على هذا السؤال ولو جزئيا! الجميع يعلم يقينا أن ما يجري في هذه البلاد عبارة عن طلاسم معقدة من المستحيل فك أسرارها، ومن المستحيل أيضا تحميل مسؤولية الفوضى والقتل لطرف من الأطراف المتشابكة وأنا مواطن عربي من بين 300 مليون عربي أتابع كما يتابعون على قنوات الفضائيات وعلى وسائل الاتصال الجماهيري مشاهد آثار القصف على مدن وقرى سوريا من مبان مهدمة ومحاولات إنقاذ السوريين المدنيين المدفونين تحت أنقاض الركام. تماما نفس مشاهد غزة وجنوب لبنان ثم بيروت ذاتها وكأن محكمة الجنايات الدولية لم تصدر مذكرات توقيف ضد رئيس حكومة المحتل ووزيره للدفاع وكأن الرأي العام العالمي في عقر ديار الغرب الذي صرخ عاليا في مظاهرات مليونية تنديدا بالمجازر ودعما لحل الدولتين لم يتحرك فأضفنا له نحن العرب مأساة سوريا حتى نضيعه في متاهات غامضة تستعصي عن الفهم!. * تقول آخر الأخبار إن الفصائل العسكرية المعارضة لنظام الأسد بسطت في فترة زمنية قياسية سيطرتها على مركز محافظة حلب ومساحات شاسعة من ريفها ونقاط عسكرية ومراكز حيوية استراتيجية مثل مطار حلب الدولي ومطاري منغ وكويرس العسكريين إضافة إلى الأكاديمية العسكرية ومعامل الدفاع في السفيرة، وسيطرت هذه المعارضة المسلحة على كامل محافظة إدلب بحدودها الجغرافية ومطار أبو الظهور العسكري ومساحات من ريف حماة الشمالي وصولاً إلى حدود مدينة حماة خلال أربعة أيام عقب إطلاق المعارضة السورية معركة، وكما قال أحد المحللين العسكريين: فإن هذه الفصائل انتقلت من مهمة الحفاظ على المناطق التي تسيطر عليها ومناطق خفض التصعيد إلى تحقيق مكاسب ميدانية، مثل السعي إلى استعادة حلب بعدما استجمعت قواتها بشكل ربما فاجأ قوات النظام السوري، مؤكدا أن وجود حزب الله وإن بشكل غير رسمي في هذه المناطق وما لحق به من ضربات إسرائيلية في لبنان أفقدته بعض قوته، حيث لم يعد كالسابق، إضافة إلى أن إيران أصبحت حركتها محدودة داخل سوريا، وهذا ما شجع قوات المعارضة على التحرك ميدانيا. * وفي السياق ذاته أشار الخبير العسكري العراقي إلى التقارير التي تحدثت عن وجود دعم غربي عسكري للمعارضة السورية لأول مرة، وذلك بغرض فتح جبهة جديدة ضد روسيا التي لم تعد سوريا أولوية عندها بسبب انشغالها بالحرب في أوكرانيا لكن قوة الجيش الروسي الذي يملك قدرات تدميرية كبيرة وتفوقا جويا وصاروخيا اضطرته الى التدخل المباشر والمعلن لحماية نظام الأسد لا حبا في الأسد بل حرصا من بوتين على عدم ترك المجال فارغا للولايات المتحدة لتكون اللاعب الوحيد في الشرق الأوسط، وهو ما قد يقلب المشهد على المعارضة السورية بشكل يسمح بإيقاف الهجوم الحالي. * ورأينا كيف احتار العرب في إعلان موقف واضح وموحد تجاه طلاسم سوريا حيث قال بيان لجامعة الدول العربية: «تتابع جامعة الدول العربية بقلق بالغ التطورات الميدانية في سوريا وتؤكد على ضرورة احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية» أما إسرائيليا فقد أكدت صحيفة «معاريف» العبرية أن ما يجري هناك يدل قطعيا على تقلص النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط بعد الضربات الموجعة التي تلقاها حزب الله واكتفاء الحشد الشعبي في سوريا والعراق بالتنديد والوعيد، وهما كما تدرك إسرائيل للتسويق الداخلي لا غير، وتقول «معاريف» إن ما يجري فرصة ذهبية للدولة العبرية لكي تعيد مع الرئيس الأمريكي الجديد القديم (ترامب) تشكيل خريطة جيوستراتيجية للشرق الأوسط حلمت بها منذ عقود وتجلت في كتابي (كوندوليزا رايس) و(شمعون بيريز) بنفس العنوان (الشرق الأوسط الجديد) وألحت افتتاحية هذه الصحيفة على ضرورة التسريع في توسيع عمليات التطبيع خاصة مع المملكة العربية السعودية وبقية الدول العربية لفرض منظومة جديدة لكامل الشرق الأوسط تكون إسرائيل قاطرتها وسيدة الكلمة الفصل فيها كما صرح (دونالد ترامب) دون تلعثم ودون تردد حتى قبل أن يعاد انتخابه للعهدة الثانية. * وتسابق الحكومات الأوروبية الى حجز أماكنها في المنظومة الجديدة المتوقعة للشرق الأوسط أكبر بنفطها وغازها لنصف قرن قادم وهو أيضا ما اتضح في سلوكيات ملك بريطانيا (شارل الثالث). كتب المحلل السياسي السعودي راشد القحطاني في صحيفة (الشرق الأوسط) ملخصا مأساة سوريا فقال: «كانت سوريا مقصد التجار والصناع حتى دخلتها الحزبيات والولاءات الخارجية ودعوات القومية والبعث والشيوعية فاستولى «الرفاق» على غرار الرفاق في الاتحاد السوفيتي على سوريا بالرغم من عدم توافقهم الداخلي والخارجي وانقسامهم وكان الاتحاد السوفيتي هو المستفيد حيث وجد موطئ قدم في البحر الأبيض المتوسط ومع تولي حافظ الأسد السلطة عام 1970 تبدل حال «الرفاق» وبقي منهم القلة حين دارت رحى الطائفية فكانت سوريا من نصيب أسرة الأسد وطائفتهم العلوية مع بقاء عدد من العناصر السنية لإقناع بقية الشعب السوري أن الحكومة تمثل الجميع»! وانتشرت الاضطرابات في البلاد واشتدت وطأة الأمن في سحق الاحتجاجات ومع الوقت حملت المعارضة السلاح للدفاع عن نفسها في المقام الأول ولاحقا للتخلص من قوات الأمن في المناطق التي سيطرت عليها وتعهد الأسد بسحق ما وصفه بـ «الإرهاب المدعوم من الخارج» وتصاعدت وتيرة العنف سريعا وغرقت البلاد في الحرب الأهلية وخرجت مئات المجموعات من المعارضة المسلحة بحيث تحول الأمر سريعا لما هو أكبر من مجرد خلاف بين فريقين مع وضد الأسد. وبدأت القوى الغربية في انتقاء الأطراف التي تدعمها بالمال والسلاح والمقاتلين. ومع تدهور الأحوال وانتشار الفوضى ظهرت المنظمات الجهادية المتطرفة بأهدافها الخاصة مثل تنظيم الدولة والقاعدة وزاد هذا الوضع من مخاوف المجتمع الدولي الذي يرى مثل هذه المنظمات تهديدا كبيرا وظهر بُعد جديد فرضه وجود الأكراد السوريين الذين طالما أرادوا حكما ذاتيا وإن كانوا لم يقاتلوا ضد قوات نظام الأسد. مع العلم للتاريخ أن أول انقلاب على الدولة المدنية قام به اللواء حسني الزعيم سنة 1949 ثم تعاقبت الانقلابات الى أن استولى حافظ الأسد على الحكم وكان وزيرا للدفاع ولم تستقر سوريا منذ ذلك العهد الى اليوم.
546
| 06 ديسمبر 2024
وافقت إسرائيل أخيرا على قرار وقف إطلاق النار في لبنان! مضطرة لأن مقاومة حزب الله فاجأت العدو المحتل بضراوتها وصمودها وتهديدها اليومي لمدن الاحتلال بصواريخ ومسيرات في قمة التكنولوجيا والدقة ولكن المحتل استمر في قصف غزة البطلة ومن جهته لخص زميلنا توفيق الحميدي بإيجاز تداعيات قرارات محكمة الجنايات الدولية منذ أصدرت المحكمة مذكرتي اعتقال ضد رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يؤاف غالانت قائلا «رغم الضغوطات الغربية الهائلة التي تعرضت لها المحكمة ونائبها العام كريم خان للحيلولة دون إصدار هذه المذكرات حيث تشمل جرائم الحرب التي يتهم بها نتنياهو وغالانت: وهي «تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب وتعمد إحداث معاناة شديدة وإلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة والقتل العمد وتوجيه هجمات ضد السكان المدنيين أما الجرائم ضد الإنسانية فتشمل الإبادة والقتل العمد بما في ذلك في سياق الموت الناجم عن التجويع والاضطهاد وأفعال لا إنسانية أخرى». * ومن الأسئلة العديدة التي يطرحها الناس: من سينفذ مذكرات الاعتقال؟ الجواب هو: تتضمن مذكرات الاعتقال تفاصيل المشتبه به ووصف جريمته والأسس القانونية لإصدارها ثم يتم إرسال مذكرات الاعتقال إلى الدول الموقعة على معاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية وهي 124 دولة التي تكون ملزمة بالتعاون مع المحكمة لتنفيذ مذكرات الاعتقال. وسؤال ثان: هل بإمكان نتنياهو وغالانت السفر؟ الجواب هو: سيتعين على نتنياهو وغالانت التفكير جيدا قبل أن يقررا السفر إلى أي من هذه الدول الـ 124 حول العالم خشية تعرضهما للاعتقال وهذا يعني أنهما سيكونان ملاحقين دوليا مما سيحد من تحركهما وسفرهما دوليا. سؤال ثالث مهم: لا تعترف بعض الدول بسلطة المحكمة مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين مما قد يُصعّب تنفيذ مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟ الجواب القانوني هو: رغم الالتزام القانوني للدول الأعضاء في المحكمة إلا أن بعضها قد يواجه صعوبات في تنفيذ مذكرات الاعتقال بسبب الضغوط السياسية أو الدبلوماسية فمثلا قد تتردد بعض الدول في اعتقال مسؤولين رفيعي المستوى مثل رؤساء دول بسبب علاقات سياسية أو اقتصادية. وترى بعض الدول أن رؤساء الدول يتمتعون بحصانة سيادية رغم أن المحكمة لا تعترف بهذه الحصانة بالنسبة للجرائم الدولية كما تتجنب بعض الدول تنفيذ الاعتقالات منعا للتوترات السياسية أو العسكرية مع الدول المعنية وخوفا من العواقب. لكن القانون ينص على أنه إذا رفضت دولة موقعة تنفيذ مذكرة اعتقال يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تحيل الأمر إلى مجلس الأمن الدولي أو أن تتخذ إجراءات دبلوماسية لإدانة الدولة. ومن جهته قال السيد خان المدعي العام لدى المحكمة: «إن أي تأخير غير مبرر في هذه الإجراءات يؤثر سلبا على حقوق الضحايا» وأكد أن المحكمة تتمتع بالولاية القضائية على الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم وحشية في الأراضي الفلسطينية وطلب من قضاة المحكمة رفض الطعون التي قدمتها عشرات الحكومات الخائفة من ردود فعل دولة عظمى كالولايات المتحدة. سؤال آخر هو: هل تعترف «إسرائيل» بالمحكمة الدولية؟ الجواب القانوني هو: مع العلم أن إسرائيل لا تعترف بالولاية القضائية للمحكمة التي تأسست عام 2002 لكن تم قبول عضوية فلسطين في المحكمة وهي طرف معني بالإجراءات الأخيرة ولذلك تصر إسرائيل على مواصلة حرب الإبادة الجماعية في تحدّ لمذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت كما سبق أن تجاهلت قرارين لمجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب فورا وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة! فحولت إسرائيل قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم إذ تحاصره للعام الـ18 وأجبرت حربها نحو مليونين من مواطنيه البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني على النزوح في أوضاع كارثية مع شح شديد ومتعمد في الغذاء والماء والدواء فضلا عن قتل 44 ألفا منذ بدء الحرب. ومن جهته علق نائب الرئيس المصري الأسبق محمد البرادعي على مذكرات التوقيف قائلا: «هناك تعاطف غير مسبوق في كل أنحاء العالم شعبيا وسياسيا وقانونيا مع حقوق الشعب الفلسطيني وضد الاحتلال والعنصرية الإسرائيلية» وتابع: «ليس بيدي سوى أن أطلب من الحكومات العربية باسم الإنسانية وباسم الشعوب العربية أن تتناسوا خلافاتكم وأن تتقدموا الصفوف مجتمعين وأن تستخدموا ما لديكم من نفوذ وهو ليس بقليل للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. وأضاف عبر «إكس»: «هذه فرصة قد لا تتكرر ولن تطول وقبل أن يتم تنفيذ المخطط الجاري لتصفية القضية.. اللهم قد بلغت». وفي نفس السياق كتب أمس المفكر الفلسطيني ماجد كيالي على موقع (درج) يقول: «ثمة ظاهرتان: الأولى أن إسرائيل في ظل حكومة اليمين القومي والديني المتطرف، بقيادة نتنياهو وسموتريتش وبن غفير بشنّها حرب إبادة جماعية في غزة ولبنان تنذر بعودة الفاشية والميل إلى الانقضاض على قيم الحداثة والليبرالية الديمقراطية التي أعلت من شأن القيم الإنسانية قيم الحرية والكرامة والمساواة وهو ما نلاحظه أيضاً في مظاهر تقييد حرية الرأي في بعض الدول الغربية ومحاولة حظر نقد إسرائيل الاستعمارية والعنصرية والعدوانية بدعوى مناهضة اللاسامية. * وبالرغم من دعم الاتحاد الأوروبي لحل الدولتين واعترافه بالدور المحوري للقانون الدولي فإن الموقف الأوروبي قد يشهد انقسامات نتيجة المصالح الوطنية المختلفة حيث من المرجح أن تدعم دول مثل النرويج وأيرلندا القرار استنادًا إلى مواقفهما المؤيدة للعدالة الدولية والحقوق الفلسطينية بينما دول ألمانيا وفرنسا قد تعبران عن تحفظات خشية تأثير القرار على استقرار المنطقة. هذا التحفظ يعكس القلق الأوروبي من تقويض أي جهود دبلوماسية سابقة لتحقيق السلام في حين أن (جوزيب بوريل) مسؤول الخارجية للاتحاد الأوروبي أعلن بوضوح أن موقف الاتحاد الأوروبي سينحاز إلى جانب القانون الدولي دون موقف سياسي معين.
363
| 29 نوفمبر 2024
كتب زميلي وصديقي محسن النويشي مقالا في 23 مايو 2021 بعنوان (فلسطين نحررها أم تحررنا) ملخصه أننا نحن العرب نتساءل منذ قرن: «كيف نحرر فلسطين من عدو غاصب يتعذب شعبها يوميا في مظلمة تاريخية غير مسبوقة بلغت مع رئيس حكومة المحتل الحالي حد الإبادة المعلنة للجميع ونحن أهل العروبة والإسلام لا نزال نشعر بعقدة ذنب لا تغفر لنا لأننا عجزنا عن القيام بأي عمل يردع المحتل ويضع حدا لحرب الإبادة؟»، هذا موجز ما قاله أخي محسن النويشي وأنا أضيف له الإشارة إلى نبل وصدق الموقف القطري الذي أعلن للجميع وهو قبول الوساطة بين المحتل والضحية الفلسطينية التي كانت من أجل هدف سام وذي استعجالية وهو إيقاف المجزرة البشرية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية عبر تصفية الفلسطينيين نهائيا!، و لا يزال الموقف القطري قائما على أسس شرعية المقاومة واحترام القانون الدولي بلا مراوغات المحتلين التي تحرف معاني الإرهاب عن مقاصدها المثبتة في بنود ميثاق منظمة الأمم المتحدة بقصد تحويل وجهة الأنظار الأوروبية والأمريكية من فهم حقيقة الاحتلال إلى قبول المصطلحات المغشوشة وترويجها لدى شعوبهم!، ومن اعتبار الاحتلال عدو فلسطين الحقيقي إلى اعتبار إيران هي العدو! ومن اعتبار إبادة شعب غزة هو الإرهاب بل من الكبائر إلى اعتبار المقاوم من أجل أرضه وعرضه هو الإرهابي!، وربما في نفس السياق من قلب الحقائق كتب أشهر الإعلاميين البريطانيين وأعرفهم بملفات الشرق الأوسط (ديفيد هيرست) في موقعه الإلكتروني ذائع الصيت عالميا (ميدل إيست أي) أي عين على الشرق الأوسط يقول: «لا يمكنني القول ما هي خطط (ترامب) في عهدته الثانية التي سوف ترى النور هذا لو فعلا رأى أي منها النور ولكني أعلم أن العالم العربي تغير خلال الشهور الثلاثة عشر الماضية ولم يعد كما كان، وأن فريق ترامب لن يعود إلى الملعب نفسه الذي كان يلهو فيه من قبل في عام 2017، لأن المشاهد التي تنقلها قناة الجزيرة والقنوات النزيهة الغربية والعربية لم تعد مفاجئة لأحد: «مجموعة من الرجال والنساء وحتى الأطفال من المدنيين يحملون أكياسا من الدقيق يتم سحقهم حيث هم محاولون النجاة بكيس طحين أو أرز بقصف وحشي مباغت لا يبرر من طائرات مقاتلة إسرائيلية أوهمت هؤلاء البؤساء بفتح ممرات آمنة فاطمئنوا وهو ما يشكل مذبحة مريعة الغاية الوحيدة منها هي ارتكاب جريمة إبادة جماعية والقتل بسلاح التجويع ومما رسخ في الذاكرة صورة ما بقي بعد القصف تتمثل في أشلاء بشرية ممزقة بجانب بقايا أكياس على مسافة طويلة في شمال رفح وصورة عربة توك توك مقصوفة بجوار نقطة توزيع المساعدات الإنسانية في نفس الخط المأساوي المروع. مع مشهد حصان يجر عربة بتثاقل وطفل يمشي بعيدا عن المكان ولوحة ناطقة بالجريمة يظهر فيها الفلسطينيون مشدوهين ينظرون في الفراغ وقد تسمروا من أثر الصدمة لا يعرفون ماذا يفعلون كأن الطحين عزيز أما حياة الإنسان فلا! بينما كان ذلك كله يحدث كان وزير الخارجية الأمريكي (أنطوني بلينكن) يعلن على الملأ بزهو أنه «مسرور بعدد شاحنات المساعدات التي سمحت لها إسرائيل بالدخول»، وبأنه لن يفرض عليها العقوبات التي كانت بلاده قد هددتها بها في الثالث عشر من أكتوبر 2024 وقال المسؤولون في وزارته: «إن إسرائيل اتخذت «خطوات مهمة» لمعالجة المسائل التي كانت الولايات المتحدة قد أعربت عن قلقها إزاءها فيما يتعلق بالوضع الإنساني في غزة ولكن هؤلاء الناطقين باسم الخارجية الأمريكية لم يتوسعوا في شرح ما هي تلك الخطوات المهمة التي اتخذتها إسرائيل برأيهم! * ما من شك في أن (بلينكن) كان يتحدث بشكل آلي إلا أن تفاؤله إزاء دخول المساعدات لم تشاركه فيه (الأونروا) وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة التي صرحت بأن شهر أكتوبر 2024 شهد دخول أقل كمية من الطعام والأدوية إلى غزة خلال عام وشهور منذ الطوفان. الغريب أن الجنرال الإسرائيلي (أتزيك كوهين) قال في تصريح للصحفيين الإسرائيليين إنه: «لا توجد لدينا نية للسماح لسكان شمال قطاع غزة بالعودة إلى مناطقهم»! مضيفاً «ان المساعدات الإنسانية سوف يسمح بدخولها «بشكل منتظم» إلى جنوب القطاع، مؤكدا أنه «لم يعد يوجد مدنيون» في الشمال وجميعهم مسلحون ولكن بمجرد أن انتهى من تصريحه ذلك تدخل رؤساؤه من الضباط الأرفع منه درجة ليكذبوه لأن ما قاله هذا الأهوج دليل إثبات على ارتكاب جريمتي حرب: استخدام التجويع كسلاح والترحيل القسري للسكان!. * وإذا كان الديمقراطيون يريدون أن يعرفوا لماذا قام عدد كبير من الناس في قاعدتهم الانتخابية – شباب الجامعات والكليات والعرب والمسلمون الأمريكان – بالتخلي عن مرشحتهم «المرحة الضحوكة» لصالح «قوى الظلام»، فهذا هو السبب بل تتحمل المرحة الضحوكة (كامالا هاريس) القدر نفسه من المسؤولية مثلها مثل الرئيس (جو بايدن) ومثل (بلينكن) فهي لم تقدم بتاتا على النأي بنفسها عن سياسة إدارتها تجاه غزة بل وكما قالت هي بنفسها: «نعم كنت حاضرة داخل قاعة العمليات عندما كانت تتخذ القرارات بهذا الشأن» ويقول (هيرست): «رسالتي لهم هي: لا تبحثوا في أي مكان آخر عن سبب هزيمتكم لأنكم سوف تجدونه كله ماثلا هنا في المرآة التي أمامكم!» وهي أيضا الثغرة التي دخل منها (ترامب) لمنطقة الفوز متظاهرا بأنه مرشح «وقف الحرب» فتذكروا حين توجه (ترامب) نحو الإمام الساذج لمسجد بلدة (هامترامك) في (ديترويت) قائلا» إنه سوف يجلب السلام وفي واحدة من أكثر الحركات الانتخابية البهلوانية سخرية حين ظهر الإمام وزملاؤه المصلون على المنصة مع (ترامب) مبايعين له وها هو ترامب بعد بضعة أيام فقط من انتخابه يملأ مقاعد وزارته بأناس لم يكفوا عن تبرير ما تمارسه إسرائيل من نشر للحرب في أرجاء المنطقة كافة ومن هؤلاء (مايك والتز) الذي روج له موقع التواصل الاجتماعي التابع لترامب واسمه (تروث سوشال) باعتباره «خبيرا في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب!! كان (والتز) هذا هو الذي اختاره ترامب ليشغل منصب مستشار الأمن القومي لديه قد صرح لقناة فوكس نيوز في سبتمبر 2024 بأن وقف إطلاق النار وصفقة تحرير الرهائن لن توقفا الصراع... وأضف اليه الرجل الذي يشاع أنه مؤهل لوزارة الدفاع وهو المتطرف الذي ملأ الوشام ذراعيه المفتولتين وكان اشتغل ضابطا في جيش إسرائيل!! ومن شهادات الأمس الخميس السيد (لازاريني) المفوض العام للأونروا قال: «غزة أصبحت مقبرة للأطفال» والصحفية الفرنسية (هيلين فريفو) من قناة فرنسا الحكومية قالت: «مشهد أجساد أطفال غزة تتطاير في الهواء يقطع القلوب».
456
| 22 نوفمبر 2024
قبل أن نستعرض مواقف المفكر (فوكوياما) وهو من أصول يابانية في فوز (ترامب) نؤكد أن أحداثا جديدة وقعت أعادت لقضية فلسطين اهتمام الرأي العام العالمي وهي كما وصفها الإعلامي التونسي صلاح الدين الجورشي تكشف عن دلالات لا يمكن التقليل من شأنها وذلك بعد أن اكتسب الحدث أبعادا دولية ويعدد (فوكوياما) تلك الأحداث التي منها إرسال حزب الله صواريخ أصابت ثكنة عسكرية إسرائيلية قتل فيها باعتراف إسرائيل عقيد وجنود. كما أن عالمة الاجتماع الأمريكية (نوامي كلاين) والتي عملت مديرة الحملة الرئاسية لـ (بيلي ساندرس) كتبت في كتابها الأخير الصادر منذ أسبوع بعنوان (رحلة في عالم المؤامرات) مايلي: «إن اليمين المتطرف الأمريكي الذي يتزعمه (ترامب) يقود المجتمع الأمريكي والعالم نحو البحث عن الربح المادي والمتعة الجسدية وذلك بإلغاء الأخلاق والأديان والقيم. وهذه التغييرات الكبرى في مجالات سياسية مهمة عددها المفكر الأمريكي الشهير (فوكوياما) تبدأ من ملف الهجرة إلى التلويح بعزمه إنهاء حربي أوكرانيا والشرق الأوسط لكن أهمية هذا الفوز للرجل ولحزبه الجمهوري تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك لأنها تمثل رفضا حاسما من قبل الناخبين الأمريكيين لليبرالية والطريقة الخاصة التي تطور بها فهم «المجتمع الحر» منذ ثمانينيات القرن الـعشرين لأنه بكل بساطة يختلف مجتمع الولايات المتحدة في سنة 2016 عن نفس المجتمع سنة 2024. بهذه الحقيقة البديهية افتتح المفكر الأمريكي مقالا تحليليا نشرته صحيفة (فايننشل تايمز) البريطانية قال فيه إن ترامب عندما انتُخِب لأول مرة عام 2016 كان من السهل الاعتقاد بأن هذا الحدث شاذ لأنه ترشح ضد خصم ضعيف لم يأخذه على محمل الجد ولكن بعد عهدة أولى ذات النتائج الشعبوية الكارثية استيقظ الشعب الأمريكي على حقائق جديدة بدأت بحادثة غزو مقر الكونغرس الخطيرة وانتهت بقرارات عجيبة منها مغادرة واشنطن حلف الناتو وهي زعيمته ومؤسسته ثم رفض المعاهدة الشهيرة الموقعة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والخمس دول غربية زائد روسيا سنة 2015!! ثم جاء قراره المفاجئ بتسليم القدس الى إسرائيل «عاصمة أبدية لدولة إسرائيل غير قابلة للنقاش عوض تل أبيب» فانقلبت كل الموازين التقليدية في الشرق الأوسط واستحال التخطيط لحل الدولتين فانطلق الفلسطينيون في الإعداد للمقاومة على إثر انسداد كل آفاق السلام والأمن بين إسرائيل وجيرانها وبعد الفوز الثاني لترامب حذر الرئيس الفرنسي (ماكرون) زملاءه الأوروبيين خلال القمة الأوروبية في بروكسل المنعقدة الأسبوع الماضي من خطيئة تسليم الدفاع عن دولهم الى قوة أجنبية مهما كانت عظمتها من خارج الاتحاد الأوروبي! وطبعا يشير بوضوح الى الولايات المتحدة. وفي نفس السياق كتب صحفي فرنسي شهير هو السيد (أدوي بلانال) مؤسس ومدير أشهر موقع سياسي (ميديا بارت) مقالا قال فيه: «حان الوقت لخروج أوروبا من الغيبوبة ومواجهة ما يحدث بغزة. لكن بعد تصويت يوم الثلاثاء يبدو الآن أن رئاسة (بايدن) هي «الحالة الشاذة»، وأن (ترامب) يدشن حقبة جديدة في السياسة الأمريكية وربما العالمية لأن الأمريكيين صوتوا وهم على علم تام بمن هو (ترامب) وبما يمثله. وتعليقا على الطبيعة الأساسية لهذه المرحلة الجديدة من التاريخ الأمريكي أبدى (فوكوياما) رأيه في الليبرالية الكلاسيكية التي يعتبرها عقيدة مبنية على احترام الكرامة المتساوية للأفراد من خلال حكم القانون الذي يحمي حقوقهم وقدرة الدولة على التدخل في هذه الحقوق وقال إنها تعرضت لتشويهين كبيرين في العقود الأخيرة: التشويه الأول كان صعود «الليبرالية الجديدة»، التي تقدس الأسواق وتقلل من قدرة الحكومات والنقابات على حماية المتضررين من التغيير الاقتصادي، والتشويه الثاني تمثل في صعود سياسات الهوية أو ما قد يطلق عليه «الليبرالية المستيقظة» واستخدام سلطة الدولة بشكل متزايد ليس في خدمة العدالة بل لتعزيز نتائج اجتماعية محددة لمجموعات المصالح الربحية العاجلة خاصة وقد أدى صعود هذه المفاهيم المشوهة لليبرالية -حسب فوكوياما- إلى تحول كبير في الأساس الاجتماعي للسلطة السياسية مما أشعر الطبقة العاملة أن الأحزاب السياسية اليسارية لم تعد تدافع عن مصالحها وبدأت في التصويت لأحزاب اليمين وبالتالي انتصر الجمهوريون بأصوات الناخبين من الطبقة العاملة البيضاء ومن الجاليات العربية والمسلمة والمكسيكية لأن هذه الجاليات أدركت عنصرية (بايدن) وشريكته (هاريس) مما جعلها تنتخب (ترامب) ببصيص من الأمل في وعوده الانتخابية بإنهاء حربي أوكرانيا والشرق الأوسط!. وأشار (فوكوياما) إلى أن (ترامب) لا يريد فقط دحر الليبرالية الجديدة والليبرالية المستيقظة بل إنه يشكل تهديدا على الليبرالية الكلاسيكية نفسها في عديد من القضايا وبالتالي لن تكون رئاسته الجديدة شبيهة بولايته الأولى، والسؤال الحقيقي الآن ليس عن خبث نواياه بل عن قدرته على تنفيذ ما يهدد به بالفعل. ومن الخطأ -حسب الكاتب- عدم أخذ العديد من الناخبين خطاب ترامب على محمل الجد وكذلك زعم الجمهوريين أن الضوابط والتوازنات في النظام الأمريكي ستمنعه من القيام بأسوأ ما لديه لأن (ترامب) يؤمن بالمنهج الحمائي المعلن المتمثل في «الأولوية للبضاعة الأمريكية» وقد اقترح فرض تعريفات جمركية عالية على جميع السلع المنتجة في الخارج مما سيخلف آثارا سلبية على التضخم والإنتاجية والعمالة ويؤدي إلى تعطيل شبكات التوريد ويوفر الفرصة لمستويات عالية من الفساد والمحسوبية ويستدعي ردودا انتقامية هائلة من جانب بلدان أخرى أولها الصين وفيما يتصل بملف الهجرة لم يعد ترامب يريد إغلاق الحدود فقط بل ترحيل أكبر عدد من المهاجرين غير النظاميين الى دولهم الأصلية مما سيخلف آثارا مدمرة على عدد من الصناعات التي تعتمد على العمالة المهاجرة كما أنه سوف يشكل تحديا هائلا من الناحية الأخلاقية. ويؤكد (فوكوياما) أن بعض التغييرات الأكثر أهمية ستتم في السياسة الخارجية وفي طبيعة النظام الدولي وستكون أوكرانيا الخاسر الأكبر على الإطلاق لأن ترامب يمكن أن يجبرها على التسوية بشروط روسيا من خلال حجب الأسلحة عنها كما فعل مجلس النواب الجمهوري لمدة 6 أشهر في الشتاء الماضي.
870
| 15 نوفمبر 2024
اليوم الجمعة يعرف العالم أن رئيس الولايات المتحدة هو دونالد ترامب ولن تحدث مفاجآت الطعن من جانب الخاسر، كما سبق أن شهدنا سنة 2020 بين ترامب وبايدن، بعد أن اعترفت منافسته هاريس بفوزه وهنأته ولكن ليعلم العرب والمسلمون بأن القضايا التي شغلت الرأي العام الأمريكي وتداولها المتنافسان طيلة عام من الحملات لا تحتل فيها جريمة الإبادة في غزة ثم في لبنان سوى الدرجة الخامسة في باب السياسة الخارجية لكلا المترشحين الاثنين والقضايا حسب الترتيب هي: -الاقتصاد ومعيشة الأمريكي. - التغطية الصحية للأسرة الأمريكية والتعامل مع الإجهاض والمخدرات. -غلق الحدود بين المكسيك وبلادهم والهجرة عموما. -حماية البيئة من التلوث. -برامج غزو الفضاء وتطوير السلاح النووي. -وأخيرا موقف واشنطن من سلوك إسرائيل الخارج عن القانون الدولي! نعم أي أن ما نعتبره نحن العرب أم القضايا والقضية المقدسة للمسلمين لا يعدو لدى الناخب الأمريكي بسبب جيناته التاريخية أن يكون أمرا هامشيا ودرجة خامسة! وفي هذا الصدد أعلن ترامب فوزه مبكرا وقال: حصلنا على الأغلبية بمجلس الشيوخ وفزنا في الولايات المتأرجحة وأصبحت الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة وتعهد ترامب بالقول: «سأجعل أمريكا عظيمة مجددا وسنصحح وضع حدودنا ووصف فوزه بولاية رئاسية جديدة بأنه انتصار تاريخي وسياسي لم تر الولايات المتحدة مثيلا له من قبل» ولنعرف أسرار النظام الانتخابي الأمريكي يجب نعرف أن الولايات الأربع والعشرين تستقل كل منها باختيار سياساتها وأولوياتها كما نرى في منع أو تحرير الإجهاض ومنع أو عدم منع بيع المخدرات أو الأسلحة النارية الى آخر القائمة ولدى كل ولاية حكومة وسياسة خارجية مستقلة وبرلمان جهوي يشرع ويراقب قبل الوصول الى الميثاق الفيدرالي الذي يلزم الجميع ويرفع للجميع راية واحدة ذات النجوم المعروفة، وكذلك عملة وطنية واحدة هي الدولار طبعا وهو المهيمن بإرادة الجميع على اقتصاد العالم كله شرقه مثل غربه قبل أن تتحرك روسيا والصين وهما عضوان دائمان في مجلس الأمن وتتمتعان بحق الفيتو نفسه الذي عطل القرارات الأممية وانحرف بالشرعية الدولية الى تقزيم منظمة الأمم المتحدة فبعدما أرادتها الأمم جهاز تنفيذ قرارات الأغلبية أصبحت محل ازدراء الشعوب المستضعفة التي لا تجدها نصيرة للحق بل تعتبرها يدا مسخرة لطعن الحق وإشاعة الباطل وتبرير جرائم الابادة والتهجير وقتل الأطفال. تجدر الاشارة الى أن النظام الانتخابي الأمريكي منصوص عليه في المادة الثانية من الدستور، حيث تقوم كل ولاية باختيار الناخبين الذين يصوتون للرئيس وبشكل عام تقوم كل ولاية بتعيين الناخبين بالطريقة التي ترغب فيها وعادة ما تعطي أصواتها لتعكس التصويت الشعبي لولايتها وبعبارة أخرى إذا فاز الجمهوري بالتصويت الشعبي في ولاية ما فإن كل تلك الأصوات الانتخابية ستذهب إليه في حين أن فوز الديمقراطيين سيؤدي إلى ذهاب الأصوات الانتخابية إلى الديمقراطي المترشح ولم يتم اختيار هذا النظام إلا بعد استبعاد جميع الخيارات الأخرى أثناء صياغة دستور الولايات المتحدة، حيث اقترح الآباء المؤسسون أن ينتخب الكونغرس الرئيس لكن هذا تم استبعاده لأن من شأنه أن ينتهك الفصل بين السلطات من خلال منح السلطة التشريعية قدرًا كبيرًا من السلطة وكان هناك اقتراح آخر يقضي بانتخاب الرئيس بشكل مباشر، حيث يتمتع كل شخص بصوته الخاص وبالتالي فإن كل صوت له أهمية ولكن لم يكن من الممكن أن تقبل الولايات الجنوبية التي كانت تمتلك العبيد ولا تمنع العبودية هذا الأمر على الإطلاق لأن تعداد السكان هناك كان منحرفاً إلى حد كبير بسبب انتشار العبيد الذين لم يتمكنوا من التصويت، ولكن هذا يعكس أيضًا قضية أخرى قائمة على السكان كانت جزءًا رئيسيًا من كيفية هيكلة نظام الحكومة الأمريكية لأنه لن تتمكن الولايات الأصغر مثل ماريلاند وكونيكتيكت ذات السكان الأصغر عددا والأراضي الأصغر مساحة من الحصول على نفس مستوى السكان مثل الولايات الأكبر مثل نيويورك وجورجيا، وكان الحل الوسط في هذه القضية هو إنشاء كونغرس ثنائي المجلس، حيث يعتمد مجلس النواب على عدد السكان بينما يمنح مجلس الشيوخ تمثيلًا متساويًا لكل ولاية كما تمت تهدئة الولايات التي تعتمد على العبيد من خلال تسوية الثلاثة أخماس، والتي تنص على احتساب ثلاثة أخماس سكان العبيد في كل ولاية من إجمالي عدد ممثليها في الكونجرس وقوتهم في المجمع الانتخابي على الرغم من تصحيح هذا الخلل في التعديل الرابع عشر في عام 1868 كان هذا هو جوهر اختيار الهيئة الانتخابية؛ لأنه بما أن العبيد لم يُسمح لهم بالتصويت فإن الولايات التي يقطنها العبيد كانت تتمتع بقوة تصويتية أقل بطبيعتها إذا تم تحديد الرئاسة من خلال التصويت الشعبي فقط وباستخدام تسوية الثلاثة أخماس. كان لكل ولاية من ولايات العبيد قوة تصويتية أكبر. كان السبب الآخر لاختيار الناخبين هو ظاهريًا بمثابة حصن ضد الفساد والتصويت الجماعي. كانت الفكرة هي أن الناخبين باعتبارهم مسؤولين أذكياء ومتعلمين سيكونون على دراية بالسياسة وسيكونون قادرين على اختيار المرشح الأفضل إذا ضُللت عامة الناس بحملات ذكية تغشهم. وبما أن الدستور ينص صراحة على أن الناخبين لا يمكنهم تولي مناصب اتحادية فقد كان يُعتقد أنهم لن يكونوا تحت تأثير أي من المرشحين ويمكن بدلاً من ذلك اختيارهم من قبل الشعب. * ولنعرف نحن العرب ماذا ينتظرنا من انتخاب (دونالد ترامب) في طبعته الثانية علينا ألا نتشاءم ونخاف بل بالعكس سنضطر الى التحالف فيما بيننا والاستعداد للتعامل مع (ترامب) على أنه رجل أعمال وباحث عن الصفقات، وهذا أهم ما يميزه عن (بايدن) الزعيم السياسي الأيديولوجي الذي كان شريكا في حرب الإبادة، كيف وبماذا سنقايض رجل الأعمال؟ الغاز والنفط لا يهمانه فأمريكا لديها ما يكفيها بل تصدرهما، بالثروة المالية؟ حتما لا. فقد جربت هذه الصفقة وفشلت وكدنا نخسر كل فلسطين بمخطط «صفقة القرن» سنة 2017 التي روج لها صهره (جاريد كوشنير) وأفشلتها مواقف معروفة لزعماء عارضوها ورفضوها. بقيت لنا ثروة لا تقدر بثمن وهي مواقعنا الاستراتيجية في قلب الكرة الأرضية وهي مناطق النفوذ التي يبحث عنها العمالقة، ولهذا السبب ندرك أن (بوتين) صديق لترامب بل ساعد على انتصاره وأن الصين هي عدوه الأول؛ لأن ترامب أثقل منتجاتها بالضرائب في عهدته الأولى، وهي اليوم تتجرأ على منافسته في عقر أمريكا فتفاجئه مثلا بالسيارة الكهربائية ذات التكنولوجيا العالية التي ابتكرتها شركة (هواوي) هذا العام والتي يستحيل على الصناعة الأمريكية أن تنتج مزاحمة لها قبل عام 2029. علينا أن نتجه نحن العرب والمسلمين الى الصين فننخرط في منظمة البريكس دون أية قطيعة مع شريكنا الأمريكي التقليدي أو نعقد اتفاقيات تجارية لتوريد منتجات صينية نتعلم نحن تصنيعها وهو ما تضبطه معاهدات بينها وبيننا ونحن متحالفون، لهذه الأسباب نعتبر إعادة انتخاب ترامب فرصة لتحقيق وحدتنا.
654
| 08 نوفمبر 2024
في اليوم 390 من الحرب على غزة (نحن في يوم الخميس31 أكتوبر2024) واصلت إسرائيل ارتكاب المجازر المروعة بحق أبناء القطاع وفي غضون ذلك طالب حزب الله اللبناني سكان 25 مستوطنة إسرائيلية بإخلاء منازلهم بينما اعترف جيش الاحتلال الاثنين بمقتل 3 جنود وإصابة أكثر من 60 آخرين في معارك جنوب لبنان والخميس قتل 5 أشخاص بصواريخ من لبنان، وسط تصدي حزب الله للتوغل البري في بلدة الخيام جنوبي لبنان. هذا نموذج من أخبار يومية كأنما تؤكد انقلاب الأوضاع رأسا على عقب! ومن جهة ثانية زعم المراسل العسكري لـ»القناة 12» (نير دفوري) أن «سلاح الجو الإسرائيلي نفّذ ضربات دقيقة لتدمير القدرات الإيرانية وركزت العملية المسماة «أيام التوبة» على أهداف عسكرية في إيران من قواعد ومواقع دفاع جوي ومستودعات أسلحة رغم محاولة الإيرانيين تعطيل الهجمات بنيران مضادة للطائرات لكن يبدو أنهم لم يطلقوا الكثير من هذه النيران ربّما بسبب الأضرار الإسرائيلية التي لحقت بنظام الدفاع الجوي وبدوره ذكر الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية (عاموس يدلين) أن «الأربع ساعات الأخيرة فجر السبت الماضي التي استغرقها الهجوم على إيران تمّ الإعداد لها منذ عشرين عامًا وكان من الواضح للنظام الأمني الإسرائيلي أنه يتعين الاستعداد لمثل هذا الرد ويمكن وصف هذا الهجوم بأنه «عملية إعدام دقيقة» للقدرات الإيرانية تحمل رسالة استراتيجية مفادها أن دولة الاحتلال تعرف كيف تعمل ضمن هذه النطاقات. *وفي السياق ذاته قال مراسل الشؤون العربية (أوهاد حامو) إن «الأهداف التي اختارتها الطائرات الإسرائيلية هي قواعد الحرس الثوري دون مهاجمة أي شيء يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، ويبدو أن إيران «الرسمية» تحاول جاهدة التقليل من شأن هذا الحدث، وأشار مراسل الشؤون الحزبية (يارون أبراهام) إلى أن «المجلس الوزاري السياسي الأمني وافق على الهجوم خلال محادثة هاتفية وتم إبلاغ الولايات المتحدة بالتوقيت قبل ساعات قليلة من بدء الهجوم وهي لم تكن تريد أن يخرج الحدث عن نطاق السيطرة خاصة في هذا الوقت الحساس قبل انتخاباتها الرئاسية الأمريكية، أما الرئيس السابق لشعبة التخطيط في جيش الاحتلال (يسرائيل زيف) فذكر أن «الهجوم الإسرائيلي على إيران يوصل الصراع معها إلى لحظة الحقيقة ومن المتوقع أن يؤثر هذا الهجوم على نتيجة الترتيب الإقليمي برمته في ضوء انهيار أذرع إيران في المنطقة وهي التي بنتها طوال عقود ماضية وبالتالي فإن مفهوم التصعيد الإقليمي لم يعد قائماً وتابع: «لأن إيران لا تزال عاجزة ومكشوفة ودون طبقات خارجية من الحماية صحيح أن لديها مجموعة من الطائرات بدون طيار والصواريخ في نطاق مئات العناصر وتفاصيل صاروخية أكثر قليلاً ولكن كما تبين فإن بعضها في حالة سيئة من الخدمة. * إلى ذلك جاء في مقال نشرته القناة 12 وترجمته «عربي21: «سمعنا الكثير من تهديدات إيران في الأيام الماضية وتشير بشكل رئيسي إلى ضغوط كبيرة لكن ما تبين في الساعات الأخيرة أن قدرة دولة الاحتلال على الهجوم والتدمير أفضل بكثير من تهديدات إيران، وأضاف المقال نفسه: “الأمر الذي من شأنه أن يشكّل تحولاً في معادلة الردع الإقليمية لصالح دولة الاحتلال بحيث سيكون أمامها فرصة لتغيير الاتجاه والذهاب إلى الترتيب الإقليمي لأن ما قامت به في الفترة الماضية وصولا الى ساعات الفجر الأولى هو رصيد من شأنه أن يؤدي إلى إنجازات مستدامة وترتيبات من شأنها أن تضمن سنوات من الهدوء بأمان رغم أن أي ترتيب يتطلب تنازلات! وفي صحيفة يديعوت أحرونوت نجد تعليق المراسل العسكري (يوآف زيتون) الذي ذكر أن «جيش الاحتلال هاجم مجمعات عسكرية وأنظمة دفاع جوي ومنشآت إنتاج صواريخ ومنصات إطلاق صواريخ أرض-أرض في طهران وخوزستان وإيلام وقطعت الطائرات مسافة 1500 كيلومتر بعد 25 يوماً بالضبط من الهجوم الصاروخي الباليستي من إيران، وتابع: «استمر الهجوم لأكثر من ثلاث ساعات مكثفة في ثلاث موجات مختلفة أصابت 20 هدفاً مختلفاً لكن في طهران حاولوا التقليل من حجمه في ظل رسائل التحذير الأمريكية التي تلقوها وأضاف (زيتون) عبر تقرير ترجمته «عربي21» أن «هذا الهجوم الإسرائيلي أضرّ كثيرا بأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية للسماح بحرية العمل لطائرات القوات الجوية لمواصلة الهجوم وعلى صوت الانفجارات خرج الإيرانيون المذعورون إلى الشوارع وكان هناك قلق من استهداف المطارات لكن المقصود كان هو منشآت إنتاج صواريخ أرض-أرض انطلاقا من المعلومات الاستخبارية التي وفرها جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان). *من جهتها نشرت صحيفة (الغارديان) البريطانية تحقيقا يؤكد عداوة إسرائيل الجديدة لمنظمة الأمم المتحدة من خلال مهاجمة وكالة الغوث «الاونروا» ومنعها من القيام بواجب إعانة الفلسطينيين في حياتهم وهو ما نددت به 123 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة وتزعم الصحيفة أن واشنطن هي الوحيدة القادرة على ثني نتنياهو عن هذا المروق الشامل عن القانون الدولي وذكرت بقرار محكمة العدل الدولية الذي دعا إسرائيل الى التعاون الكامل مع منظمة الأمم المتحدة واحترام بنودها وعدم تجاوز مواثيقها الا أن رئيس حكومة الاحتلال لم يعر هذه التحذيرات أي أهمية كما نرى ذلك في مواصلة القصف الإبادي لغزة و لبنان!. حول هذا المحور قال الرئيس الفرنسي (ماكرون) الاسبوع الماضي: «إن الأمم المتحدة هي التي أنشأت دولة إسرائيل ومن العبث أن تتنكر إسرائيل لباعثها من عدم بقرار نوفمبر 1947 الذي يقسم أرض فلسطين شطرين شطر للعرب وشطر لليهود» من جهة موازية أعرب الدبلوماسي البريطاني (برايان أوركهارت) وكيل الأمين العام السابق للشؤون السياسية الخاصة عن أسفه بأن «تقوم دولة إسرائيل بتشويه صورة المنظمة وتمزيق سمعتها والمس من هيبتها كما لم تفعل أي دولة أخرى». ** وهنا أعود بقرائي الكرام الى الإجابة عن السؤال المطروح في عنوان مقالي لأقول إن واشنطن تملك القدرة بالقوة على رسم ملامح الشرق الأوسط الذي يناسبها ثم تأتي إسرائيل بمروقها عن الشرعية الدولية المتمثلة في ميثاق الأمم المتحدة هي الأقدر على فرض قواعد جديدة للتوازنات الإقليمية والدولية في منطقة الشرق الأوسط وفي آخر القائمة يأتي العرب وهم يرزحون تحت بلدانهم المثقلة بالمخاطر والمهددة باندلاع حرب كونية ثالثة تمتد من الشرق الى الغرب. في نفس الموضوع كتب الصحفي السعودي عبد الله خلف: «أمريكا دولة عظيمة بلغت القمر وتسعى لأقمار أُخرى ولكنها تسير في دروب المزالق... بسبب تأثير لوبيات (الأيباك) في توجيه سياساتها أما فلسطين فهي صاحبة التواريخ العريقة تقف بوجهها مع من تأسس بعد الحرب العالمية الثانية حيث انقلبت المفاهيم هل تعلمون أن المجند الأمريكي يُخيّر أين يريد تجنيده في أمريكا أو إسرائيل وكأن بلاده وإسرائيل وطن واحد؟.
429
| 01 نوفمبر 2024
يعيش العرب والمسلمون هذه الأيام مواكب تشييع جنائز شهدائنا الأبرار ولعل البعض منا يصاب بالإحباط والحزن ولكن ما نشاهده على قنوات المحتل من مواكب تشييع قتلاه يعيد الأمل للقلوب المؤمنة ويعطي الحق لمن اختار نهج المقاومة حتى نيل الحقوق المشروعة. وفي هذا المعنى نقرأ ما جاء في صحيفتين غربيتين، إذ تعتبر مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية أشهر المجلات المتخصصة في التحليل السياسي والإستراتيجي في العالم والمفككة الأكاديمية لكل الأزمات الخطيرة وبؤر العنف التي تهدد السلام والأمن الدوليين وتنذر بالانفجار دون إعطاء مؤشرات أو تمهيدات للحظة الحاسمة. و(فورين بوليسي) هي مجلة أمريكية تصدر كل شهرين أسسها سنة 1970 صامويل هنتغتون صاحب نظرية «صدام الحضارات». ولهذه الأسباب تزداد تقاريرها قيمة مضافة للحقائق التي قيلت لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 عديد المرات بأن اغتيال قادة ومؤسسي التنظيمات المقاومة للاحتلال لا يخدم إسرائيل بل يقوي تلك التنظيمات ما دامت تستعمل حقها في التصدي للاحتلال والاستيطان وهو حق يقره ميثاق منظمة الأمم المتحدة بل ويضيف لوسائل المقاومة المسلحة منها بقصد استرجاع بلاد محتلة وحق مغتصب. *وأكد تقرير لمجلة فورين بوليسي في عددها الأخير أن قتل إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس يحيى السنوار لن يزيد الحركة إلا ضراوة، وبينما قد يبدو الأمر إنجازا كبيرا اليوم إلا أنه مع مرور الوقت سينهض مكانه آخرون - كما هو الحال دائما - وستستمر المقاومة. وقال المتخصص في شؤون الشرق الأوسط (ستيفين كوك) وهو كاتب عمود في المجلة إن التاريخ يشهد على «استحالة القضاء على حركة مقاومة» بقتل أعضائها ولن يردع «أصحاب القضية» قتل قادتهم بل سيؤدي بهم إلى مضاعفة جهودهم نحو تحقيق أهدافهم. وأشار الكاتب إلى أن المقاومة ليست مشروعا «عقيما» بل «جزء أساسي من هوية من ينتسب إليها»، ولهذا السبب بالتحديد كان السنوار يرغب ألا يموت ميتة طبيعية بل بقذيفة دبابة على أرض المعركة، معتقدا أن ذلك سيقوّي المقاومة. وحذر الكاتب الإسرائيليين من أن ينشغلوا بالاحتفال وتوزيع الحلوى عن الواقع وخاطبهم متسائلا: «أتذكرون أبرز مؤسسي حماس أحمد ياسين أو القيادي الفلسطيني خليل الوزير (أبوجهاد) ثم ماذا عن الأمين العام السابق لحزب الله عباس الموسوي أو مؤسس حركة الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي لقد كانوا بمنزلة وحوش لإسرائيل في السابق واستطاعت اغتيالهم كلهم ولكن المقاومة استمرت!. وأضاف «بقدر براعة الإسرائيليين في الثأر لدماء قتلاهم إلا أنهم لم ينجحوا قط في وضع نهاية حقيقية للمقاومة طوال العقود الماضية فما الذي يجعلهم يظنون أن قتلهم السنوار سيؤدي إلى نتيجة مختلفة هذه المرة؟ وبرأي الكاتب فإن قتل إسرائيل لرئيس حماس يحيى السنوار لن يكسر حماس بل سيشعل الغضب والرغبة في الانتقام في قلوب أعضائها تماما كما لم يضعف حركة الإخوان المسلمين اغتيال مؤسسها حسن البنا سنة 1949. ويرى كوك أن إستراتيجية إسرائيل الفاشلة في القضاء على الحركات باستهداف قادتها تماثل عقلية الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 فعلى الرغم من قتل القوات الأمريكية مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وخلفه أيمن الظواهري فإن التنظيم نجا كما استيقظ من رقدته تنظيم الدولة (داعش) بعد مقتل مؤسسه أبوبكر البغدادي ولا تزال هذه التنظيمات تشكل تهديدا للولايات المتحدة وحلفائها حتى اليوم. *في نفس السياق من جهتها قالت صحيفة «أوبزيرفر» البريطانية واسعة التوزيع إن صور مقتل المحارب الأخيرة وهو يدافع عن قضيته إلى الرمق الأخير أعطت لرئيس المكتب السياسي الراحل لحركة حماس يحيى السنوار مكانة عالية في «مقبرة العظماء» الفلسطينيين وأشارت بكل أمانة إلى أن الرواية الإسرائيلية التي كانت تقول إن مقاتلي حماس كانوا يتمتعون في الأنفاق بشرب الماء وأكل الطعام هي نفس الرواية التي قيلت عن السنوار وأنه محاط بالأسرى كدروع بشرية وهو ما ثبت عكسه في مشهد مقتله أثناء اشتباك مسلح بين الجيش الإسرائيلي وفصائل حماس بثته القنوات الإسرائيلية نفسها. وأضافت (الأوبزيرفر) أن «إرث السنوار سيتعزز من خلال روايته «الشوك والقرنفل» التي عبر فيها عن استعداده للتضحية بكل شيء من أجل الكرامة والعزة والإيمان، متسائلا: فلماذا التفاوض مع إسرائيل من موقف المغلوب إذن؟ تساءل السنوار مضيفا: عندما تستطيع حماس فرض شروط أخرى للعبة وهو ما تم عندما أنجزنا السابع من أكتوبر. وقال الصحفي عندما خطط السنوار لهجمات العام الماضي فكر فيما سترثه الأجيال القادمة. ثم أكدت الصحيفة البريطانية: «ستظل الأسطورة التي رباها واعتنى بها وهو حي بعده من خلال آلاف الملصقات واللوحات الجدارية وقد غيرت هجماته قواعد اللعبة والسؤال سيظل مفتوحا: ماذا جنت إسرائيل من اغتيال القادة؟ ولفتت الصحيفة إلى أن حقيقة مقتله في ساحة المعركة وهو يرتدي البزة العسكرية ويرمي القنابل اليدوية ويحاول منع اقتراب مسيرة منه بعصاه الخشبية بيده الوحيدة التي ظلت سليمة في صورة أخيرة عن التحدي في ظل كثرة الروايات الإسرائيلية والتي تضع زعيم حماس في مقام خاص عن أسلافه الذين اغتالتهم إسرائيل بغارات جوية وإسقاط قنابل على الأماكن التي كانوا فيها. وقالت إن الاحتلال حين اغتال الشيخ أحمد ياسين في 2004 كان على كرسيه المتحرك خارجا من الصلاة ولا تزال صور الشيخ أحمد ياسين شائعة في غزة والضفة الغربية وهي صورة مشابهة لصورة الثائر الأرجنتيني (تشي غيفارا) الذي قاتل مع الثورة الكوبية وقتل على يد الجيش البوليفي عام 1967 وبعد مقتله سجي جسده على طاولة لكي تلتقط صور له وكانت عيناه المفتوحتان تحدقان في الفراغ على الكاميرا. وأشارت الصحيفة إلى أن قادة حماس احتفوا باستشهاد السنوار في ساحة القتال وبعبارات خالد مشعل «مقبلا غير مدبر ومقاتلا على الخطوط الأمامية ومتحركا بين المواقع القتالية». كما انتشرت مقاطع من قصيدة الشاعر الفلسطيني محمود درويش على مواقع التواصل الاجتماعي التي قال مستخدمون إنها تنبأت بوفاة السنوار بهذه الطريقة وهي من قصيدة «مديح الظل العالي»: «حاصر حصارك لا مفر سقطت ذراعك فالتقطها لا مفر وسقطت قربك فالتقطني واضرب عدوك بي فأنت الآن حر حر حر».
660
| 25 أكتوبر 2024
محطة تاريخية كتب الله سبحانه علينا نحن العرب والمسلمين أن نعيشها ومن مؤشراتها ما ورد في خطاب حضرة صاحب السمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يوم الثلاثاء الماضي في افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى حيث أدان سموه بشدة تجاوز إسرائيل لكل الحدود القانونية والأخلاقية وارتكابها جرائم الإبادة الجماعية في غزة واليوم في لبنان. وهذا الموقف من زعيم عربي جريء و صادق لا يهادن ولا يتخفى وراء الشعارات يؤكد تلاؤم دولة عربية مع الواقع المتغير بعمق بمواقف ثابتة لا تتحول مع مصالح دول أخرى وقد استمر سموه على نفس النهج في القمة الخليجية الأوروبية ببروكسل ثم مما يدعم نظرية التحول الكبير هو مشهد دفن جثمان الرقيب بالجيش الإسرائيلي (يوواف أغمون) الذي قتل في هجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة على ثكنة عسكرية في حيفا، وبهذه المؤشرات يتأكد لدى العالم أن صفوف المقاومين أصحاب الحق تتعزز وتقوى بينما تتشتت صفوف المحتلين وتنهار. ثم إن من الحقائق التي لا يتطرق اليها الشك حقيقة مفادها أن ما نعيشه نحن العرب من محن قاسية وأزمات رهيبة ماهي سوى مؤشرات على التغييرات الجذرية وانقلاب موازين القوى فيما يسمى الشرق الأوسط وهذه التحولات الكبرى تطرأ تقريبا كل مائة عام ويذكر المؤرخون أن الخلافة العثمانية سقطت عام 1924 من أجل ما سموه اقتسام تركة الرجل المريض! والغريب أن «الرجل المريض المحتضر» ظل هو نفسه خلال القرن كاملا لكن الطوفان فرض بالقوة والحجة واقعا جديدا من الأكيد أن قوى الاستعمار والعنصرية لم تحسب له حسابا ولم تتوقعه! فحين ترون مشهد رئيس حكومة إسرائيل يهرع جريا الى المخبأ وترى الطبقة الحاكمة هناك مدنية وعسكرية منقسمة ومشتتة وأن مئات الآلاف تكتظ بهم المطارات لمغادرة «بلادهم» و يهاجرون الى الدول التي جاؤوا منها وولدوا فيها لأنهم فقدوا الأمن وفقد العديد منهم مدارس عيالهم نظرا لصفارات الإنذار المتعاقبة في أغلب مدن وقرى إسرائيل. هذا من جهة ومن جهة فلسطين وقضيتها العادلة نكتشف التعاطف الدولي الواسع والشبابي خاصة كما بدأ في جامعة كولومبيا ثم تعمم في أغلب جامعات العالم الغربي من أمريكا الى أوروبا وصولا الى اليابان ويستمر الى اليوم فندرك أن ما خطط له أعداء العرب والإسلام من «شرق أوسط جديد» بدأ ينهار وتبزغ شمس جديدة مبشرة بالسلام والشرعية والعدالة الدولية وتعلمون أن عنوان (الشرق الأوسط الجديد) هو كتاب (كونداليزا رايس) و (شيمون بيريز) وهو نفس شعار صهر الرئيس ترامب ( جاريد كوشنير) الذي قام بجولته في دول الشرق الأوسط مبشرا بحلول «مالية بديلة « للقضية الفلسطينية سنة 2017. ويسعدني أن أعرج بكم الى مداخلة مثقف يهودي أمين هو الأستاذ (جاكوب كوهين) الذي يعبر في فيديو ليفصح عن رؤيته للعالم وأول ما قاله هو شكره العميق لقناة الجزيرة التي مكنته من متابعة الأحداث المؤلمة على مدار الساعة وفي الفيديو الأخير الذي خصص لانخراط الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أزمة الشرق الأوسط قال السيد (جاكوب كوهين): «إن إيران مستهدفة منذ سنة 2000 رغم أن ثورتها على الشاه تمت عام 1979 وذلك بسبب رفض ايران دخول بيت الطاعة ورفض الاعتراف بسيطرة إسرائيل على الشرق الأوسط كوكيلة وحيدة للغرب الأطلسي واستقلت بقراراتها وحافظت على سيادتها بل امتدت لها أذرع خارجها. ويضيف هذا الرجل قوله بأن ايران خططت عام 2000 لبرنامجها النووي للاستعمال المدني فقط و لم تفكر قط في امتلاك سلاح نووي لكنكم تعلمون أن اسرائيل بإيعاز من الغرب الأطلسي منعت أي دولة عربية من التمكن من التكنولوجيا النووية حتى السلمية منها لكن ايران المسلمة أعلنت عصيانها لهذه الأوامر وشرعت تؤسس مفاعلاتها على سطح الأرض ولا تخفي منها تفاصيلها وطبعا تذكرون كيف شيد العراق في مطلع الثمانينات مفاعله لأغراض مدنية وانتظر الموساد اكتمال البناء فهب لقصفه يوم 7 يوليو 1981 واغتيال قائد الفريق العلمي الذي كان يتدرب في معهد (ساكلاي) الفرنسي و قتله أعوان الموساد في فندق بباريس وأغلق الملف النووي العراقي نهائيا. ويواصل الاستاذ شرحه فيقول بأن ايران منذ سنوات قليلة شعرت بخطر التهديدات الإسرائيلية فاتصلت بالرئيس الروسي (بوتين) فما كان من (بوتين) الا توقيع معاهدة تعاون إستراتيجي مع طهران تنص على بند الدفاع المشترك فايران تشكل قوة إقليمية تعتبرها روسيا حليفة لها وحامية لمصالحها في المنطقة الأكثر إنتاجا للطاقة من بترول وغاز والمتمتعة بموقع جغرافي استراتيجي يقرأ له العالم حسابا في أي أزمة قادمة. ** وأجاب السيد كوهين عن سؤال هو:» كيف تتوقع نهاية الحرب القذرة ضد فلسطين؟ فقال:» لو كان على رأس حكومة إسرائيل شخص ثان غير الموجود حاليا لأوقف الحرب وابتكر وسائل دبلوماسية تحفظ له ماء الوجه لكن (ناتنياهو) يعاني من مركب العظمة فهو رئيس الحكومة الأطول مدة في تاريخ تلك البلاد ويدعي البطولة ثم إنه مطلوب من عدالة بلاده لتجرئه على تغيير صلاحيات المحكمة الدستورية أعلى هيئة قضائية وتورطه مع زوجته في جرائم اختلاس أموال عمومية وهو ما رفضته أغلبية ساحقة من الشعب الإسرائيلي وخرجت مظاهراته مطالبة بالتفاوض مع حماس وإيقاف حرب الإبادة التي شوهت سمعة إسرائيل بينما ترفع الى اليوم شعار (الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!) هذه حالة (ناتنياهو) اليوم بعد مرور عام على الطوفان أي لا يستطيع إيقاف الحرب ولا يستطيع تحقيق أي من الغايات التي رسمها لها بسبب صمود حماس وسرايا القدس وردهما على كل ضربة بضربة وإثبات حقيقة تواجدهما على الميدان بل من المسافة صفر لأن المقاومين هم أبناء الأرض الفلسطينية المولودون منذ أجيال فوقها ويرفضون مغادرة بيوتهم المهدمة في ملحمة أسطورية أبهرت العالم وفي سياق مشابه أصدر معهد (بروكنغس) تقريرا استشرافيا شارك فيه عديد الباحثين الأمريكيين وهم من قدماء المسؤولين الكبار في وزارتي الخارجية والدفاع بواشنطن انتهت خلاصته الى حدوث تغييرات في خريطة الشرق الأوسط بحجة أن جيوشا عربية نظامية لم تصمد أمام جيش إسرائيل سوى ساعات في حرب يونيه 67 بينما تصمد حماس والجهاد والحوثيون أكثر من عام وهي منظمات منفردة لكنها ذات عقيدة وإرادة.
756
| 18 أكتوبر 2024
كثيراً ما نقرأ أو نسمع على وسائل الإعلام العالمية محاولات فهم المواقف القطرية تجاه الملفات الحارقة والأزمات المهددة بالتوسع ونشعر طبعا بالارتياح لما نسجله من موضوعية وأمانة في هذه المقاربات - إذا استثنينا القلة القليلة من الأبواق المأجورة ذات النوايا الهدامة التي لا تخفى على المتأمل الحصيف - ولفت نظري شرح قدمه أحد الأساتذة الخليجيين الدكتور محمد ظافر العجمي الأستاذ الكويتي للعلوم السياسية في جامعة الكويت في فيديو قال فيه: «قطر هي الوحيدة التي تشرع نوافذها لحركات التحرير فهي التي فتحت قبل انتهاء الحرب مكتبا لحركة طالبان مثلا بينما تصنف هذه الحركة لدى دول كثيرة على أنها منظمة إرهابية كما أن قطر هي الوحيدة من الجيران العرب التي فتحت في الدوحة مكتبا لحركة حماس قبل سنوات من الطوفان وانظروا إلى النتيجة حين مالت واشنطن للانسحاب من أفغانستان والتفاوض مع طالبان لم تجد سوى القناة القطرية ودبلوماسيتها النشيطة لتيسير تلك المفاوضات وإنقاذ الآلاف من الضحايا المحتملين من الأمريكان والأفغان (عشرون ألف قتيل أمريكي خلال عشرين سنة من الحرب مع خسارة الخزانة الأمريكية من أموال دافعي الضرائب لأكثر من 46 مليار دولار واستشهاد حوالي المليون أفغاني أغلبهم من سكان الجبال المزارعين وليسوا من المقاتلين المسلحين). وأضاف د. ظافر مؤكدا بأن الدوحة كانت دائما تطلع جميع الجهات على هذه العلاقات وهي تؤمن أن تلك النوافذ المفتوحة لا تصب في خانة طرف دون آخر، بل غاية قطر هي خدمة السلام والأمن الدوليين لا غير والحث على اتباع نهج المفاوضات والوفاق عوض الإسراع للحرب والحلول العسكرية وشهد الرأي العالمي على المباشر بفضل تلفزيون الجزيرة بقنواتها الخمسة مشاهد الانفراج بينما كانت الأزمة منذرة بالانفجار وحصد المزيد من الأرواح والمليارات المهدرة في حرب بلا نصر وبلا هزيمة أي مرشحة للتأبيد وحصد المزيد من الضحايا». ونحن نعتقد أن الذي يقوي المواقف القطرية ويكتب لها السلامة هو تمسك دولة قطر بمبادئ الشرعية الدولية والقانون الأممي الذي رغم هناته وزلاته يبقى السبيل الوحيد للخروج من دوامة العنف العبثية بأقل التكاليف مع حقن الدماء وتجفيف منابع العنف والإرهاب وهما اليوم يتسعان ويتعولمان (من العولمة) بسرعة الضوء بواسطة وسائل الاتصال الاجتماعية وتطور التكنولوجيا المذهل وانتشار المعلومة في حينها من أدنى الأرض إلى أقصاها بشكل آني مدهش. ** نحن نعلق على كلام الدكتور ظافر بالتذكير بتاريخ مشرف للدبلوماسية القطرية بتوجيه من قيادة الدولة بنفس المواقف أيام توسطت قطر في أزمة لبنان عام 2008 حين كان لبنان بلا رئيس بسبب استحالة توافق جميع الفصائل فدعا صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني كل الأطراف اللبنانية إلى اجتماع في الدوحة وتم ذلك في فندق شيراتون وكنت شخصيا مدعوا وعشت ذلك الجو من النقاشات والترددات والمطالبات حتى أن بعض الزملاء الإعلاميين كانوا يتندرون في قاعة الاتصال بالفندق زاعمين بأن سمو الأمير أمر بإغلاق أبواب الفندق إلى حين يتفقون وينتخبون رئيسا للجمهورية اللبنانية! وتم ذلك بالاتفاق على انتخاب الرئيس ميشال سليمان الذي ظل رئيسا من 2008 إلى 2014 بفضل اتفاق اللبنانيين أنفسهم وبفضل الجرأة القطرية وأميرها ووساطتهم المباركة التي يذكرها اللبنانيون بكل اعتزاز وفخر وانفرجت أزمة لبنان الشقيق واستقر اللبنانيون فترة من تاريخهم رمموا خلالها ما استطاعوا من أنقاض حرب أهلية مدمرة دامت 16 سنة وحصدت أرواحا من خيرة شباب هذه البلاد من كل الديانات والانتماءات بل وخلفت جراحا لم تندمل وذكريات لم تمح. مع العلم بأن هذه المساندة القيمة للبنان تتواصل مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله. وكانت الزيارة التي أدتها سعادة السيدة لؤلؤة بنت راشد الخاطر وزيرة الدولة للتعاون الدولي إلى بيروت آخر المستجدات في العلاقات القطرية اللبنانية، حيث أكدت سعادتها على استمرار موقف قطر الراسخ والثابت تجاه لبنان وسيادته وحقه في المحافظة على أمنه، كما أدانت بشدة كل الاعتداءات ضد المدنيين قائلة بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تكن تستطيع توسيع رقعة الصراع لو أن المجتمع الدولي وقف وقفة جادة وحازمة أمام ما كان يحدث في غزة من مجازر وعمليات إبادة غير مسبوقة وأضافت في نفس السياق أنه تم إطلاق الجسر الجوي من الدوحة إلى بيروت وننوي خلال هذا الشهر إرسال عشر طائرات (سي 17) محملة بالمواد الطبية ومواد الإيواء والغذاء مؤكدة على أن دعم لبنان هو موقف قديم ومستمر وهو دعم كذلك لمؤسسات الدولة اللبنانية الوطنية والقوات المسلحة اللبنانية التي تلعب دورا محليا في هذا السياق. ** انتهى تصريح سعادة وزيرة الدولة في بيروت والذي نقلته قناة الجزيرة مباشرة وأعقبه الشكر الخالص الذي عبر عنه السيد نجيب ميقاتي باسم جميع اللبنانيين وتقديرهم للموقف القطري الناجع ودوره في تخفيف معاناهم اليومية ومواجهتهم لقوات الاحتلال الخارجة عن كل القوانين والأعراف ثم للحقيقة والتاريخ فدولة قطر بتوجيه من سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لا تكتفي بإعلان الموقف أو الدعم الدبلوماسي أو تفعيل الوساطة بل هي التي خصصت 100 مليون دولار لدعم الجنوب اللبناني كما كانت في فلسطين عوضت بـ 100 مليون دولار أولئك المساهمين في وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) ثم انسحبوا منه تاركين أهل غزة في أوضاع إنسانية وصحية متردية مستجيبة في ذلك لنداء السيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة وهو الذي أطلق على دولة قطر اسم الدولة الأممية والشريكة الكاملة في تحقيق السلام. ** وقبل الختام لا بد أن أذكر عجائب التاريخ التي تقلب الموازين وتعيد تركيب الأحداث بمنطق نعجز عن فهمه فلبنان اليوم يجد نفسه في نفس وضع 2008 أي بلا رئيس ويكتشف اللبنانيون أن مصيرهم ليس بأيديهم بل ينتظر اتفاق باريس وواشنطن وهو أمر شبه مستحيل وهذا الوضع مريح لرئيس حكومة الاحتلال الذي يواصل قصف لبنان من شماله إلى جنوبه بجنونه العنصري وهو يهدد بمجازر شبيهة بما وقع لغزة رغم قوة حزب الله الذي هدد العدو بمخطط (هدهد). العبرة من كل هذا هي غياب تنسيق عربي إسلامي شامل يحول أمتنا إلى قوة عظمى بين القوى تحمي مصالحها وتحرس حدودها وترفض العدوان والإذلال والخنوع. وهذا لعمري يرونه بعيدا ونراه قريبا لأن الله سبحانه قادر على نصرنا بالحق.
489
| 11 أكتوبر 2024
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4227
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1857
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1764
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1611
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1422
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1161
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
903
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
663
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
627
| 04 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
552
| 07 ديسمبر 2025
ليس بكاتب، إنما مقاوم فلسطيني حر، احترف تصويب...
501
| 03 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية