رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هناك أقوال كثيرة في صعوبة مقاربة «الحقيقة»، أحدها أن الناس لا تحب سماعها، وهذا تمت نسبته إلى كل من نيتشة ودوستويفسكي. وأحسب أن «أعداء الإنسانية» روجوه عن قصد، حتى يكذبوا ويقولوا «هذا ما تطلبه الجماهير». وللأديب التشيكي فرانز كافكا مقولة أغرب هي «من الصعب تحديد الحقيقة، فرغم أن الحقيقة واحدة، إلا أنها حية وتتغير باستمرار». ولي مقال منشور بمجلة «الشباب» المصرية، منذ نحو 35 عاما، بعنوان «زوايا»، أقول فيه «إن حقيقة الشيء تختلف باختلاف الزاوية التي ينظر منها كل واحد». ومحاولات تشويه الحقيقة لم تتوقف على مر العصور، وإن اختلف مداها وطرقها. لكن أخطر مشروع منظم لطمسها بدأ عندما ابتدع أعداء الإنسانية ما يسمى الفلسفة في العصر اليوناني، كما أشرت سابقا، وظلوا يبحثون من وقتها عن الحقيقة، بزعمهم، معتبرين أن العقل والعلم، وليس الوحي الإلهي، هو الطريق الوحيد لمعرفتها، حتى يحتكروا العلم ومن ثم يحتكرون الحقيقة،،، وقد كان. في مقال «عصر البَيْنَ بَيْن» استعرضنا الضبابية التي تغلف المواقف السياسية والاقتصادية في العالم. واليوم نتحدث عن ضبابية أكبر تغلف كل شيء في حياتنا، ضبابية جعلت كُتاب الغرب يطلقون على زمننا هذا «عصر ما بعد الحقيقة». وأحسب أن الأدق تسميته «عصر الزيف». وهو عصر كان تدشينه أوائل القرن الحالي. فعلى طريقة «إعلام السامسونج العالمي»، (تناولناه سابقا)، خرج «كُتاب السامسونج» ببرامج ومقالات وكتب تحمل نفس الكلمات تقريبا، «ما بعد الحقيقة»، من بينها كتاب رالف كييز، 2004، وإيفان ديفيز، 2017، ولي ماكنتاير، 2018، وكين فيلبر، 2024. بل إن «نيتفليكس» أنتجت فيلما بعنوان «عالم ما بعد الحقيقة»،2022. وهذا جزء أصيل من عملية صناعة الكفر، التي تعتمد الإغراق في كل شيء؛ إغراق بمواقع النت والبرامج والأغاني والأفلام والمسلسلات والألعاب..إلخ. وأيضا بالمعلومات، بحيث تشيع الفوضى بكل أشكالها بين الناس، عقائديا، وفكريا، وسياسيا، واجتماعيا، وتصبح كل المعاني سائلة ويندثر التعريف المحدد لأي فكرة ولأي شيء، ويتلاشى الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال، ويسود عدم اليقين. أبرز مثال على ذلك هو ما باتوا يسمونه «الجندر» ويقصدون به نوع الإنسان، الذي لم يعد ذكرا وأنثى كما قال الخالق سبحانه وتعالى، بل جعلوه، في كندا مثلا، أنواعا تصل إلى 72، بحسب موقع (ميديسن نت). ويفسر هذا ما ذكرته سابقا من أننا «نعيش في اللا واقع»،(living in the HyperReality). بمعنى أننا نعيش في واقع تصنعه النُخب، ذلك الـ1% الذين يتحكمون بالعالم. فما ترصده كاميرات إعلامهم هو الواقع وهو الحياة وكل شيء خارج ذلك ليس واقعا، وليس موجودا. وما تقوله أبواقهم فذاك هو الحق والحقيقة، وما عدا ذلك فلا يعتد به. وهنا تصبح المقاومة إرهابا، وإرهاب العدو دفاعا عن النفس، وهكذا. وهذا تحديدا هو الزيف بعينه، وهو جزء من «حرب العقول» التي تحدثنا عنها سابقا. وهذا ما يؤكده ماكنتاير بقوله: إن ما يبدو جلياً في عصر «ما بعد الحقيقة» هو التشكيك، ليس في فكرة معرفة الواقع، بل في وجود الواقع نفسه». وفي كل تلك الكتب والمقالات وحتى المعاجم يُعرف عصر «ما بعد الحقيقة» بأنه لا يعني، بالضرورة، عكس الحقيقة وإنما «فقدان الحقائق مكانتها، وازدياد الأكاذيب، والاستخدام الانتقائي للحقائق»، بحسب إيفان ديفيز. وكان يمكن تعريف هذا العصر، بفرض توفر حسن النية، بأنه عصر تفسير الحقيقة كل حسب مصلحته وأهوائه. ولأن حسن النية مفقود، بالقطع، يبقى تفسير الحقيقة بحسب مصلحة النُخب وفقط. ما يجعلنا فعليا في عصر «صناعة الزيف»، وهذا ما يؤكده ماكنتاير بقوله إن «ما بعد الحقيقة» هو فرض الرأي بالقوة والهيمنة السياسية، مضيفا «إن المؤسسات والشركات الكبرى تحاول التغطية على آثار فسادها، بصناعة خطاب علمي وإعلامي ينسجم مع مصالحها. خطاب يضلل الرأي العام، ويخلق حقائق ليست حقيقية، ومدارك ومعارف تبدو علمية». وفي ذلك يقول د. جون يوانديس، جامعة ستانفورد، في مقال بعنوان «سبب كون أغلب نتائج الأبحاث المنشورة خطأ»، 2005، «إن كثيرا مما يتم تدريسه في كليات الطب والصيدلة مغلوط، وتجب إعادة النظر فيه»!. قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي أبطلت جزئيا نظرية «تدفق المعلومات»،(من الغرب إلى الشرق)، التي درسناها في كليات الإعلام قديما. لكنها لم ولن تبطل نظرية «حارس البوابة الإعلامية»، التي تعلمناها أيضا هناك، بل أكدتها وعززتها. فهي أولا، جعلت المعلومات فوضى تتدفق في كل اتجاه ومن كل مصدر. وثانيا، يظل المتحكم الأكبر في تلك المعلومات التي لا يعرف أحد كاذبها من صادقها هو حارس البوابة الكبرى الذي يمتلك وسائل التواصل كلها قديمها وحديثها، ويتحكم أيضا في قواعدها وإدارتها، بل ويصيغ ويطبق نظرياتها، ومن أحدثها، «متى تقال الحقيقة»، إذ يمكنك قهر عدوك بقول الحقيقة ولكن في الوقت الذي لا يريده هو، تقديما أو تأخيرا.
1041
| 02 أكتوبر 2024
فيلم «نظرية مؤامرة» 1997، لميل جيبسون يعرض نموذجاً للعمليات القذرة التي شملها برنامج «إم كيه ألترا» للتحكم في عقول البشر، (أشرت إليه سابقا)، والذي تطور حاليا إلى شيء أكبر وأخطر، هو حرب شاملة لـ «احتلال العقول» في كل مكان، تسخيراً لوسائل التكنولوجيا الحديثة، وما يسمى «علم النفس الخارق»، في حالة تتجاوز «غابة هوبز» التي تحدث فيها عن «حرب الكل ضد الكل» إلى غابة أكبر بحجم العالم كله تشهد حرب «البعض (النُّخب) ضد الكل. أحيانا تكون المُسلّمات والبديهيات هي الأكثر صعوبة على الانتباه لها. وأكثر الأمور بداهة هي حرب الشيطان على بني آدم، ورغم ذلك فالناس عنها غافلون. وكنت تحدثت سابقا باختصار عنها وسميتها «الحرب العالمية الأبدية»، وحان الوقت لمزيد من التفاصيل. في المقال السابق وقفنا عند «هندسة الفكر» وهذه تعني، السيطرة على عقول البشر. وبما أن سلاح الشيطان الأمضى هو الوسوسة، فقد قرر قبيله وأتباعه استخدامه، فشرعوا منذ عقود في تنفيذ عملية «وسوسة وتسخير شاملة» لعقول البشر، يستخدمون فيها كل الأسلحة الممكنة وخاصة الإلكترونية، والعقاقير؛ حرب عابرة للحدود والمعايير، وشاملة للجميع، بلا استثناء، حتى المحايدين، وحتى الأمريكيين. القصة تتلخص في أن أعداء الإنسانية وعندما حقق برنامج «إم كيه ألترا»، نجاحا مقبولا، أرادوا أن يعمموا نموذجه على العالم. بدأ «إم كيه ألترا» عام 1953، وزعموا أنهم أوقفوه عام 1973، لكن الحقيقة أنهم طوروه. فبعد الإعلان عن وقفه ظلوا يكشفون تدريجيا عن برامج أشمل حتى العام 1980، فقيل إنهم كلفوا عقيدا اسمه بول فاليلي ليتعاون مع ضابط آخر لوضع برنامج يجمع كل أنواع الحرب النفسية، و»التخاطر» و»الإفساد الصوتي»، والتجسس، إلخ..، بهدف غسيل العقول والتأثير مباشرة على الجهاز العصبي المركزي الذي يتحكم في الإنسان، باعتبار البشر «أجهزة استقبال». وكان شريك فاليلي في ذلك، والمؤلِف الفعلي للبرنامج، ضابطا اسمه مايكل أكينو، وهو مؤسس «معبد سيت» (نسبة إلى الإله الفرعوني سيت)، واعترف بنفسه بأن الشيطان ظهر له عام 1975، وطلب منه تأسيس المعبد وتسميته «سيت»، ولقنه تحديثات على «الإنجيل الأسود» أي إنجيل الشيطان. وكان يقود مجموعة لاغتصاب الأطفال بشكل منظم، تحت أعين السلطات، التي برأتهم من كل تهمة وُجهت إليهم. وهذه اعترافات وأحداث موثقة تؤكد ارتباط أعداء الإنسانية ارتباطا مباشرا بالشيطان. وكنت أشرت سابقا إلى مصادر قالت إن دارون تلقى نظريته «الداروينية» من الشيطان مباشرة. وفي أواخر العام 1980 أصدر، فاليلي وأكينو، دراسة بعنوان «من عمليات الحرب النفسية إلى حرب العقول: سيكولوجية النصر». وكانت تلك الدراسة هي النموذج الأحدث من «إم كيه ألترا»، الذي تم تطويره من حرب على عقول الأفراد إلى حرب عامة على عقول الشعوب في كل مكان. وهذا ما أكده لي عنصر سابق في أحد أجهزة تنفيذ تلك المخططات في أمريكا الشمالية بشرط السرية. وفي العام 2013 صدر كتاب بعنوان «حرب العقول» يحوي تلك الدراسة بتفصيل أكبر، وبتوقيع أكينو، خادم الشيطان، وحده، وبخطة تفصيلية للتنفيذ العملي للبرنامج من خلال إعادة تشكيل فروع العمليات الخاصة بالجيش الأمريكي؛ النفسية، والمدنية، والخاصة. ويوضح الكتاب مراحل تعاون وانخراط تلك الأجهزة في «حرب العقول»، التي تستخدم كل وسائل التكنولوجيا المعروفة وغير المعروفة. ويزعم الكتاب أن الحرب متجذرة في النفس، ولإنقاذ البشرية يجب جعلها أكثر إنسانية وأقل عنفًا بـ «هندسة» العقل البشري. وهكذا، وكما تمت هندسة جينات البذور والحيوانات، يحاولون هندسة أجسام البشر بالأمراض والأمصال، و»هندسة الأفكار» لتخليصها من النزوع للحرب، بزعمهم، ثم التحكم فيها بالكلية. ولأجيال عدة كانت معضلة دراسة العلوم الاجتماعية الأصعب هي أنها ليست علوما «كمية»، كون المشاعر والأفكار لا تصح فيها الحسابات الدقيقة ولا التعميم. لكن باعتبارهم الإنسان «جهاز استقبال»، بعدما جعلوه «شيئا» (أشرنا لذلك في مقال «تشييء الإنسان»)، فهم يبتدعون علما اجتماعيا جديدا هو «هندسة الفكر»، في طريق سعيهم الحثيث لتغيير خلق الله، وصناعة الكفر. ووفقا لتقرير لمجلة «إكزيكيوتف إنتليجينس ريفيو» بعدد أغسطس 2005، فإن فاليلي وأكينو وآخرين، عملوا على استخدام السحر والممارسات الشيطانية في تلك الحرب. ويكشف التقرير الذي أعده جيفري ستاينبيرج كثيرا من التجارب البشعة على البشر، في معتقلي «غوانتانامو» و»أبو غريب»، وعلى الحيوانات، وخاصة الماعز، فيما سموه «مختبر الماعز». ولستاينبرج تقرير آخر بنفس العدد بعنوان «التخريب الشيطاني للجيش الأمريكي. ومن الذين رصدوا تلك الحرب الشيطانية، في جانبها الإعلامي، مبكرا، الأمريكي هربرت شيللر في كتابه، «المتلاعبون بالعقول»، 1974، ويشرح عمليات التضليل وتشكيل الوعي العام وتزييف الواقع، من خلال وسائل الإعلام. ويدعم ذلك تصريحات حديثة للمنتج الهوليوودي السابق وخبير الإعلام سكوتي ساكس أكد فيها استخدام «الدولة العميقة» تلك الأساليب للسيطرة على السردية العامة في البرامج الإعلامية. ولتشومسكي أقوال مهمة في ذلك سنأتي عليها لاحقا. ويؤكد ذلك بتوسع كتاب جديد بعنوان «ميلاد الحرب النفسية»، 2023، للمحاضر بجامعة لانكاستر د. جيفري وايت، وخاصة جزئية أن الحرب النفسية لا تستثني حتى الأمريكيين. كما يؤكد في الفصل الثالث اضطلاع السي آي أيه بجانب كبير من تلك الحرب، ويشدد على أنها ليست أقل عنفا كما يزعمون. ولتأكيد الترابط بين كل منظومات النُّخب، يكفي أن نعرف أن اسم «ميتا» الذي تتسمى به «فيسبوك» حاليا مأخوذ من مسمى عمليات عسكرية، أسست، واعتبارا من العام 1983، لأول «غرف دردشة» ضمن برنامج حرب العقول، الذي شاركت «داربا» (وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة) في تطويره لجعل الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي رأس حربتهم فيما بات يسمى عصر ما بعد الحقيقة أو «عصر الزيف».
729
| 25 سبتمبر 2024
ذكرت في مقالات سابقة أن «أعداء الإنسانية» لم يتركوا مجالا واحدا من مجالات الفطرة إلا وحاولوا إفساده وتشويهه في سعيهم الحثيث لـ «صناعة الكفر». واليوم نتحدث عن إفساد الحياة بإفساد الصوت، وهذا بحد ذاته بحر من الأسرار والمعلومات الموثقة، وليست «التآمرية»، قد لا يصدقها عقل. فكما أن للصوت أثرا إيجابيا على النفس كصوت القرآن يُتلى، فإن له أثرا مدمرا، أيضا، لا يقتصر على الأغاني الماجنة. فقد طور أعداء الإنسانية طرقا أخرى للإفساد بالصوت أهمها التلاعب بالترددات. وربما يتذكر كثيرون الحلقات المميزة التي قدمها الزميل يسري فودة عن الماسونية على قناة الجزيرة في عام 2008. وكان من بين المعلومات الصادمة فيها أنهم يتلاعبون بترددات الموسيقى وكلمات ونغمات الأغاني وبسياقها وتشغيلها من الأمام للخلف، وبالعكس، ويُضمّنونها معانى تمجد الشيطان وترددات تؤذي النفس. وقد أظهرت الأبحاث أن كل الأصوات حولنا هي مقادير من الطاقة، ترتبط بشبكة من الترددات الكهرومغناطيسية، التي تنتقل عبر الهواء، في شكل موجات. وكان أول من رصدها وقاس سرعتها الألماني هاينريخ هيرتز، عام 1888. وقد درس اللغة العربية، التي وضع علماؤها المسلمون أُسُسَ «علم الصوتيات». وسُمي باسمه، مقياس سرعة الترددات الصوتية «هيرتز». وهذا يختلف عن مقياس شدة أو قوة الصوت وهو «ديسيبل». وتختلف الترددات بحسب مصدرها وكم الطاقة المختزنة فيه. واندرج ذلك ضمن علوم الفيزياء، في ضوء نظريات منها نظرية الموسيقى لفيثاغورث، ونظرية الدوّامات لهيرمان هيلمهولتز، أستاذ هيرتز، وصولا إلى المزج بين الصوت والكهرباء، فيما يعرف بالموجات الكهرومغناطيسية، التي باتت تصنع صناعة، منذئذ، حيث اختُرعت موجات الراديو، والموجات الصوتية المتراكبة، وأشعة إكس، وغيرها. كما تم التعرف على وجود ترددات نافعة وترددات ضارة. فقبل نحو مائة عام وتحديدا في عام 1930، أجرى د. رويال ريموند رايف تجارب على الترددات الصوتية تمكن من خلالها إثبات التأثير الضار للتردد 440 هيرتز على الإنسان، مقابل ترددات مفيدة منها 432، و528، كونها متناغمة مع الترددات الكونية. كما أثبت أن الترددين الأخيرين يقعان ضمن صوت تلاوة القرآن والأذان، ولهما تأثير علاجي شاف. كما اخترع د. رايف تقنية الرنين الحيوي وتمكن بها من علاج 16 حالة من السرطان خلال 3 أشهر، فكان جزاؤه الاغتيال من قبل أعداء الإنسانية، وإنهاء برنامجه العلاجي، بحسب باري لاينز وكتابه، «علاج السرطان الذي نفع» 1987. وفي عام 1952، اكتشف الألماني شومان ( (W.O. Schuman رنين أو»نبض الأرض»، وهي ترددات وموجات سميت باسمه بتردد 7.83، ويؤدي التلاعب به إلى الإضرار ليس فقط بالإنسان، بل بشبكات الطاقة والأقمار الصناعية. لاحقا، أكد الدكتور ليونارد هورويتز، أحد أكبر علماء الصحة العامة، أن التردد 528 يمكنه إحداث تغييرات في الحمض النووي للإنسان، وإمداد الجسم بطاقة إيجابية شفائية. وهورويتز ذاك هو ذاته الذي نبه في لقاء مع «الجزيرة» عام 2009، إلى تواطؤ الحكومة الأمريكية وشركات الأدوية ووسائل الإعلام و»الصحة العالمية» لنشر فيروس ولقاح انفلونزا الخنازير، ضمن تجربة عسكرية راحت أمه شخصيا ضحيتها. وهكذا بات معروفا ومنذ زمن بعيد أن الصوت يمكن استخدامه كسلاح، أو أداة للخير أو الشر. وتعزز ذلك بتطور مخيف يسمى «تكنولوجيا المؤثرات الصوتية» التي باتت أهم من الانتاج الصوتي نفسه. ولا نتحدث هنا عن تزييف الأصوات ولكن عن التأثيرات النفسية للصوت. وفي عام 1953، قرر أعداء الإنسانية فرض التردد 440 هيرتز على البشر، فصدر قرار للمنظمة الدولية للمعايير،ISO، بأن تُصنع كل الموسيقى في العالم بذاك التردد، الذي يسبب حالات من الاكتئاب والأمراض النفسية. ومَنْ كان وراء هذا القرار؟...نعم، «مؤسسة روكفلر»، تلك التي كانت وراء إهلاك الحرث والنسل والزرع والضرع، كما تقدم. وعندما تهيمن موجات كهرومغناطيسية وترددات معينة على الدماغ، ومنها 440، يشعر الإنسان بالكسل والتعب، بينما تجعله موجات أخرى متأهبا ويقظاً. وثبت أيضا أن الترددات الموسيقية يمكنها، في أقل تأثيراتها، أن تشل التفكير وتجعله أسير اللحن. لكن الترددات التي يفرضها أعداء الإنسانية لها تأثيرات أخرى قد تصيب الإنسان بأمراض مثل الفصام والتوحد الذي بات شائعا في الغرب بالذات. والأكثر شيوعا هو مرض القلق الحاد الذي تشعر وكأنهم يسقونه للأطفال سقيا في المدارس، نظرا لكثرة أعداد الأحداث المصابين به بدرجات وأشكال مختلفة، حيث تملأ الموسيقى والأغاني مراكز التسوق والشوارع وحتى العيادات. ويؤكد د. روبرت فايفر، مدير قسم السمع وأمراض النطق في جامعة ميامي، ومازال حيا يرزق، أن الموجات (تحت الصوتية) والموسيقى الصاخبة، (موسيقى عبدة الشيطان، ويقابلها عندنا ما يسمى موسيقى المهرجانات)، تسبب ما يسمى مشكلة الارتجاف السمعي، وتؤدي إلى طيف واسع من الأمراض، تصل بالإنسان للانتحار. أخطر ما في الأمر الإفساد الصوتي هو أحد أسلحة التحكم بالعقول البشرية، وهي أكثر خطرا من القنابل الذرية، لأنها تستهدف تقريبا كل الناس والمجتمعات والدول، في حرب غير معلنة لا تستثني أحدا. والغريب أن بعض المشتغلين بالدين ينفون إمكانية التأثير بالصوت على الإنسان، ويخلطون بينه وبين شعوذة العلاج بالطاقة، برغم ما ثبت في الأثر عن ذلك، وبرغم ما أثبته العلم الحديث، ومنه، مثلا، أن قراءة القرآن، والدعاء والذكر، على الماء تغير شكل جزيئاته، وذلك بحسب كتاب «الرسائل المخفية في الماء» للطبيب الياباني إيسورو إيموتو. فما بالك بالإنسان الذي يشكل الماء 70 % من جسمه. ولا أدري ماذا يقول هؤلاء عندما يعلمون عن حرب أكبر وأشمل من مجرد إفساد الصوت سماها من يشنونها علينا «هندسة الفكر». وفي هذا حديث آخر.
2217
| 12 سبتمبر 2024
هناك مثل روسي يقول «لا تُكثر وصفَ أحد بأنه حمار لأنه في المرة العاشرة سيُصدقك». ويُنسب إلى فلاديمير لينين، مُنظر الثورة الروسية، قوله إن «الكذبة التي تتكرر كثيرا تُصبح حقيقة»، وهذا ما نفذه جوبلز، وزير دعاية هتلر، ثم تحول نظرية «إعلامية» مفادها «اكذب واكذب، ثم اكذب، حتى يُصدقك الناس»، وينفذها أعداء الإنسانية ضدنا نحن البشر في جميع المجالات. إنهم يصنعون الفساد بترويج الكذب وجعله حقيقة مفروضة بسحر الإعلام وإرهاب الرصاصة كما ذكرت سابقا. ونتناول هنا ما يتعلق بما يسمونه «التغير المناخي»، وأهمه الاحتباس الحراري، الذي تؤكد المصادر العلمية المحايدة أنه مجرد كذبة محضة يمهدون بها لإحداث تغييرات كبرى في خلق الله في الكون وليس فقط الأرض، بعد تفكيرهم بتغيير مدار القمر! ظانين أنهم باتوا قادرين على ذلك، مصداقا لقوله تعالى: «حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ». قبل فترة ليست بعيدة وخلال هرج ومرج «كورونا» اقترح النائب الأمريكي الجمهوري لووي جوميرت، في جلسة استماع بالكونجرس مكافحة «التغير المناخي» بتغيير مداري الأرض والقمر! وطلب من مسؤولة في هيئة الغابات الأمريكية إيجاد طريقة لتحقيق ذلك. ورد عليه براين بريتشنايدر، عالم المناخ بجامعة «ألاسكا فيربانكس»، متهكما، مثل كثيرين على «تويتر» بقوله: «باختصار، لا يمكننا تغيير مدار الأرض أو القمر، شكرا لحضورك». وكتبت كاثرين هيهو، المديرة المشاركة لمركز المناخ بجامعة تكساس للتكنولوجيا: «المشكلة هي أن الساسة لا يريدون حلا حقيقيا». هؤلاء الساسة منهم نائب الرئيس الأسبق آل جور الذي منحوه جائزة نوبل للسلام لإنتاجه وثائقيا متحيزا لكذبة التغير المناخي بعنوان «حقيقة مزعجة» عام 2007، مُحولين الموضوع إلى «ملهاة سياسية». والسؤال الذي يجب طرحه هنا هو: هل نحن فعلا بصدد كارثة تغيُّر مُناحي؟ الإجابة تأتي واضحة قاطعة في كتاب «أسطورة الاحترار العالمي»-2018، لمؤلفه بروس بانكر، الذي يدحض تلك الرواية بالكلية، ويُكذب، بلا أي تحفظ، «الادعاءات المتواصلة التي تتلاعب بعواطف ومخاوف الناس بأن المجتمعات الصناعية تدمر كوكبنا بسبب استخدام الوقود الأحفوري»، الذي ينبعث عنه ما يسمى «غازات الدفيئة» مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) والميثان. ويؤكد أن تلك الانبعاثات لن تذيب كل الجليد على الأرض حقا، ولن ترفع مستويات سطح البحر بمعدلات كارثية. ولن تتسبب في زيادة الأعاصير والعواصف والفيضانات والجفاف. ولن تدفع الدببة القطبية وأشكال الحياة الأخرى إلى حافة الانقراض. كما يدحض بانكر الكذبة الرئيسية التي يروجها أعداء الإنسانية بأن التغير المناخي سببه البشر، والبقر، بما ينتجونه من غازات الدفيئة، قائلا إن «مستوياتها لا تشكل أي خطر، بل إن مستويات CO2 الحالية منخفضة كما كانت معظم فترات التاريخ. ويُظهِر السجل الجيولوجي أن الوفرة والتنوع الحيوي كانا دائماً أعظم عندما كانت مستويات CO2 ودرجات الحرارة أعلى بكثير من اليوم». كما يشدد على أن هدف «حركة الاحتباس الحراري العالمي» ليس إنقاذ الكوكب ولكن إعادة توزيع الثروة وتنفيذ أجندات سياسية خفية، عبر مجموعة علماء ووكالات حكومية ومنافذ إعلامية، تبذل وسعها لتحريف وتزوير سجلات المناخ». ويضيف: هذه أخبث عملية احتيال علمي في التاريخ. وأكثر من ذلك، يؤكد بعض الخبراء معلومة أن الأرض ربما تكون متجهة نحو قدر من البرودة وليس الاحترار. فقد أكد د. بوب كارتر وهو أحد أهم علماء البيئة بجامعة «جيمس كوك» الاسترالية أن «المناخ يتسم بالتغير الدائم.. ومعدلات الاحترار في القرن 20 كانت في الحدود الطبيعية مقارنة بالأزمنة السابقة» وأشار إلى أن معدل الاحترار العالمي لم يزد منذ عام 1998، والذي شهد تسجيل أعلى درجة حرارة على الإطلاق، برغم زيادة CO2 في الجو بنسبة 4%. وقد أكد مركز هارفارد سميوثنيان للفيزياء الفلكية، ومعهد ماكس بلانك لبحوث النظام الشمسي، تلك النتائج، بحسب الباحثة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية دانا ساكشيتي. يقودنا ذلك إلى النقطة الأهم، وهي أزمة الثقة بيننا نحن الشعوب وبين الشركات الكبرى (النُخب)، وما يتبعها من حكومات تنفذ مصالحها. وهي أزمة لا تقتصر على السياسة ودهاليزها المظلمة، بل تمتد إلى كل مناحي الحياة، من صحة وتغذية وتعليم.. إلخ. وكنت أظن أنني ربما الوحيد الذي تؤرقه هذه الفكرة لكنني وجدت مؤيدين، ومن بينهم عالم البيئة الشهير باتريك جيه مايكلز صاحب كتاب «حقيقة الاحتباس الحراري العالمي»،2005، الذي يقول: لا نستطيع أن نتأكد من أن ما يقال لنا هو الحقيقة دون أن نعرف بالضبط ما يجري خلف الكواليس. وما أدرانا أن الاحتباس الحراري ذاك ليس من صنع التكنولوجيا الحديثة مثل نظام «هارب»، الذي يعترف مكتشفه الفيزيائي الأمريكي بيرنارد إيستلاند، في براءة اختراعه أنه مصمم للتحكم في الطقس، بإجراءات تبدأ من رفع حرارة الغلاف الجوي مرورا بالتأثير الكهرومغناطيسي الذي له قوة تدمير بالغة، ولا تتوقف عند صنع الزلازل والبراكين، وذلك بحسب دراسة للمركز العربي للمناخ. وفي مارس 2007 قدمت القناة الرابعة البريطانية وثائقيا بعنوان «خدعة الاحتباس الحراري الكبرى»، أثار جدلا كبيرا وأيده الجمهور بنسبة 6إلى1. لكن أعداء الإنسانية وكما تجاهلوا الاحتجاجات بشأن غزة وما قبلها من حروب عدوانية، فقد تجاهلوا الانتقادات الموجهة لكل كذبهم بشأن التغير المناخي، وأجبروا القناة على تغيير بعض المعلومات في الوثائقي ثم على وقفه تماما. وتحول الرافضون لكذبة «التغير المناخي» إلى «منكرين»، تماما مثل منكري المحرقة، ورافضي الاستبداد بكل أشكاله. وهكذا يواصل أعداء الإنسانية جرائمهم ضد البشر، مُفلتين من العقاب ويظنون أنهم قادرون عليها. ولكن حتى حين.
570
| 04 سبتمبر 2024
ضربنا في المقال السابق أمثلة على الطرق التي يعمل بها أعداء الإنسانية على إهلاك الحرث والنسل. واليوم نكمل مع لمحات عن مخططهم لإهلاك الضرع؛ الماشية بأنواعها وخاصة الأبقار. فكما أشرنا سابقا، هم ينفذون خطة الشيطان لمستقبل البشر، ويقررون للناس ما يجب أن يأكلوا ويشربوا وما يجب أن يمتنعوا عنه أو «يُمنعوا» منه، على طريق «صناعة المجاعة» التي شرحنا سابقا أنها من بين خططهم لتقليل عدد البشر و»صناعة الكفر». لقد قرر أعداء الإنسانية في تحد وعناد لخالق الكون أن الأنعام التي خلقها للناس- «لكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون»- أصبحت خطرا على البيئة والكوكب، وأنه يجب التخلص منها، وإنتاج «لحوم معملية» بدلا منها! ليس ذلك فقط، بل والاعتماد على الحشرات لتعويض البروتين المفقود!. وعلى العكس من إهلاك الزرع الذي بدؤوه انطلاقا من الدول الفقيرة، فإنهم يبدؤون إهلاك الضرع من الدول «المتقدمة». والسبب أن إهلاك الحرث، بتسميم البذور وتعديل الجينات، يستغرق أوقاتا طويلة لظهور نتائجه ويمكن التنصل منه بحجج عدة. أما قتل الماشية فهي جريمة تظهر نتائجها على الفور ولا يمكن تبريرها. وتدشينها من الشمال يكون ملزما بالطبع لبقية العالم حال نجاحهم فيه. لذلك فهم يسوقون حججا واهية لدى مجتمعاتهم- التي تم غسل أدمغة شعوبها بقسوة أكبر كثيرا من قسوتهم على شعوب ما يسمونها الدول المتخلفة- من قبيل أن الماشية، بما تطلقه من غاز الميثان، تساهم بنسبة كبيرة فيما يسمونه «الاحتباس الحراري». ولتحقيق ذلك أصدرت أذرعهم المختصة في هذا الشأن ومنها منظمة الصحة العالمية، ومفوضية حقوق الإنسان، والاتحاد الأوروبي، في السنوات الأخيرة توصيات للدول بالعمل على خفض ما لديها من ثروات حيوانية بنسب كبيرة. وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن انبعاثات الغازات العالمية يجب أن تنخفض بنسبة 7.6 بالمئة سنويا حتى عام 2030 من أجل احتواء ارتفاع درجات الحرارة. كما تحولت منظمة الأغذية والزراعة «فاو» إلى بوق دعاية يروج للحشرات كبديل عن الماشية، ويروج موقع المنظمة لما يعده فوائد جمة للحشرات التي بدؤوا إدخالها بالفعل في كثير من المأكولات. وتحت هذا الغطاء قامت هولندا، مثلا، متسلحة بحكم قضائي، له قصة، بإصدار قرارات بإغلاق أكثر من 11 ألف مزرعة حيوانات وإغلاق جزئي لنحو 17 ألفا أخرى. كما قررت تخصيص 25 مليار دولار، كتكلفة مبدئية لإغلاق 3000 مزرعة حيوانات، من أصل نحو 140 ألفا، بحلول 2030. أما قصة ذلك الحكم القضائي «المصنوع» فتشرح كثيرا من أبعاد الجريمة التي تُرتكب على مهل أمام أعين الجميع. ذلك الحكم تقف وراءه منظمة بيئية مشبوهة تسمي نفسها «أرجندا»، رفعت قضية ضد الحكومة عام 2013 تتهمها بالتقصير في حفظ أمن الهولنديين بيئيا، بعدم خفضها للغازات المنبعثة من مزارع الماشية، ليصدر الحكم لصالحها في ديسمبر 2019. وبالبحث في خلفيات تأسيس ونشاط «أرجندا» تلك تبين أنها تعمل وفق خطط «نادي روما» وهو إحدى جهات تخطيط وتنفيذ جريمة «المليار الذهبي»، وتقول إنها غير ربحية، فمن يمولها؟. وفي أيرلندا تسعى الحكومة، وبحسب صحيفة «فارم وورلد»، للتخلص من 200 ألف بقرة خلال ثلاث سنوات، من أصل 7 ملايين بقرة. وفي الإطار نفسه، تقوم استراليا بعقر وقتل آلاف الجمال وحتى الخيول بدعوى إلحاقها أضرارا ببعض القرى لدى بحثها عن الماء. وفي العام الماضي أعدمت أعدادا كبيرة من الأغنام بعد تكاثرها وانخفاض أسعارها بنسبة كبيرة. وفي دول أوروبية أخرى وفي كندا والولايات المتحدة تسير الأمور في الاتجاه نفسه بتفاصيل لا تختلف كثيرا. ورغم الاحتجاجات التي ينظمها المزارعون بلا توقف، فأعداء الإنسانية يواصلون خططهم لتغيير خلق الله بمحو الماشية وانتاج «لحوم معملية». الشخص «المُجَنَّد» لتنفيذ تلك الخطط، يقول في كتاب بعنوان «كيف نتجنب كارثة بيئية»، وعلى طريقة «الشيطان يعظ»، إن على الدول الغنية التحول بالكلية إلى تصنيع اللحوم المعملية رغم اعترافه، وتأكيد التجارب الأولية، بأن أسعارها ستكون عالية جدا، داعيا إلى استبعاد الدول ال80 الأكثر فقرا من الخطة!. وماذا يأكل هؤلاء بعد القضاء على الماشية؟ لا يهم..، أحسب أن هذا لسان حاله. تلك الادعاءات الشيطانية فندها متخصصون مثل د. إيان سكونز في كتاب حديث بعنوان «الماشية والمناخ وسياسات الموارد». فهو يدحض بقوة كذبة تسبب الأبقار في زيادة الاحتباس الحراري، ويقول إن ما يتم ترويجه عن تصورات حديثة لمستقبل انتاج الغذاء وتحديدا اللحوم هو «ادعاء للعلم لا يخدم إلا مصالح الشركات الكبرى». وأكد باحثون آخرون أن ادعاءات تفضيل اللحوم «المعملية» على «الطبيعية» كاذبة لأن الأولى ستسبب إصابات سرطانية وستحتاج إلى كميات مخيفة من الطاقة. وهو ما أثبتته جامعة كاليفورنيا في دراسة أظهرت أن إنتاج اللحوم المعملية سيكون أخطر على البئية من «الطبيعية» بنحو 25 مرة. وخلصت دراسة أجراها أحد فروع جامعة أوكسفورد البريطانية، فبراير 2020، إلى أن صناعة «اللحوم المعملية» قد تتخطى اللحوم الطبيعية، كمصدر للاحتباس الحراري، على المدى البعيد. كما ذكر موقع ميديكال إكسبرس أن تصنيع اللحوم معمليا قد يسبب مشكلات في الخلايا المستزرعة تجعلها ملوثة بمسببات اضطراب الغدد الصماء. إنهم ينقضون عرى الفطرة عروة عروة، ويسيرون في الخلق بعكس مراد الله في كل شيء. وهاهم يريدون أن يستبدلوا مصنوعاتهم من السيارات و»اللحوم المعملية»، بالأنعام التي خلقها الله، وصولا إلى صناعة المجاعة والمرض والتخلف وكل ما يؤدي إلى الكفر. يقول نجيب محفوظ في مؤلَفه «الشيطان يعظ» على لسان الجني لمبعوث الخليفة، «من يحكم بالإيمان لا يحتاج للشيطان»، وفي هذه أيضا سار أعداء الإنسانية في عكس الاتجاه.
627
| 28 أغسطس 2024
مسرحية فاوست للألماني يوهان غوته قرأتها قبل نحو 40 عاما. ترجع فكرتها «الخيالية» إلى الإنجليزي كريستوفر مارلو لكن كثيرين نسخوها بسيناريوهات مُختلفة. أعترف أنه لم يبق في ذاكرتي منها إلا فكرتها، وهي أن إنسانا يائسا يأتيه الشيطان ويُبرم معه اتفاقا أن يقدم له ما يتمنى، كأن يمد له في عمره ويجعله غنيا، لسنوات معدودة، مقابل أن يقتل نفسه في النهاية ليخلد في الجحيم. لكن الإنسان «الضحية» ينجو في النهاية بشكل أو بآخر. وأحسب أن أعداء الإنسانية أبرموا اتفاقا مماثلا مع الشيطان ظانين، ربما، أنهم سينجون ويفلتون بفعلتهم. والاتفاق هو أن يمنحهم المال والسلطة على أن يدمروا البشرية ويحولوها لعبادته. فلا يمكن أن يكون من يقفون وراء تسميم حياة البشر، في كل مفرداتها، إلا من ذلك النوع الذي باع نفسه للشيطان. ونكمل مع صناعة المرض والموت البطيء التي يسعّرها أعداء الإنسانية، بكل ما يتاح لهم من تكنولوجيا شيطانية، ويستخدمون البشر فيها «فئران تجارب». فمع محاولاتهم تسميم الماء والهواء والدواء، ها هم يسعون لإهلاك الحرث والنسل، والزرع والضرع، وينصِّبون أنفسهم آلهة من دون الله. كيف؟ الإجابة تكشف جانبا مخفيا آخرَ من قصة «صناعة الكفر»، بصناعة الموت البطيء من خلال تغيير خلق الله، في الزرع، بسرقة واحتكار البذور الطبيعية، وإحلال بذور مهندسة وراثيا، ممزوجة بكل أنواع الهرمونات والمخلفات، محلها. وفي الضرع، بإعدام الثروة الحيوانية الأساسية من أبقار وأغنام في أوروبا وأمريكا الشمالية بالذات من خلال التذرع بحجج شيطانية كاذبة من قبيل أنها خطر على البيئة! وهو ادعاء شيطاني فنده علماء متخصصون في الثروة الحيوانية، سنفصله لاحقا. منذ سنوات بعيدة وممثلو أعداء الإنسانية العلنيون، يقومون بشراء الأراضي الزراعية في أماكن عدة في كل القارات للسيطرة عليها واحتكارها. ويقومون أيضا بتخريب الزراعات من خلال الاستحواذ على كل البذور الطبيعية وحفظها في خزانات أو «بنوك» خاصة والسماح فقط باستخدام البذور المهندسة وراثيا والمُهرمنة كميائيا. وهم يحفظون البذور المحتكرة فيما يسمونه «سفينة نوح» أو «خزانة يوم القيامة»، في أرخبيل سفالبارد النرويجي. وفي 2017، نشرت مجلة «تايم» الأمريكية تقريرا عنها يتناول حجم التدمير الذي تعرضت له بنوك البذور في دول عدة منها سوريا. ويذكر أن تلك الخزانة، يُحتفظ فيها بملايين البذور، لنحو مليون نوع من المحاصيل. وكمثال لعمليات السرقة والاحتكار الممنهجة للبذور نشرت الصحفية المصرية سحر المليجي تقريرا في العام 2013، يفضح كيف تم تخريب بنك الحبوب في مركز بحوث النباتات في منطقة الشيخ زويد بالعريش المصرية بأياد إسرائيلية بُعيد ثورة يناير2011. وعرض التقرير تصريحات لباحثين بالمركز اتهموا فيها جهات إسرائيلية بتخريب المركز وكشفوا عن أنه سبق لإسرائيل سرقة التجربة العلمية لمادة (بى بى تى)، من الجامعة الإسلامية برفح الفلسطينية، والمستخدمة لإبادة البعوض، وتصنيعها باعتبارها اختراعاً إسرائيلياً. من أبرز من فضحوا «مؤامرة» إهلاك الزرع والضرع، الناشطة البيئية الهندية فاندانا شيفا التي ألفت نحو 20 كتابا في مناهضة العولمة. حذرت شيفا منذ 15 عاما مما سمته «حرب البذور» قائلة إن المزارعين باتوا «أسرى» إملاءات الشركات الكبرى المنتجة للبذور المعدلة وراثيا، والأسمدة والمبيدات. وأضافت أن الشركات المحتكرة للبذور تُضمّن عقود الشراء اشتراطات، تكرس عبودية جديدة هي، «عبودية البذور»، التي تحرم الدول من سيادتها الاقتصادية والسياسية. وقبل سنوات قليلة صعدت شيفا من تحذيراتها. وفي تقرير أعدته في أكتوبر 2020، قالت شيفا إن هناك عملية قرصنة كبرى للبذور والتنوع الحيوي وأوضحت كيف يتم العمل على تقويض المعاهدات الدولية المبرمة لحماية التنوع البيولوجي وسيادة البلدان على ثرواتها. ويضرب التقرير مثلا على المؤامرة المدمرة، التي تستهدف عموم البشر، بما يسمى المعهد الدولي لبحوث الأرز في الفلبين ويتبع «المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية»، وهي تحالف عالمي بين المنظمات العاملة في مجال بحوث الأمن الغذائي واكب تأسيسه ما سُمي الثورة الخضراء في ستينيات القرن المنصرم، ولا تأتي نتائج أبحاثه إلا بعكس النتائج المعلنة. فهذا العمل لم تكن نتيجته إلا إحداث مجاعات واسعة النطاق في القارة الآسيوية، بعدما استبدلوا بالبذور الطبيعية أخرى مُعدلة وراثيا، بحسب تقرير لمجلة الإيكونوميست، مايو 2014. وكان من بين جرائمهم في إفساد الحرث، إنتاجهم نوعا من الذرة في المكسيك تصيب من يتناولها بالعقم، وقمحا ضارا بالصحة، ومحاصيل أقرب إلى المنتجات البلاستيكية أو الخشبية منها إلى النباتات. ويشير خبراء بينهم د. باربرا أونيل، الأسترالية التي منعوها من مزاولة المهنة لكشفها كثيرا من مكائدهم، إلى أنه بعد العام 1990 صار كل إنتاج القمح في العالم من البذور المُهندَسة المُهرْمنة، بدعوى تحسين وزيادة الانتاج. وتقول د. باربرا:»لا يمكنك تحسين خلق الله، فهو الكمال بذاته..قبل البذور المهندسة لم يعرف البشر أمراض حساسية الجلوتين ولا الانتفاخ ولا ثقل وضبابية الرأس.» هذا فقط جزء مما هو معلوم، وما خفي لا شك أعظم.
792
| 22 أغسطس 2024
يقول برنارد شو في كتابه «حيرة طبيب» إن مهنة الطب لن تصبح مهنة إنسانية إلا بوضع حائل بين جيب المريض ويد الطبيب، واصفا الأطباء بأنهم «محض قتلة يحملون ترخيصًا». حسنا، لكن المؤكد أن هذا الوصف لا يقتصر على أغلب الأطباء الأفراد فقط، ولكن يشمل الشركات الكبرى التي تتحكم في الأطباء، وفي الدواء، وكل ما يتعلق بصحة الإنسان وسلامته. وبما أن كل شيء في هذا العصر بات يصنع صناعة فلم يعد المرض استثناء، حتى شاع أن شعار شركات الأدوية هو «إذا أردت أن تبيع الدواء فاصنع المرض». وهذا ما يقرره د. جاري جرينبرج في كتابه «صناعة الاكتئاب» 2010. وليت الأمر وقف عند ذلك، فهؤلاء لا يصنعون المرض فقط، بل إن أدويتهم لا تعالج بقدر ما تُديم المرض وتجعله مزمنا، بينما يمنعون صناعة الدواء الناجع بحق. وفوق كل ذلك يبيعونه بأسعار يعجز عنها الكثيرون. وهناك قصة توضح خطورة مؤامرات أعداء الإنسانية وارتباط بعضها بالبعض، وهي قصة الأمريكي مارتن شكريلي، (ابن البواب) الذي جعلوه رئيس أحد صناديق التحوط، التي ذكرنا أنها من أهم وسائل صناعة الفقر. فقد رفع سعر دواء مضاد للسرطان والإيدز، بعد احتكار تصنيعه، من 13 إلى 750 دولارا للحبة الواحدة، أي بنسبة أكثر من 5000 بالمئة. ورغم الانتقادات وحتى السجن الذي تعرض له لم ينخفض السعر! وكان من أوائل من فضحوا تلك «المؤامرة» الباحث الأمريكي كيفين ترودو. ففي كتابه «علاجات طبيعية لا يريدونك أن تعرفها»2004، يؤكد ترودو وجود علاجات طبيعية للأمراض الخطيرة ومنها السرطان، والإيدز، والسكري، وأخرى كثيرة، موضحا أن تلك العلاجات تخفيها عن الجمهور عمدا، شركات الأدوية الكبرى، والجهات الرسمية المتواطئة معها. وقد تعرض نتيجة ذلك للسجن ولغرامات بعشرات الملايين من الدولارات، مثل كثيرين ممن حاولوا كشف جرائم النُخب. الأمر نفسه أكده الباحث الأمريكي تاي بولينغر في كتابه «حقيقة السرطان»،2006، قائلا إن شركات الأدوية الكبرى تئد منذ عقود كل محاولات صناعة العلاجات الرخيصة البديلة لأدويتها التي لا تعالج المرض بل تفاقمه لأنها تهاجم أنظمة المناعة، ويسميها، «العلاجات السامة»، في مقابل علاجات الطب البديل الطبيعية التي تستهدف الخلايا السرطانية وتعزز أنظمة المناعة. الأمريكية سيليا فاربر، المناهضة لـ»أكاذيب الأوبئة»، من الإيدز وحتى كورونا، ذكرت بدورها في مقال عام 2006، أن عقارا معروفا مضادا للفيروسات التكاثرية كان جزءًا من «مؤامرة المجمع العلمي الطبي» لنشر الأدوية السامة. وإذا لم يكن هذا كافيا لاقناع البعض، فلا أصدق من شهادة د. بيتر روست، نائب الرئيس السابق لشركة فايزر، إحدى أكبر «عصابات» صناعة الدواء. يكشف د. روست في كتابه «النذير.. اعترافات قاتل صحي»2006، أسرارا خطيرة عن جرائم شركات الأدوية الكبرى، ومنها سيطرتها على البحث العلمي وتوجيهه للخروج بنتائج معدة سلفا تعزز مصالحها على حساب المرضى. ولا عجب إذن أن يتساءل كثيرون، لماذا يشعر معظم الناس بالتعب المستمر الذي أصبح مرض العصر؟ والإجابة وفق موقع، «إشعار المستهلكين»، الذي يعتمد في توثيق معلوماته 20 موقعا طبيا رسميا، تكمن في «الغبار الذكي» الذي ينتشر عبر غاز الكيميتريل، وغازات أخرى تُبث في الجو منذ عقود. وبحسب الموقع فإن من وسائل صناعة المرض التي يعممها أعداء الإنسانية على البشر، مادة كيميائية تسبب أمراضا لا حصر لها، بداية من الزهايمر إلى التوحد وحتى الاضطرابات الهضمية، والاكتئاب. المادة اسمها جلايفوسيت، وهي عبارة عن مبيد حشري، ويتم رشها على كل المحاصيل، وتعتبر رسميا، وبحسب «الصحة العالمية»، مادة مسرطنة، وترش أيضا في الجو. وقد أدى استخدامها منذ العام 1990 إلى زيادة أعراض التعب المزمن بأكثر من 11000%، وتشتت الانتباه بنسبة أكثر من 10000 %، والاكتئاب بنسبة 280%. كما كشفت دراسة نشرتها أخيرا دورية «التلوث البيئي»، وجود مواد كيميائية تسمى «الفثالات»، في آلاف المنتجات الاستهلاكية مثل المعلبات والشامبو والمكياج والعطور وألعاب الأطفال، وكل شيء تقريبا، وتتسبب في أكثر من 100 ألف حالة وفاة مفاجئة سنويا، في الولايات المتحدة وحدها. ومما يؤكد أن صناعة المرض تجرى على قدم وساق، مشروع تقول جامعة «جونز هوبكنز» إنه تدريبي استعدادًا لجائحة كبيرة في السنوات المقبلة!. لكن مصادر عدة أكدت أنه مشروع حقيقي يمهد لإطلاق جائحة جديدة باسم «سبارز»، العام المقبل، وتستمر حتى العام 2028. ويذكّر ذلك بمشروعات مماثلة تحدثت عن «جائحة كورونا» قبل حدوثها بسنوات، وكالعادة تكفل إعلام النُخب بتكذيب من فضحوا ذلك المشروع. البعد السياسي في هذه المأساة لا يقل خطورة وإدهاشا. فالثابت أن كل هذه التصرفات اللا إنسانية تنفذ وفق خطط معلنة وبقيادة أكبر دولة في العالم. ومعروف أن هنري كيسنجر وزير الخارجية الأسبق أصدرعام 1974 مذكرة حول عدد سكان العالم، يتحدث فيها وكأنه مدبر الكون مطالبا بكبح الزيادة السكانية، واصفا إياها بأنها ربما تكون أخطر من التحدي النووي. وهذا زميله روبرت مكنمارا، وزير الحرب، ورئيس البنك الدولي الأسبق، يتحدث عام 1979، في نادي روما -معبد المالتوسية- مرددا نفس الأفكار ومقترحا التخلص من «الأعداد الزائدة» من البشر بصناعة المجاعات و»صناعة المرض». وذكرت دراسة لمنظمة الأبحاث الأسترالية، «CSIRO»، نشرتها مجلة العلوم البريطانية «نيوساينتست» في 2008، أن «التلوث الناشيء عن التغيرات في الإنتاج الصناعي وإنتاج الغذاء هو نتيجة لخطط نادي روما»، ما يدفع للقول إنه ليس فقط الدواء الذي به سم قاتل، بل الغذاء فيه سم قاتل، والماء فيه سم قاتل، والهواء فيه سم قاتل، لتصبح مصانع العصر الحديث، ربما، «مصانع الموت البطيء».
1380
| 15 أغسطس 2024
من الكتب التي تناولت صناعة الفقر من منظور تاريخي كتاب بعنوان «صناعة الفقر العالمي» للكاتبة والناشطة البريطانية تيريزا هايتر، وضعه البعض على مستوى أعمال منظري التبعية مثل أندريه جوندر فرانك، وسمير أمين. وقد صدر عام 1981، ثم في طبعة ثانية عام 1990، ليتأكد بدرجة أكبر ما توصلت إليها هايتر في الطبعة الأولى. وبعد مرور ثلاثة عقود أخرى تقريبا على صدور الطبعة الثانية، لا نجد عناء في ملاحظة أن نتائج كتاب هايتر تزداد تأكيدا بمرور الزمن. فقد ذكرت في طبعتها الأولى أن عدد الجياع في العالم كان يقدر بنحو المليار إنسان، وأنه مرشح للزيادة. وبالفعل لم يتراجع الرقم منذ ذلك الحين، بل تضاعف وفقا للحسابات الواقعية وليست التلفيقية. يؤكد ذلك تقرير حديث للبنك الدولي بأن عدد الجوعى في بلد عربي «متوسطي» يصل إلى نحو 80% من سكانه، بحساب كل أبعاد الفقر، مقارنة بتقرير رسمي سطحي يعتمد فقط معدل الدخل ويجعل النسبة 44% فقط. كما يظهر التقرير أن عدد الجوعى في العالم حتى العام الماضي، ويشمل ضحايا سوء التغذية، وصل إلى نحو 2.5 مليار إنسان. وهي زيادة يؤكد فرانسيس مورلابيه وجوزيف كولينز، في كتابهما «صناعة الجوع: خرافة الندرة»، أنها عملية «مصنوعة». وتوضح هايتر خلفيات ما تسميه «الانقسام العالمي العظيم» بين الدول الغنية والفقيرة. وتقول إن الشمال، شاملا أوروبا الشرقية، يضم ربع سكان العالم وأربعة أخماس دخله. والجنوب، شاملا الصين، يضم ثلاثة الأرباع الأخرى وخمس الدخل العالمي فقط. كما أن «معدلات الأجور في البلدان النامية لا تتجاوز غالباً 30% من معدلات الأجور في البلدان الأكثر ثراءً لنفس نوع العمل». فمثلا، يبلغ متوسط الدخل في معظم أنحاء العالم حوالي 2.5 دولار في اليوم، بينما متوسط الدخل اليومي للعاملين وغير العاملين في الولايات المتحدة فوق الـ 15 عامًا هو 119 دولارًا. وتقول إنه في الدول الفقيرة يموت خمس الأطفال دون الخامسة، ويعيش الملايين حياة غير آدمية، مع تزايد الفقراء والمعدمين بأعداد هائلة مكونين مجموعات ضخمة مما سماه كارل ماركس «جيش الاحتياطي الصناعي»، الذين يستغلهم الرأسماليون لخفض الأجور إلى مستويات تقترب من الكفاف أو أقل، ص 18-27. وتضيف هايتر: إن التفاوت الفادح الذي يميز عالمنا ليس طبيعياً، وإن تطور الدول الأوروبية وغيرها من دول العالم الأول مبني مباشرة على تخلف العالم الثالث، شارحة الأصول التاريخية للفجوة المهولة بين الغرب وبقية العالم والمبررات الواهية لها. تقول هايتر: إن الطفرة التي شهدتها أوروبا بدأت قبل خمسة قرون، ونتجت عن الغزو الأوروبي للعالم، وامتلاء خزائنها نتيجة النهب واستعباد البشر، والقرصنة في «العالم الجديد». وتؤكد أن الكثير مما سُجل على أنه «تجارة حرة» كان في الواقع «سرقة ونهبا». كما أن تقدم أوروبا بُني على افتراضات عنصرية وإمبريالية شوفينية، مثل خرافة التفوق الطبيعي للأوروبيين، التي كان من أبرز منظريها إيمانول كانط، بزعم أن الطقس الحار يجعل الإنسان غير الأوروبي كسولًا، وذلك لتبرير ما سموه «عبء الرجل الأبيض»، ص30-35. الآن ، يجدر الأخذ في الاعتبار أن كثيرا من قساوسة وفلاسفة الغرب بداية من أرسطو وحتى جون لوك وفولتير، ومن تلاهما، كانت لهم آراء تقنن العنصرية وتؤيد استعباد البشر، ونهب ثروات الآخرين، وأنهم سعّروا الحروب من أجل ذلك- بل إن لوك وفولتير، مثلا، كانا من المستثمرين في تجارة الرق. فباعتبار ذلك يصبح من المنطقي أكثر القول إن رأس حكمتهم وفلسفتهم لم تكن «أنا أفكر إذن أنا موجود» كما قال ديكارت، ولكن أنا «أسرق إذن أنا موجود». ولو وضعنا أي فعل يدل على الشذوذ والإجرام مكان «أسرق» فستظل الجملة مفيدة أيضا . ولو أن هناك أي مدلول إيجابي لكلمة حضارة، فيجب أن يوصف ما أفرزه الغرب على مدى القرون الماضية بأنه «عكس الحضارة»، فقد أوقفوا مسيرة الحضارة الحقيقية، حضارة الإسلام، وسرقوا أهم منجزاتها وتراثها، ليزرعوا مكانها «حضارة الشيطان» التي تتجسد يوما بعد يوم، انحلالا وشذوذا تجلى بوضوح في افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية في باريس أخيرا . وتتجلى أيضا إجراما وإرهابا في ممارسة «عولمة الإرهاب» باغتيال الشهيد إسماعيل هنية، عبر الحدود، في طهران. فاليد التي ترسم لوحات الشذوذ هي ذاتها التي تريق دماء الأبرياء هنا وهناك. كما يؤكد ذلك وجود علاقة بين هؤلاء الفلاسفة ورجال الدين، وذرياتهم المتلاحقة، وبين أعداء الإنسانية أشرت إليها من قبل، وسيأتي تفصيلها لاحقا.
792
| 07 أغسطس 2024
لسنوات طويلة وعندما كنت أسمع أن أمريكا من أكبر دول العالم مديونية كنت أتعجب كثيرا؛ كيف تكون أغنى دولة في العالم مدينة، ولمن؟ أليست هي الأغنى، وتقدم «المساعدات» للدول الفقيرة! لكن كثيرا من الحقائق التي أظهرتها كتب ووثائق كُشف عنها النقاب، وكثيرا أيضا من الاعترافات والتسريبات، التي ظهرت تباعا، أزال الغموض وأكد نظريات كانت توصف سابقا بأنها إما متطرفة أو «مؤامرة». ولو تأملنا قليلا فكرة أن كل الدول مدينة -ديون حكومات دول العالم وصلت، وفق تقارير أممية، إلى 91 تريليون دولار، وهو مبلغ يقارب حجم الاقتصاد العالمي بأكمله- فسندرك أن صاحب الدَين لا شك أغنى وأقوى منها، وإلا فما ضمانة ديونه؟ وهذا يستدعي مقولة «لا تهمني الدمية التي تجلس على عرش بريطانيا إذا كنت أنا من يصنع النقود»، وهذه واحدة من مقولات عدة بهذا المعنى منسوبة إلى زعماء عائلة روتشيلد، التي تحدث عنها وليام جاي كار الكاتب الكندي في كتابه التاريخي «أحجار على رقعة الشطرنج»،1955، والذي يشرح كيف سيطر هؤلاء على صناعة المال في أوروبا وانجلترا خاصة، ص 66-70. وقد غادر كار هذا العالم بعد إصداره كُتُبا مماثلة في فضح جرائم أعداء الإنسانية كان آخرها «الشيطان أمير هذا العالم» 1959، إذ وجد مقتولا في ظروف غامضة بعد صدوره بشهور. ولأن أعداء الإنسانية، وفي إطار صناعة الكفر، يديرون صناعة الفقر، وصناعة المرض، وصناعة الجهل، وصناعة الوهم، إلخ..، للوصول إلى الهدف النهائي وهو إنهاء عبادة الله في الأرض، فسيكون من الطبيعي أن يتداخل حديثنا عن كل صناعة من تلك الصناعات الشيطانية في بعض المفاصل والسرديات. ونبقى مع صناعة الفقر، ولكن في مفصل من أخطر مفاصلها، وهو التغرير بالمرأة التي بإفساد طبيعتها ضربوا عصافير كثيرة؛ في صناعة الفقر، بإخراجها لسوق العمل واستخدامها ذريعة لخفض أجور الرجال، وفي صناعة الفساد والانحلال، بإقناعها بالتعري وتحويلها هي ذاتها إلى سلعة تباع وتشترى، بداية من الدعارة إلى الإعلانات التجارية، وفي صناعة الهدم المنظم للمجتمع، بشغلها عن وظيفتها المقدسة التي خصها الله بها، وهي إنتاج الذرية ورعاية النشء. لقد ضربوا نصف المجتمع «الرجل» بنصفه الآخر «المرأة»، وجعلوهما في حرب مفتوحة، رغم أنف الجانبين. وهم لم يكتفوا بالخروج الجزئي للمرأة للعمل بفعل الثورة الصناعية وتداعياتها، ولا بفعل نقص الأيدي العاملة بفعل الحربين العالميتين، فروجوا ما سموه «حركة تحرير المرأة» التي ظلت تتصاعد وتتأجج لتشهد زخما كبيرا خلال ستينيات وسبعينيات القرن الـ20. وللمخرج الأمريكي إيرون روسو تصريحات تؤكد استغلالهم للنساء في صناعة الفقر والفساد والكفر، أساسها معلومات أسرّ بها له نيكولاس روكفلر أحد أقطاب العائلات الـ13 التي تحاول السيطرة على العالم. يقول روسو إن روكفلر أفصح له عن أن تلك العائلات كانت وراء شعار «تحرير المرأة» الزائف لإخراج المرأة من البيت. ويضيف روسو تفصيل تلك الخطة الشيطانية في قول روكفلر: «نحن كنا وراء إخراج المرأة للعمل لإيجاد أيد عاملة بأجور أرخص، ولجعلها، وهي نصف المجتمع، تدفع ضريبة عن دخلها، ثم تفكيك الأسرة بإرسال الأطفال إلى دور الرعاية والمدارس التي نتحكم فيها ونلقن من خلالها الأطفال ما نريد». روسو التقى روكفلر قبيل هجمات 11 سبتمبر 2001، التي ذكر أنها كانت إحدى مكائد آل روكفلر، وأفشى بتلك المعلومات للصحفي الأمريكي أليكس جونز، أوائل العام 2007، و»توفي» في أغسطس من نفس العام، بعدما زُرع في جسمه السرطان، كما فُعل برئيس فنزويلا السابق هوجو شافيز، وهذا أيضا مما ألمح إليه روكفلر خلال ذلك اللقاء. وتحدث روسو أيضا عن الصحفية الأمريكية اليهودية غلوريا شتاينيم التي كانت، وما تزال، رأس حربة القوى الخفية بقيادة آل روكفلر، في تعميم إخراج المرأة من البيت. وقد كشفت شتاينيم في كتاب لها بعنوان «ما وراء الكلمات»، عن علاقتها بال»سي آي إيه»، وأنهم مولوها لإصدار مجلة باسم (MS Magazine) «مجلة السيدة»، كانت مهمتها المحددة تفتيت الأسرة وتحريض المرأة على استباحة الإجهاض والخروج للعمل لتعميم فرض الضرائب عليهن. وهي وإن حاولت نفي ذلك الاعتراف لاحقا، بتفسيرات ومراوغات، فقد أكده الصحفي الأمريكي جون لوفتون مشيرا إلى تصريحات لشتاينيم بذات المعنى في الواشنطن بوست ونيويورك تايمز في فبراير عام 1967. وأحسب أن البشرية لم تصب مصابا جللا في عمومها كمصابها بإخراج المرأة من بيتها وتعريتها، ثم استخدامها في تدمير المجتمع بحجة تحريرها وحمايتها من الرجل. فلم تكن القوانين التي صنعوها من أجل ذلك إلا للإمعان في تدمير النسيج المجتمعي وتخريب العلاقات الإنسانية. خذ مثلا، قوانين الطلاق التي أعطت المرأة حق الاستيلاء على نصف ما يملك الزوج حال الطلاق حتى ولو لم يستمر الزواج إلا شهورا معدودة. وقد أدى ذلك إلى عزوف الرجال عن الزواج الرسمي وتفضيل العلاقات غير الشرعية ما سبب انتشار الجرائم والفساد واختلاط الأنساب، وتشوه المجتمع، مع الإفراط في إدمان كل أنواع المحرمات، واطراد ازدياد الفقر. لكن ما سُمي تحرير المرأة لم يكن إلا وهما بحسب كثيرين من بينهم الكاتبة سيلفيا آن هيوليت. ففي كتابها «حياة أقل شأناً: أسطورة تحرير المرأة في أميركا»، 1986. تقول سيلفيا إن تحرير المرأة لم يكن إلا وهماً، ولم يحررها إلا من ضوابط ممارسة الجنس ومن العقيدة، ولم يكن هدفه إلا هدم الأسرة. لذلك تحضر هنا مقولة الفرنسيين «ابحث عن المرأة»، التي يبدو أن أعداء الإنسانية نفذوها بطريقتهم الخاصة في طريق صناعتهم للكفر ولكل وسائل السيطرة على البشرية. وكما وسوس الشيطان لآدم وحواء فأخرجهما من الجنة، وسوس لها هؤلاء ليخرجوها من «بيتها».
1068
| 31 يوليو 2024
مازلنا مع تفاصيل صناعة الفقر كَمُكَون أساسي من مكونات صناعة الكفر. تحدثنا في المقال السابق عن بعض أهم الأساليب الكلية التي يتبعها أعداء الإنسانية في تنفيذ مخططاتهم تلك. واليوم نكمل مع بعض أهم الأساليب الجزئية لصناعة الفقر، ومنها «البورصة»، والمضاربات المالية، وما يسمى (Speculators) أي المضاربين الذين يشعلون حروب العملات فيهاجمون عملة دولة ما فتنهار بين ليلة وضحاها. وكان من أكبر مجرمي هذه العملية الملياردير الراحل جورج سوروس الذي ركّع بنك انجلترا في حادثة معروفة. هؤلاء الذين وضع أساس وجودهم على ساحة الاقتصاد العالمي، الولايات المتحدة، ومَن وراءها، خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كانوا يجهزون خططهم المالية والتنفيذية لحكم العالم بعد انتهاء الحرب. وفي هذا قصة معبرة عن خطورة المضاربة في العملات، نقدم لها باستنتاج مهم مفاده أن حكام العالم الفعليين، ومع اقتراب نهاية الحرب الثانية، كانوا قد قرروا نقل مقر حكمهم المؤقت للعالم من بريطانيا إلى الولايات المتحدة، التي كانت تتبلور وقتها كأكبر قوة على الساحة العالمية، ومعهم انتقلت كل مراكز الثقل المالي والأكاديمي والفني، إلخ..، من ضفة الأطلسي الشرقية إلى ضفته الغربية. ونعود إلى قصة المضاربات ونلخصها بأنه في يوليو 1944، اجتمعت القوى الكبرى لوضع أسس المؤسسات التي ستُستخدم لتقنين حكم العالم وابتزاز دوله ونهب ثرواتها بعد الحرب. كان ذلك في بلدة «بريتون وودز» بولاية نيوهامبشاير الأمريكية. حينها تصادم ممثل بريطانيا (القوة العظمى الغابرة) في الاجتماع وهو الخبير الاقتصادي الكبير جون مينارد كينيز مع ممثل الولايات المتحدة هاري ديكستر وايت بشأن عدد من الإجراءات التي كان من شأنها تحقيق قدر من التوازن بين الدول وحفظ حقوق الدول الأقل تقدما. وقتها حذر كينيز من أن غياب تلك الإجراءات «سيزيل السلطة من المسؤولين المنتخبين ويضعها في أيدي المستثمرين الأثرياء»، ويجعل الحكومات «رهينة» لتقلبات السوق، ويحول الاقتصاد العالمي إلى «كازينو قمار»، وهو ما حدث بالفعل، (مرشد العولمة ص 73،99،114). حينها اقترح كينيز إنشاء (Clearing Bank)، بنك مقاصة ليكون بمنزلة بنك مركزي عالمي يُمكِّن الدول من إتمام تعاملاتها التجارية بعملاتها المحلية دون الحاجة لعملة حاكمة تقاس إليها قيمة بقية العملات، والتي ستصبح الدولار الأمريكي لاحقا. وقد أحبط المندوب الأمريكي مقترحات كينيز. كما تم لاحقا إحباط مقترحات أخرى منها ما يسمى «توبين تاكس» (Tobin Tax)، وكان من شأنها تثبيت أسعار العملات والسيطرة على جشع المضاربين، بفرضها على عمليات المضاربة. وبإحباط تلك المقترحات اكتملت «الجريمة»، التي طُبخت على نار هادئة، وتحقق لأعداء الإنسانية ما أرادوا، ومهدوا الساحة لاستغلال المجرمين، ما سبَّبَ كوارث اقتصادية «متعمدة» كثيرة منذئذ، منها أزمة النمور الآسيوية ومنها الضربات التي تتعرض لها العملة التركية بين الحين والآخر، مثالا لا حصرًا. ويذكر كتاب (Dirty Dealing)، «الصفقات القذرة»، لمؤلفه بيتر ليللي، ص 109، أن السناتور كارل ليفين أعد في العام 2002 تقريرا رصد فيه خطورة ظاهرة شركات المضاربة وانضواء كل أنواع المجرمين تحتها من تجار مخدرات ودعارة وحتى سياسيين. وهناك أيضا ما يعرف باسم (Hedge Funds) أي «صناديق التحوط» وهي باختصار، وبحسب دراسة لباتريك كيلي وآخرين،2014، صناديق استثمارية ظهرت بُعيد الحرب، أعمالها محاطة بسرية تامة، قد لا تتيح حتى للمستثمرين أنفسهم معرفة طبيعة استثماراتها. ويكفي أن نعرف أن هناك الآلاف من تلك الصناديق في أنحاء العالم، ما يجعل المستثمر الطبيعي كمنافس يبدو كمن يحارب منافسا أو عدوا لا يراه، تماما مثل الشيطان الذي يحاربنا هو وقبيله من حيث لا نراهم. ويكفي أيضا لتوضيح خطورة تلك الصناديق أن نعرف أن شركة «بلاك روك» وهي إحدى الشركات التي تتحكم في جزء كبير من الاقتصاد العالمي تمتلك عددا كبيرا من تلك الصناديق. وتحت مظلة صناديق التحوط تنضوي معظم عمليات تهريب الأموال والحسابات السرية (سويسرا) والملاذات الآمنة (دول وجزر المحيط الهادي)، وأمور أخرى خطيرة، منها كروت الائتمان «مجهولة الهوية». وهناك نظام التأمين (Insurance) الذي يقوم عليه جزء كبير من الاقتصاد في أغلب دول الغرب والذي يعتبره كثيرون في كندا مثلا «أكبر عملية سرقة مقننة على وجه الأرض»، كونها عملية تفرضها الحكومات وتحميها القوانين، وتحقق أرباحا بمئات المليارات لشركات أعداء الإنسانية «الخاصة»، ولا يستفيد منها الجمهور إلا لماماً، مع أنها تخالف الشرائع السوية، في عملية مشابهة بدرجة كبيرة للإتاوات التي كان يفرضها البلطجية على الناس قديما. هناك أيضا وسيلة أخرى لصناعة الفقر لا تقل شيطانية وإجراما عن ما سبق ألا وهي حساب العمل بالساعات بدلا من الراتب الشهري، وهو ما يحرم العامل أو الموظف من كثير من الحقوق والامتيازات تبدأ من أن الساعة التي لا يعمل فيها لا يؤجر عليها، ولا تنتهي عند حرمانه من حق الإجازة السنوية المدفوعة، ومن الرعاية الطبية ومن مكافأة نهاية الخدمة المعمول بها في أي نظام توظيف إنساني عادل. وهذا يُذكِّر بتاجر البندقية، فما كان يقتطعه ذاك التاجر من جسد المدين بلا حق، يقتطعه هؤلاء، إربا إربا، من وقت الملايين بدم بارد، فلا يعدو ذلك إلا أن يكون «ربا الوقت»، وهو ما يندرج تحت ما سماه ماركس بالفعل «فائض القيمة». وخلاصة ذلك أن النظام المالي الذي يحكم العالم منذ الحرب الثانية وللآن، ولد فاسدا ومتحيزا «مع سبق الإصرار والترصد»، تحقيقا لصناعة الفقر. لكن الأخطر في صناعة الفقر ما هو قادم لا قدر الله،،، وهو تحويل كل الثروات في العالم إلى عملات معدنية بهدف تحويل أموال كل إنسان بل هو ذاته إلى «معسكر اعتقال رقمي» يتم التحكم فيه عن بعد.
729
| 24 يوليو 2024
تخيل لو أن الشيطان يخطط لمستقبلك. كيف سيكون شكله؟ النار والدمار وخراب الديار.. أليس كذلك؟ للأسف، هذا ليس خيالا. إنه الواقع. فما يزال الشيطان يعد الناس الفقر عن طريق أوليائه من أعداء الإنسانية وهم يصنعونه للبشر، بأساليب كلية وأخرى جزئية. تحدثنا سابقا عن العائلات المعدودة التي تتحكم في الاقتصاد العالمي، وعدد شركاتها التي تسيطر على التجارة العالمية. واليوم نتناول عددا من الأساليب الكلية في تنفيذ مخططات أعداء الإنسانية لتقنين الفقر وفرضه على الشعوب. تبلور ذلك مع تأسيس البنوك، وتشمل المؤسسات المالية الدولية، وهناك مقولة مشهورة مفادها «إنه ليس أسوأ من جريمة سرقة بنك إلا جريمة تأسيسه». فمع تأسيس البنوك وترسُخ عملها فُتح الباب لأعداء الإنسانية للتحكم في ثروات البشر وتوجيهها في الاتجاه الذي يريدون حتى ولو لم يمتلكوها ملكية مباشرة. وهناك دراسات كثيرة حول خدعة البنوك وأثرها الشيطاني في صناعة الفقر وتكبيل وإخضاع الحكومات والشعوب بالديون، ومنها سلسلة وثائقيات بالغة الأهمية من إنتاج «مركز دراسات الواقع والتاريخ». ومما يذكر في هذا الصدد ما كشفه لي د. ريتشارد سطبظ (R.Stubbs) مؤسس مدرسة الاقتصاد السياسي البريطانية، من أن الأمريكيين، (ومن يتخفون وراءهم)، استخدموا أموال بعض دول الخليج، المتراكمة في بنوكهم، من أرباح النفط، في السبعينات والثمانينات، للقيام بأعمال تخريبية في أرجاء العالم وخاصة أمريكا اللاتينية مثل التحريض على الانقلابات وإزالة الحكومات وشراء الاحتكارات. وفي كتاب «اعترافات قاتل اقتصادي» لجون بيركنز، في طبعتيه الأولى والثانية (2005، 2016)، تفاصيل حقيقية لمثل تلك العمليات، كونه كان أحد منفذيها. وهو ما واصل كشفه في كتاب آخر بعنوان «التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية، 2007». أسلوب آخر ساهم في وصول عبدة الشيطان إلى التحكم في كل شيء في الأرض تقريبا هو ما سموه الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)، والخصخصة، أي إلغاء دور الحكومات والاعتماد على «القطاع الخاص» الذي تتخفى وراءه شركاتهم ووكلاؤهم. وقد بدأوا يزيحون «قناع ماركس» عن وجوههم تدريجيا حينما شعروا بأن قبضتهم على العالم قد اقتربت من الإحكام وفق اعتراف الحاخام روبنشتاين الذي سنحتاج للتذكير بخطابه الخطير كثيرا. ومن بين الشعارات التي روجوها لتنفيذ ذلك ما سموه (do more with less) أي «حقق الأكثر بالأقل»، أي تقليل الدور الحكومي لصالحهم. وقد تمكنوا من ترسيخ ذلك وترويجه من خلال العلوم السياسية التي باتت حقا عقيدتهم الأسمى ودينهم الجديد. ولأنهم سيطروا على معظم مناطق العالم من قبل فقد غزوا تلك المناطق جميعا، ومنها دول الشرق الأوسط، بتلك الأفكار التي استباحت ولاتزال المؤسسات العامة في معظم الدول، عن طريق شرائها بأسعار بَخْسة لا تساوي فُتات قيمتها الحقيقية، وبشروط تجعل كل الخسائر على الشعوب وكل المكاسب لهم. وبالطبع كان لذلك تداعياته الخطيرة ومنها استئثارهم بالثروات الحقيقية حيث باتت معظم الأرباح تعود إليهم هم وليس للشعوب والحكومات التي باتت كلها مدينة لهم بما فيها الحكومة الأمريكية! كما سبب ذلك استئثارهم بما هو أهم وأخطر كثيرا وهو التخطيط لمستقبل الشعوب وكل ما يتعلق بحياتها، عمرانيا وتعليميا وصحيا وغذائيا واجتماعيا وعقائديا، إلخ. وماذا ينتظر الإنسان السوي من الشيطان وعبدته عندما يصبحون هم المخططين لمستقبل البشرية سوى التخطيط بعيدا عن الرخاء والتقدم، وبعيدا عن السكينة والإيمان من جانب، وأيضا التخطيط للهلاك والدمار من جانب آخر، من خلال توجيه العلوم والتكنولوجيا لنشر الفساد والأمراض وعدم انتاج الأدوية الناجعة ولكن التي تُبقي المرض، وإفساد التعليم والغذاء والماء والهواء، في وقت يحاربون فيه كل اكتشاف علمي مفيد ونافع بحق. ولعل مكيدة كورونا تقدم مثالا واضحا على ذلك. أسلوب آخر سموه الاستحواذ والاندماج، Mergers and acquisitions. فبعد أن يشتروا مجموعة كبيرة من الشركات يعلنون الاندماج بينها لتكوين شركة واحدة كبيرة، ثم تستحوذ تلك الشركة على شركات أخرى كبيرة مثلها أو أصغر حجما، وهكذا. وبهذا يحدث الاحتكار، المنهي عنه في أسس النظام الديمقراطي المفترض، أمام الجميع وبتشريع ومباركة «كنائسهم ومعابدهم» المستحدثة وهي الجامعات ومراكز البحوث كما أشرنا من قبل. ومع الاحتكار يأتي كل الخراب، فيأتي رفع الأسعار بلا منطق، كما يأتي خفض الأجور بإجحاف، لأن من يحتكر الانتاج يحتكر التشغيل في آن معا. كما تتلاشى الديمقراطية والعدالة لأنه مع الخصخصة والاحتكار تتلاشى المحاسبة، فالشركات لا تتحمل أي مسؤولية مباشرة أمام الشعوب. ومما كُتب في التحذير من هذه الخدعة مقال لإدوارد هيرمان وريتشارد دو بوف، بعنوان «الاندماج والاستحواذ وتآكل الديمقراطية»، ذكرا فيه أنه في العام 1999، أي قبل ربع قرن، كانت نسبة استحواذ الشركات الكبرى تصل إلى ثلث قيمة الاقتصاد الأمريكي. ومنذ سادت عمليات الاستحواذ تلك وتعاظم الاحتكار زادت عمليات الغلاء وانهيار الخدمات وإغلاق المدارس وتقليل عدد المشافي والأطباء، وتقليل الإنفاق على البنى التحتية. ويرتبط مباشرة بمسألة الاندماج والاستحواذ خدعة أخرى هي من الأسباب المهمة في إدامة الفقر على الفقراء والغنى على الأغنياء، سموها نظام «الفرانشايز» (Franshising) أو حق منح الامتياز، أي امتلاك غير كامل من الباطن، بمعنى أنهم ينشئون الشركات، التي تسيطر على كل القطاعات، ثم يعطون من يريد الاستثمار حق استخدام اسم تلك الشركات وإدارتها وليس ملكيتها، مقابل أن يدفع لهم نسبا كبيرة من الأرباح وأشياء أخرى من أهمها أنه لا يستطيع اتخاذ أي قرار مستقل في إدارة الامتياز الممنوح له، وهكذا. وقد سيطروا بذلك على أغلب قطاعات سوق الخدمات والتصنيع وكل شيء. وكما ذكرت سابقا مكنهم ذلك من السيطرة على الأرباح الكبرى ورأس المال والأهم على التخطيط والتوجيه لمستقبلنا!.
1029
| 17 يوليو 2024
ظن الناس لفترات طويلة، وخاصة أواخر القرن العشرين، أنه كلما تقدم الزمن تقدمت الحضارة الإنسانية وتحسنت حال الحريات في العالم وانقرضت الأمراض وتراجع الظلم والاستبداد، وعاش الناس حياة الرفاه وتحققت لهم «المدينة الفاضلة» التي تصورها ما يسمى فلاسفة أوروبا، قبح الله وجهها، بتعبير إمامنا الغزالي، والذين شوهوا الفكر الإنساني منذ ظهورهم على مسرح التاريخ. لكن الذي حدث وشاهدناه يترسخ يوما بعد يوم، وخاصة خلال العقود الأخيرة، هو أنه كلما ازدادت الحياة تقدما وتطورت الصناعات التكنولوجيا زادت معاناة البشر وتأصل استعبادُهم، وتوسعت مصادرة حرياتهم، وزادت عمليات إفقارهم عن طريق المبالغة في الغلاء وتقليص الخدمات، وأصبحت الأمراض والأوبئة أكثر خطورة وتكرارا، بل أصبحت سلاحا يهدد أعداءُ الإنسانية به البشر بطرق مباشرة وغير مباشرة. وقد باتت عمليات صناعة الفقر والمرض والتفاهة والانحلال والعنت بكل أنواعه، وكلها مفردات في صناعة الكفر، باتت أكثر وضوحا من سطوع الشمس، لكن انشغال الناس بمتاعبهم المالية المتواصلة، وأمراضهم المزمنة المصطنعة ومشاكلهم التي لا تتوقف، لأن هناك من يصنعها لهم، تجعلهم لا ينتبهون لكل ما يدور حولهم، وتلك غاية صُناع الكفر. فكيف يصنع هؤلاء الكفر إذن؟ لنأخذ مثلا صناعة الفقر،،، في الوقت الذي كان أعداء الإنسانية يستعدون، انطلاقا من أوروبا، لاستباحة ثروات العالم، بعد سقوط دولة الإسلام في الأندلس، كانت بقية العالم، تستعد بدورها للسقوط القسري، تدريجيا، في مستنقعات الظلام والجهل ومن ثم الفقر. ولا جدال في أن الفقر مكتوب على البشر أو بعضهم في فترات من حياتهم كل حسب قَدَرِه. لكن الفقر في هذا العصر، هو أيضا كيد بشري وصناعة شيطانية أحكمها أعداء الإنسانية على رقاب البشر، منذئذ، ضمن قدر الله. في عصور سيادة الحكم الإسلامي الصحيح وقعت الشدائد لفترات قصيرة ومنها عام الرمادة. وكان بعض أثرياء المسلمين يواجهونها بتقديم كل أموالهم حتى تنقضي. لكن أيضا فاض المال والخير حتى نثر عمال الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز الحبوب على رؤوس الجبال والقصة معروفة بتفاصيلها. وفي عهد هارون الرشيد خاطب الخليفة السحابة أن انزلي هنا أو لا تنزلي فسيأتيني خراجك. وهذه القصة أيضا معروفة ونظم فيها محمود غنيم رائعته «مالي وللنجم» التي تلخص قصة الأمة وأبدع النقشبندي إنشادها وفيها: أين الرشيدُ وقد طاف الغمامُ به.. فحين جاوز بغدادًا تحداهُ. لقد عمل أعداء الإنسانية، الذين لم ولن يوقفوا حربهم على الأمة، على تعميق وتعميم الفقر بطرق منظمة جعلتهم يتحكمون في مصادر الثروة وتوزيعها وحجبها!. وكانت لهم في ذلك أساليب عدة بعضها دائم وبعضها مزمن. فكان هناك احتلال الدول ونهب ثرواتها، وإلى الآن. ومع إحكام قبضتهم على الاقتصاد العالمي بدأت سياسات التسعير الظالمة للسلع والخدمات، والمبالغة في تقليل الأجور، بدرجة تجعلهم يحققون أرباحا بالمليارات، بينما الأغلبية تجد تكاليف الحياة بالكاد، وتفتك بهم المجاعات. ومع احتكارهم لمعظم النشاطات البشرية بما فيها الأكاديميا ابتدعوا ما سموه الأزمات الاقتصادية وزعموا حتمية حدوثها بين الحين والحين. وفي كتاب المرشد الخالي من الهراء للعولمة، ص 83و84، مثال يتناول أزمة النمور الأسيوية أواخر التسعينات، يؤكد مسألة افتعال تلك الأزمات. في البدايات كانت وتيرة الأزمات بطيئة ومتباعدة ثم تسارع معدل تكرارها. وكلما تسارعت وتيرة الأزمات الاقتصادية زاد الفقراء فقرا وزاد الأغنياء غنى وزاد البعد عن الدين والوقوع في الكفر، مع أن مؤلفات عدة وضعت في نفي حتمية هذه الأزمات واستدامة الفقر والندرة والشح، منها كتاب «أمراض الفقر» تأليف دكتور فيليب عطية، 1991. ومن الأفكار الشيطانية التي روجوها على أنها مسائل أكاديمية، لمفكرين أضفوا عليهم صفات كاذبة من العظمة والتقديس، ما تسمى نظرية مالتوس عن السكان، (1798)، وهي كافية لإلقاء الضوء على تلك العقلية الشيطانية التي أسست وروجت لصناعة الفقر، هي وكل ما يتعلق بها من جرائم فكرية وضعية مثل «الداروينية» و»تحسين النسل»، وهي أيضا توضح الفارق بين الوحي الإلهي والفكر الوضعي الشيطاني. فبينما يؤكد الخالق سبحانه وتعالى أنه يضمن أرزاق كل ما خلق من إنسان وغيره، -وقدر فيهار أقواتها، فُصلت 10- تأتي نظرية مالتوس، (سُميت الكارثة المالتوسية)، والذي زعم إن موارد الأرض لا تكفي الجميع، ودعا لتقليل عدد السكان وتقليل أجور العمال لمنعهم من الزواج المبكر، وهو ما استخدمه المجرمون مبررا لعلميات إبادة مئات الملايين من البشر في الأمريكتين واستراليا والاتحاد السوفيتي والصين وإفريقيا، وغيرها. وقد كان يحاكي في ذلك أفكارا توراتية، وربما أوحي بها له الشيطان مباشرة. فقد شهد شاهد من المنشقين عن الماسونية يدعى جورج مورنو بمعلومات عن أن داروين تعلم نظريته عن أصل الأنواع مباشرة من الشيطان الرجيم، «وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم»،الأنعام121. المدقق فيما سبق، سيتيقن من أن تقدم الزمان لا يعني بالضرورة تقدم الحضارة بل ربما يعني زيادة تخلفها وسيرها في الاتجاه المعاكس، (الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض) - غافر21، وليس ذلك إلا لأن من يمسكون بزمام الاقتصاد والعلوم في العالم لا يهدفون إلى رقي البشرية وتحضرها وإنما إلى محاربة الله ودينه في إطار صناعة الكفر التي يديرون «مصانعها» في كل مكان، وبكل الطرق، لإفساد الدين والقضاء على الأخلاق. وربما يتفق ذلك مع ما قاله أينشتاين من أنه لا يعرف كيف ستخاض الحرب العالمية الثالثة، لكن الحرب الرابعة ستخاض بالعصي والحجارة، لأن الحرب الثالثة ستقوم بين بشر فقدوا كل ما يتعلق بالاخلاق، وهو ما كشفت عنه كلمة الحاخام إيمانول روبينشتابن التي أشرنا إليه سابقا، ولعله اطلع عليها.
921
| 10 يوليو 2024
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4344
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2253
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
2241
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1458
| 06 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
1074
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
750
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
681
| 05 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...
660
| 11 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
633
| 08 ديسمبر 2025
يُتهم الإسلام زورًا وبهتانًا بأنه جاء ليهدم الدنيا...
579
| 07 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
570
| 07 ديسمبر 2025
تعود بي الذكريات الى أواسط التسعينيات وكنت في...
483
| 05 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية