رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

77 عاماً من نكبة العرب

في مايو من كل عام، تتجدّد جراح فلسطين. لكن هذا العام، تمر النكبة في ذكراها الـ77، وهي ليست مجرد محطة في الذاكرة، بل حدث مفتوح مستمر بتداعياته السياسية والإنسانية. ما بدأ عام 1948 لم ينتهِ؛ بل تبدّل شكله، وتعمّقت جذوره. هي ليست مجرد نكبة، بل مشروع اقتلاع ممنهج وهندسة سكانية لم يُواجه يومًا بالعدالة. في عام 1948، تم تهجير نحو 750 ألفا إلى 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم الأصلية، من أصل 1.4 مليون كانوا يسكنون فلسطين التاريخية. هذا لم يكن نتيجة حرب فوضوية، بل مخطط تطهير عرقي مدروس، هدفه إفراغ الأرض من سكانها الأصليين وتأسيس دولة استعمارية جديدة على أنقاضهم، حيث ذكر المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه في كتابه «التطهير العرقي في فلسطين» «النكبة ليست صدفة تاريخية، بل نتيجة استراتيجية مدروسة ومبكرة.» لكن الكارثة لم تبدأ من الصفر في 1948. جذورها تعود إلى أوائل القرن العشرين، حين كانت نسبة اليهود في فلسطين لا تتجاوز %3، ومع صدور وعد بلفور عام 1917، تعهّدت بريطانيا رسمياً بإقامة «وطن قومي لليهود» على أرض لا تملكها، وعلى حساب شعب لم يكن غائباً، بل متجذراً فيها منذ قرون. خلال فترة الانتداب البريطاني (1920–1948)، نظّمت بريطانيا موجات الهجرة اليهودية، وسهّلت بناء الميليشيات الصهيونية المسلحة (مثل الهاجاناه وإرغون)، وقمعت أي مقاومة فلسطينية ضد الاحتلال أو الهجرة. وبدعم غربي واسع، وصلت نسبة اليهود إلى حوالي 33% من سكان فلسطين عام 1947، رغم أنهم لم يملكوا سوى 7% من الأرض. ثم جاء قرار التقسيم (181) الذي منح اليهود 56% من فلسطين، فكان بمثابة إعلان حرب دولي على السكان الأصليين، وشرارة النكبة الكبرى، بعد إعلان قيام إسرائيل عام 1948، تضاعف عدد اليهود خلال ثلاث سنوات فقط، من 650 ألف إلى أكثر من 1.4 مليون، بفعل الهجرة المكثّفة من أوروبا الشرقية، الاتحاد السوفيتي –سابقا-، الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا. اليوم، بعد 77 عاماً، تجاوز عدد اليهود في إسرائيل 7.2 مليون، في حين يعيش أكثر من 7 ملايين فلسطيني في الشتات، ممنوعين من العودة، وفق سياسات تمييز عنصري ممنهجة، تلك القرى التي طُردوا منها إما هُدمت، أو بُنيت فوقها مستوطنات، أو حُوّلت إلى غابات صهيونية تمحو آثار الوجود الفلسطيني. النكبة لم تُطوَ صفحتها، تتجدد كل يوم بوقائع حية. في غزة، رأى العالم نسخة محدثة من التطهير الجماعي، فمنذ السابع من أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 174 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، بلا مأوى، بلا دواء، بلا كهرباء، بلا أفق، وما يزيد على 11 ألف مفقود بالاستناد إلى موقع الجزيرة. في الضفة الغربية، الاستيطان يتمدد، مدعوما من حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، ومسنوداً من جيش لا يتردّد في تنفيذ الإعدامات الميدانية. في القدس، تُسلَب الهويات، وتُصادَر العقارات، وتُخنق الحياة اليومية بقرارات عنصرية، تُنفّذ بهدوء وبتواطؤ دولي فاضح. رغم كل هذا، لا تزال الهوية الفلسطينية صامدة. لم ينجح المشروع الصهيوني في قتل الذاكرة، فالفلسطيني الذي طُرد من أرضه لم يُستسلم للمحو، بل تحوّل إلى شاهد دائم حمل مفتاحه، وورّث الرواية لأحفاده، وحوّل النكبة من حدث إلى قضية لا تموت، فالكيان المحتل يدرك هذا الخطر جيدا، لذا يلاحق الرواية الفلسطينية، يحظر الكتب والمناهج الفلسطينية في الداخل المحتل، ويشيطن كل من يرفع صوته بالحقيقة. ولكن المسؤولية لا تقع فقط على الكيان المحتل، بل على من جلب المشروع الصهيوني إلى فلسطين..بريطانيا، التي هندست كل شيء منذ وعد بلفور، وكانت اليد التنفيذية لتهويد فلسطين تحت غطاء الانتداب؛ الولايات المتحدة، التي دعمت وتدعم الكيان سياسيا وعسكريا منذ اليوم الأول، ولا تزال تمنحه الغطاء الكامل في المحافل الدولية؛ ولا تنسى الذاكرة ما قاله الرئيس السابق للولايات المتحدة جون بايدن عند زيارته –التضامنية- للكيان المحتل بعد عملية طوفان الاقصى «إنه لو لم تكن هناك إسرائيل «لعملنا على إقامتها»، والاتحاد السوفيتي سابقًا، الذي أسهم في دعم هجرة اليهود لأسباب جيوسياسية رغم خطابه المعلن المناهض للاستعمار. خاتمة... بعد 77 عامًا، ما زال العالم يكتفي بـ”القلق” حين يُذبح الفلسطيني، ويدعي بوجود عناصر مقاومة حين تستهدف المدارس والمستشفيات، أما الفلسطيني، فرسالته واضحة وهدفه ثابت في زوال المحتل بالمقاومة لا بالحلول السياسية التي فُرغت من محتواها، فالنكبة الحقيقية تتجلى في صمت العالم الذي بات يشاهد التقتيل والتهجير والتجويع في بثّ حي ومباشر، دون أن يتحرك ضميره، وكأن هذا العالم وُلد أبكم، أصم وأعمى. لكن رغم كل شيء، حق العودة بالنسبة لنا كفلسطينيين ليس شعاراً لاستدرار العطف، بل هو جوهر العدالة.

534

| 21 مايو 2025

هولوكوست العصر في غزة!

في مشهد تراجيدي يلخّص حجم الجريمة، لفظت الرضيعة جنان السكافي أنفاسها الأخيرة بين ذراعي والدتها، التي تمتمت بانكسار: “ما قدرت أطعمي بنتي… ماتت وأنا بتفرّج عليها.” لم تمت جنان بسبب عارض صحي، بل ماتت — أو بالأحرى، استُشهدت — ثمنًا للعرق الذي تنتمي إليه. استُشهدت لتدفع ثمن وحشية الكيان المحتل الذي يستخدم سياسة التجويع والعقاب الجماعي على كل ما هو فلسطيني. فالغذاء بات جريمة، وحليب الأطفال أصبح ورقة ضغط يمارسها الاحتلال لكسر شوكة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. منذ السابع من أكتوبر 2023، تحوّل قطاع غزة إلى معسكر احتجاز جماعي، تحت حصار خانق يفرضه الكيان المحتل الذي يُدعى “إسرائيل”، حيث تُمنع المساعدات الإنسانية، ويُستخدم التجويع بشكل ممنهج كسلاح حرب، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وسط صمت عالمي مريب. مجاعة ممهورة باسم الكيان المحتل، وموت معلن تُشاهَد تفاصيله على الشاشات، ثم يُطوى كما تُطوى أي صورة مأساوية في نشرات الأخبار، دون تحرّك جاد أو محاسبة. ووفق وزارة الصحة في غزة، استُشهد 57 شخصًا على الأقل حتى الآن بسبب الجوع، معظمهم من الأطفال والرضّع. في الوقت ذاته، يعاني أكثر من 66 ألف طفل من سوء تغذية حاد، بحسب وكالة “الأونروا”. وتشير بيانات برنامج الغذاء العالمي إلى أن أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة — أي نصف السكان — على حافة مجاعة كارثية في ظل انعدام شبه كامل للأمن الغذائي. وفي هذا السياق، وصفت أولغا تشيرنيوك، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ما يجري بأنه “إغلاق وحشي”، قائلة: “السلطات الإسرائيلية لا تسمح بدخول المساعدات بشكل كافٍ، والوضع يزداد كارثية… هذا استخدام للجوع كسلاح، وهذه جريمة حرب.” وأضافت: “المجتمع الدولي فشل تمامًا في حماية المدنيين، وما يحدث في غزة يجب أن يحرّك ضمير العالم.” لكن العالم لم يتحرّك. كل ما قُدِّم كان مئات البيانات المكررة من شجب وإدانة واستنكار تثير الاشمئزاز. لا ضغط حقيقي على حكومة الكيان المحتل، فلا قرارات ملزِمة تُنفّذ، ولا عقوبات تُفرض على هذا الكيان الذي يعيث فسادًا بغطاء أمريكي وغربي، ليصنع هولوكوست العصر بوسائل حديثة، والمجتمع الدولي في حالة شلل إرادي، يُريد أن يبقى متفرجًا، ويكتب نفسه في خانة رمادية يلفّها عار لن يسقط بالتقادم. فبدلًا من كسر الحصار أو تأمين ممرات إنسانية دائمة، انشغل كثيرون بصبّ جام غضبهم على المقاومة، وتحميلها مسؤولية ما تكابده غزة منذ أكثر من 18 شهرًا، بل والضغط عليها لتسليم سلاحها الذي لم يكن ليكون لولا الاحتلال. وكأن حق الفلسطينيين في البقاء مشروط بطاعتهم وخضوعهم. يُطلب من الضحية أن تخلع درعها بينما السكين مسلّط على رقبتها! في مخيمات النزوح في رفح، حيث يعيش مئات الآلاف في خيام متهالكة، لا ماء صالح للشرب، لا طعام، لا كهرباء. الأهالي يطحنون علف الحيوانات لصنع خبز بالكاد يُؤكل، الأطفال يمصّون أصابعهم جوعًا، والأمهات يخفين دموع العجز تحت غطاء الصبر الإجباري. المشهد ليس مجرد أزمة إنسانية؛ بل هو جريمة موثقة، تنتهك المادة 14 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، التي تحظر تجويع المدنيين كسلاح حرب. والأدهى أن كل هذا يُمارَس أمام مرأى وسمع العالم، وكأن حياة الفلسطينيين رخيصة إلى درجة لا تستحق حتى جلسة طارئة فاعلة. المطلوب ليس بيانات جديدة، ولا صورًا مؤلمة إضافية؛ بل تحرّك فوري لفتح الممرات الإنسانية، وإنهاء الحصار، ومحاسبة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين، فما يحدث في غزة اليوم ليس كارثة طبيعية، بل جريمة متعمدة. هولوكوست جديد تصنعه إسرائيل بلا غرف غاز، ولكن بأدوات أشد بطئًا وفتكًا: التجويع، والتعطيش، وتدمير المنشآت الصحية، ومنع الدواء. ختاما... سأختم وقلبي يقطر دماً حيث يستحضرني هنا موقف بعض رجالات قريش في فك الحصار عن بني هاشم، ومنها ما قاله زهير بن أبي أمية: «يا أهل مكة أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى، لا يباعون ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة»، فإلى أي حد بلغ فينا الحال!، فإن لم يتحرك العالم الآن من مشارقه حتى مغاربه، فلن ينسى التاريخ… وسيسجّل أن هناك بقعة في هذا العالم ماتت جوعًا، وأخرى ماتت عارًا وهي تتفرج.

549

| 07 مايو 2025

فكيف تحكمون يا سيادة الرئيس؟!

إن ما أقدم عليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في افتتاح جلسة المجلس المركزي الفلسطيني في مدينة رام الله، الأربعاء الماضي، من شتم حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» ونعتهم بوصف نابٍ لتسليم الأسرى الإسرائيليين قائلاً «يا أبناء الكلب سلّموا من عندكم وانتهوا من هذا الأمر»، قد أخذ الأضواء عن مجريات الجلسة التي كرَّست لسياسة الكيل بمكيالين، حيث قال «الرئيس» موجّهًا حديثه لحماس «إنَّ قرابة 2165 عائلة غزية شُطبت من السجل المدني!» ثم تساءل ساخرًا: «فكيف تحكمون؟» ونحن بدورنا نعيد توجيه السؤال ذاته للرئيس محمود عباس: كيف تحكمون في الضفة الغربية، بينما أهلها يتعرضون للتهجير القسري على يد الاحتلال الإسرائيلي؟! ففي هذه اللحظات، يواصل الاحتلال عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم الـ99 على التوالي، وسط صمت السلطة وتخاذلها، فكيف أنتم تحكمون يا سيادة الرئيس؟ منذ بداية عام 2023، استهدف جيش الاحتلال أكثر من 1300 منزل فلسطيني في الضفة الغربية، منها ما لا يقل عن 270 منزلًا دُمّر بشكل كامل، بحسب تقارير ميدانية، في شهر مارس من العام نفسه، تصاعدت الاعتداءات على المواطنين، خاصة في شمال الضفة، وتعرضت قرى نابلس وجنين لعمليات تهجير ممنهج. وفي يوليو 2023، شهدت جنين واحدة من أعنف عمليات الاجتياح الإسرائيلي منذ سنوات، حيث دُمّرت أجزاء كبيرة من المخيم، واضطر آلاف السكان للفرار من منازلهم، والتقارير تشير إلى تدمير أكثر من 300 منزل، ونزوح ما لا يقل عن 5000 فلسطيني، بينما ذكرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أن عدد المهجرين في جنين وحدها خلال العام 2023 تجاوز 8000 شخص، نتيجة القصف والاعتقالات والمداهمات المتكررة من جيش الاحتلال. وسط هذا الجحيم، يهاجم الرئيس محمود عباس حركة «حماس» بدلاً من مساءلة سلطته عن هذا التخاذل المزمن، فبينما يُذبح الشعب الفلسطيني، لا تملك القيادة سوى العبارات المستهلكة، ولا تتجاوز مواقفها سقف الاستنكار اللفظي، بينما تغيب تمامًا عن الساحة في لحظات المصير، فأين هي «حماس» في الضفة الغربية التي تدّعون أنها سبب الحرب في غزة؟ وهل هذه الحركة التي تواجه الاحتلال في الميدان، هي المسؤولة عن استشراء الاستيطان، والتهجير القسري، وتواطؤ بعض عناصر أجهزة السلطة في اعتقال المقاومين بالضفة الغربية؟ فوفقًا لتقرير منظمة «بتسيلم»، فإن أكثر من 600 ألف مستوطن إسرائيلي يعيشون في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، موزعين على نحو 141 مستوطنة معترف بها من قبل الاحتلال، إضافة إلى مئات البؤر العشوائية، هذه المستوطنات تمثل رأس الحربة في مشروع التهجير وسرقة الأرض. من بين الأسئلة: أين هي أسلحة السلطة؟ ، ولماذا تتجه بنادقها نحو صدور المقاومين في الضفة، لا نحو العدو؟!، فلقد شاهدنا مراراً كيف شاركت أجهزة أمن السلطة في اعتقال مطاردين والتضييق على عائلاتهم، بينما تبقى بنادق الاحتلال حرة طليقة تفتك بأهلنا دون مقاومة، سؤال آخر ..هل السلطة الفلسطينية قادرة سياسيا على تقديم حل حقيقي لشعبها؟ طالما سلاحها عاجز عن مواجهة المحتل مواجهة مسلحة؟!، فهل هي على الأقل قادرة على رفع الصوت عاليًا في المحافل الدولية، وتوحيد الجهود لوقف التوسع الاستيطاني والتهجير القسري دون سلاح؟!. إن استمرار السلطة الفلسطينية في تقديم التنازلات السياسية، والتنسيق الأمني مع الاحتلال، يُشكّل خيانة لكل تضحيات أبناء شعبنا، كيف يمكن تفسير هذا الصمت أمام الجرائم اليومية، في وقت تتحدث فيه السلطة عن سيادة واستقلال؟ سيادة على مَن؟ وعلى ماذا؟ بناءً على كل ما سبق، لا بد من إعادة توجيه الأسئلة – وبجرأة – إلى القيادة الفلسطينية نفسها: أين كنتم عندما هُجّر الآلاف من جنين؟ ماذا فعلتم عندما تصاعد الاستيطان في بيتا وحوارة والخليل؟ كيف تبرّرون صمتكم عن المجازر اليومية في مدن الضفة، التي من المفترض أن تكون تحت سلطتكم؟ ختامًا.. إن السلطة الفلسطينية مطالبة اليوم – لا غدًا – بتغيير جوهري في نهجها. لم يعد مقبولًا أن تكون ذراعًا أمنية للاحتلال في الضفة، في وقت يسيل فيه دم الشعب وتُسحق كرامته، إن خط المقاومة، بجميع أشكاله، هو السبيل الوحيد المتبقي لاستعادة الكرامة الفلسطينية، ولن يحدث هذا إلا إذا تم تفكيك البنية القمعية التي تغلّف السلطة، وتُوجَّه البوصلة مجددًا نحو وحدة الصف والمواجهة الشاملة مع الاحتلال.

645

| 30 أبريل 2025

سلاح المقاومة ليس للمساومة

تخيّل، عزيزي القارئ، أن عدوًا يقتحم منزلك، بعد أن منع عنك الطعام والدواء، ليساومك بهما مقابل أن تتنازل عن بيتك وتسمح له باستباحة عرضك. ما الذي ستفكر فيه حينها؟ هل ستخاطبه بمنطق العقل؟ أم أنك، بفطرتك، ستدافع عن بيتك وكرامتك بكل ما أوتيت من قوة؟ ستواجهه ولو بيدٍ خالية، وستقاومه ولو أدى ذلك إلى موتك، لأن الدفاع في تلك اللحظة لا يكون خيارًا، بل واجب فطري، وفعل كرامة لا يقبل المساومة. أطلب منك الآن أن تُسقِط ما انتابك من مشاعر في هذا السيناريو الشخصي على واقع الإنسان الفلسطيني المقاوم، حين يُطلب منه أن يُسلِّم سلاحه، وهو يعلم أن المحتل يتربص اللحظة لاستكمال مخططه الصهيوني في احتلال فلسطين كلها، كما يعلم المقاوم أن نزع سلاحه ليس إلا تمهيداً لبطش أكبر، وإذلالا بلا سقف، فهو يراه إهانة مستترة خلف عباءة الحلول السياسية. ليس من السهل طرح مسألة نزع سلاح المقاومة دون أن يصطدم هذا الطرح بجدار الحقيقة الواضحة: أن السلاح في يد الشعوب الواقعة تحت الاحتلال ليس خياراً، بل ضرورة وجود، والمفارقة أن الحديث عن نزع السلاح يأتي دوماً من الطرف الأقوى، أو من وكلائه، وكأنهم يريدون أن تنكفئ الضحية عن الدفاع عن نفسها، ليصفو الجو للجلاد. في الحالة الفلسطينية، السلاح ليس عبثاً ولا ترفاً ولا تعطشا للدماء، بل هو رد فعل على الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من سبعة عقود، وما من مقاومة في التاريخ وُجدت من فراغ، بل كانت دوماً استجابة لعدوان، فالاحتلال هو الفعل، والمقاومة هي رد الفعل، ومن العبث أن يُطالب العالم الضحية بوقف رد الفعل بينما يُبقي على الفعل نفسه قائماً بلا مساءلة، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المنطق العميق حين قال جلَّ وعلا «وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً» (النساء: 102)، إنها الغفلة عن أدوات الدفاع التي يتربص لها العدو لينقضّ لحظة الضعف. والتاريخ مليء بالشواهد التي تؤكد أن نزع سلاح الشعوب لا يجلب السلام، بل يفتح الباب لمزيد من القهر، ماذا كان مصير البوسنيين قبل مجازر سريبرينيتسا؟ ألم تكن السكاكين تلاحقهم بعدما مُنعوا من حيازة السلاح؟ في رواندا، سلّم المدنيون أسلحتهم في إطار تهدئة دولية، ولم يمضِ وقت طويل حتى وقعت المذبحة التي راح ضحيتها أكثر من 800 ألف شخص، وفي كل هذه الحالات، لم يكن السلاح هو سبب العنف، بل غيابه. حتى في التاريخ الإسلامي، لم يكن السلام مرتبطًا بالضعف، بل بالندية، وعندما خيّر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أهل المدينة بين الحرب والسلم، لم يكن ذلك من موقع عجز، بل بعد أن نظّم صفوفه وأعدّ العدّة. يقول الله تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ» (الأنفال: 60)، وهي ليست دعوة للعدوان بل تحصين ضد العدوان، تماماً كما هو حال الشعب الفلسطيني اليوم، لا يطلب الفلسطينيون الحرب، لكنهم يدافعون عن حقهم في البقاء، والسلاح في أيديهم لا يعني رفضهم للسلام، بل رفضهم للاستسلام الذي يريده لهم العدو والقطعان من أتباعه. فسلاح المقاومة في غزة لم يكن يوما رمزيا أو مجرد شعار، بل أداة فعل مؤثرة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح والاقتصاد، ووفقاً للمعطيات المعلنة من الجيش الإسرائيلي في الثاني من يناير للعام الجاري، وصل عدد الجنود القتلى منذ بداية الحرب إلى 891 جندياً، كما تشير المعطيات ذاتها إلى إصابة 5.569 جندياً منذ بداية الحرب وحتى الثامن من فبراير للعام الجاري، وما زال 73 محتجزاً إسرائيلياً في قطاع غزة، بينهم 35 أعلن الجيش الإسرائيلي عن وفاتهم، وعلى المستوى الاقتصادي، فقد سجلت البورصة الإسرائيلية خسائر بمليارات الدولارات، وتوقفت عشرات المصانع والشركات، وهربت الاستثمارات، وأُعلن عن شلل في الموانئ، والمطارات، وخطوط الشحن، بل وتم تعليق الدراسة في أغلب المؤسسات التعليمية لأسابيع. هذه الضربات ليست دعاية، بل حقائق رقمية تؤكد أن السلاح المقاوم ليس عبئًا، بل ورقة ضغط حقيقية، ولهذا السبب تحديدًا يسعى الاحتلال وأعوانه لنزعه. ختاما... ثمة شعوب كثيرة في التاريخ خضعت باسم «التسويات»، وألقت سلاحها طمعًا في حياة آمنة، فما نالت إلا الذل، من لا يقرأ التاريخ يعيد أخطاءه، ولهذا، فإن الدعوة لنزع سلاح المقاومة في فلسطين قبل زوال الاحتلال هي دعوة للاستسلام لا للسلام، ولقبول دائم بالعدوان لا لوقفه، هي دعوة ظاهرها التهدئة، وباطنها نزع آخر أوراق القوة من يد شعب لا يملك غير الإرادة والسلاح.

975

| 23 أبريل 2025

اقتلاع شجر الزيتون خطة ممنهجة لطمس الهوية الفلسطينية

أصبح اقتلاع أشجار الزيتون إجراءً استعماريًا يسعى إلى تغيير المظهر الطبيعي والثقافي للأرض، ومحاولة طمس الهوية والتراث الفلسطيني. تُعد الزيتونة رمزًا عريقًا للثبات والأصالة بين الفلسطينيين، إذ تحمل في جذورها ذاكرة الأجيال وترمز إلى الصمود في مواجهة المحن. إلا أن سياسات الاستيطان لم تقتصر على حوادث منفردة، بل اتخذت شكلًا ممنهجًا على مدى عقود، مما أثر بشكل عميق على المشهد الزراعي والثقافي والاقتصادي. يمكن القول إن الانتهاكات المتعلقة باقتلاع أشجار الزيتون بدأت بعد احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967، حيث وقعت بعض الحالات الفردية والموثقة لاختفاء أشجار الزيتون نتيجة لإجراءات عسكرية وإدارية. ومع ذلك، فإن تلك الحوادث لم تكن تعكس بعد سياسة ممنهجة تستهدف التراث الزراعي الفلسطيني. وبحلول التسعينات، ومع تصاعد نشاط الاستيطان بعد اتفاق أوسلو، بدأت تظهر سياسات ممنهجة تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الطبيعي للأراضي الفلسطينية. وفقًا للدكتور عصام سخنيني في دراسته المنشورة عام 1998، فإن “استراتيجية اقتلاع أشجار الزيتون لم تكن عشوائية، بل جاءت ضمن خطة ممنهجة لطمس الهوية الفلسطينية وتحويل المشهد الطبيعي لصالح مشاريع استيطانية” هكذا، بينما بدأت الانتهاكات الأولية بعد 1967، فقد تطورت لاحقًا لتصبح جزءًا من استراتيجية سياسية شاملة. يمتد أثر اقتلاع أشجار الزيتون إلى ما هو أبعد من الجانب الاقتصادي؛ فهو يحمل دلالات ثقافية ورمزية عميقة. فقد أكد الباحث المفكر الدكتور عبدالوهاب المسيري في مقالة له نُشرت عام 2005 أن «إزالة الزيتون من الأراضي الفلسطينية تُعد رسالة رمزية تهدف إلى إعادة كتابة التاريخ، وإلى محو الذاكرة الجمعية التي تربط الفلسطينيين بأرضهم»، وفي مقابلة له عام 2007، قال الدكتور المسيري إن “المستوطنات ليست مجرد تجمعات سكانية، بل هي مشاريع استراتيجية تسعى إلى تغيير مفاهيم الانتماء والهوية، مما يجعل من كل شجرة زيتون تُزال خطوة نحو محو التاريخ الفلسطيني”. ونحن نقول إن نقل شجرة الزيتون من الأراضي الفلسطينية إلى المستوطنات لا يقتصر على تغيير المشهد الطبيعي فحسب، بل يمثل أيضًا محاولة لإعادة تعريف الأرض وفقًا لرؤية سياسية جديدة تهدف إلى تغيير الذاكرة الجماعية، وتقويض الروابط التاريخية بين الشعب الفلسطيني وأرضه. كما تُعد أشجار الزيتون مصدر رزق رئيسيا للعديد من العائلات في القرى الفلسطينية، وتُشكل جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الزراعي المحلي، إن فقدان هذه الأشجار يعني أكثر من مجرد خسارة للنبات؛ فهو يمثل فقدان جزء من التراث الزراعي والثقافي الذي يربط الفلسطينيين بأرضهم، وقد أشارت تقارير من منظمات حقوق الإنسان إلى أن السياسات الاستيطانية أدت إلى انخفاض ملحوظ في إنتاج الزيتون، مما زاد من الاعتماد على المعونات الخارجية في بعض المناطق. وعلى الرغم من الضغوط والإجراءات الممنهجة التي تهدف إلى تغيير المشهد الطبيعي، يستمر الشعب الفلسطيني في التمسك بتراثه وهويته. تبقى شجرة الزيتون رمزًا للنضال والصمود، حيث يستمر المزارعون في زراعتها والعناية بها وسط التحديات. وتعتبر هذه المقاومة ليس فقط معركة اقتصادية، بل معركة ثقافية وإرثًا حيًا يعكس كفاح الفلسطينيين من أجل الحفاظ على هويتهم وذاكرتهم التاريخية. يبقى اقتلاع أشجار الزيتون من الأراضي الفلسطينية إجراءً استعماريًا يحمل في طياته معاني سياسية وثقافية عميقة، إذ بدأت الانتهاكات الفردية بعد عام 1967، ثم تطورت في التسعينات إلى سياسة ممنهجة تهدف إلى طمس الهوية الوطنية وإعادة تشكيل الذاكرة الجماعية، كما أن الهدف من هذه السياسات يتجاوز مجرد تغيير المشهد الطبيعي، بل يمتد إلى تغيير طبيعة الانتماء والهوية الفلسطينية. ومع ذلك، يظل الشعب الفلسطيني متشبثًا بتراثه، وتستمر الزيتونة في الظهور كشاهد حي على الصمود والنضال. ختاما … تختلف التقديرات حول عدد أشجار الزيتون التي اقتلعها المستوطنون حسب المصدر والمنطقة الزمنية، ولا يوجد رقم موحد معتمد على نطاق واسع، فقد أشارت بعض التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان والباحثين إلى أن عدد أشجار الزيتون التي اقتلعها المستوطنون منذ بدء الاستيطان قد يصل إلى ما يقارب 100,000 شجرة أو أكثر، وذلك منذ عام 1967. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن هذه الأرقام تقريبية وتعتمد على منهجيات جمع البيانات والظروف الخاصة بكل منطقة. لذلك، تبقى هذه التقديرات مؤشرة لتأثير السياسات الاستيطانية على التراث الزراعي والهوية الفلسطينية، دون وجود رقم نهائي موثق من كافة الجهات المعنية.

444

| 16 أبريل 2025

فلسطين تسقط في فوهة الزمن

بينما يحتفل العالم بيوم الصحة العالمي تحت شعار «صحة الأمهات والمواليد»، في دعوة لتعزيز الرعاية الصحية للنساء والأطفال، وضمان بدايات سليمة لحياة واعدة، تقف أمهات فلسطين على هامش هذا المشهد الإنساني، تنزف خارج الأطر والتقارير والاهتمام، وكأنها سقطت في فوهة الزمن، لا تُذكر إلا حين تُذكر المآسي، فأي ازدواجية هذه التي يحتفي فيها العالم برفاه النساء والأطفال، بينما تُباد أمهات فلسطين بصمت، وتُدفن أحلام مواليدها تحت الركام هذا إن كُتب لهم الحياة؟! وبينما يركز شعار هذا اليوم العالمي على تعزيز «الولادة الآمنة»، فإن النساء في غزة يُجهضن من الخوف، أو ينزفن دون تدخل، أو يفقدن أرحامهن تحت القصف وهنّ محاصرات في مخيمات النزوح، أو في المدارس المكتظة، أو في خيامهن التي لا تستر شيئا، علاوة على نفاد المستلزمات الطبية الضرورية لتحقيق ولادات آمنة لهن، في ظل ما يزيد الطين بلة من شح المستلزمات النسائية التي تحقق لهن أبسط مستويات الرعاية والوقاية من الأمراض خلال فترة الحيض والنفاس، وكله ينطلق من عمل ممنهج من قبل جيش الكيان المحتل، الذي وضع ضمن أهدافه في هذه الحرب المسعورة على قطاع غزة تحديدا القضاء على نسل الإنسان الفلسطيني بشتى الطرق التي تحقق له هذا الهدف المريض الذي يوازي وحشيته وهمجيته. في غزة وحدها، يوجد أكثر من 50,000 امرأة حامل، من المتوقع أن تلد 5500 منهن الشهر المقبل، في حين تحتاج حوالي 1400 منهن إلى عمليات قيصرية في ظل نظام صحي يستغيث، ومرافق مدمرة، وظروف معيشية لا يقوى عليها بشر!، ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن نحو 15% من هؤلاء النساء بحاجة إلى رعاية متقدمة أثناء الولادة، وهي رعاية غير متوفرة في معظم المستشفيات المتوقفة عن العمل بسبب الجنون وجملة الجرائم التي يرتكبها جيش الكيان المحتل دون حسيب أو رقيب، أما وحدات العناية المركزة الخاصة بالمواليد، فقد تحولت إلى نقاط عجز لا يجد فيها الرضيع حتى حاضنة، أو قناع أكسجين، أو عبوة حليب، فهل يُعقل أن يحتفل العالم بـ «بداية صحية لمستقبل واعد» شعار الاحتفال بيوم الصحة العالمي وهناك نساء لا يجدن مأوى للولاد، ورُضع يولدون بلا رعاية، وبلا أدنى حق من حقوق الحياة التي ظلمتهم قبل أن يأتوا إلى هذا العالم مزدوج المعايير؟، أفلا يندى جبين العالم «الحر» خجلاً من هذه الشعارات؟. ولأطفال غزة نصيب من جملة هذا القهر، فهم الأكثر عرضة للفقد، فقبل اندلاع العدوان الأخير، لم تكن نسبة سوء التغذية في غزة تتجاوز 1% أما اليوم، فقد ارتفعت إلى 15.6% بين الأطفال دون عمر السنتين، خصوصا في شمال القطاع، بحسب تقارير حديثة صادرة عن منظمات الصحة الأممية، فهؤلاء الأطفال لا يجدون حليبا صناعيا، ولا رعاية طبية، ولا حتى فرصة لبداية آمنة للحياة التي اغتالتهم صغاراً. إن ما يحدث في فلسطين ليس مجرد تقصير، بل هو ازدواجية فجة في معايير الإنسانية، يُحتفى بالأم في جانب من هذا الكوكب، وتُدفن أخرى مع جنينها في الجانب الآخر، تُصرف الموازنات، وتُكتب الاستراتيجيات، وتُمنح الجوائز لمبادرات الصحة والولادة، بينما تُغلق أعين المؤسسات الدولية عن أمهات لا تمهلهن الحرب لرؤية فلذات أكبادهن إما لموتهن أو لموت أطفالهن، وفي يوم كهذا، لا نملك إلا أن نكتب لأجل نساء يُقاسم خبزهن غبار النزوح، وأطفال يولدون تحت هدير الطائرات، نكتب لأن الصمت جريمة، ولأن الأرقام ليست أرقاما، بل وجوها وأسماء، كانوا يستحقون بداية جديدة لو لم تكن فلسطين خارجة عن جغرافيا الرحمة. فإن كانت الصحة حقا إنسانيا أصيلا، كما تقول منظمة الصحة العالمية، فأين هذا الحق من نساء فلسطين؟ وإن كانت الطفولة جديرة بالحماية والرعاية، فأين هو المجتمع الدولي من آلاف الأطفال الذين قُتلوا، أو تُركوا دون غذاء أو دواء أو حتى حضن أمّ؟ يوم الصحة العالمي ليس مناسبة للاحتفال، بل دعوة لمراجعة الضمير الإنساني، والضمير الذي لا يصرخ من أجل فلسطين، هو ضمير بحاجة لإسعاف عاجل. ختاما.. فلنتساءل إذًا: هل فلسطين لم تعد على خريطتكم الإنسانية؟ هل سقطت بالفعل في فوهة الزمن؟ أم أن العالم قرر أن يذكرها فقط حين يُراد تقديم نموذج للألم والقهر والفقد؟ ففي يوم الصحة العالمي، لا نطالب بأكثر من الحق ذاته الذي يمنح للآخرين، كالحق في الحياة، حق الأمومة الآمنة وحق الطفولة المحمية، فمن دون فلسطين، لن تكتمل إنسانيتكم، فشعاراتكم كورقة التوت الأخيرة التي سقطت فكشفت عوراتكم.

747

| 09 أبريل 2025

في فلسطين.. العيد مع وقف التنفيذ

في وطني، العيد ليس موعداً للفرح، بل محطة أخرى للحزن المؤجل، موسم إضافي للفقد، وجرحٌ يتجدد كل عام، هنا لا تُعلق الزينة، بل تُعلق أسماء الشهداء على الجدران، ولا توزع العيديات، بل تُوزع بيانات النعي، ولا تنطلق ضحكات الأطفال في الأزقة، بل تعلو صرخاتهم المبحوحة على فقد آخر. في غزة، لا حديث عن العيد، بل عن الناجين، عمن استطاع أن يخرج من تحت الركام، عمن بقي من العائلة بعد مجزرة ليلية، عن طفل كان بالأمس يلعب، واليوم صار صورة على جدار، غزة لا تلبس الجديد، بل تخلع المزيد من أبنائها، تقدمهم قرابين للصمت الدولي والتخاذل العربي في شوارعها التي تفوح منها رائحة الدم والبارود، لا تُشترى الحلوى، بل تشترى الأكفان، ولا يتبادل ناسها التهاني، بل يتبادلون التعازي، وكأن غزة محكومة بأن تكتب تاريخها بالدم، وأن تعيش العيد دوما في مقبرة جماعية. وليس حال الضفة الغربية بأحسن حال، فالاحتلال البائس لم يمنح الفلسطينيين فرصة ليشعروا بأن العيد مختلف عن أي يوم آخر من القمع والتنكيل هناك، فالعيد له لون آخر، لكنه ليس لون الفرح، هو لون الدم على الحجارة، لون الحداد في ملابس المعزين، وآثار القيود التي تكبل معاصم الأسرى، والحواجز التي تحول دون وصول الفلسطيني إلى رحاب وطنه الفسيح، ففي كل صلاة عيد، تُرفع أكف الفلسطينيين بالدعاء لا لنيل الأمنيات، بل للنجاة من رصاصة قناص، أو مداهمات جنود الاحتلال التي اعتاد عليها أبناء الضفة الغربية، فالعيد هناك يأتي مكبلاً بالقيود، محاصرا بجدران الفصل العنصري، وكأن الفرح جريمة يعاقب عليها الفلسطيني بالسجن أو بالنفي أو بالرصاص. أما من يسأل عن فلسطينيي الشتات، فالعيد بالنسبة لهم اختبار جديد للغربة والخذلان، فهم محاسبون على الفرح، فإن فرحوا أُتُهِموا بعدم الإحساس بمعاناة أهلهم في فلسطين، وإن حزنوا، قيل إنهم يبالغون في الحداد !؟ فكأنهم يقفون على حبل يربط بين جبلين شاهقين فهنا موت وهناك موت، لا يعلمون من أي عالم هم !؛ عالم لهم فيه جذورٌ لكنها تُقتلع، وعالم يعيشون فيه لكنه لا يعترف بهم، مع كل عيد بعيد عن أرض الوطن الذي هُجروا منه قسراً تبدأ الذاكرة تبحث عن بقاياه في ذكريات الطفولة، وفي أصوات التكبيرات التي كانت تعبر أزقة المخيمات، في رائحة القهوة المرة التي كانت تجمع الجدات حول موائد لم يبق منها سوى الحنين، فالجدات استشهدن والمخيمات باتت أثراً بعد عين.! العالم الإسلامي يحتفل، بشوارع مزينة بزينة العيد، يتبادل فيه التهاني، لكن في فلسطين، العيد حلم مؤجل، فرحٌ مسروق، فرحةٌ مقيدة بسلاسل الاحتلال والقهر والمنفى، فلقد كُتب على الفلسطيني أن يعيش العيد مع وقف التنفيذ حتى يعود الحق لأصحابه، حتى يتوقف النزيف، حتى يكون له وطن لا يُقصف، وسماء لا تمطر صواريخ، وأرض لا تبتلع أبناءها. في فلسطين، العيد لن يكون عيداً حتى يُكسر قيد الاحتلال، وحتى يعود اللاجئ إلى وطنه، وحتى يكون الطفل الفلسطيني قادرا على انتظار العيدية بدل أن يكون هو العيدية وهو يزف شهيداً إلى السماء، ففي فلسطين العيد لايزال مع وقف التنفيذ. ختاماً.. خلال كتابتي هذه السطور أصدر برنامج الغذاء العالمي بيانا أبلغ من خلاله الجهات المعنية في قطاع غزة رسميا بنفاد مخزون الدقيق من مستودعاته، مما يعني أنَّ آلاف العائلات لن تجد رغيف الخبز على موائدها، والكارثة ستتفاقم إذا لم يتم فتح المعابر بشكل فوري وإدخال المواد الأساسية، مما يؤكد سياسة الكيان المحتل في استخدام التجويع سلاحا في هذه الحرب وكل شرايين الحياة، فهذه الأزمة ليست فقط أزمة مخابز، بل هي أزمة حياة لمئات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يعتمدون على الخبز كغذاء رئيسي لهم، والسؤال أين هو دور مؤسسات المجتمع المدني؟، ومؤسسات حقوق الإنسان؟، أليس آن الوقت للتحرك والضغط على الكيان المحتل وعلى حكومة نتنياهو الفاجرة من أجل إعادة فتح المعابر والسماح بإدخال المواد الغذائية والوقود لمنع تفاقم هذه الكارثة الإنسانية ؟!

540

| 02 أبريل 2025

ليتني كنت الوشق!

بلى، كما قرأتَ، عزيزي القارئ، باتت إحدى أمنياتنا أن نكون ذلك “الوشق”. فقد تابعنا جميعًا الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام عن هجوم مباغت نفّذه وشق مصري على مجموعة من جنود الكيان المحتل في منطقة جبل حريف على الحدود المصرية، ما أسفر عن إصابتهم بجروح متفاوتة. واقعة قد تبدو غريبة، لكنها تعيد إلى الذاكرة مشهداً أكثر وحشية: ذلك الكلب المفترس الذي أطلقه جنود الاحتلال، المتفاخرون بأخلاقهم المزعومة، على مسنّة فلسطينية خلال عدوانهم الهمجي على غزة. وكأن عدالة السماء أبت إلا أن تضع المعتدي في موضع الضحية، ليذوق شيئًا مما أنزله على غيره. فهل هي مجرد مصادفة؟ أم أنها رسالة كونية بأن الظلم، وإن ظنّ أصحابه أنه بلا رادع، ستنتفض الطبيعة نفسها ضده؟ * وكأن الله أراد أن يفضح عجزنا، فسلّط علينا هذا الوشق ليقوم بما تقاعسنا عنه، لينتزع من المحتل ثمن جرائمه، بينما نحن جالسون نحسب عدد الشهداء كما لو كانوا مجرد أرقام في نشرة أخبار. هذا الوشق، الذي لا يدرك معنى الحقوق ولا يعرف شيئًا عن العدالة، استشعر الظلم الواقع على الفلسطينيين أكثر مما استشعرناه نحن! نهض ليواجه القتلة، فيما نحن نكتفي بمراقبة المجازر كأنها مشاهد من فيلم دموي معتاد، وبعضنا لا يجرؤ حتى على التعبير عن رأيه، رغم أن ذلك أضعف الإيمان! لكن، أمام هذا المشهد، لا يسعنا إلا أن نتساءل بحسرة: أإلى هذا الحد بلغ بنا الضعف والهوان، حتى باتت الأقدار تستبدلنا بحيوان بريّ لينتزع لنا بعضاً من حقوقنا المسلوبة؟ كيف نقف مبهورين ببطولة حيوان، بينما نحن أصحاب القضية نقف عاجزين مكتوفي الأيدي، لا نحرك ساكنًا؟! وكأننا نحيا على كوكب آخر، لا نملك سوى التصفيق لهذا الحيوان صاحب الكرامة، ومتابعة المجازر بحق أهلنا في شهر الرحمة وطلب المغفرة، وكأننا مجرد متفرجين في مسرحية عبثية! فكيف سيغفر لنا الله؟ وكيف نرجو العتق من النار، ونحن عاجزون عن نصرة المظلوم؟! * إنها لحظة مواجهة مع الذات، فما جدوى حياة تُعاش في ظل الخنوع؟ وما قيمة البنيان المرصوص إن لم تهتز أركانه لنصرة المظلوم؟ أما آن الأوان لأن نستلهم من هذه الحادثة درساً لا يُنسى؟ فالأرض لا يحررها المتخاذلون، والحقوق لا تُستعاد بالانتظار، والتاريخ لا يرحم، الأوطان لا تُستعاد بالأماني، بل بالصمود وبمواصلة دعم إخوتنا، ولو بالكلمة، وهذا أضعف الإيمان، تثبيت المقاومين الصامدين على الثغور ونصرتهم هو واجب لا يقبل التأجيل، فهم خط الدفاع عن شرف أمة بأكملها، وهم الذين يؤمنون بأن العيش بكرامة هو الخيار الوحيد الذي يستحق المقاومة لأجله. أليس هذا هو العار بعينه؟ أن نحتفي بفعل حيوان، بينما تخرس ألسنتنا عن قول الحق، وتُشلّ أيدينا عن الفعل؟ أن يصبح الوشق أشجع منا، أكثر وفاءً لقضيتنا من ملايين البشر؟ في أي دركٍ سحيق سقطنا حتى صار الحيوان رمزًا للكرامة، وصار الإنسان مثالًا للخذلان؟ * نحن الذين كنا سادة الأرض، أصبح أقصى ما نملكه هو الدعاء والمناشدات، ننتظر من الطبيعة أن تثأر لنا، وكأن الله قد استبدلنا بحجارةٍ تلقيها الطير، أو بحيوانات تأبى الذلّ، بينما نحن نتعايش معه! الوشق فعلها وحده، ونحن خذلنا فلسطين، وخنَّا دماء الشهداء، وتركنا أطفال غزة يحترقون تحت القصف، ونحن نتساءل: عن كفارة الإفطار في نهار رمضان عمداً؟!، لا عن كفارة الخذلان مع سبق الإصرار والترصد!. لا، ليس انتقام «الوشق» هو المعجزة، بل معجزتنا ستكون يوم نقرر أن نخوض المعركة بأنفسنا، يوم نتحرر من خوفنا كما تحرر هذا الوحش من غريزته، فاستبدل بها كرامةً لم يعد يعرفها إلا القليلون. ختاماً.. * إن حادثة الوشق ليست مجرد واقعة عابرة، بل هي صفعة على وجوهنا جميعًا، تفضح عجزنا وتضعنا أمام حقيقة مُرّة: أن حتى الطبيعة باتت أكثر جرأة منا في مواجهة الظلم. هي رسالة لا تحتمل التأويل، بأن فلسطين لا تنقصها وحوش تدافع عنها، بل تنقصها قلوب مؤمنة، وعزائم لا تهادن المحتل ولا تستكين. فإلى متى سنبقى على هامش المعركة ننتظر من الأقدار أن تردّ لنا حقوقنا المسلوبة؟ إلى متى سنترك أطفال غزة وحدهم في مواجهة القذائف، ونكتفي بعدّ الشهداء ورصد المجازر والانتحاب عليهم؟! متى سننهض من هذا السبات الذي طال؟!، فالتاريخ لن يرحمنا.

984

| 26 مارس 2025

الكيان المحتل وفنون ممارسة الـ «صهيونازية»

في عالم السياسة، يُفترض أن الاتفاقيات تضمن الحد الأدنى من الالتزام والاحترام بين الأطراف المتنازعة، لكن في فلسطين، لا قيمة لأي اتفاق إذا لم يكن في صالح الاحتلال. هذه ليست المرة الأولى التي يخرق فيها الكيان المحتل وقف إطلاق النار، لكنه ربما الأكثر صراحة ووقاحة، وكأنه يقول للعالم «نحن فوق القانون.» فبالأمس القريب وبعد شق الأنفس توصلت أطراف كبرى لاتفاق ظن البعض أنه قد يمنح المدنيين في غزة فرصة لالتقاط الأنفاس. لكن إسرائيل، كعادتها، لم تحتج إلى وقت طويل قبل أن تضرب بالاتفاق عُرض الحائط دون حتى أن تكلّف نفسها عناء إخطار الوسطاء أو احترام التزاماتها، وكأنها تقول للعالم بأسره، وللوسطاء الذين سعوا إلى تثبيت الهدنة «لا صوت يعلو فوق صوتنا، ولا ضمانات إلا ما نراه نحن مناسباً.» كم من مرة جلست الوفود في العواصم المختلفة، تبحث عن حلول، وتقترح مبادرات، وتتحدث عن ضرورة التهدئة؟ وكم من مرة قدمت إسرائيل تعهداتها، ثم حطمتها في اللحظة التي تناسبها؟ هل ما زال هناك من يصدق أنَّ الكيان المحتل يحترم أي اتفاق؟ أم أن الأمر لا يتعدى كونه غطاءً زائفا يوفر الوقت والشرعية لمزيد من الجرائم؟ فالرسالة التي أرسلتها إسرائيل اليوم واضحة تماما وهي أنها لا تعترف بأي صوت سوى صوتها، ولا تخشى عواقب جرائمها، لأن هناك من سينحاز لها وسيخلق لها المسوغات مهما أراقت من دماء. لم يكن قصف الكيان المحتل مجرد رد فعل أو عملية محدودة، بل كان إعلاناً مدوياً اخترق الأفئدة قبل أن يصم الآذان بأن الاحتلال لا يعترف بهدنة أو تهدئة!، بل كانت له بمثابة استراحة محارب قبل أن يعود ليمارس «صهيونازيته» في قتل الأبرياء، فمنذ اللحظة الأولى، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية ما تبقى من المنازل المهدمة والطرقات الوعرة التي رضي بها سكانها رغم دمارها، والمستشفيات التي تئن بسبب الأعداد الهائلة من الشهداء والجرحى المحكوم عليهم بالإعدام، فحتى كتابة هذه الأسطر كان قد بلغ عدد الشهداء 356 شهيدا فضلا عن مئات الجرحى الذين تقف أمامهم المستشفيات عاجزة عن استيعابهم فضلا عن شح الأدوات الجراحية والأدوية الأساسية، حيث أكدَّ الدكتور محمد أبو سلمية مدير مستشفى الشفاء في تصريحات أنَّ أبسط مقومات المنظومة الصحية غائبة في هذا الظرف الحساس، كما أنه لا يمكن لأي منظومة صحية متماسكة التعامل مع هذه الأعداد من المصابين سيما وأنَّ في كل دقيقة يستشهد أحد الجرحى بسبب نقص الإمكانيات. فقطاع غزة لا يواجه القصف المجنون والمدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل يواجه كارثة إنسانية متكاملة الأركان، حيث أعلنت سلطة الاحتلال منذ خرق اتفاق وقف إطلاق النار إغلاق معبر رفح بوجه المرضى لمنعهم من العلاج وإمعانا بجريمة الإبادة الجماعية وكأن الموت هو الخيار الوحيد لسكان قطاع غزة، فضلا عن ندرة الدواء والأدوات والمعدات الطبية الأساسية بسبب تعنت المحتل الذي منع إدخال قوافل الإغاثة خلال الهدنة والمحملة بالغذاء أيضا لترتكب جريمة إلى سلسلة جرائمه في استخدام التجويع كسلاح ظنا منه بأنه بذلك سيكسر شوكة سكان القطاع، وسيخضع المقاومين لمطالبه أو سيثنيهم عن أهدافهم في مقاومة الكيان المحتل. فهذا الخرق لاتفاق وقف إطلاق النار لم يأتِ فجأة، بل بترتيب مسبق، وتنسيق مع الحليف الأمريكي، فالتقارير أكدت أن البيت الأبيض كان على علم بالهجوم قبل وقوعه ولم تحاول حتى خداع العالم بالحديث عن «القلق العميق»، بل باركته علنا بوجه مكشوف دون خجل من الوسطاء، وأعتقد أنَّ هذا ليس مستغربا، فمنذ متى كانت الإدارة الأمريكية طرفا محايدا في هذه الحرب غير المتكافئة الأركان؟ إن دعم أمريكا للكيان المحتل لم يكن يوماً مشروطاَ، ولم يكن مبنياً على اعتبارات أخلاقية أو إنسانية، بل هو تفويض مفتوح بالقتل، يتجدد مع كل إدارة جديدة، فيما تتكدس جثث الأطفال في شوارع غزة كأنها لا تعني شيئا، فبإعلانها إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار بشكل منفرد، ومن دون حتى إبلاغ الوسطاء، أثبتت إسرائيل مرة أخرى أنها لا ترى في الفلسطينيين شركاء في أي معادلة، بل مجرد أهداف عسكرية تنتظر دورها في القتل. ختاما قد يملك الكيان المحتل القوة والدعم الأمريكي غير المشروط، لكنه لا ولن يملك الحق، ولن يستطيع أن يمحو ذاكرة الشعوب التي ترى هذه الجرائم وتدرك تماماً أن من يقتل الأطفال لا يمكن أن يكون إلا مجرماً، ومن يسانده شريكاً في الجريمة، وغزة لن تُباد، ولن ترفع الراية البيضاء، لأنها لم تفعل ذلك من قبل، ولن تفعل الآن، حتى وإن تخلى الجميع وولوا الدبر.

627

| 19 مارس 2025

إحراق مسجد "النصر" جرس إنذار

لم يكن إحراق مسجد النصر التاريخي في نابلس يوم الجمعة الماضي سوى حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة ضد المقدسات الإسلامية في فلسطين، فهذه الاعتداءات الممنهجة، التي تستهدف المساجد بشكل خاص، تمثل جزءاً من سياسة الاحتلال الرامية إلى طمس الهوية الإسلامية للمدن الفلسطينية وتهديد استقرار سكانها، ولكنه ظل صامداً، شامخاً في وجه محاولات الاحتلال المتكررة لطمسه، وآخرها الحريق الذي نشب داخل أروقته جراء اقتحام قوات الاحتلال. * مسجد النصر يعد من أقدم المعالم الدينية في نابلس حيث يعود تاريخه إلى الفتح الإسلامي وعهد الخليفة عمر بن الخطاب، شهد العديد من التحولات على مر العصور، حيث خلال الحروب الصليبية تحول المسجد إلى كنيسة واستعاد مكانته الدينية بعد تحرير القدس على يد القائد صلاح الدين الأيوبي في القرن الـثاني عشر، وفي عام 1335 هجريا أعيد بناء المسجد ليظل شاهداً على تاريخ طويل من الصمود والمقاومة. تجسد الاعتداءات الإسرائيلية على المساجد الفلسطينية تاريخًا طويلًا من الانتهاكات التي لا تزال تطال دور العبادة الإسلامية في الأراضي المحتلة، هذه الاعتداءات تشمل تدمير المساجد، اقتحامها، ومنع الأذان، وهي خطوات استفزازية لمشاعر المسلمين لاسيما في شهر رمضان وإضعاف الهوية الثقافية الدينية للشعب الفلسطيني، كما أنها محاولة صارخة من الاحتلال للتمادي على القوانين والمعاهدات الدولية التي تحمي دور العبادة وتصنفها باعتبارها أماكن محمية لايجوز استهدافها أو المساس بها، حيث تنص المادة 53 باتفاقية جنيف الرابعة 1949 على حظر وتدمير الممتلكات الخاصة أو العامة بما فيها ذلك دور العبادة إلا إذا كانت مقرا للعمليات العسكرية، وهذا ما لا ينطبق على الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف المساجد عمداً خارج نطاق أي أعمال حربية، إلى جانب البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف 1977 يؤكد في المادة 52 أن الهجمات على الأعيان المدنية ومنها أماكن العبادة يعد محظورا تماما كما أن أي اعتداء يعد جريمة حرب، والعديد من الاتفاقيات، الأمر الذي يؤكد أن إسرائيل رغم كونها كيانا محتلا إلا أنها قادر على الإفلات من العقاب. * خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الفترة بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، دُمِّر 815 مسجدًا بشكل كامل، بينما تعرض 151 مسجدًا آخر لأضرار جزئية. وفي الوقت نفسه، تدمَّر ثلاث كنائس في مدينة غزة، في مؤشر على استهداف كل ما هو ديني وثقافي، و في عام 2023، تصاعدت الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، حيث تجاوز عددها 258 اقتحامًا، بمشاركة عشرات الآلاف من المستوطنين، الذين أدوا طقوسًا تلمودية علنية مثل "السجود الملحمي" والنفخ في البوق، تحت حماية قوات الاحتلال، وفي الضفة الغربية، تعرضت العديد من المساجد لاعتداءات متواصلة من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين، حيث سجلت وزارة الأوقاف الفلسطينية 113 انتهاكًا بحق المساجد في نوفمبر من العام نفسه، شملت اقتحامات وتدنيسًا، بالإضافة إلى منع الأذان في المسجد الإبراهيمي لما يزيد عن 59 مرة منذ عام 2009. وتعرض 60 مسجدا وكنيسة وديرا في إسرائيل والضفة الغربية للتدنيس والحرق، كان أبرزها في عام 2020 عندما أقدم مستوطنون على إحراق مسجد "بدرية" في قرية بيت صفافا، وكتبوا عبارات عنصرية تدعو لقتل العرب، كما تم إحراق مسجد في بلدة شعفاط شرق القدس بعد يوم واحد فقط. * تعد هذه الاعتداءات المتكررة على المساجد الفلسطينية جزءًا من سياسة شاملة تهدف إلى محو الهوية الدينية والثقافية للفلسطينيين، مما يتطلب تحركا دوليا عاجلا لحماية دور العبادة وضمان حرية العبادة في الأراضي المحتلة. وعلى الرغم من هذه الانتهاكات الجسيمة، يظل الموقف الرسمي للعالم الإسلامي باهتًا، مقتصرًا على بيانات الإدانة والاستنكار دون أي تحرك عملي لوقف هذه الانتهاكات، في المقابل، يواصل الاحتلال استفزاز مشاعر المسلمين في أنحاء العالم، مع تصعيد اعتداءاته على المساجد، بينما يغيب التحرك الفاعل من الدول الإسلامية على الصعيدين السياسي والقانوني، إلا أنَّ السؤال المشروع هُنا ماذا لو قام مسلم بارتكاب هذه الجريمة؟، أو أجنبي من أصول عربية؟ فكانت ستقوم الدنيا ولا تقعد، إلا أن الكيل بمكيالين سياسة بات يتبعها الغرب مع كل ما هو عربي لأسباب نتحمل نحن الجزء الأكبر منها. * ختاماً إن إحراق مسجد النصر التاريخي في نابلس يجب ألا يتعامل معه بأنه حادث عابر، بل هو بمثابة جرس إنذار يجب أن يُحفِّز المجتمع الدولي والشعوب الإسلامية على حماية المقدسات في فلسطين قبل فوات الأوان، فالتاريخ يعلمنا أن الصمت على جريمة واحدة يؤدي إلى فتح الباب لجرائم أكبر، فالمسؤولية الآن تقع على عاتق كل من يستطيع التحرك لمنع هذه الاعتداءات المتزايدة، والتي لم تعد تستهدف فلسطين فقط، بل تمس عقيدة وهوية أكثر من مليار ونصف مليار مسلم حول العالم وفي شهر له قداسته لدى المسلمين.

666

| 12 مارس 2025

حين تضل السهام طريقها !

إلى فضيلة الشيخ الجليل د. عثمان الخميس، العالم الفاضل الذي أسبغ علينا من علمه، ووهب حياته للدعوة والبيان، أكتب هذه الكلمات وأنا أدرك تمامًا صعوبة أن أوجه رسالة لمن هو أرسخ علمًا وأوسع دراية، لكنني أجدني هُنا في هذا المقام كالشيطان الأخرس إن لم أسجل موقفي، لا مجادلة ولا مزايدة، وإنما انطلاقًا من غيرتي على ديني، ومن منطلق فلسطينيتي، ومن وعيي بأن هذا التوقيت العصيب لا يحتمل الانشغال بصراعات جانبية، بينما تقف مقاومتنا صامدة على الثغور، تواجه أعتى استعمار عرفه التاريخ المعاصر، مدعومًا بأقوى القوى العالمية، وأكرر في ظل صمت إسلامي وعربي مخزٍ. إن الأمة اليوم في مفترق طرق، والعدو لا يفرق بين مسلم وآخر حين يستهدفنا جميعاً، فكيف يليق بنا أن ننشغل بصراعات داخلية، بينما تُسفك الدماء، وتُهدم البيوت، وتُستباح المقدسات ولا من يحرك ساكناً يا شيخنا الجليل، وإنَّ آخر ما أتوقعه هو أن تهاجم حركة مُقاومة تدافع عن أطهر بقعة على الأرض بكل بسالة وحيدة إلا من توفيق الله، ومع ذلك، لم تسلم من سهام النقد، التي تجاوزت حدود الموضوعية، لتبلغ حد التشكيك في عقيدتها ومواقفها. ففي لقاءٍ إعلامي، قال الشيخ د. عثمان الخميس « إنَّ حماس فرقة من حزب الإخوان المسلمين، لكنها انحرفت كثيراً عن الجادة، خصوصاً في وضع يدها مع إيران»، وأضاف « صار عندهم انحراف كثير في هذا الجانب، لكنهم مسلمون، ومنحرفون”.!، والسؤال لماذا في هذا التوقيت العصيب؟، وما هو الهدف من هذه التصريحات؟ التي أشعلت نار الفتنة، وفرقت ولم تجمع، بل سمحت للأصوات المريضة والمتصيدة أن تجد لها مادة دسمة لتصب الزيت على النار، وتزيد من أوجه الاختلاف لا أوجه التقارب. فلو فككنا الحُجة التي بسببها اتهم بها الشيخ د. الخميس «حماس» بالانحراف وهو وضع يدها مع إيران، فأظن أن شيخنا يعلم أنَّ العلاقة بين حماس وإيران مسألة سياسية بحتة، تمليها ضرورات الواقع، فمنذ نشأتها لم تكن «حماس» جزءًا من المحور الإيراني، بل سعت لبناء تحالفات استراتيجية تضمن استمرار دعمها العسكري والمالي في ظل الحصار والتضييق الدولي، فتلقي الدعم من دولة ما لا يعني تبني أيديولوجيتها أو الرضوخ لإملاءاتها، كما أن الحركات التحررية عبر التاريخ لجأت إلى استثمار جميع الفرص المتاحة لدعم نضالها، دون أن يؤثر ذلك على هويتها الفكرية. الانحراف، كمصطلح شرعي، يعني الميل عن العقيدة الصحيحة أو السلوك المستقيم، مما يؤدي إلى الابتعاد عن الفطرة السليمة واتباع طريق خاطئ منهي عنه دينيا، فأين حماس من ذلك؟ هل خرجت عن ثوابت الدين؟ أم أنها لا تزال تتبنى خطابًا إسلاميًا واضحًا، يدعو إلى الجهاد، ويرتكز على الهوية السنية الصافية؟ إن إطلاق مثل هذه الأحكام على حركات المقاومة، دون أدلة قاطعة، يضر أكثر مما ينفع، ويسهم في تشتيت الجهود، بدلًا من توحيد الصفوف في مواجهة الاحتلال. لا شك أن النقد حق مشروع، بل واجب إذا كان الغرض منه الإصلاح والتوجيه، لكن بشرط أن يكون قائمًا على العدل والإنصاف. فالدعاة والعلماء مسؤولون أمام الله عن كل كلمة تصدر عنهم، خصوصًا إذا كانت تتعلق بحركات تقف في خط المواجهة الأول مع العدو، وكان الأولى بالشيخ الخميس – وهو العالم الفاضل – أن يوجه نقده بأسلوب أكثر حكمة، وأن يراعي الظرف الصعب الذي تعيشه غزة، بدلًا من إصدار أحكام قد تُفهم على أنها اصطفاف مع أجندات لا تريد الخير للمقاومة، وفي ظل الأزمات التي تعصف بالأمة الإسلامية، من احتلال وعدوان وتشرذم، يصبح لزامًا على الجميع – علماء ومفكرين وقادة – أن يقدموا خطابًا جامعًا لا مفرقًا. فبدلًا من الطعن في نوايا المقاومة، يجدر بنا أن ندعمها، ونوجهها إن لزم الأمر، لا أن نحاربها بعبارات قاسية قد تُستغل من قبل الأعداء، وخير دليل على ما أقول هو سيل التغريدات التي غرد بها إيدي كوهين على صفحته الرسمية على منصة «X» دعماً وتأييداً لما قاله الشيخ الجليل د. عثمان الخميس بحق «حماس». ختاماً إن تصريحات الشيخ الجليل د. عثمان الخميس بحق «حماس» سهام قد ضلت الطريق وكانت صادمة لكثيرين، ليس لأن النقد مرفوض، ولكن لأن طبيعة الاتهام كانت قاسية ومجحفة بحق حركة مقاومة تخوض معركة وجودية، وإذا كان من دروس يمكن استخلاصها من هذا الجدل، فهو أن العلماء مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالابتعاد عن لغة الإقصاء، وأن يوجهوا سهام نقدهم إلى العدو الحقيقي، بدلًا من التشكيك في من يقفون في وجهه، فالوحدة هي السبيل الوحيد للانتصار، وأي خطاب يُسهم في تمزيق الصف الداخلي لن يكون إلا خدمة مجانية للاحتلال

1038

| 05 مارس 2025

"الضفة" على صفيح ساخن والسلطة تتفرج

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه العسكري على طولكرم ومخيميها لليوم الثلاثين، حيث وسع من عمليات تجريف البنى التحتية والطرقات وتدمير المحال التجارية، إلى جانب تحويل المنازل إلى ثكنات عسكرية وإجبار سكانها على مغادرتها، مع استمرار مسلسل تهجير السكان في مخيمي نور شمس وطولكرم بقوة السلاح، بينما يواصل اقتحام مخيم نور شمس لليوم 17، بهدم وتدمير مئات الشقق السكنية والمحالات التجارية، وإجبار 12 ألفا من سكان المخيم على النزوح قسرا، لا سيما وأنَّ قوات الكيان المحتل ما زالت تحتل مخيم طولكرم وتحاصره لليوم الـ30 على التوالي، وتشرد أهله تحت تهديد السلاح، وتعيث فسادا في المنازل والشوارع والأزقة وكافة مرافقه، إذ أنَّ الاحتلال وخلال عدوانه المتواصل، دمر ما لا يقل عن 40 بناية سكنية بشكل كامل، بواقع 100 شقة سكنية، وأحرق ما لا يقل عن 10 منازل، ودمر ما لا يقل عن 300 محل تجاري، ومئات المنازل بشكل جزئي، وتخريب مقتنيات مئات أخرى داخل المخيم. كما أنَّ قوات الاحتلال وفي سابقة خطيرة قامت بشق شارع اخترق عمق أربع حارات في مخيم طولكرم، بدءا من حارة البلاونة، مرورا بحارتي الحمام والسوالمة، وصولا لحارة الخدمات على شارع ذنابة بالاستناد إلى رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم فيصل سلامة، الأمر الذي أدى إلى هدم 26 بناية وتسويتها بالأرض بشكل كامل وإلحاق أضرار جسيمة بكل ما هو حولها من بنايات ومرافق، كما أنَّ الاحتلال أجبر أكثر من 12 ألف فلسطيني من سكان مخيم طولكرم على النزوح قسرا، بالتهديد والترهيب إلى المدينة والضواحي والقرى المجاورة، في الوقت الذي لا زالت العملية التعليمية متوقفة، وبالتالي حُرم 2000 طالب وطالبة يدرسون في مدارس وكالة الغوث الأونروا الأربع في المخيم من التعليم لأكثر من شهر، بالإضافة إلى توقف الخدمات الصحية الخاصة بسكان المخيم، كما أدى العدوان المتواصل على مخيم طولكرم إلى تدمير البنية التحتية بشكل كامل، وغير مسبوق، وطال شبكات الكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، والاتصالات، والإنترنت. وبهذا التصعيد الذي يأتي في ظل تعنت حكومة نتنياهو بتعطيل مراحل صفقة وقف إطلاق النار في غزة، يريد الاحتلال أن يحقق أي أهداف سياسية وإعلامية، بعيدا عن الأهداف الأمنية والعسكرية التي يدعيها، وأهم ما يهدف له هو ضرب قضية اللاجئين، وشطبها، من خلال قتل رمزية المخيم عن طريق إعادة هندسة الطبيعة المعمارية، والديمغرافية للمخيم، وتفريغه من السكان، أو تخفيف عددهم إلى الحد الأدنى، من خلال تدمير وحرق أكبر قدر من البيوت، وإعدام الخدمات الأساسية، بما يجعل الحياة داخل المخيم مستحيلة. ومنذ 21 يناير الماضي، وسع جيش الاحتلال عدوانه على مدن ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة، خاصة محافظات جنين وطولكرم وطوباس، مخلفا 61 شهيدا فلسطينيا وفق وزارة الصحة، إلى جانب نزوح أكثرمن 40 ألفا ودمار واسع في ممتلكات ومنازل وبنية تحتية. ولم تقتصر العمليات العسكرية للكيان المحتل على استهداف طولكرم ومخيمها بل أيضا الاجتياح الأخير لمخيم جنين، الذي استمر لأيام، كشف عن نوايا الاحتلال في إعادة فرض السيطرة الأمنية بالقوة. استخدمت إسرائيل الطائرات الحربية لأول مرة منذ سنوات في عمليات القصف داخل المخيمات، مما أدى إلى سقوط شهداء وتدمير منازل وبنية تحتية. كما استُخدمت جرافات الاحتلال لتمزيق شوارع المخيم وعرقلة حركة الفلسطينيين داخله، وفي نابلس، تستمر جماعات المستوطنين المتطرفين في ممارسة اعتداءاتها تحت حماية جيش الاحتلال. أُضرمت النيران في منازل فلسطينية، وقُطع أكثر من 1000 شجرة زيتون خلال الأشهر الماضية، في إطار سياسة تهجير ممنهجة تهدف إلى السيطرة على مزيد من الأراضي. رغم القبضة الحديدية الإسرائيلية، تشهد المقاومة في الضفة الغربية تطورًا نوعيًا. لم تعد العمليات مقتصرة على المواجهات التقليدية، بل تطورت إلى عمليات إطلاق نار تستهدف الحواجز العسكرية والمستوطنات، ككتيبة جنين وعرين الأسود التي تبنت عمليات نوعية ضد الاحتلال، وفي المقابل، يتزايد التساؤل حول دور الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تقف موقف المتفرج عما يحدث دون أن تبادر بأي رد فعل على الاعتداءات الإسرائيلية، بل تستمر في تنسيقها الأمني مع الاحتلال، وهو ما يجعلها بنظر الكثيرين أداة لضبط الشارع الفلسطيني وليس لمواجهة الاحتلال، بل إن صمت السلطة على جرائم الاحتلال، وملاحقتها لبعض المقاومين، يجعلها تبدو وكأنها شريك غير مباشر في تكريس الوضع القائم، مما يعمّق حالة الاحتقان الداخلي. ختاما... إنَّ الوضع الراهن في الضفة الغربية يشير إلى أن المواجهة مرشحة للتصعيد في ظل تعنت الحكومة الإسرائيلية اليمينية، بقيادة بنيامين نتنياهو، وسعيها لتوسيع الاستيطان وتعزيز القبضة العسكرية، في ظل صمت دولي يعجز عن كبح جماح الاحتلال.

423

| 26 فبراير 2025

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4335

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

2208

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

2139

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1455

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

978

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

735

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

678

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

630

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

630

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

570

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
الإسلام منهج إصلاح لا استبدال

يُتهم الإسلام زورًا وبهتانًا بأنه جاء ليهدم الدنيا...

570

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
الرقمنة والتحول الرقمي في قطر.. إنجازات وتحديات

تعود بي الذكريات الى أواسط التسعينيات وكنت في...

480

| 05 ديسمبر 2025

أخبار محلية