رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثيراً ما نقرأ أو نسمع على وسائل الإعلام العالمية محاولات فهم المواقف القطرية تجاه الملفات الحارقة والأزمات المهددة بالتوسع ونشعر طبعا بالارتياح لما نسجله من موضوعية وأمانة في هذه المقاربات - إذا استثنينا القلة القليلة من الأبواق المأجورة ذات النوايا الهدامة التي لا تخفى على المتأمل الحصيف - ولفت نظري شرح قدمه أحد الأساتذة الخليجيين الدكتور محمد ظافر العجمي الأستاذ الكويتي للعلوم السياسية في جامعة الكويت في فيديو قال فيه: «قطر هي الوحيدة التي تشرع نوافذها لحركات التحرير فهي التي فتحت قبل انتهاء الحرب مكتبا لحركة طالبان مثلا بينما تصنف هذه الحركة لدى دول كثيرة على أنها منظمة إرهابية كما أن قطر هي الوحيدة من الجيران العرب التي فتحت في الدوحة مكتبا لحركة حماس قبل سنوات من الطوفان وانظروا إلى النتيجة حين مالت واشنطن للانسحاب من أفغانستان والتفاوض مع طالبان لم تجد سوى القناة القطرية ودبلوماسيتها النشيطة لتيسير تلك المفاوضات وإنقاذ الآلاف من الضحايا المحتملين من الأمريكان والأفغان (عشرون ألف قتيل أمريكي خلال عشرين سنة من الحرب مع خسارة الخزانة الأمريكية من أموال دافعي الضرائب لأكثر من 46 مليار دولار واستشهاد حوالي المليون أفغاني أغلبهم من سكان الجبال المزارعين وليسوا من المقاتلين المسلحين). وأضاف د. ظافر مؤكدا بأن الدوحة كانت دائما تطلع جميع الجهات على هذه العلاقات وهي تؤمن أن تلك النوافذ المفتوحة لا تصب في خانة طرف دون آخر، بل غاية قطر هي خدمة السلام والأمن الدوليين لا غير والحث على اتباع نهج المفاوضات والوفاق عوض الإسراع للحرب والحلول العسكرية وشهد الرأي العالمي على المباشر بفضل تلفزيون الجزيرة بقنواتها الخمسة مشاهد الانفراج بينما كانت الأزمة منذرة بالانفجار وحصد المزيد من الأرواح والمليارات المهدرة في حرب بلا نصر وبلا هزيمة أي مرشحة للتأبيد وحصد المزيد من الضحايا». ونحن نعتقد أن الذي يقوي المواقف القطرية ويكتب لها السلامة هو تمسك دولة قطر بمبادئ الشرعية الدولية والقانون الأممي الذي رغم هناته وزلاته يبقى السبيل الوحيد للخروج من دوامة العنف العبثية بأقل التكاليف مع حقن الدماء وتجفيف منابع العنف والإرهاب وهما اليوم يتسعان ويتعولمان (من العولمة) بسرعة الضوء بواسطة وسائل الاتصال الاجتماعية وتطور التكنولوجيا المذهل وانتشار المعلومة في حينها من أدنى الأرض إلى أقصاها بشكل آني مدهش. ** نحن نعلق على كلام الدكتور ظافر بالتذكير بتاريخ مشرف للدبلوماسية القطرية بتوجيه من قيادة الدولة بنفس المواقف أيام توسطت قطر في أزمة لبنان عام 2008 حين كان لبنان بلا رئيس بسبب استحالة توافق جميع الفصائل فدعا صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني كل الأطراف اللبنانية إلى اجتماع في الدوحة وتم ذلك في فندق شيراتون وكنت شخصيا مدعوا وعشت ذلك الجو من النقاشات والترددات والمطالبات حتى أن بعض الزملاء الإعلاميين كانوا يتندرون في قاعة الاتصال بالفندق زاعمين بأن سمو الأمير أمر بإغلاق أبواب الفندق إلى حين يتفقون وينتخبون رئيسا للجمهورية اللبنانية! وتم ذلك بالاتفاق على انتخاب الرئيس ميشال سليمان الذي ظل رئيسا من 2008 إلى 2014 بفضل اتفاق اللبنانيين أنفسهم وبفضل الجرأة القطرية وأميرها ووساطتهم المباركة التي يذكرها اللبنانيون بكل اعتزاز وفخر وانفرجت أزمة لبنان الشقيق واستقر اللبنانيون فترة من تاريخهم رمموا خلالها ما استطاعوا من أنقاض حرب أهلية مدمرة دامت 16 سنة وحصدت أرواحا من خيرة شباب هذه البلاد من كل الديانات والانتماءات بل وخلفت جراحا لم تندمل وذكريات لم تمح. مع العلم بأن هذه المساندة القيمة للبنان تتواصل مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله. وكانت الزيارة التي أدتها سعادة السيدة لؤلؤة بنت راشد الخاطر وزيرة الدولة للتعاون الدولي إلى بيروت آخر المستجدات في العلاقات القطرية اللبنانية، حيث أكدت سعادتها على استمرار موقف قطر الراسخ والثابت تجاه لبنان وسيادته وحقه في المحافظة على أمنه، كما أدانت بشدة كل الاعتداءات ضد المدنيين قائلة بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تكن تستطيع توسيع رقعة الصراع لو أن المجتمع الدولي وقف وقفة جادة وحازمة أمام ما كان يحدث في غزة من مجازر وعمليات إبادة غير مسبوقة وأضافت في نفس السياق أنه تم إطلاق الجسر الجوي من الدوحة إلى بيروت وننوي خلال هذا الشهر إرسال عشر طائرات (سي 17) محملة بالمواد الطبية ومواد الإيواء والغذاء مؤكدة على أن دعم لبنان هو موقف قديم ومستمر وهو دعم كذلك لمؤسسات الدولة اللبنانية الوطنية والقوات المسلحة اللبنانية التي تلعب دورا محليا في هذا السياق. ** انتهى تصريح سعادة وزيرة الدولة في بيروت والذي نقلته قناة الجزيرة مباشرة وأعقبه الشكر الخالص الذي عبر عنه السيد نجيب ميقاتي باسم جميع اللبنانيين وتقديرهم للموقف القطري الناجع ودوره في تخفيف معاناهم اليومية ومواجهتهم لقوات الاحتلال الخارجة عن كل القوانين والأعراف ثم للحقيقة والتاريخ فدولة قطر بتوجيه من سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لا تكتفي بإعلان الموقف أو الدعم الدبلوماسي أو تفعيل الوساطة بل هي التي خصصت 100 مليون دولار لدعم الجنوب اللبناني كما كانت في فلسطين عوضت بـ 100 مليون دولار أولئك المساهمين في وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) ثم انسحبوا منه تاركين أهل غزة في أوضاع إنسانية وصحية متردية مستجيبة في ذلك لنداء السيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة وهو الذي أطلق على دولة قطر اسم الدولة الأممية والشريكة الكاملة في تحقيق السلام. ** وقبل الختام لا بد أن أذكر عجائب التاريخ التي تقلب الموازين وتعيد تركيب الأحداث بمنطق نعجز عن فهمه فلبنان اليوم يجد نفسه في نفس وضع 2008 أي بلا رئيس ويكتشف اللبنانيون أن مصيرهم ليس بأيديهم بل ينتظر اتفاق باريس وواشنطن وهو أمر شبه مستحيل وهذا الوضع مريح لرئيس حكومة الاحتلال الذي يواصل قصف لبنان من شماله إلى جنوبه بجنونه العنصري وهو يهدد بمجازر شبيهة بما وقع لغزة رغم قوة حزب الله الذي هدد العدو بمخطط (هدهد). العبرة من كل هذا هي غياب تنسيق عربي إسلامي شامل يحول أمتنا إلى قوة عظمى بين القوى تحمي مصالحها وتحرس حدودها وترفض العدوان والإذلال والخنوع. وهذا لعمري يرونه بعيدا ونراه قريبا لأن الله سبحانه قادر على نصرنا بالحق.
489
| 11 أكتوبر 2024
في المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالرئيس الإيراني هذا الأسبوع أثار صاحب السمو أمير قطر بجرأته المعهودة وتمسكه بالشرعية الدولية جملة من الحقائق التي تأكدت من خلال الشهادات التي نقدمها حيث تتواتر منذ السابع من أكتوبر الماضي شهادات قامات أمينة من بلاد الغرب وأحيانا من إسرائيليين ظلوا مسكونين بهواجس زوال دولتهم وينبهون مواطنيهم الى مخاطر التطرف اليميني العنصري الذي لا يستغني عنه ناتنياهو حتى يستمر عهد حكمه وهو واثق أنه مهدد بقضايا عدالة بلاده لو غادر السلطة! * هذه الحلقة العبثية المفرغة هي التي يتواصل فيها منطق الإبادة والانتقام السهل من المدنيين الأبرياء في قطاع غزة منذ سنة كاملة وفي لبنان اليوم. وتساءل رجل الدولة الديغولية النزيه الذي كان رئيسا لحكومة فرنسا ووزيرا لخارجيتها (السيد دومينيك دو فيلبان) هذا الأسبوع على المباشر في قناة فضائية فرنسية قائلا: «لن ينام إسرائيلي واحد مطمئنا على صوت صفارات الإنذار والهرع الى المخابئ تحت الأرض وهو يعيش يومه مذعورا من رشقات الصواريخ التي تنفذها حماس والجهاد من القطاع وينفذها الحوثيون من اليمن كما ينفذها حزب الله من لبنان وربما الحشد الشعبي من العراق وأخطرها انطلقت من إيران نفسها فجر الثلاثاء الماضي في شكل صواريخ بالستية متطورة تصنعها إيران ولا تستوردها من الغرب وقد ضربت أغلب جهات فلسطين المحتلة وانطلقت من مناطق عديدة في إيران! هذه الجبهات المفتوحة يتكاثر عددها ولا تعبأ بردود الفعل من الكيان المحتل نظرا للفرق الكبير أولا بين مقاوم فلسطيني مولود في أرضه وأرض أجداده وبين جيش (تساحال) القادمة فلوله من أوطان بعيدة وغريبة عن فلسطين. * ويضيف السيد (دوفيلبان) مؤكدا الفرق الشاسع بين الجمهورية الإيرانية ذات الخمسة آلاف سنة من التاريخ والحضارة وبين دولة نشأت عام 1947 على الإرهاب والقتل بتهجير 700 ألف فلسطيني من بيوتهم وإحلال شتات دخيل مكانهم! ويقول الرجل السياسي الأمين بأن هنا يكمن الداء الحقيقي والأصلي الذي جعل أوروبا تشعر بالذنب إزاء اليهود لأنها شاركت ألمانيا النازية في محرقتهم التي يسمونها (الهولوكوست) ويضيف:» هذه المأساة ستتواصل وأفضل طريقة لإصلاح ما أفسده الدهر هو قبول إسرائيل لحل الدولتين حيث يتعود الجيل الجديد على التعايش بسلام دون تعصب أو إلغاء للآخرين ويعود الأمن تدريجيا الى الشرق الأوسط! * و نلخص لكم في نفس السياق ما صرح به نائب الشعب الفرنسي (أيميريك كارون) يوم 27 سبتمبر 2024 لقناة فرنسية حيث قال بأن حقيقة المعضلة الفلسطينية هي في الأصل قضية استعمارية بل هي آخر استعمار استيطاني في العالم و في القرن الحادي والعشرين وصنعتها أياد غربية منذ وعد بلفور 1917 و في نفس المرحلة وقع الوزيران سايكس البريطاني وبيكو الفرنسي باسم الامبراطورتين معاهدة لتقسيم الشرق الأوسط بينهما وبدأت مأساة الشعوب العربية وخاصة الفلسطيني وفي عام 1947 جاء يهود العالم من كل حدب و صوب ليستقروا في أرض اخترعوا لها جذورا تلمودية تزعم أن ربهم وهب لهم هذه الأرض وحدهم بعرق يهودي صاف لم يلوث وبلغنا اليوم منذ 7 أكتوبر درجة من الفظاعة غير مسبوقة أمام صمت دولي غريب تشبع بالأوهام والأكاذيب ليترك المجازر تتم بعيدا عن المساءلة والعقاب بينما لدينا القانون الدولي الذي يحدد قانون الحرب وأخلاق المتحاربين والعودة للسلام عوض قبول قتل الأطفال أو قطع أطرافهم ولهذه الأسباب أريد فضح الاستعمار المسلط بالقوة والإبادة برضا الدول العظمى التي تريد التخلص من ذنوب مجازر اليهود التي بدأت في ألمانيا في عهد هتلر ولكن شاركت فيها أغلب دول أوروبا من بعد ثم تلقيها على شعب فلسطين وأضاف عضو مجلس النواب الفرنسي أننا علينا ومن واجبنا تصحيح التاريخ المدلس منذ 70 عاما حتى نحقق السلام العادل لكل الشعوب. * ونأتي إلى الصحفي الأمريكي الشهير (توماس فريدمان) والمعروف بتعاطفه مع إسرائيل حيث كتب افتتاحية (نيويورك تايمز) يقول فيها بجرأة غير معهودة:» إن خطأ الإدارة الأمريكية القديم هو النظر الى القضية الفلسطينية بعيون إسرائيل عوض مراعاة المصالح الأمريكية قبل كل اعتبار وأضاف بأن الرأي العام الأمريكي وقع التغرير به فاعتقد في مجمله أن مصالح الولايات المتحدة هي في مصالح إسرائيل مهما ارتكبت من مروق عن القانون بما فيه القانون الأمريكي بعد أن كانت إسرائيل تفاخر بأنها دولة القانون والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!. * ونأتي الى تقرير دقيق ونزيه نشرته صحيفة (التلغراف) البريطانية هذه الأيام فكتبت:» العيش في إسرائيل تحول الى كابوس مع انعدام الأمن وأصبح علماؤها يغادرونها بل تصاعدت موجة من الهجرة المعاكسة فقد رحل 30 ألفا من خيرة أطبائها وأساتذتها الجامعيين مع تفاقم الميز العنصري المتطرف وقالت نشرية (كوفاس بي دي أي) المتخصصة في رصد الحياة الاجتماعية والاقتصادية إن الهجرة لا تقتصر على الأفراد بل إن عائلات بأكملها شعرت بضرورة العودة الى أوطانها الأصلية لتضمن التمدرس والأمن لأبنائها بسبب عجز إسرائيل عن جلب أساتذة أكفاء لجامعاتها كما أن شركات صناعية واقتصادية وتجارية غادرت إسرائيل بسبب نقص الإنتاج وتعطل التنمية وأكدت النشرية أن حوالي 60 ألفا من الشركات العاملة في اسرائيل حولت نشاطها الى دول أخرى منذ السابع من أكتوبر 2023 أو هي تخطط للرحيل. * ثم حللت (التلغراف) أسباب هذه الانهيارات المتعاقبة فأرجعتها الى تهديد رئيس الحكومة بتغيير قواعد القضاء مما يجعل الناس عادة غير مطمئنين لعدالة مهزوزة وإصرار ناتنياهو على مواصلة الحرب مما يهدد باندلاع حرب إقليمية واسعة فبعد غزة تحرك نحو لبنان وشاركت قوة عظمى في دك الحديدة باليمن وضرب مناطق في سوريا والعراق! * وعلى ضوء هذه الحقائق نلمس في الشرق الأوسط إعادة رسم الموازين وتغير مواقع القوة فيوم الأربعاء 2 أكتوبر تأكد أن جبهات المقاومة ترد بالصواريخ على الصواريخ وتتحدى من كان يتفاخر بأنه الأقوى والأعتى سلاحا والذي لا يهزم! عودة مباركة لروح الغضب المقدس لدى أصحاب الحق والشرعية والذين لا يخرجون عن القانون الدولي وهو الذي يمنحهم حق مقاومة محتلي أرضهم بكل الوسائل وبلغ التهور يوم الأربعاء بوزير خارجية حكومة إسرائيل أن أعلن بأن السيد (غوديريتش) الأمين العام للأمم المتحدة يعتبر شخصا غير مرغوب فيه في «بلادهم» وهو سلوك غير مسبوق!
702
| 04 أكتوبر 2024
• شارك صاحب السمو أمير قطر حفظه الله كعادته منذ سنة 2013 ككل سنة في أشغال وأنشطة وجهود الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة التي سبقها في دورتها 79 الراهنة انعقاد مؤتمر المستقبل، وهو كما قال السيد (غوديريش) الأمين العام مخصص لتوضيح معالم مصير العالم في مرحلة تاريخية معقدة تهدد البشرية خلالها بالحروب والأزمات والمجاعات، مع العلم أن هذا المصير تقرره وتحلله كل دول المنظومة الأممية، لأنه ما من أحد يضمن لنفسه السلامة والأمان لو انعزل عن بقية الدول بينما نحن جميعا في عين العاصفة. وطبعا كانت قطر حاضرة بمشاركة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي تكلم بلسان الحكمة والتمسك بالقانون الدولي والشرعية الأممية بتوجيه من صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونذكر أن الخطب التي ألقاها سموه من على منبر الجمعية العامة قررت المنظمة اعتبارها وثائق مرجعية تحفظ في أرشيف الأمم المتحدة، والسبب كما نعلم هو تقدم دولة قطر في الطليعة لدعم كل مؤسسات الأمم المتحدة وتدشين أمينها العام لبيت الأمم المتحدة الذي أنشأته قطر في الدوحة ليأوي في صلبه جميع جهودها الإنسانية لمقاومة الإرهاب ونجدة الشعوب المنكوبة بالحروب والمهددة بالأوبئة والمجاعات. * والمشاركة القطرية ليست موسمية بل يومية بفضل نشاط سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني ومساهماتها في كل المؤتمرات والندوات التي تنظم في نيويورك من أجل تحقيق غايات السلام والأمن الدوليين. وجاء الخطاب الأميري المنتظر في موعده يوم الثلاثاء ليحرك السواكن ويصدع بالحقائق فكان بحق صوت الشعوب العربية والمسلمة بعيدا عما تعود عليه الآخرون من حذر دبلوماسي ومجاراة لرغبات القوى العظمى، فأعلن العديد من الخبراء الفلسطينيين والعرب أن سموه عبر عما يخالج ضمائر جماهيرنا في كل مكان، ومن بين هؤلاء الخبراء الدكتور عبد الحميد صيام الملاحظ للتحولات الكبرى في اللغة والمضامين اللتين طبعتا مواقف دولة قطر في كل المناسبات الأممية وخصص الشيخ تميم بن حمد حيزا محترما هو الأكبر للقضية الفلسطينية لإيمان سموه بأنها القضية المركزية والتي لو تواصل إنكارها أو تدليس تاريخها تصبح التهديد الأخطر للسلام العالمي. وهنا أعلن الأمير حفظه الله، أن أصل الأزمة هو الاحتلال، وأكد أن من يقول اليوم بأنه يساند إسرائيل في حقها في الدفاع عن أمنها هو في الواقع شريك في العدوان وفي حرب الإبادة؛ لأنه ينكر على الفلسطينيين حقهم في مقاومة الاحتلال بينما هم أصحاب الأرض ولدوا عليها وتشبثوا بها كما رأينا حتى فوق أنقاض ديارهم وعلى جثامين شهدائها من المدنيين، ومؤكدا سموه أن حل الأزمة الشرق أوسطية المعقدة يبقى الاعتراف بدولتين تتعايشان بسلام وتكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية كاملة السيادة واستقلال الخيارات. ومن جهتها تابعت وسائل الإعلام العربية والعالمية باهتمام كبير الخطاب الذي ألقاه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين التي عقدت هذه الأيام في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث أفردت له مساحات واسعة من تغطياتها الإخبارية. كما أبرزت وسائل الإعلام القضايا العربية والدولية التي تضمنها الخطاب مركزة على قول سموه حفظه الله، إن دولة قطر تواصل تمسكها بالموقف المبدئي من عدالة القضية الفلسطينية التي أصبحت امتحانا لمصداقية ساسة دول العالم تجاه منطقة الشرق الأوسط. فتحت عنوان: «أمير قطر يؤكد التزام بلاده بمواصلة الجهود في صناعة السلام وتيسيره» أشارت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إلى تأكيد حضرة صاحب السمو أمير البلاد «ضرورة حل النزاعات بالطرق السلمية معلنا التزام بلاده بمواصلة الجهود في تيسير وصناعة السلام». ونقل رؤساء تحرير الصحف القطرية على القناة القطرية أهم الجمل الجريئة التي وردت على لسان سموه ومنها: «أوقفوا العدوان على غزة وعلى لبنان، والقوة لا تلغي الحق والحرب لن تجلب السلام، ثم الوساطة خيارنا الاستراتيجي وواجبنا الأخلاقي، والباحثون عن إدارة غزة بعد الحرب يريدون تفصيل المنطقة على قياس إسرائيل، وتبقى فلسطين عصية على التهميش لأنها قضية سكان أصليين، وتأكيد سموه أن الأونروا تعرضت الى افتراءات لتصفية قضية اللاجئين، ثم قال سموه «إن الاحتلال نظام فصل عنصري في القرن الحادي والعشرين ومع الأسف لم تستنتج الدول الكبرى بعد الكارثة ضرورة وقف الحرب، مؤكدا سموه أن زوال الاحتلال ومنح الفلسطينيين حق تقرير المصير ليس منة أو مكرمة من أحد. وعلق رئيس تحرير جريدة «الشرق» الزميل جابر سالم الحرمي بالقول: إن الأمير كشف للعالم همجية العدوان على غزة ومما قاله سموه حفظه الله: «نحن نعارض العنف والتعرض للمدنيين الأبرياء من أي طرف كان ولكن بعد مرور عام على الحرب ومع كل ما يرتكب لم يعد بوسع أي مسؤول الادعاء أنه لا يعلم، فالحقائق معروفة والتقارير عن قصف المدارس والمستشفيات واستخدام الغذاء والدواء سلاحا تصدر عن منظمات دولية ونوايا القادة الإسرائيليين منشورة وتقال على رؤوس الأشهاد. ولذلك فإن عدم التدخل لوقف العدوان هو فضيحة كبرى. وأضاف سموه أنه في كل عام يقف على هذا المنبر ويبدأ كلمته بالحديث عن قضية فلسطين وغياب العدالة ومخاطر الاعتقاد أنه يمكن تجاهلها وأوهام السلام من دون حلها حلا عادلا قائلا: «فعلت ذلك كل عام في الوقت الذي باتت قضية فلسطين تغيب عن خطابات ممثلي قوى رئيسية في عالمنا وثمة من يغريه احتمال تهميش هذه القضية والاستراحة من همها أو زوالها بدون حلها! لكن قضية فلسطين عصية على التهميش لأنها قضية سكان أصليين على أرضهم يتعرضون لاحتلال استيطاني إحلالي رغم إصرار السلطات الإسرائيلية على فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين وعلى العالم بكل أنواع القوة، لقد أطلقت الحرب الوحشية الجارية رصاصة الرحمة على الشرعية الدولية، وألحقت أضرارا فادحة بمصداقية المفاهيم التي قام على أساسها المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية. كما قرأنا وعشنا الحدث وجرأة صاحب السمو الأمير في الصدع بالحق دون حذر، تعودنا أن نصفه بالدبلوماسي للهروب من مواجهة الواقع والمشاركة بوعي أو دون وعي في طمس الحقوق أو نكرانها وهي الحقوق الشرعية لشعب أصبح اليوم يحتل مقعدا بين الدول في المنتظم الأممي. هذه أهم الحقائق التي صارح بها سمو الأمير كل مسؤولي الدول الحاضرين في الجمعية العامة أينما كانوا وكيفما كانت مواقفهم وبسبب تلك الصراحة وذلك الوضوح وصفت نشريه (وورلد نيوز) الخطاب الأميري بكونه إلقاء حجر في بحيرة أسنة كان مفعولها سريعا يوقظ الضمائر ويحرك المواقف ويغير الاتجاهات. ومن قلوب جميع الفلسطينيين والعرب والمسلمين نهتف ألف شكر وتقدير يا سمو الأمير وعشت للحق نصيرا وبحقوق الأمة بصيرا.
564
| 27 سبتمبر 2024
بعد سنة من حدث 7 أكتوبر التاريخي السياسي المفاجئ الذي أدخل العالم في دوامة بدأ يتضح المشهد الإستراتيجي بكل ألوانه وأطيافه ليتبين منه ما كان مجهولا أو مسكوتا عنه. فالرأي العام الدولي يدرك اليوم أن حالة الجمود والتمسك بالمواقف الأولية الموروثة لم تعد تخدم الأمن والسلام الدوليين بل أصبحت إسرائيل عبئا ثقيلا على الدول العظمى حتى لو جنت منه بعضها «غنائم» مؤقتة. وسجل العالم جرائم إرهابية جديدة حين تفجرت آلاف الأجهزة الإلكترونية (بايجرس) في وجوه وجيوب مالكيها من إخوتنا اللبنانيين يوم 17 سبتمبر بعد أن جاءت المفاجأة من اليمن فجر يوم الأحد 15 سبتمبر الجاري متمثلة في صاروخ بالستي من الجيل الجديد انطلق من اليمن وقطع مسافة أكثر من ألفي كيلو متر في دقائق قليلة ولم تقتنصه رادارات القبة الحديدية فأصاب تل أبيب وكاد يدمر مطار بن غوريون الدولي وكانت هذه الجبهة اليمنية أقوى مما توقع العدو المحتل الذي فقد صوابه وتفرقت قياداته بينما تعززت فلسطين بمقاومة الاحتلال وتوحيد صفوفها. ولا أخفي قرائي الأفاضل أنني خلال إجازتي الأخيرة تجولت في عدة عواصم أوروبية حيث كنت دائم الاستئناس بتصورات واستشرافات عدد من الزملاء المحللين الكبار لملفات الشرق الأوسط وأعرف منذ عقود أنهم خلال عملهم الأكاديمي في مراكز البحث والتوقعات يصيبون في أغلب الحالات كبد الحقيقة ويتوفقون إلى وضع سيناريوهات مستقبلية للعديد من الأزمات على ضوء اطلاعهم اللصيق على مصالح الدول وتفكيك حساباتها الظاهرة والباطنة وعلى ضوء معرفة عميقة بجينات الدول الشرقية وتوقعات ردود أفعال قادتها ونخبها. وأقدم للقراء الكرام اجتهاداتي في استخلاص نتائج تفكير زملائي الأوروبيين إزاء حالة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية. يضع هؤلاء ثلاثة سيناريوهات أوجزها كالتالي: 1 - السيناريو الأقرب احتمالا هو أن تشكل الدول الخمسة الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن خلية أزمة مشتركة للاتفاق حول مشروع حل سلمي ومتكافئ لأزمة سياسية وأخلاقية نتجت عن حرب الإبادة التي يشنها يوميا (ناتنياهو) لا من أجل وطنه كما يدعي بل من أجل نجاته الشخصية من قضاء بلاده الذي ينتظر محاكمته عن العديد من الجرائم في السلم وفي الحرب فهذا المتطرف يعتبر استمرار الإبادة الانتقامية طريقه الوحيد للإفلات من المحاسبة. ولعل أهم خطوط هذا المشروع تنطلق من قراءة جديدة للملف الفلسطيني الذي لم يبدأ يوم 7 أكتوبر 2023 بل بدأت المأساة من النكبة 1947 حين تم تعويض شعب أصيل بشتات دخيل وهو ما أكده معالي رئيس مجلس وزراء قطر ووزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبدالرحمن حين شرح موقف دولة قطر المنخرطة في جهود الوساطة بغاية إيقاف حرب الإبادة والتوفق إلى ابتكار حلول جذرية للأزمة وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه الطبيعي في دولة مستقلة وذات سيادة يكون مكانها السلمي في شرق أوسط أعدل وأكثر أمانا. ومن جهته أشار الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الدكتور ماجد الأنصاري يوم الثلاثاء الماضي إلى أنه: «يجب أن تتحمل إسرائيل مسؤوليتها في القصف الانتقامي أمام المحاكم الأممية». ويقول بعض زملائي الأكاديميين إن إدانة قطر بأشد العبارات استمرار حرب الإبادة ستفتح مجالا لتفسر دولة قطر توجهاتها الصادقة والناجعة في التمسك بالقانون الدولي والشرعية الدولية للوصول إلى حل معقول يعتمد تأسيس دولتين جارتين أي الرجوع لما قبل الخامس من يونيو 67 أي ما قبل الاحتلال بالقوة لأراض شاسعة لدول عربية جارة وهذا الموقف القطري الثابت يندرج في جهود قطر في الحرب على الإرهاب وتجفيف منابعه وملاحقة مرتكبيه ثم لتشرح لشقيقاتها وللرأي العام العالمي منطلقات علاقاتها مع الجمهورية الإيرانية باعتبارها شريكا في السلام بحكم الدين والجغرافيا مع مراعاة دولة قطر لمصالح كل دول الشرق الأوسط في كنف التعاون واحترام الشرعية الدولية وخدمة للسلام العالمي لتكون دولة قطر أول من يبادر بإقرار مناخ من الصفاء وعودة الثقة بين الأشقاء. والأرجح في تفكير هؤلاء الزملاء الغربيين أن الدول الخمسة وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا في حال اتفق دبلوماسيوها في لقاءاتهم على مشروع حل الدولتين سوف يقدمونه إلى المنتظم الأممي ويدعون إلى فرضه بقرارات مجلس الأمن الملزمة. 2) السيناريو الثاني هو أن تنجح الدول العربية والمسلمة النشيطة في تقديم مبادرة قريبة من مبادرة الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومنها المبادرة التي قدمها الرئيس بايدن مثل التي عرفت بمبادرة السلام العربية تلك المبادرة التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين هدفها إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل ونتذكر أن هذه المبادرة التي أعلنها الملك عبد الله رحمه الله سنة 2002 ضاعت أو كادت بسبب تعنت اليمين المتطرف في إسرائيل والذي يتحالف مع أحزاب تلمودية لا تؤمن بالسلام مع جيرانها بل تعتقد أن نصوص التوراة أعطت كل فلسطين للعرق اليهودي وفضلته على العالمين! وهؤلاء متمسكون بدولة يهودية صافية من النهر إلى البحر. 3) السيناريو الثالث الذي يبدو الوحيد عندما يصعب أو يستحيل تحقيق أحد السيناريوهين الأسبقين هو انتقال ملف الأزمة إلى مجلس الأمن بالتوازي مع المحكمة الدولية بلاهاي (وهي الجهاز القضائي الذي يتبع منظمة الأمم المتحدة وأحد الآليات المكلفة بحل النزاعات على أساس القانون الدولي وحفظ الأمن والسلام الدوليين).
831
| 20 سبتمبر 2024
مع رحيل آخر الرجال الثلاثة الذين صادقتهم في الغرب (الفيلسوف المسلم رجاء جارودي) ومع رحيل (ميشال جوبير وزير خارجية فرنسا الأسبق) ترجل عن جواده آخرهم المفكر الاقتصادي الأمريكي ومستشار الرئيس الأسبق (رونالد ريجن) صديقي منذ الثمانينيات (ليندن لا روش) والى يوم الناس هذا عندما يدلهم ليل الأحداث الجسام وتنزل على العالم صواعق مثل هذه التي نحياها في حرب إبادة شعب غزة باستمرار ارتكاب جرائم حرب بأيدي حكومة متطرفة في إسرائيل لا يهم رئيسها سوى بقائه في الحكم والإفلات من محاسبة عسيرة مبرمجة في قضاء بلاده! * أمام هذه المخاطر التي نبه اليها وسطاء السلام أستعيد من أرشيف ذاكرتي مواقف ثلاث قامات من صلب الغرب صنعوا جزءا من تاريخ الغرب الحديث بمشاركتهم في إنجاح مسار الحوار بين الإسلام والغرب الذي انطلق من دولة قطر في مؤتمرات سنوية عديدة وظلوا صامدين لم تزعزعهم نزعات التطرف والعنصرية ولا حتى المحاكمات الكيدية. جمعتني بهؤلاء الرجال الثلاث صداقات قديمة أصيلة حرصت على رعايتها وتنميتها خلال زمن المنفى الصعب ذلك الزمن القاسي الذي يخذلك فيه من اعتبرتهم ذات يوم أصدقاء ويتفرق من حولك المنافقون الذين جمعتهم بك مسؤوليات سياسية زائلة وأعراض دنيوية عابرة. ولكن (ليندن لاروش) رجل الاقتصاد الأمريكي المعروف والمرشح الأسبق لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية و(ميشال جوبير) وزير خارجية فرنسا الأسبق و(رجاء جارودي) الفيلسوف الفرنسي المسلم الذي نذر نصف قرن من حياته لخدمة حوار الحضارات وفضح أكاذيب الصهيونية هؤلاء الرجال الثلاث يظلون شامخين في ذاكرتي وفي ضميري من ذلك المعدن الأصيل الثمين الذي لا يتغير مع الأحداث وفي هذه المحنة التي تمر بها حضارة الإسلام وهي محنة متعددة الأبعاد: من العراق إلى فلسطين إلى نذر الفوضى في ليبيا ومصر واليمن مرورا بمحنة سوريا التي لا نرى لها أفق حل إلى تونس التي انطلقت منها أول شرارة رفض الاستبداد وحققت مكاسب غالية ولكنها فقدت الأمن والعافية! * استرجعت أحاديثي المطولة مع هؤلاء الأصدقاء الثلاث وقرأت محطاتها بعيون أخرى مختلفة وأنا دائس معكم جميعا أيها القراء الكرام على جمر هذه المصائب حين أذكر حديثي مع (ليندن لاروش) في يوم دافئ من أيام نوفمبر 1984 حيث دعاني إلى قضاء يوم في «رانشه» بولاية بنسلفانيا غير بعيد عن واشنطن وكنت في ذلك العهد عضوا بالبرلمان التونسي مقررا للجنة الشؤون السياسية في أواخر عهد بورقيبة وكان بالطبع لاروش كأي سياسي أمريكي يريد أن يطلع على مشاغل الطبقة السياسية المغاربية واتجاهات الرأي العام العربي إزاء العلاقات الأمريكية العربية وبخاصة قضية فلسطين وتعامل إدارة الرئيس رونالد ريجن في ذلك الزمن مع تلك القضية. وكنت بدوري حريصا على فهم ذلك الجهاز المعقد الذي اسمه أمريكا وكيف يتاح للعرب إيجاد قنوات للتعامل مع الرأي العام الأمريكي لأنه ذو التأثير الحاسم على مجريات القضية الفلسطينية وكانت تونس في ذلك العقد من الزمن تؤوي جامعة الدول العربية وتستضيف منظمة التحرير الفلسطينية وأبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد وأبو اللطف وكل القيادة المناضلة فاهتمام (ليندن لاروش) بما كنت أقوله هو اهتمام طبيعي بالنظر لموقع تونس القوي آنذاك ودورها في بلورة سياساته العربية. *قال لي لاروش ونحن نتغدى على مائدته مع زوجته هلجا: «أنا أعتقد أن ليس للإدارة الأمريكية سياسة عربية فهي منذ (دوايت ايزنهاور) تستعيض عنها بالسياسة الإسرائيلية.. هذا هو الخطر الكبير الذي يهدد مصالح أمريكا على المدى البعيد.. لأن البيت الأبيض ينظر للعرب بعيون إسرائيلية.. لاحظ مثلا اعتبار ياسر عرفات إرهابيا من قبل إدارة (ريجن) لا لشيء إلا لأن إسرائيل تعتبره إرهابيا وأكد لي لاروش أنه كتب مذكرة لريجن وقال له إن عرفات ينتمي إلى آخر جيل فلسطيني يقبل التفاوض وأن الجيل الذي سيأتي بعده سيأخذ حقوقه بالسلاح والعنف.. نحن نتوقع أن يتحول جزء من ذلك العنف ليضرب أمريكا ذاتها في يوم من الأيام.. لأننا لم نستقل بعد عن الرؤية والتصور والأنماط والمصالح السائدة في إسرائيل. هكذا تكلم ليندن لاروش منذ أربعين سنة. * أما ميشال جوبير وزير خارجية فرنسا المولود في المغرب العربي والقلم المنصف للعرب ولقضية فلسطين فأنا أذكر حديثه منذ ثلاثين سنة في مطعم سان فرانسيسكو الذي نلتقي فيه أسبوعيا كل يوم أحد ويحرص كلانا على احترام تلك المواعيد. قال لي ذات يوم صيفي عام 1996: إنني أعجب من العمى السياسي الذي يصيب الإدارة الأمريكية.. رئيسا تلو رئيس. وأعتقد أن الجهل هو سبب ذلك العمى وذلك التخبط فالأمريكي المتوسط الذي يصنع الرأي العام الضاغط عادة على قرارات الإدارة الأمريكية هو مواطن محدود المدارك السياسية ليس لديه طموح في أن يعرف حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي. فإسرائيل بالنسبة إليه هي الدولة الموالية لأمريكا وحامية الغرب من شعوب عربية متخلفة «غير ديمقراطية» وهذه الرؤية لدى الأمريكي المتوسط هي رؤية إسرائيلية.. صاغتها وسوغتها وروجتها أجهزة إعلامية ذات تأثير خاصة القنوات التلفزيونية الأهلية والمحلية التي تبث لولاية أو لمدينة كبرى أو لمجموعة مدن. هذا هو المجتمع الأمريكي أمام قضية فلسطين.. كيف نغير هذه المعادلة؟ هكذا تكلم ميشال جوبير وهو الذي عاش طول حياته مسكونا بهاجس التخبط الأمريكي ويعتبره أم المعضلات أمام قضية فلسطين. وأني أقرأ مقالات جوبير الصادرة بعد 11 سبتمبر 2001 وأرى أنه حلل الأحداث بنفس المنطق بل إنه عندما كان يتحاور في عام 1973 مع زميله الأمريكي (هنري كيسنجر) ينصح الإدارة الأمريكية بقراءة حرب أكتوبر 73 بعيون أخرى وتوقع أزمة عالمية كبرى من جراء مساندة الظلم الإسرائيلي دون ضوابط. * أما الصديق المفكر رجاء جارودي رحمة الله عليه فكانت لي معه أحاديث مطولة في بيته.. قال لي منذ ثلاثين سنة «إني أكتب كتابا هذه الأيام سوف أضع له عنوانا هو : أمريكا تقود العالم إلى الهاوية! فقلت له: لعل هذا الاستنتاج مبالغ فيه.. فرد عليّ قائلا: لا إنها الحقيقة.. لم تدرك أمريكا بعد أن حجمها العملاق يفرض عليها اليوم رسالة في حوار الحضارات ونصرة المظلومين ورفع راية مبادئ حقوق الشعوب وحقوق الإنسان.. إلى اليوم لم تتعلم تلك القوة العظمى أن عالما خاليا من تلك المبادئ لن يصمد.. وسيجرف أمريكا معه ـ أو تجرفه أمريكا ـ إلى الهاوية. إن أمريكا تمهد مع الأسف لعالم دون قيم أو بالأحرى بقيم دون محتوى فهي ترفع شعارات الحرية ـ مثل تمثالها الشهير ـ لكنها لم تتحول إلى ممارسة سياسية وحضارية. هكذا تكلم ثلاثة رجال أقدرهم وأحترمهم.. والزمن أعطاهم الحق والمصداقية.
834
| 13 سبتمبر 2024
منذ إنشاء جامعة الدول العربية تكررت النداءات والمبادرات للعرب حتى يغيروا ميثاق جامعة الدول العربية ليحولوها الى جامعة شعوب عربية بعد أن ثبت أن هذه المنظمة العريقة التي تأسست قبل منظمة الأمم المتحدة أصبحت أداة طيعة في أيدي دولة عربية واحدة وهو ما عطل جهودها وضيع مكاسبها. طبعا مع الأسف لم تستجب الأطراف المعنية لتلك المبادرات واستمر العجز وتواصل الخروج العربي من التاريخ. اليوم رغم العوائق فإن حركة مباركة تشهدها الساحة المغاربية منذ الطوفان الذي قلب الموازين العربية والإقليمية والعالمية جسدتها النخب المثقفة والواعية بفرض وضع إعادة الاتحاد المغاربي في أولوية برامج الدول كما عززتها دعوات النخبة لإعطاء الأولوية لتأسيس اتحاد مغاربي قوي وحر وفاعل يقف أمام تهور الكيان المحتل ومروقه عن كل الأخلاق والقوانين الدولية ولكن الإشارة التي يجب التقاطها من قبل النخب والمجتمعات المدنية المغاربية هي أن خلايا العنف وفلول الإحباط تستعيد نشاطها وأن الذي أفشل عمليتها هذه المرة هو التنسيق المغاربي حتى في أدنى مستوياته ثم إنك لو تأملت محاولة بعض الأطراف تسميم أجواء تونس وليبيا ومصر والجزائر وموريتانيا بخلق بؤر التوتر الاجتماعي والأيديولوجي فإنك توقن بأن مكاسب التحولات العميقة في هذه البلدان تبقى مهددة بظهور حركات عنيفة تلبس رداء المطلبيات وتهدف إلى إشاعة مناخ من الفوضى لا يخدم سوى مصالح أعدائنا. ويمكن القول إن تعطل الاتحاد المغاربي في بناء مؤسساته وتنسيق سياساته كان له دور في تشكل اتحاد أعداء كل عمل عربي ومغاربي صالح فكلما تعثرت وحدة الدول والمجتمعات المدنية في البلدان المغاربية كلما تسارعت خطوات العصابات المنظمة من كل لون وطيف لملء الفراغ واحتلال العقول واختراق الحدود. وقد كانت المواجهات المسلحة المحدودة بين قوات الأمن التونسية والليبية والجزائرية والموريتانية وبعض العناصر المغرر بها خلال السنوات الماضية منعرجا خطيرا في ممارسات الجماعات المسلحة التي تلبس أقنعة الجهادية والقاعدة حيث تعولمت تحركاتها بشكل لافت فاستعملت أدوات العصر الإلكترونية وتلقت تدريباتها ومدت فروعها وأعلن فريق منهم الولاء والمبايعة لتنظيم القاعدة أو داعش بقصد تهديد الاستقرار الضروري لكل سلام مدني وكل بناء مغاربي ذلك الاستقرار الذي ثبت أنه يظل هشا ما لم تتعمق السلطة والمجتمع المدني في معالجة المشكلات سياسيا وتربويا وثقافيا وألا يقتصر التعاطي معها بالوسائل الأمنية وحدها وانفراد شخص واحد بالقرار دون ديمقراطية تبقى هي صمام الأمان لمستقبل الأمم. ونحن نثق في مجتمع مغاربي يعرف منذ التاريخ العريق بوداعة أهله وطيب العيش فيه وانعدام الطائفية ورفعة مستوى الحس المدني والثقافي والفكري وبلوغ النخبة درجات عالية من الوعي السياسي والمشاركة الحضارية. ونعيد للأذهان ما كانت نبهت إليه مؤسسة التميمي للبحث العلمي في تونس قبل الربيع العربي أثناء مؤتمرها الحادي والعشرين حول تكلفة اللامغرب حين طرحت سؤال: ماذا يخسر المغاربيون من غياب الوحدة أو تأجيلها! بمشاركة أساتذة بارزين وأصحاب قرار نافذين من كل بلدان المغرب العربي، وتدارسوا أسباب تعثر البناء المغاربي بينما هو حلم الأجيال التي جاهدت من أجل استقلاله وتأسيس دوله الحديثة واقترحوا وسائل تحقيق وحدته وهي نفس الوسائل التي ما انفك يقترحها المثقفون المغاربيون منذ عقود ولا من مجيب. وفي البيان الختامي عدد المشاركون في المؤتمر أسباب إحباط المشروع الوحدوي المغاربي كالتالي: النزعة السيادية المشطة لكل دولة ذات الطابع الانفرادي وغياب المشاركة الموسعة لمؤسسات المجتمع المدني في القرارات المتخذة وتغييب الأبعاد المغاربية في التعليم والبحث العلمي والإعلام وعجز السلطات المغاربية عن إيجاد حلول توفيقية لبعض المعضلات السياسية وضياع الوقت وإهدار الإمكانات في عقد اجتماعات ماراثونية لم تنتج سوى الشعور بخيبة الأمل وإعلان الفشل الذريع. هذه لمحة عن تشريح الإخفاق المغاربي من لدن نخبة متميزة من أبنائه وضعت أصابعها على أصول الداء واقترحت العلاج السياسي والثقافي الجريء الذي لا يقتصر على رفع العصا في كل اتجاه بدعوى الحفاظ على الأمن. ويتطرق بيان المؤتمر إلى دقة المتغيرات الجيوسياسية والمعرفية والاقتصادية وضرورة إعادة ترتيب البيت المغاربي على أساس بناء صرح إقليمي ديمقراطي منفتح على العولمة والتكنولوجيات وتأمين الحريات المواطنية الأساسية باعتبار الحرية هي المعيار الصحيح لأي تقدم ولأية تنمية حقيقية. فهل من خطاب أبلغ ومن رسالة أوضح يوجهها المؤتمرون المغاربيون لأصحاب القرار السياسي حتى تكون الوحدة المغاربية الديمقراطية هي الدرع الواقي لشعوبنا من مغبة الإرهاب القائم بغطرسة في فلسطين المحتلة؟ الى جانب الفوضى وقمع الحريات وهجرة العقول وضياع الاستقلال؟ ويأتي الربيع الجديد برايته الإسلامية ليهز الضمائر ويحرك المشاعر ويوقظ الهمم حتى نؤسس جبهة مغاربية حقيقية وقوية للتصدي للإرهاب والإحباط لا بالمعالجة الأمنية فقط والتي لم تعد تكفي رغم أهميتها لتوفير الأمن واتقاء الفتنة ولكن بمواجهة المعضلات التي عددها المؤتمرون بما سموه على استحياء ضرورة إيجاد الحلول التوفيقية للمشاكل السياسية القائمة وهنا نلتقي جميعا أبناء المغرب العربي حول استعجالية الوفاق الوطني والإقليمي وطي صفحات الماضي لنكون يدا واحدة ضد الاستبداد والردة الحضارية والعنف الأعمى. إنها أمانة في أعناق جيلكم وفي أعناقنا جميعا.
414
| 06 سبتمبر 2024
تحيي قناة الجزيرة هذه الأيام ذكرى تأسيسها وهو موعد لا يرتبط بيوم محدد لأن القناة تأسست على مراحل وقد تحولت مع الأحداث إلى ظاهرة حضارية أكثر من كونها ظاهرة إعلامية أو سياسية فتغير بفضل نقلها الذكي والموضوعي للحقائق ذلك المشهد العربي البائس لتتفجر عبقرية الأمة وتشارك الشعوب في حركة التاريخ. وأذكر عندما بدأ البث التجريبي لقناة الجزيرة في قطر أواسط التسعينيات كنت أستاذا مشاركا للإعلام في جامعة قطر وبالطبع مثل غيري من حملة الهموم الإعلامية اهتممت عن كثب بهذه القناة الوليدة خاصة وقد أعادت لي شخصيا بعض الزملاء والأصدقاء الذين فرق الدهر بيني وبينهم مثل الأخ الفاضل محمد كريشان والزميلة القديرة ليلى الشايب حين عادا من مغامرة (البي بي سي) العربية من لندن برصيد مهني احترافي ثري جمع في سنوات لندن بين الاستقلالية عن الإملاء والخبرة العالمية العالية. وجاء معهما فريق إعلامي رفيع المستوى يضم مؤسسي (البي بي سي العربية) أمثال سامي حداد وجميل عازر وفيصل القاسم وأحمد الشيخ وحسن إبراهيم وجمال ريان والأخوين الشولي وتعود لذاكرتي خاصة صورة المكلف بالأرشيف والدعوات (الذي هو صاحب أضخم مذكرة أرقام هاتفية للمسؤولين وأصحاب القرار والمحللين السياسيين في العالم) وصلاح نجم وغيرهم ولم يلبث أن انضم إليهم جمع طيب من الشباب الإعلاميين ذوي الإسهامات الطويلة في المجال الاتصالي أمثال مديرها العام الأسبق وضاح خنفر وأحمد منصور وغسان بن جدو وماهر عبد الله وهويدا طه وتيسير علوني وكثيرون قد أكون ظلمتهم عندما لم أذكر أسماءهم. وإلى هذه النخبة انضم شباب قطري مؤهل مثل مديرها الأول محمد جاسم العلي والمخرج جاسم المطوع وتشرفت شخصيا ومعي كل الزملاء بقسم الإعلام بالجامعة بأن زودنا القناة بخيرة خريجينا من الطلبة والطالبات القطريين والعرب الذين دربناهم في مختلف أقسامها ثم عملوا في القناة وللعلم فالشيخ حمد بن ثامر رئيس مجلس الإدارة والدينامو الحقيقي لقناة الجزيرة هو أيضا من أفضل من تخرج من الدراسات الإعلامية بكلية الإنسانيات بقطر. ولكن للحقيقة لم تكن الجزيرة لتؤسس لولا الإرادة السياسية الذكية والجريئة للأمير الوالد صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي تحمل برحابة صدر بعض الانتقادات من قبل بعض المدعوين للحديث في برامج الجزيرة الحوارية. وقد تشرفت عام 2000 بتعييني عضوا ضمن لجنة خبراء عرب لتقييم أداء القناة إلى جانب زملاء محترمين مثل الكاتب والمفكر السعودي تركي الحمد وأذكر أننا اتفقنا بعد أربع سنوات من بث الجزيرة حينذاك بأن رفع سقف الحرية الإعلامية أحدث نقلة نوعية في الإعلام العربي بالرغم من بعض صعوباته المعروفة. وقد عايشت الكثير من أخطر وأهم الأحداث العالمية التي قلبت موازين الدنيا رأسا على عقب ورأيت كيف تتحول « علبة الكبريت الصغيرة «كما سماها المرحوم حسني مبارك فتحولت القناة في لحظات إلى مختبر حساس لمعالجة قضايا ساخنة وملفات متفجرة مثل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 حين كنت أنا المعلق الرئيسي في الاستوديو الوحيد المباشر آنذاك وعلى مدى ثلاث ساعات كاملة كان وجه العالم بأسره يتغير فيها وتتبدل ملامح الخرائط وتتسارع الأنباء التي فجرت استقرار الدنيا مع تفجير برجي التجارة العالميين.. وأذكر أن قنوات العالم وبخاصة (السي إن إن) نقلت أجزاء من هذه المداخلة العفوية ورأيت وجهي على شاشة (السي إن إن) لأول ولآخر مرة. كما أذكر أنني كنت على الهواء يوم التاسع من أبريل 2003 يوم إسقاط تمثال المرحوم صدام حسين أعلق على هذا الحدث العربي الجلل حين بادرتني الزميلة ليلى الشايب بقولها: ها... دكتور... انتهت الحرب اليوم؟ فأجبتها بسرعة: « لا فالحرب بدأت اليوم فالذي انتهى هو قصف بغداد ونظام البعث وتفكيك الجيش العراقي». ومهما كانت الانتقادات الموجهة إلى القناة فهي فتحت طريق المزاحمة والندية مع القنوات التي درجنا على تسميتها بالعالمية وهي في الواقع غربية تخدم مصالح الدول التي نشأت فيها واكتسبت أشواطا بعيدة في الحضور الدولي والمبادرة والسبق في عالم أصبح يعتمد على السرعة الضوئية في اقتناص الأخبار وعلى التألق في تغطيتها والتفرد في الوصول إلى قلب الحدث وصانعيه. ولا غرو أن نرى اليوم أغلب القنوات الفضائية العربية تتنافس في تقديم الأفضل والأهم في مجالات نقل الخبر وعلى صعيد البرامج الحوارية وقد تطورت عديد القنوات مهنيا ولو أن بعضها أصابه داء التطبيع والقائمة ستطول على ضوء التحولات الحضارية الكبرى التي صنعتها الثورات وشيوع مستحقات العولمة وارتفاع مستوى الرأي العام العربي الذي أصبح أدق وعيا بما يحدث حوله في وطنه وفي العالم وأشد اطلاعا بفضل وسائل الاتصال الآنية على كل ما يجري في الدنيا الواسعة فهنيئا للعرب و المسلمين جميعا بعيد الجزيرة والشكر الصادق من القلب لمن تجرأ على بعثها والتمسك بها رغم المناورات والتهديدات ولكل من وضع فيها لبنة. ولو فسرنا اليوم بعد الطوفان وجرائم الإبادة كيف انتصرت قضيتنا الأم وكسبت معارك الرأي العام العالمي سنجد وراء هذه الانتصارات الفذة قناة الجزيرة بقافلة صحفييها ومصوريها الشهداء هم والتحقت بهم في الشهادة عائلاتهم بسبب مروق الكيان عن القانون الدولي والأخلاق. تستمر الجزيرة في مقاومة الظلم بوجه رمزي هو أيقونة الفداء من أجل الحقيقة وائل الدحدوح رمز الشجاعة والصبر والرضا بقضاء الله سبحانه.
519
| 30 أغسطس 2024
لا بد للأمريكيين أن يعيدوا توازن الفهم لما يمكن تعلمه من تاريخ دام قرنين من الزمان خاضت فيهما الولايات المتحدة حملات عسكرية غير تقليدية في الخارج وعليهم أيضا التعامل مع عواقبها داخل أمريكا نفسها خاصة في ظل الحرب الهمجية الوحشية الإسرائيلية على قطاع غزة وفي ظل دعم غربي أطلسي غير مسبوق لإسرائيل بعد أن أخرجها ناتنياهو من دائرة الأخلاق الإنسانية وجعل منها كيانا مارقا. ولهذه الأسباب يجدر بنا أن نقرأ التاريخ الدموي والحروب القذرة التي خاضها الغرب ضد كثير من شعوب الأرض لنخرج بدروس مهمة منها: كذب دعاوى السلام المرفوع شعارا براقا زاعما الدفاع عن حقوق الإنسان! وكما هزمت جيوش الغرب الجرارة في فيتنام والعراق وأفغانستان فإنها ستهزم هي وإسرائيل في غزة عام 2024. ** وفي هذا المحور استعرض موقع الجزيرة للأخبار آخر الإصدارات وهو كتاب مؤلفه من أبرز الشخصيات الأكاديمية الأمريكية وهو الأستاذ (راسيل كرندال) أستاذ السياسة الدولية والسياسة الخارجية الأمريكية بكلية دافيدسون بولاية نورث كارولينا وقد شغل المؤلف مناصب رفيعة المستوى في مجال السياسة الخارجية بالبيت الأبيض ومجلس الأمن القومي وكتابه أصدرته مطبعة جامعة كامبريدج في أبريل الماضي. يقول لنا موقع الجزيرة بتحليل أحد كتابه المتميزين إن الكتاب القيم يبحث التجربة الطويلة والمعقدة للتورط الأمريكي في الحروب غير الشرعية بدءا من الثورة الأمريكية في عام 1776 إلى أن انتهت عقيدة (وودرو ويلسن) الذي كان يؤمن أن الولايات المتحدة بجزئيها ما هي إلا قارة جزيرة عملاقة تحيط بها المحيطات من كل جانب وفي 26 يوليو عام 1914 وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى في أوروبا اتخذ ويلسون بدايةً موقفًا سياسيًا حياديًا لكنه غير رأيه وسياساته حينما قامت الحرب العالمية الأولى ووصلت غواصات ألمانية إلى سواحل أمريكا فأيقن (ويلسن) أنه لا بد أن ينخرط في مقاومة ألمانيا المعتدية حفاظا على قيم الغرب ورسالة أمريكا في العالم حيث كان يعتقد بأنه من أجل أن تحارب يجب أن تكون أكثر عنفا ووحشية وهذه الروح العنيفة القاسية سوف تزعزع أعماق الحياة الأخلاقية الأمريكية. ويؤرخ للحروب غير النظامية الكبيرة والصغيرة على مدى القرنين ونصف القرن التاليين وما يتجلى بسهولة فيما سماه الكاتب: «الحروب القذرة» هو أن الفشل فيها ملموس بشكل مؤلم بينما النجاح غالبًا ما يكون غير مضمون وغالبًا ما يستلزم خوض هذه الحروب بنجاح ضرورة تحقيق توازن حاسم بين النصر العسكري والسياسة فوضع أمريكا كدولة ديمقراطية لا يؤدي إلا إلى جعل خوض هذه الحروب غير النظامية وبدرجة أكبر كسبها أكثر صعوبة فمنذ 1776 وحتى الآن انخرطت الولايات المتحدة دون انقطاع في «حروب قذرة». ** ويبحث الكتاب الحالات الرئيسية منها بما في ذلك الحروب التي طال أمدها مثل: فيتنام وأفغانستان والعراق إلى جانب الحملات الأقل شهرة مثل السلفادور في ثمانينيات القرن العشرين واليونان في أواخر أربعينيات القرن العشرين والفلبين في خمسينيات القرن العشرين ثم حرب انفصال كوريا إلى شمالية وجنوبية من 1949 إلى اليوم إذا اعتبرنا حالة المناوشات والتهديدات استمرارا للحرب وهذه الحروب أهملها التاريخ والذاكرة السياسية الأمريكية وعبر هذه الحالات يستكشف الكتاب تقلبات العقيدة الأمريكية بين التعهد بعدم الدخول في المزيد من الحروب القذرة أو مزيد شنها. ففي بعض الأحيان تعلم المسؤولون والقادة الأمريكيون من الدروس المستفادة من النزاعات السابقة وعلى سبيل المثال ما سببه عدم القدرة على الحسم وكم الخسائر الأمريكية في الحرب ضد حرب العصابات المراوغة والقاتلة في العراق والتي أدت بداية القرن الحادي والعشرين إلى تركيز العقيدة الإستراتيجية الأمريكية على مكافحة أعداء حقيقيين أو مصطنعين (بعد الشيوعية يأتي الإسلام) بمنطق حماية قيم الغرب المستهدف! نجح هذا التركيز إلى حد ما في العراق لكنه فشل وهُزم في أفغانستان مما دفع التدخل الأمريكي إلى تحول تاريخي في إستراتيجيته نحو تقييم أكثر تواضعا لما يمكن أن يحققه هذا الشكل من المشاركة في الحرب غير النظامية. ولو صبرتم معي أيها القراء الأعزاء لقصصت عليكم ما غاب عنكم من فظائع رهيبة ارتكبها الجنس الأبيض في حق السود والصفر والحمر بتعلة أن السيد الأبيض جاءكم من أصقاع أوروبا من أجل «تمدينكم وإلحاقكم بالمدنية الغربية» باعتبار وهم كاذب يدعي أن حضارة الغرب هي الأعلى بينما تلك العقيدة هي التي أنجبت النازية وقبلها بررت جرائم الإبادة الجماعية في أستراليا والأمريكتين وأفريقيا واليوم سنة 2024في غزة وفلسطين جميعا! تلك هي جينات الإرهاب الكامنة في تكوين العنصريين والمحتلين وقتلة الأطفال.. ويعترف المؤلف بخطورة هاته المذابح التي عانت منها أمم الأرض لكن الغافلين من الغربيين يحاولون أن يجدوا تبريرات لها رغم لا أخلاقيتها وعدم احترامها لأدنى كرامة بني آدم فيقول: هذه المذابح ستظل في الذاكرة التاريخية الجمعية للشعوب الغربية بمثابة تذكير تقشعر له الأبدان بأن الولايات المتحدة من المؤكد أنه سيكون لديها سجل مستمر من التجاوزات في الحروب القذرة لأن طبيعة الحروب القذرة غالبا ما تؤدي إلى البربرية والإفراط في هذا السلوك الوحشي الذي يستنكره جميع المشاركين فيها وعيا منهم بفداحة خسارة قيم الحرية المرفوعة في نيويورك في تمثال (الحرية تضيء العالم). اليوم ونحن في سنة 2024 يتفاقم خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة حين نرى روسيا القوة النووية تغزوها قوات أوكرانية بأسلحة تقليدية أمريكية وحين نرى أوضاع ما بعد الطوفان نلاحظ بدون عناء أن فلسطين تتحد وتقوى وتؤلف حولها شباب العالم في حين يقترب الكيان الغاصب من نهاية محتومة وهو ما أكده جنرال إسرائيلي متقاعد (إسحاق بريك) قائلا إن دولته ستنهار خلال عام إذا استمرت الحرب لأن قادتها أخطأوا في حساباتهم ولم يقرأوا الفرق النفسي والأخلاقي بين من يدافع عن أرضه وبين من يدافع عن احتلال أرض الغير بالقوة. قال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحق بريك، إن «غالانت يبدو أنه بدأ يدرك الحقيقة وأنه إذا اندلعت حرب إقليمية بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بشأن غزة ستكون إسرائيل في خطر».
699
| 23 أغسطس 2024
بعد ما تأكد الجميع عربيا ودوليا من نجاعة النقل المباشر لمجازر غزة والدور المتميز الذي لعبته تكنولوجيا الاتصال لدى قناة الجزيرة بفروعها الخمسة وبلغاتها العديدة أدرك العرب والمسلمون أن تمكن قطر من الرقميات وطرق استعمالها تستدعي تسريع انخراط أمتنا في الثورة الرقمية العالمية وتسخيرها لخدمة مصالحنا. وتعلمون أن تمكن دولة قطر من هذه التكنولوجيات عريق ويعود الى ثلث قرن حين شرعت الدولة بوعي في إنشاء ما سمي حينئذ ب (الإي غوفرنمنت). وهنا أستحضر للقراء الكرام بعض محطات تاريخنا العربي الحديث حيث تقول نكتة مصرية ظهرت بعد سنوات من انقلاب بعض ضباط الجيش على الملك فاروق ثم على مهندس الانقلاب محمد نجيب.. تقول النكتة بأن الرئيس عبد الناصر توفي سنة 1970 ربما بقهوة مسمومة وأن الرئيس السادات توفي برصاص قاتليه سنة 1981 وهو يستعرض وحدات من الجيش إحياء لذكرى العبور أما محمد حسني مبارك فراح ضحية الفيسبوك! وهذه النكتة تؤشر على استفحال ظاهرة الإعلام الإلكتروني ومواقع الاتصال الاجتماعي لا في نقل الأحداث فحسب بل في صناعتها وتوجيه الرأي العام وبالتالي في التأسيس لمجتمعات مدنية جديدة مختلفة تماما عما عرفناه عبر التاريخ. فقد ظهرت على سطح الأحداث الوطنية والعالمية حقيقة جديدة وهي العلاقة الجدلية بين المعلومة والحرية أي في الواقع بين الإعلام والسياسة وبين الأداة والهدف وبين السلطة والمجتمع المدني. كما توضحت معالم الفرق بين الشعوب المتقدمة الغنية والشعوب المتخلفة الفقيرة فيما أصبح يسمى بالفجوة الرقمية التي هي في الحقيقة فجوة حضارية تشير الى فوارق اقتصادية واجتماعية وتعليمية بيننا وبين شعوب تمكنت من السيطرة الثقافية على شعوبنا التي سموها (العالم الثالث) أو من باب الشفقة علينا أطلقوا علينا نعتا لطيفا هو (في طريق النمو). وقد قيل الكثير على أعمدة الصحف وفي القنوات الفضائية حول هذا الموضوع وملابساته وخلفياته بما لا يدع للمحلل والمفكر أمرا جديدا يستحق التقييم والتعليق إلا أن ارتباط المعلومة بالحرية ظل ملتبسا لدى بعض النخب العربية التي لم تفهم إلى اليوم عمق التحولات الكبرى التي غيرت خارطة العالم وألغت المسافات ولقحت الأفكار ونقلت الثقافات وربطت بين الناس من أقاصي الأرض إلى أدانيها ووضعت أيدي البشر على الحقائق بواسطة سرعة سفر المعلومة والخبر والصورة والإنتاج العلمي والأشخاص. وعندما صدر تقرير التنمية البشرية المستدامة في العالم العربي عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية وكشف عن أزمة عالمنا العربي وبؤسه في مجال تخزين وتناقل وتوظيف المعلومة أصبح من البديهي الحديث عن تخلف عربي تكنولوجي وإلكتروني ليس لدى البلدان العربية الأقل نموا والأكثر فقرا فحسب بل وأيضا لدى البلدان العربية الغنية مما يشير إلى أن الأزمة الرقمية أزمة ذات أبعاد سياسية وثقافية لا شك فيها وأن الأمر يتعلق بتعطل الانخراط في منظومة العولمة لا بنقص الإمكانات ولا بشح التمويل ولا بندرة الكفاءات فالسبب الأهم هو ضمور وضعف الإرادة السياسية في تغيير ما بالنفس حتى يغير الله ما بنا. قال الله تعالى في سورة الرعد: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فالمدرسة العربية بقيت عموما خارج ثورة التربية والتعليم التي تجتاح أوروبا والولايات المتحدة والصين والهند واليابان والبرازيل وماليزيا وكوريا ولو استثنينا محاولات موفقة لتطوير قطاع التعليم كما هو جار بجهود صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر ضمن مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع لوجدنا أن مصنع الأجيال العربية لا يزال يعاني من التلقين ونقل التراث غثه أكثر من سمينه واستمرار تخريج الموظفين والرعايا أكثر من إعداد المبادرين والمواطنين وتحولت المدرسة إلى تكديس العاطلين لأنها أصيبت بنفس عقم المجتمع العربي التقليدي المتخبط في تراكمات الماضي والخائف من رياح العصر ولقاح المستقبل والمنطوي على الذات يجتر المجد الغابر. ففي فنلندا اليوم لا يحمل الطلاب شنطة ثقيلة من الكتب والأوراق بل مجرد لوحة الكترونية! فهل ينفع اليوم أن يكتفي العرب وهم في ذيل قائمة الثورة المعلوماتية بتمثيل دور المتباكين على الفجوة الرقمية والحال أن قضية العرب ليست في الفجوة الرقمية بل في الفجوة الديمقراطية. صحيح أن من حق الاتحاد الأوروبي أن يدعو لتخلي الولايات المتحدة عن احتكار (مايكروسوفت) لأنه على حق أما العالم العربي فما دخله في معركة داخلية بين غرب وغرب؟ ولا ناقة له ولا جمل في الفجوة الرقمية ما عدا توظيف هذه العبارة للاستهلاك الداخلي واستمرار الغش في التعامل مع حرية المواطن وحقه في الإعلام من خلال الوسائط الجديدة للاتصال التي هي وسائط جديدة لممارسة الحريات والحقوق ضمن ما يحدده قانون عادل. ولا أتردد في الإشادة بإرادة قادة دولة قطر التي لم تحد من وسائل الاتصال الجماهيري ولم تحجب أي موقع ما عدا ما يضر منها بالأخلاق وما يخدش الحياء. لا شك في أن بعض الدول العربية حققت تقدما نوعيا في التأسيس لمجتمع المعرفة حسب تقرير المنظمة الأممية الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولكن هذه الجهود المشكورة يجب أن تسعى لتشكيل شبكة رقمية تؤثر تأثيرا فاعلا في تطوير مناهج الحكم الصالح بفضل تحاور الأفكار وتلاقح البرامج وضمان المشاركة الشعبية في سن الخيارات وتنفيذ السياسات لأن النهضة الرقمية ليست غاية في حد ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق المجتمع الحر والمتمتع بكرامة بني آدم والمساهم في بناء الحضارة العالمية بقسطه وتراثه وإبداعه. ولذلك رأينا في ندوات دولية مختصة مؤشرات سوء تفاهم ساطع بين بعض الأطراف العربية وبين أطراف أوروبية من حكومات ومنظمات غير حكومية في شأن مفاهيم التنمية الرقمية وحرية تبادل المعلومات واستعمال أدوات الاتصال الإلكتروني والدخول إلى عصر العولمة التي لا تعترف بالحدود الضيقة ولا بهيمنة الفكر الواحد ولا بقمع الفكر الحر. إن الثورة الرقمية المرجوة من الأمة العربية ونحن نتوغل في القرن الحادي والعشرين هي بالضبط عكس الثورات المزيفة التي أنجزها العرب في القرن العشرين باسم شعارات براقة ومخادعة كالقوميات والماركسيات والهويات والبعثيات والجمهوريات والجماهيريات والتي انهارت على رؤوسنا جميعا مع ميلاد الوعي العربي بتحكيم العقل وما أدراك ما العقل ووعيه بكرامة بني آدم وما أدراك ما الكرامة التي أكدها الله سبحانه في محكم تنزيله فرأينا تلك الثورات تهوى كأوراق الخريف أمام واقع دولي متغير طرأ علينا ونحن غافلون!
588
| 16 أغسطس 2024
سيبقى موقع الجزيرة منجما ثريا من الدراسات الجادة حول محاور شديدة الأهمية وترتبط ارتباطا وثيقا بحياتنا العربية والإسلامية وبالعلاقات الدولية. ومن بين هذه الدراسات التي نشرها الموقع هذه الأيام بقلم متعمق مبدع للأستاذ سامح عودة ينطلق من استشهاد رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية. جريمة الاغتيال هذه ليست أمرا طارئا ومستحدثا في السياسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، بل عقلية إجرامية تحمل إرثا طويلا وجزء من إستراتيجية أيديولوجية أوسع تنظر لقادة المقاومة الشرعية ولمن هم أدنى منهم في «سلم الترتيب الاجتماعي» بوصفهم خطرا مستمرا على الاحتلال وأنهم تذكير ممتد لـ«الخطيئة» التي خلّفوها بعد حرب النكبة واحتلال فلسطين عام 1948 أي ما تعتبره الصهيونية خطأ ارتكبته ميليشياتها بإبقاء بعض الفلسطينيين أحياء على ما تبقى من الأرض. وعلى الرغم من أن تأثيرات اغتيال القادة أكبر، فإن الممارسات الإسرائيلية الممتدة على مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني تطرح سؤالا جديا حول الفوارق التي يشرعن عبرها جيش الاحتلال استهدافه لشخصية سياسية وعسكرية، في ظل استدعاء قادة جيش الاحتلال نصوصا ترد فيها مفاهيم الإبادة الجماعية التي لا تفرق بين قائد وفرد كما سيأتي لاحقا في التقرير، فاغتيال هنية، وكما أنه يأتي في ظرف سياسي وعسكري معقد، يشن فيه جيش الاحتلال حرب إبادة على قطاع غزة على مدى 10 أشهر، فإنه يؤدي وظيفة دعائية للداخل الإسرائيلي القائم على إبادة المعادين لهم، وعلى قدرتهم أيضا لإثبات «يدهم الطولى» القادرة على الوصول لأي مكان كما ذكر وزير الدفاع الإسرائيلي (غالنت) أكثر من مرة. ونذكر هنا بالحوار الذي أجرته صحيفة (مومنت) اليمينية المتطرفة مع الحاخام الصهيوني «مانيس فريدمان» حول الطريقة المثلى لتعامل اليهود بفلسطين المحتلة مع جيرانهم من العرب وقد أتت إجابة «فريدمان» صريحة: «إنني لا أومن بالأخلاقيات الغربية، بمعنى أن عليك ألا تقتل المدنيين أو الأطفال وألا تُدمِّر الأماكن المقدسة وألا تقاتل في المناسبات الدينية وألا تقصف المستشفيات والمقابر وألا تُطلق النار قبل أن يطلقها عليك الآخرون.. إن الطريقة الوحيدة لخوض حرب أخلاقية هي الطريقة اليهودية التي تقول لنا دمِّر أماكنهم المقدسة واقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم ولا تتردد في حرق زياتينهم ومحاصيلهم». وقد علَّل «فريدمان» ذلك بأنه الرادع الوحيد والحقيقي للتخلُّص من ثبات الفلسطينيين ومقاومتهم المستمرة وأن تلك هي قيم التوراة التي ستجعل الإسرائيليين «النور الذي يشع على الأمم التي تعاني الهزيمة بسبب هذه الأخلاقيات (الغربية) المُدمِّرة التي اخترعها الإنسان». بهذا الوصف، قدَّم «فريدمان» عقيدته في التعامل الأمثل مع الفلسطينيين الذين ينغِّصون هناء «الفردوس الإسرائيلي» على حد قوله وهو في هذا لا يتَّبِع وجهة نظر شخصية ولا يتحدَّث من وحي أفكاره وإنما يعتبر الأمر واجبا دينيا وتعليما توراتيا مقدسا لا ينبغي العدول عنه كاشفا لنا بكل وضوح عن الموقف اليهودي من فلسطين وشعبها، والأساس النظري لكل أعمال الإبادة والإرهاب التي مارستها الصهيونية أثناء وجودها بفلسطين المحتلة. لأجل هذا، نحتاج إلى العودة قليلا إلى الوراء، لنرى جذور هذا الخطاب الإبادي وتلك النزعة التي تصر على أعمال القتل والإبادة والتهجير والتطهير العِرقي. فما هذه الجذور؟ وإلام أفضى هذا البناء؟ ففي سياق الحرب التي تشنّها إسرائيل اليوم على قطاعِ غزّة كما أكد الأستاذ سامح عودة استدعى بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيليّة – في أحد خطاباته – نصًّا دينيًّا قائلًا: «يجب أن تتذكّروا ما فعله العماليق بكم وبجدودكم كما يقول لنا كتابنا المقدّس بل نحن نتذكر ذلك بالفعل ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان وفرقنا الذين يقاتلون الآن في غزة وحولها وفي جميع المناطق الأخرى في إسرائيل. وهذا الاستدعاء لم يكن حديثا أيضا ففي كتابه «الجريمة المقدسة» ذكر الدكتور «عصام سخنيني»، أستاذ التاريخ السابق في جامعة «البتراء» الأردنية أن «خطاب الإبادة الصهيوني استخدم التوراة وأسفارها لشرعنة وتبرير جرائمه وممارسته المارقة عن كل قانون دولي في فلسطين ورغم التعارض الصارخ بين الصهيونية بوصفها حركة علمانية والتوراة بوصفها نصا دينيا فقد استغلت الأولى الشريعة اليهودية حتى تتحقَّق لها أطماعها الاستعمارية. ويرى «سخنيني» أن «فعل الإبادة الصهيوني» اتخذ من الرموز والأساطير الكتابية - أوالتوراتية - «مرجعية له يستوحي منها ما فعل الأسلاف لتطبيقه على الواقع الراهن»، وهو ما يؤكده تصريح الأستاذ بجامعة حيفا (بيت هلحمي) إذ يرى أن إسرائيل تتعامل مع كتابها المقدس بوصفه مرجعا تاريخيا يجب تكرار أحداثه التاريخية. ووفق هذه الرواية فإن إبراهام - أو نبي الله إبراهيم - كان أول من عهد إليه «يهوه» (الإله التوراتي) بأرض فلسطين التاريخية، واختص بهذا العهد من ذريته إسحاق ثم يعقوب - أو إسرائيل - لتكون هذه الأرض من بعده ملكا لبني إسرائيل بحق إلهي مقدس. كما يشرح سفر التثنية بوضوح الإستراتيجية الحربية الواجب اتباعها عند دخول البلدان حيث يقول: «حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح فإن أجابتك إلى الصلح وفُتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك وإن لم تسالمك بل أعلنت عليك حربا فحاصرها. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة فتغنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك». وانطلاقا من هذا التأصيل الكتابي يرى الدكتور «رشاد الشامي» الباحث المخضرم في الشؤون العبرية أن هذه القوانين الكتابية «هي التي يتسلمها القادة الإسرائيليون كمصدر وحي وكشريعة مقدسة ». وبمزيد من التأمل سنجد في سفر يشوع بأن «يشوع» عند اقتحامه أرض كنعان -فلسطين التاريخية- مع جيشه من بني إسرائيل، لم يُبقوا عِرقا ينبض بالحياة في كل المدن التي اقتحموها. المدينة بالنار مع كل ما بها». والتحريم هنا معناه الإبادة، وكذلك فعلوا بـ «عاي» التي يحكي النص أن «يشوع» أحرقها «وجعلها يبابا أبديا خرابا».
630
| 09 أغسطس 2024
عندما أتأمل بصدق وموضوعية ما بلغته دولة قطر من درجة الصلاح أتذكر ما كتبه العلامة عبدالرحمن بن خلدون في الدولة وشرح كل ما يتعلق بتسييرها خاصة بمعطيات اليوم ونحن في 2024 من توفير مرافق الأمن والصحة والنقل والتعليم لكل من يعيش على تراب قطر من مواطنين يحملون جنسيتها ومقيمين يعملون في سائر إداراتها الرسمية أو شركاتها الحرة لا فرق بين هذا وذاك في كل شؤون حياتهم اليومية ومساراتهم المهنية، وهو ما دعاني للرجوع لكتاب العلامة حول معنى الصلاح ومطابقة دولة قطر بفضل حكمة قيادتها لهذه المعاني. فعبارة (الدولة الصالحة) استعمله (كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر) للعلامة عبدالرحمن ابن خلدون الذي كتبه سنة 1408 حتى يؤكد في باب الدولة أسباب نشوئها وانهيارها، قائلا بأن الدولة تقام على ما سماه في عصره بالعصبية وأول شروط بقائها ومنعتها هو الحضور المستمر في خدمة شعبها وخاصة في زمن العسرة مثل الجوائح والأوبئة والغزو الخارجي والفتنة الداخلية والزلازل والطوفان والمجاعة والجراد ولكن صلاحها رهن حصري على عدل صاحب الملك يقول ابن خلدون: “يكون صاحب الدولة الجامع لشوكة العصبية أسوة قومه لا ينفرد عنهم بامتيازات بل يكون أكثرهم تضحية وشجاعة وإقداما لأن ذلك هو مقتضى العصبية التي وقع بها الغلب وهي لم تزل على حالها في هذا الطور. وهو لا ينفرد دونهم بشيء. فبهم يقارع حتى من خرج عن طاعته، ومنهم من يقلده أعمال مملكته ووزارة دولته وجباية أمواله لأنهم أعوانه على الغلب وشركاؤه في الأمر لأن حكم الدولة الصالحة كما سماها العلامة هي التي يجدها من نسميهم اليوم مواطنوها في أوقات الشدة التي يسميها ابن خلدون (العسرة) فترى الرعية منقادة للراعي لأنه يتمسك بأن يكون قائدها ورائدها وحاميها دون أن يتميز عن شعبه أو يسرق منهم حقوقهم وأموالهم من خلال ما نسميه اليوم (الضرائب) أو ما طرأ على بعض دول العالم من فساد مؤذن بخراب الدولة!. ويحلل العلامة مرحلة القوة والتمكن في الدولة فيقول: «طور الصعود والعظمة: يتميز هذا الطور الثاني بخصائص مناقضة للطور الأول فبدلا من “خشونة البداوة” التي انبثقت منها العصبية أول يوم تبدأ “رقة الحضارة” وبدلا من الروح الجماعية والوحدوية والانسجام تبدأ الفردانية والأنانية وعوضا عن اعتماد صاحب الدولة على قبيلته وعشيرته ويلجأ للموالي والمصطنعين (نسميهم اليوم المرتزقة) فيأخذ في الاعتماد عليهم والاستغناء عن العصبية التي مكنت له أول الأمر ومن هنا يبدأ المرض المزمن والداء العضال الذي سيؤدي ولو بعد مراحل لفناء دولة العصبية وانهيارها وإذا أوجزنا تعريف العلامة للدولة نقول: «تعريف ابن خلدون للدولة: يُعرِّف ابن خلدون الدولة بأنَّها - بمصطلحات علم الاجتماع الحديث -: « كائن حي له طبيعته الخاصة به، ويحكمها قانون السببية وهي مؤسسة بشرية طبيعية وضرورية وهي أيضاً وحدة سياسية واجتماعية لا يمكن أن تقوم الحضارة إلا بها» من خلال هذا التذكير الموجز برأي ابن خلدون في معنى الدولة وشروط قوتها أردت أن استعرض نماذج معاصرة من الدولة الصالحة في بلاد المسلمين وغير المسلمين خاصة والعالم يمر بهذه المرحلة غير المسبوقة من (العسرة) المتمثلة في انتشار وباء كورونا فأجد أمامي نماذج ساطعة من أصحاب الدول الذين وفقهم الله الى خدمة شعوبهم وصيانة أرواح مواطنيهم وكسب القلوب التي ألفها الله حولهم فأيدتهم وأطاعتهم في الحق وكانت دولتهم من ذلك الصنف الذي حلله العلامة ابن خلدون (في بداية القرن الخامس عشر م) ولم ينافسه في علومه أحد منذ ذلك التاريخ الى اليوم حيث شهد له العلماء من أدنى الأرض الى أقصاها بأنه رحمه الله (وهو خريج جامعة الزيتونة التونسية التي تعلمت فيها أنا بعد قرون خمسة) فكان مؤسس علم الاجتماع السياسي ومؤسس فلسفة التاريخ ومبتكر نظريات تداولتها الجامعات لمدة ستة قرون أبرزها نظرية نشوء الدولة وأطوار نضجها وهرمها وبعد ذلك فناؤها تماما كما حددها الله سبحانه في كتابه المجيد ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾. صدق الله العظيم. فالقرية هنا بمفهوم الأمة أو الدولة وحين كفرت بأنعم الله (لا بنعمة واحدة) بعد أن كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله وأذاقها الله سبحانه لباس الجوع والخوف جزاء ما كانوا يصنعون. أما الدول الصالحة اليوم بالمعنى الخلدوني فهي أمام أعين العالم وأولها الجمهورية التركية التي سخرت كل إمكانات الدولة من أجل صحة وأمن شعبها، ودولة قطر التي أفاضت بخيرها على الشعوب المنكوبة فأرسلت معوناتها الى إيطاليا والصين وفلسطين ولبنان حتى توجهت لها المنظمات الأممية بالتقدير وكذلك دولة كوريا الجنوبية التي ابتكرت أساليب جديدة وناجعة لخدمة مواطنيها الى جانب تايوان والسويد ورواندا التي قدمت مثل النجاعة وتطويق الأزمة وإدارتها باقتدار. هذه هي الدول الصالحة حسب رأي ابن خلدون في زمن العسرة. ولنا في الفكر الخلدوني أروع ما ينير طرقات الحاضر ومن الحكمة ما يشرح صدورنا للحقيقة.
645
| 02 أغسطس 2024
ناتنياهو مني بهزيمة حياته يوم 24 يوليو الذي كان يأمل حصاده منذ السابع من أكتوبر حين وقف خطيبا متلعثما أمام نواب الكنغرس الأمريكي، لأن الكاذب يتلعثم بينما غاب عن مقاعدهم 91 نائبا أعلنوا مقاطعة من أطلقوا عليه هم بلسان السيد الشريف (بيرني ساندرس) المرشح الأسبق للرئاسة نعت «العنصري عدو إسرائيل وأمريكا مرتكب جرائم الإبادة وقاتل 20 ألف طفل فلسطيني بل وأحيانا نعت «جزار غزة»! وهو ما يسرع خطوات ناتنياهو نحو الانتحار. هي بالفعل ظاهرة حيرت العالم ولم يفهمها حتى أكثر علماء الغرب تمسكا بقيم هذا الغرب التقليدي الأطلسي ومبادئه المؤسسة وفي طليعتها الديمقراطية وحرية السوق وتمتع المواطنين بحقوقهم حسب ما نصت عليه دساتير دول الغرب والمواثيق التي وقعها زعماؤه على مر الأزمات الكبرى والحروب القاتلة وتجارب إبادة الشعوب الأصلية التي غزاها الغربيون البيض وقتلوا منها الملايين وسرقوا خيراتها و»استعمروا» قاراتها وغيروا طبائعها (تذكروا احتلال أستراليا والأمريكيتين والموزمبيق والكنغو وليبيا وغابات الأمازون وآخرها فلسطين التي اسمها فلسطين منذ الكنعانيين والأشوريين فحولها الغرب الى إسرائيل بسبب شعور ألمانيا و فرنسا بذنوب المحرقة!! ومثل كل محطة تاريخية منذ الحروب الابادية الصليبية يدفع العرب والمسلمون أثمان خطايا أمم أخرى لأن الالمان والفرنسيين هم الذين ارتكبوا بدون ضمير ولا اخلاق جرائم المحرقة بل إن بلاد الإسلام كانت وما زالت هي الحاضنة ليهود العالم المضطهدين ومأواهم باسم القيم الإسلامية الخالدة التي تفضل أهل الكتاب عن سواهم من ذوي البدع والشعوذات مثل الهندوس والسيخ وغيرهم. لا بد أن أحيي في هذه العجالة رجلا فرنسيا أمينا وجريئا وهو الإعلامي والمفكر والأكاديمي الفرنسي (باتريك بويسون) الذي عمل مستشارا سياسيا للرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي وتوفي بعد حرب غزة أواخر2023 وكان هو نفسه يمينيا لكنه استيقظ على حقيقة اليمين العنصري وأعلن توبته في برامج تلفزية ومحاضرة قيمة جريئة أمام جمهور كبير من الشباب الغربي حين تلقى من بعضهم أسئلة حائرة ولا حظ الأستاذ (بويسون) أن جزءا مهما ومتزايد العدد منهم انجرف وراء الشعارات العنصرية بمناسبة صعود اليمين المتطرف وشعاراته الشعبوية الفضفاضة وصعوده في المحطات الانتخابية في كل أوروبا وخاصة حزب اليمين العنصري الفرنسي القديم الذي جاء تاريخيا وأيديولوجيا من النازية الهتلرية المجرمة وحتى قبل ذلك بكثير من بقايا أشباح الحروب الصليبية (1095 – 1271) وتطور العداء بين المسيحيين والمسلمين مع الحملات الاستعمارية بدءا من حملة نابليون على مصر و الشام (1799) و امتد الاستعمار الى 1963 (تاريخ استقلال الجزائر) لكن الاستيطان الصهيوني لفلسطين يشكل حلقة مستمرة من سلسلة نفس الروح الاستعمارية التي أبادت الشعوب الأخرى بلا رحمة. ورحم الله بورقيبة الذي قال في أريحا يوم 5 مارس 1965 بأن احتلال فلسطين هو آخر استعمار في التاريخ الحديث. وحلل الأستاذ الكبير كيف أن احتلال فلسطين وانحراف الصهيونية نحو شرعنة الإبادة الجماعية واعتبار الإبادة والقتل والتوطين هو دفاع شرعي عن أمن «بلاده» و روج إعلام الغرب الطاغي و الشريك في الجريمة هذه الأكاذيب بل روجتها حتى بعض وسائل الاعلام العربية المطبعة!! أكد أستاذنا النزيه (باتريك بويسون) للشباب بأنهم مناقضون للحقيقة لأنهم حسب رأيه تمسكوا بوهم مغشوش يقول بأن الغرب متفوق على الإسلام! وقال:» ماذا ربح الغرب من تقدمه المادي والعلمي سوى أنه أصبح يمتلك أجهزة غسيل وطهي و كنس و موبايلات متطورة لكنه لا يستعمل الا 20% من تطبيقاتها مع تكنولوجيات التحكم عن بعد وصنعوا له أدوية لإطالة عمره والتمديد في أمله في الحياة لكن فقد الأهم بكثير من هذا الرفاه المادي المزيف خسر روحه وسكينته النفسية والايمان بالله الذي يعطي لحياته معنى مع ألفة عائلية فقدها الغرب والمودة والرحمة بين الزوجين واحترام كبار السن في حين نضعهم نحن في ملاجئ العزلة و انتظار الموت دون بر ولد و دون يد حنونة تمسك بأيديهم المرتعشة مع اعتبار الموت لدى المسلم تكملة للحياة ومنتهى وجوده على الأرض و بداية رحلته الى رب العالمين! إن الغرب في ضلال مبين شقي بائس لا يفرح بل فقد المشاعر والمحبة الى الأبد! فكل ما كسبه الغرب من أدوات لا تسعده في الحقيقة بل تزيد من أوهامه وبؤسه بينما الإسلام يعني تسليم أقدار المؤمنين الى رب العالمين في حين أنك أيها الغربي تجد نفسك وحيدا مع الأطباء والأجهزة أحيانا في مجال تجارة ومنطق الربح واقتصاد السوق! ونعود بالذاكرة الى عصر الجنرال ديغول زعيم فرنسا ومحررها من الاحتلال الألماني عام 1940 فقد قال عنه الرئيس الأسبق لجمهورية فرنسا (فرنسوا ميتران) سنة 1990: «إن ديغول هو من خطط لاحتلال المستعمرات الافريقية التي منحها استقلالات مزيفة وسلب ثرواتها جميعا و فرض على دولها الهشة و التابعة له عملة فرنسية هي (الفرنك الفرنسي الافريقي) تتداول بينها الى اليوم بعيدا عن حركة الاقتصاد المعولم المتعدد العملات والأقطاب فزاد فقر افريقيا بينما ازدهرت فرنسا (عاصمتهم و مستعمرتهم) وكيف نفسر إذن أن البنك المركزي الفرنسي يحتوي على 2300 طن من الذهب بينما لا تملك الدول الافريقية طنا واحدا و فيها وحدها مناجم الذهب. وكيف نفسر أن فرنسا اليوم تصدر الطاقة الكهربائية النووية لأوروبا وليس فيها غرام واحد من اليورانيوم و الكوبالت بينما ترزح القارة تحت أزمات الكهرباء يوميا؟؟ أخيرا نورد للقراء ما كتبه الصحفي الأمريكي (جاف كوناللي) في تقرير لوكالة (وورلد نيوز) حيث قال: « إن إسرائيل تقرر السياسات الأمريكية مباشرة أو سريا بأداة (الأيباك) (الهيئة الامريكية الإسرائيلية للسياسة الخارجية) وهذه الهيئة العملاقة تشغل 37 ألف موظف قارين برواتب عالية ولديها مجلس يتركب من 3000 عضو اسمه (مجلس المانحين الكبار لتمويل الحملات الانتخابية للمترشحين للرئاسة!) أي في أيديهم قوة تعيين من يختاره الصهاينة لحكم الولايات المتحدة!!! هل فهمتم لماذا يلبس المرشحون للبيت الأبيض (الكيبة) على رؤوسهم متغنين بالولاء.. وبسيادة القرار!!!
486
| 26 يوليو 2024
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4353
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2289
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
2250
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1458
| 06 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
1137
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
756
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
681
| 05 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...
660
| 11 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
636
| 08 ديسمبر 2025
يُتهم الإسلام زورًا وبهتانًا بأنه جاء ليهدم الدنيا...
579
| 07 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
570
| 07 ديسمبر 2025
تعود بي الذكريات الى أواسط التسعينيات وكنت في...
483
| 05 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية