رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

في فلسطين.. العيد مع وقف التنفيذ

في وطني، العيد ليس موعداً للفرح، بل محطة أخرى للحزن المؤجل، موسم إضافي للفقد، وجرحٌ يتجدد كل عام، هنا لا تُعلق الزينة، بل تُعلق أسماء الشهداء على الجدران، ولا توزع العيديات، بل تُوزع بيانات النعي، ولا تنطلق ضحكات الأطفال في الأزقة، بل تعلو صرخاتهم المبحوحة على فقد آخر. في غزة، لا حديث عن العيد، بل عن الناجين، عمن استطاع أن يخرج من تحت الركام، عمن بقي من العائلة بعد مجزرة ليلية، عن طفل كان بالأمس يلعب، واليوم صار صورة على جدار، غزة لا تلبس الجديد، بل تخلع المزيد من أبنائها، تقدمهم قرابين للصمت الدولي والتخاذل العربي في شوارعها التي تفوح منها رائحة الدم والبارود، لا تُشترى الحلوى، بل تشترى الأكفان، ولا يتبادل ناسها التهاني، بل يتبادلون التعازي، وكأن غزة محكومة بأن تكتب تاريخها بالدم، وأن تعيش العيد دوما في مقبرة جماعية. وليس حال الضفة الغربية بأحسن حال، فالاحتلال البائس لم يمنح الفلسطينيين فرصة ليشعروا بأن العيد مختلف عن أي يوم آخر من القمع والتنكيل هناك، فالعيد له لون آخر، لكنه ليس لون الفرح، هو لون الدم على الحجارة، لون الحداد في ملابس المعزين، وآثار القيود التي تكبل معاصم الأسرى، والحواجز التي تحول دون وصول الفلسطيني إلى رحاب وطنه الفسيح، ففي كل صلاة عيد، تُرفع أكف الفلسطينيين بالدعاء لا لنيل الأمنيات، بل للنجاة من رصاصة قناص، أو مداهمات جنود الاحتلال التي اعتاد عليها أبناء الضفة الغربية، فالعيد هناك يأتي مكبلاً بالقيود، محاصرا بجدران الفصل العنصري، وكأن الفرح جريمة يعاقب عليها الفلسطيني بالسجن أو بالنفي أو بالرصاص. أما من يسأل عن فلسطينيي الشتات، فالعيد بالنسبة لهم اختبار جديد للغربة والخذلان، فهم محاسبون على الفرح، فإن فرحوا أُتُهِموا بعدم الإحساس بمعاناة أهلهم في فلسطين، وإن حزنوا، قيل إنهم يبالغون في الحداد !؟ فكأنهم يقفون على حبل يربط بين جبلين شاهقين فهنا موت وهناك موت، لا يعلمون من أي عالم هم !؛ عالم لهم فيه جذورٌ لكنها تُقتلع، وعالم يعيشون فيه لكنه لا يعترف بهم، مع كل عيد بعيد عن أرض الوطن الذي هُجروا منه قسراً تبدأ الذاكرة تبحث عن بقاياه في ذكريات الطفولة، وفي أصوات التكبيرات التي كانت تعبر أزقة المخيمات، في رائحة القهوة المرة التي كانت تجمع الجدات حول موائد لم يبق منها سوى الحنين، فالجدات استشهدن والمخيمات باتت أثراً بعد عين.! العالم الإسلامي يحتفل، بشوارع مزينة بزينة العيد، يتبادل فيه التهاني، لكن في فلسطين، العيد حلم مؤجل، فرحٌ مسروق، فرحةٌ مقيدة بسلاسل الاحتلال والقهر والمنفى، فلقد كُتب على الفلسطيني أن يعيش العيد مع وقف التنفيذ حتى يعود الحق لأصحابه، حتى يتوقف النزيف، حتى يكون له وطن لا يُقصف، وسماء لا تمطر صواريخ، وأرض لا تبتلع أبناءها. في فلسطين، العيد لن يكون عيداً حتى يُكسر قيد الاحتلال، وحتى يعود اللاجئ إلى وطنه، وحتى يكون الطفل الفلسطيني قادرا على انتظار العيدية بدل أن يكون هو العيدية وهو يزف شهيداً إلى السماء، ففي فلسطين العيد لايزال مع وقف التنفيذ. ختاماً.. خلال كتابتي هذه السطور أصدر برنامج الغذاء العالمي بيانا أبلغ من خلاله الجهات المعنية في قطاع غزة رسميا بنفاد مخزون الدقيق من مستودعاته، مما يعني أنَّ آلاف العائلات لن تجد رغيف الخبز على موائدها، والكارثة ستتفاقم إذا لم يتم فتح المعابر بشكل فوري وإدخال المواد الأساسية، مما يؤكد سياسة الكيان المحتل في استخدام التجويع سلاحا في هذه الحرب وكل شرايين الحياة، فهذه الأزمة ليست فقط أزمة مخابز، بل هي أزمة حياة لمئات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يعتمدون على الخبز كغذاء رئيسي لهم، والسؤال أين هو دور مؤسسات المجتمع المدني؟، ومؤسسات حقوق الإنسان؟، أليس آن الوقت للتحرك والضغط على الكيان المحتل وعلى حكومة نتنياهو الفاجرة من أجل إعادة فتح المعابر والسماح بإدخال المواد الغذائية والوقود لمنع تفاقم هذه الكارثة الإنسانية ؟!

489

| 02 أبريل 2025

ليتني كنت الوشق!

بلى، كما قرأتَ، عزيزي القارئ، باتت إحدى أمنياتنا أن نكون ذلك “الوشق”. فقد تابعنا جميعًا الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام عن هجوم مباغت نفّذه وشق مصري على مجموعة من جنود الكيان المحتل في منطقة جبل حريف على الحدود المصرية، ما أسفر عن إصابتهم بجروح متفاوتة. واقعة قد تبدو غريبة، لكنها تعيد إلى الذاكرة مشهداً أكثر وحشية: ذلك الكلب المفترس الذي أطلقه جنود الاحتلال، المتفاخرون بأخلاقهم المزعومة، على مسنّة فلسطينية خلال عدوانهم الهمجي على غزة. وكأن عدالة السماء أبت إلا أن تضع المعتدي في موضع الضحية، ليذوق شيئًا مما أنزله على غيره. فهل هي مجرد مصادفة؟ أم أنها رسالة كونية بأن الظلم، وإن ظنّ أصحابه أنه بلا رادع، ستنتفض الطبيعة نفسها ضده؟ * وكأن الله أراد أن يفضح عجزنا، فسلّط علينا هذا الوشق ليقوم بما تقاعسنا عنه، لينتزع من المحتل ثمن جرائمه، بينما نحن جالسون نحسب عدد الشهداء كما لو كانوا مجرد أرقام في نشرة أخبار. هذا الوشق، الذي لا يدرك معنى الحقوق ولا يعرف شيئًا عن العدالة، استشعر الظلم الواقع على الفلسطينيين أكثر مما استشعرناه نحن! نهض ليواجه القتلة، فيما نحن نكتفي بمراقبة المجازر كأنها مشاهد من فيلم دموي معتاد، وبعضنا لا يجرؤ حتى على التعبير عن رأيه، رغم أن ذلك أضعف الإيمان! لكن، أمام هذا المشهد، لا يسعنا إلا أن نتساءل بحسرة: أإلى هذا الحد بلغ بنا الضعف والهوان، حتى باتت الأقدار تستبدلنا بحيوان بريّ لينتزع لنا بعضاً من حقوقنا المسلوبة؟ كيف نقف مبهورين ببطولة حيوان، بينما نحن أصحاب القضية نقف عاجزين مكتوفي الأيدي، لا نحرك ساكنًا؟! وكأننا نحيا على كوكب آخر، لا نملك سوى التصفيق لهذا الحيوان صاحب الكرامة، ومتابعة المجازر بحق أهلنا في شهر الرحمة وطلب المغفرة، وكأننا مجرد متفرجين في مسرحية عبثية! فكيف سيغفر لنا الله؟ وكيف نرجو العتق من النار، ونحن عاجزون عن نصرة المظلوم؟! * إنها لحظة مواجهة مع الذات، فما جدوى حياة تُعاش في ظل الخنوع؟ وما قيمة البنيان المرصوص إن لم تهتز أركانه لنصرة المظلوم؟ أما آن الأوان لأن نستلهم من هذه الحادثة درساً لا يُنسى؟ فالأرض لا يحررها المتخاذلون، والحقوق لا تُستعاد بالانتظار، والتاريخ لا يرحم، الأوطان لا تُستعاد بالأماني، بل بالصمود وبمواصلة دعم إخوتنا، ولو بالكلمة، وهذا أضعف الإيمان، تثبيت المقاومين الصامدين على الثغور ونصرتهم هو واجب لا يقبل التأجيل، فهم خط الدفاع عن شرف أمة بأكملها، وهم الذين يؤمنون بأن العيش بكرامة هو الخيار الوحيد الذي يستحق المقاومة لأجله. أليس هذا هو العار بعينه؟ أن نحتفي بفعل حيوان، بينما تخرس ألسنتنا عن قول الحق، وتُشلّ أيدينا عن الفعل؟ أن يصبح الوشق أشجع منا، أكثر وفاءً لقضيتنا من ملايين البشر؟ في أي دركٍ سحيق سقطنا حتى صار الحيوان رمزًا للكرامة، وصار الإنسان مثالًا للخذلان؟ * نحن الذين كنا سادة الأرض، أصبح أقصى ما نملكه هو الدعاء والمناشدات، ننتظر من الطبيعة أن تثأر لنا، وكأن الله قد استبدلنا بحجارةٍ تلقيها الطير، أو بحيوانات تأبى الذلّ، بينما نحن نتعايش معه! الوشق فعلها وحده، ونحن خذلنا فلسطين، وخنَّا دماء الشهداء، وتركنا أطفال غزة يحترقون تحت القصف، ونحن نتساءل: عن كفارة الإفطار في نهار رمضان عمداً؟!، لا عن كفارة الخذلان مع سبق الإصرار والترصد!. لا، ليس انتقام «الوشق» هو المعجزة، بل معجزتنا ستكون يوم نقرر أن نخوض المعركة بأنفسنا، يوم نتحرر من خوفنا كما تحرر هذا الوحش من غريزته، فاستبدل بها كرامةً لم يعد يعرفها إلا القليلون. ختاماً.. * إن حادثة الوشق ليست مجرد واقعة عابرة، بل هي صفعة على وجوهنا جميعًا، تفضح عجزنا وتضعنا أمام حقيقة مُرّة: أن حتى الطبيعة باتت أكثر جرأة منا في مواجهة الظلم. هي رسالة لا تحتمل التأويل، بأن فلسطين لا تنقصها وحوش تدافع عنها، بل تنقصها قلوب مؤمنة، وعزائم لا تهادن المحتل ولا تستكين. فإلى متى سنبقى على هامش المعركة ننتظر من الأقدار أن تردّ لنا حقوقنا المسلوبة؟ إلى متى سنترك أطفال غزة وحدهم في مواجهة القذائف، ونكتفي بعدّ الشهداء ورصد المجازر والانتحاب عليهم؟! متى سننهض من هذا السبات الذي طال؟!، فالتاريخ لن يرحمنا.

891

| 26 مارس 2025

الكيان المحتل وفنون ممارسة الـ «صهيونازية»

في عالم السياسة، يُفترض أن الاتفاقيات تضمن الحد الأدنى من الالتزام والاحترام بين الأطراف المتنازعة، لكن في فلسطين، لا قيمة لأي اتفاق إذا لم يكن في صالح الاحتلال. هذه ليست المرة الأولى التي يخرق فيها الكيان المحتل وقف إطلاق النار، لكنه ربما الأكثر صراحة ووقاحة، وكأنه يقول للعالم «نحن فوق القانون.» فبالأمس القريب وبعد شق الأنفس توصلت أطراف كبرى لاتفاق ظن البعض أنه قد يمنح المدنيين في غزة فرصة لالتقاط الأنفاس. لكن إسرائيل، كعادتها، لم تحتج إلى وقت طويل قبل أن تضرب بالاتفاق عُرض الحائط دون حتى أن تكلّف نفسها عناء إخطار الوسطاء أو احترام التزاماتها، وكأنها تقول للعالم بأسره، وللوسطاء الذين سعوا إلى تثبيت الهدنة «لا صوت يعلو فوق صوتنا، ولا ضمانات إلا ما نراه نحن مناسباً.» كم من مرة جلست الوفود في العواصم المختلفة، تبحث عن حلول، وتقترح مبادرات، وتتحدث عن ضرورة التهدئة؟ وكم من مرة قدمت إسرائيل تعهداتها، ثم حطمتها في اللحظة التي تناسبها؟ هل ما زال هناك من يصدق أنَّ الكيان المحتل يحترم أي اتفاق؟ أم أن الأمر لا يتعدى كونه غطاءً زائفا يوفر الوقت والشرعية لمزيد من الجرائم؟ فالرسالة التي أرسلتها إسرائيل اليوم واضحة تماما وهي أنها لا تعترف بأي صوت سوى صوتها، ولا تخشى عواقب جرائمها، لأن هناك من سينحاز لها وسيخلق لها المسوغات مهما أراقت من دماء. لم يكن قصف الكيان المحتل مجرد رد فعل أو عملية محدودة، بل كان إعلاناً مدوياً اخترق الأفئدة قبل أن يصم الآذان بأن الاحتلال لا يعترف بهدنة أو تهدئة!، بل كانت له بمثابة استراحة محارب قبل أن يعود ليمارس «صهيونازيته» في قتل الأبرياء، فمنذ اللحظة الأولى، استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية ما تبقى من المنازل المهدمة والطرقات الوعرة التي رضي بها سكانها رغم دمارها، والمستشفيات التي تئن بسبب الأعداد الهائلة من الشهداء والجرحى المحكوم عليهم بالإعدام، فحتى كتابة هذه الأسطر كان قد بلغ عدد الشهداء 356 شهيدا فضلا عن مئات الجرحى الذين تقف أمامهم المستشفيات عاجزة عن استيعابهم فضلا عن شح الأدوات الجراحية والأدوية الأساسية، حيث أكدَّ الدكتور محمد أبو سلمية مدير مستشفى الشفاء في تصريحات أنَّ أبسط مقومات المنظومة الصحية غائبة في هذا الظرف الحساس، كما أنه لا يمكن لأي منظومة صحية متماسكة التعامل مع هذه الأعداد من المصابين سيما وأنَّ في كل دقيقة يستشهد أحد الجرحى بسبب نقص الإمكانيات. فقطاع غزة لا يواجه القصف المجنون والمدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل يواجه كارثة إنسانية متكاملة الأركان، حيث أعلنت سلطة الاحتلال منذ خرق اتفاق وقف إطلاق النار إغلاق معبر رفح بوجه المرضى لمنعهم من العلاج وإمعانا بجريمة الإبادة الجماعية وكأن الموت هو الخيار الوحيد لسكان قطاع غزة، فضلا عن ندرة الدواء والأدوات والمعدات الطبية الأساسية بسبب تعنت المحتل الذي منع إدخال قوافل الإغاثة خلال الهدنة والمحملة بالغذاء أيضا لترتكب جريمة إلى سلسلة جرائمه في استخدام التجويع كسلاح ظنا منه بأنه بذلك سيكسر شوكة سكان القطاع، وسيخضع المقاومين لمطالبه أو سيثنيهم عن أهدافهم في مقاومة الكيان المحتل. فهذا الخرق لاتفاق وقف إطلاق النار لم يأتِ فجأة، بل بترتيب مسبق، وتنسيق مع الحليف الأمريكي، فالتقارير أكدت أن البيت الأبيض كان على علم بالهجوم قبل وقوعه ولم تحاول حتى خداع العالم بالحديث عن «القلق العميق»، بل باركته علنا بوجه مكشوف دون خجل من الوسطاء، وأعتقد أنَّ هذا ليس مستغربا، فمنذ متى كانت الإدارة الأمريكية طرفا محايدا في هذه الحرب غير المتكافئة الأركان؟ إن دعم أمريكا للكيان المحتل لم يكن يوماً مشروطاَ، ولم يكن مبنياً على اعتبارات أخلاقية أو إنسانية، بل هو تفويض مفتوح بالقتل، يتجدد مع كل إدارة جديدة، فيما تتكدس جثث الأطفال في شوارع غزة كأنها لا تعني شيئا، فبإعلانها إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار بشكل منفرد، ومن دون حتى إبلاغ الوسطاء، أثبتت إسرائيل مرة أخرى أنها لا ترى في الفلسطينيين شركاء في أي معادلة، بل مجرد أهداف عسكرية تنتظر دورها في القتل. ختاما قد يملك الكيان المحتل القوة والدعم الأمريكي غير المشروط، لكنه لا ولن يملك الحق، ولن يستطيع أن يمحو ذاكرة الشعوب التي ترى هذه الجرائم وتدرك تماماً أن من يقتل الأطفال لا يمكن أن يكون إلا مجرماً، ومن يسانده شريكاً في الجريمة، وغزة لن تُباد، ولن ترفع الراية البيضاء، لأنها لم تفعل ذلك من قبل، ولن تفعل الآن، حتى وإن تخلى الجميع وولوا الدبر.

558

| 19 مارس 2025

إحراق مسجد "النصر" جرس إنذار

لم يكن إحراق مسجد النصر التاريخي في نابلس يوم الجمعة الماضي سوى حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة ضد المقدسات الإسلامية في فلسطين، فهذه الاعتداءات الممنهجة، التي تستهدف المساجد بشكل خاص، تمثل جزءاً من سياسة الاحتلال الرامية إلى طمس الهوية الإسلامية للمدن الفلسطينية وتهديد استقرار سكانها، ولكنه ظل صامداً، شامخاً في وجه محاولات الاحتلال المتكررة لطمسه، وآخرها الحريق الذي نشب داخل أروقته جراء اقتحام قوات الاحتلال. * مسجد النصر يعد من أقدم المعالم الدينية في نابلس حيث يعود تاريخه إلى الفتح الإسلامي وعهد الخليفة عمر بن الخطاب، شهد العديد من التحولات على مر العصور، حيث خلال الحروب الصليبية تحول المسجد إلى كنيسة واستعاد مكانته الدينية بعد تحرير القدس على يد القائد صلاح الدين الأيوبي في القرن الـثاني عشر، وفي عام 1335 هجريا أعيد بناء المسجد ليظل شاهداً على تاريخ طويل من الصمود والمقاومة. تجسد الاعتداءات الإسرائيلية على المساجد الفلسطينية تاريخًا طويلًا من الانتهاكات التي لا تزال تطال دور العبادة الإسلامية في الأراضي المحتلة، هذه الاعتداءات تشمل تدمير المساجد، اقتحامها، ومنع الأذان، وهي خطوات استفزازية لمشاعر المسلمين لاسيما في شهر رمضان وإضعاف الهوية الثقافية الدينية للشعب الفلسطيني، كما أنها محاولة صارخة من الاحتلال للتمادي على القوانين والمعاهدات الدولية التي تحمي دور العبادة وتصنفها باعتبارها أماكن محمية لايجوز استهدافها أو المساس بها، حيث تنص المادة 53 باتفاقية جنيف الرابعة 1949 على حظر وتدمير الممتلكات الخاصة أو العامة بما فيها ذلك دور العبادة إلا إذا كانت مقرا للعمليات العسكرية، وهذا ما لا ينطبق على الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف المساجد عمداً خارج نطاق أي أعمال حربية، إلى جانب البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف 1977 يؤكد في المادة 52 أن الهجمات على الأعيان المدنية ومنها أماكن العبادة يعد محظورا تماما كما أن أي اعتداء يعد جريمة حرب، والعديد من الاتفاقيات، الأمر الذي يؤكد أن إسرائيل رغم كونها كيانا محتلا إلا أنها قادر على الإفلات من العقاب. * خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الفترة بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، دُمِّر 815 مسجدًا بشكل كامل، بينما تعرض 151 مسجدًا آخر لأضرار جزئية. وفي الوقت نفسه، تدمَّر ثلاث كنائس في مدينة غزة، في مؤشر على استهداف كل ما هو ديني وثقافي، و في عام 2023، تصاعدت الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، حيث تجاوز عددها 258 اقتحامًا، بمشاركة عشرات الآلاف من المستوطنين، الذين أدوا طقوسًا تلمودية علنية مثل "السجود الملحمي" والنفخ في البوق، تحت حماية قوات الاحتلال، وفي الضفة الغربية، تعرضت العديد من المساجد لاعتداءات متواصلة من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين، حيث سجلت وزارة الأوقاف الفلسطينية 113 انتهاكًا بحق المساجد في نوفمبر من العام نفسه، شملت اقتحامات وتدنيسًا، بالإضافة إلى منع الأذان في المسجد الإبراهيمي لما يزيد عن 59 مرة منذ عام 2009. وتعرض 60 مسجدا وكنيسة وديرا في إسرائيل والضفة الغربية للتدنيس والحرق، كان أبرزها في عام 2020 عندما أقدم مستوطنون على إحراق مسجد "بدرية" في قرية بيت صفافا، وكتبوا عبارات عنصرية تدعو لقتل العرب، كما تم إحراق مسجد في بلدة شعفاط شرق القدس بعد يوم واحد فقط. * تعد هذه الاعتداءات المتكررة على المساجد الفلسطينية جزءًا من سياسة شاملة تهدف إلى محو الهوية الدينية والثقافية للفلسطينيين، مما يتطلب تحركا دوليا عاجلا لحماية دور العبادة وضمان حرية العبادة في الأراضي المحتلة. وعلى الرغم من هذه الانتهاكات الجسيمة، يظل الموقف الرسمي للعالم الإسلامي باهتًا، مقتصرًا على بيانات الإدانة والاستنكار دون أي تحرك عملي لوقف هذه الانتهاكات، في المقابل، يواصل الاحتلال استفزاز مشاعر المسلمين في أنحاء العالم، مع تصعيد اعتداءاته على المساجد، بينما يغيب التحرك الفاعل من الدول الإسلامية على الصعيدين السياسي والقانوني، إلا أنَّ السؤال المشروع هُنا ماذا لو قام مسلم بارتكاب هذه الجريمة؟، أو أجنبي من أصول عربية؟ فكانت ستقوم الدنيا ولا تقعد، إلا أن الكيل بمكيالين سياسة بات يتبعها الغرب مع كل ما هو عربي لأسباب نتحمل نحن الجزء الأكبر منها. * ختاماً إن إحراق مسجد النصر التاريخي في نابلس يجب ألا يتعامل معه بأنه حادث عابر، بل هو بمثابة جرس إنذار يجب أن يُحفِّز المجتمع الدولي والشعوب الإسلامية على حماية المقدسات في فلسطين قبل فوات الأوان، فالتاريخ يعلمنا أن الصمت على جريمة واحدة يؤدي إلى فتح الباب لجرائم أكبر، فالمسؤولية الآن تقع على عاتق كل من يستطيع التحرك لمنع هذه الاعتداءات المتزايدة، والتي لم تعد تستهدف فلسطين فقط، بل تمس عقيدة وهوية أكثر من مليار ونصف مليار مسلم حول العالم وفي شهر له قداسته لدى المسلمين.

588

| 12 مارس 2025

حين تضل السهام طريقها !

إلى فضيلة الشيخ الجليل د. عثمان الخميس، العالم الفاضل الذي أسبغ علينا من علمه، ووهب حياته للدعوة والبيان، أكتب هذه الكلمات وأنا أدرك تمامًا صعوبة أن أوجه رسالة لمن هو أرسخ علمًا وأوسع دراية، لكنني أجدني هُنا في هذا المقام كالشيطان الأخرس إن لم أسجل موقفي، لا مجادلة ولا مزايدة، وإنما انطلاقًا من غيرتي على ديني، ومن منطلق فلسطينيتي، ومن وعيي بأن هذا التوقيت العصيب لا يحتمل الانشغال بصراعات جانبية، بينما تقف مقاومتنا صامدة على الثغور، تواجه أعتى استعمار عرفه التاريخ المعاصر، مدعومًا بأقوى القوى العالمية، وأكرر في ظل صمت إسلامي وعربي مخزٍ. إن الأمة اليوم في مفترق طرق، والعدو لا يفرق بين مسلم وآخر حين يستهدفنا جميعاً، فكيف يليق بنا أن ننشغل بصراعات داخلية، بينما تُسفك الدماء، وتُهدم البيوت، وتُستباح المقدسات ولا من يحرك ساكناً يا شيخنا الجليل، وإنَّ آخر ما أتوقعه هو أن تهاجم حركة مُقاومة تدافع عن أطهر بقعة على الأرض بكل بسالة وحيدة إلا من توفيق الله، ومع ذلك، لم تسلم من سهام النقد، التي تجاوزت حدود الموضوعية، لتبلغ حد التشكيك في عقيدتها ومواقفها. ففي لقاءٍ إعلامي، قال الشيخ د. عثمان الخميس « إنَّ حماس فرقة من حزب الإخوان المسلمين، لكنها انحرفت كثيراً عن الجادة، خصوصاً في وضع يدها مع إيران»، وأضاف « صار عندهم انحراف كثير في هذا الجانب، لكنهم مسلمون، ومنحرفون”.!، والسؤال لماذا في هذا التوقيت العصيب؟، وما هو الهدف من هذه التصريحات؟ التي أشعلت نار الفتنة، وفرقت ولم تجمع، بل سمحت للأصوات المريضة والمتصيدة أن تجد لها مادة دسمة لتصب الزيت على النار، وتزيد من أوجه الاختلاف لا أوجه التقارب. فلو فككنا الحُجة التي بسببها اتهم بها الشيخ د. الخميس «حماس» بالانحراف وهو وضع يدها مع إيران، فأظن أن شيخنا يعلم أنَّ العلاقة بين حماس وإيران مسألة سياسية بحتة، تمليها ضرورات الواقع، فمنذ نشأتها لم تكن «حماس» جزءًا من المحور الإيراني، بل سعت لبناء تحالفات استراتيجية تضمن استمرار دعمها العسكري والمالي في ظل الحصار والتضييق الدولي، فتلقي الدعم من دولة ما لا يعني تبني أيديولوجيتها أو الرضوخ لإملاءاتها، كما أن الحركات التحررية عبر التاريخ لجأت إلى استثمار جميع الفرص المتاحة لدعم نضالها، دون أن يؤثر ذلك على هويتها الفكرية. الانحراف، كمصطلح شرعي، يعني الميل عن العقيدة الصحيحة أو السلوك المستقيم، مما يؤدي إلى الابتعاد عن الفطرة السليمة واتباع طريق خاطئ منهي عنه دينيا، فأين حماس من ذلك؟ هل خرجت عن ثوابت الدين؟ أم أنها لا تزال تتبنى خطابًا إسلاميًا واضحًا، يدعو إلى الجهاد، ويرتكز على الهوية السنية الصافية؟ إن إطلاق مثل هذه الأحكام على حركات المقاومة، دون أدلة قاطعة، يضر أكثر مما ينفع، ويسهم في تشتيت الجهود، بدلًا من توحيد الصفوف في مواجهة الاحتلال. لا شك أن النقد حق مشروع، بل واجب إذا كان الغرض منه الإصلاح والتوجيه، لكن بشرط أن يكون قائمًا على العدل والإنصاف. فالدعاة والعلماء مسؤولون أمام الله عن كل كلمة تصدر عنهم، خصوصًا إذا كانت تتعلق بحركات تقف في خط المواجهة الأول مع العدو، وكان الأولى بالشيخ الخميس – وهو العالم الفاضل – أن يوجه نقده بأسلوب أكثر حكمة، وأن يراعي الظرف الصعب الذي تعيشه غزة، بدلًا من إصدار أحكام قد تُفهم على أنها اصطفاف مع أجندات لا تريد الخير للمقاومة، وفي ظل الأزمات التي تعصف بالأمة الإسلامية، من احتلال وعدوان وتشرذم، يصبح لزامًا على الجميع – علماء ومفكرين وقادة – أن يقدموا خطابًا جامعًا لا مفرقًا. فبدلًا من الطعن في نوايا المقاومة، يجدر بنا أن ندعمها، ونوجهها إن لزم الأمر، لا أن نحاربها بعبارات قاسية قد تُستغل من قبل الأعداء، وخير دليل على ما أقول هو سيل التغريدات التي غرد بها إيدي كوهين على صفحته الرسمية على منصة «X» دعماً وتأييداً لما قاله الشيخ الجليل د. عثمان الخميس بحق «حماس». ختاماً إن تصريحات الشيخ الجليل د. عثمان الخميس بحق «حماس» سهام قد ضلت الطريق وكانت صادمة لكثيرين، ليس لأن النقد مرفوض، ولكن لأن طبيعة الاتهام كانت قاسية ومجحفة بحق حركة مقاومة تخوض معركة وجودية، وإذا كان من دروس يمكن استخلاصها من هذا الجدل، فهو أن العلماء مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالابتعاد عن لغة الإقصاء، وأن يوجهوا سهام نقدهم إلى العدو الحقيقي، بدلًا من التشكيك في من يقفون في وجهه، فالوحدة هي السبيل الوحيد للانتصار، وأي خطاب يُسهم في تمزيق الصف الداخلي لن يكون إلا خدمة مجانية للاحتلال

972

| 05 مارس 2025

"الضفة" على صفيح ساخن والسلطة تتفرج

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه العسكري على طولكرم ومخيميها لليوم الثلاثين، حيث وسع من عمليات تجريف البنى التحتية والطرقات وتدمير المحال التجارية، إلى جانب تحويل المنازل إلى ثكنات عسكرية وإجبار سكانها على مغادرتها، مع استمرار مسلسل تهجير السكان في مخيمي نور شمس وطولكرم بقوة السلاح، بينما يواصل اقتحام مخيم نور شمس لليوم 17، بهدم وتدمير مئات الشقق السكنية والمحالات التجارية، وإجبار 12 ألفا من سكان المخيم على النزوح قسرا، لا سيما وأنَّ قوات الكيان المحتل ما زالت تحتل مخيم طولكرم وتحاصره لليوم الـ30 على التوالي، وتشرد أهله تحت تهديد السلاح، وتعيث فسادا في المنازل والشوارع والأزقة وكافة مرافقه، إذ أنَّ الاحتلال وخلال عدوانه المتواصل، دمر ما لا يقل عن 40 بناية سكنية بشكل كامل، بواقع 100 شقة سكنية، وأحرق ما لا يقل عن 10 منازل، ودمر ما لا يقل عن 300 محل تجاري، ومئات المنازل بشكل جزئي، وتخريب مقتنيات مئات أخرى داخل المخيم. كما أنَّ قوات الاحتلال وفي سابقة خطيرة قامت بشق شارع اخترق عمق أربع حارات في مخيم طولكرم، بدءا من حارة البلاونة، مرورا بحارتي الحمام والسوالمة، وصولا لحارة الخدمات على شارع ذنابة بالاستناد إلى رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم فيصل سلامة، الأمر الذي أدى إلى هدم 26 بناية وتسويتها بالأرض بشكل كامل وإلحاق أضرار جسيمة بكل ما هو حولها من بنايات ومرافق، كما أنَّ الاحتلال أجبر أكثر من 12 ألف فلسطيني من سكان مخيم طولكرم على النزوح قسرا، بالتهديد والترهيب إلى المدينة والضواحي والقرى المجاورة، في الوقت الذي لا زالت العملية التعليمية متوقفة، وبالتالي حُرم 2000 طالب وطالبة يدرسون في مدارس وكالة الغوث الأونروا الأربع في المخيم من التعليم لأكثر من شهر، بالإضافة إلى توقف الخدمات الصحية الخاصة بسكان المخيم، كما أدى العدوان المتواصل على مخيم طولكرم إلى تدمير البنية التحتية بشكل كامل، وغير مسبوق، وطال شبكات الكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، والاتصالات، والإنترنت. وبهذا التصعيد الذي يأتي في ظل تعنت حكومة نتنياهو بتعطيل مراحل صفقة وقف إطلاق النار في غزة، يريد الاحتلال أن يحقق أي أهداف سياسية وإعلامية، بعيدا عن الأهداف الأمنية والعسكرية التي يدعيها، وأهم ما يهدف له هو ضرب قضية اللاجئين، وشطبها، من خلال قتل رمزية المخيم عن طريق إعادة هندسة الطبيعة المعمارية، والديمغرافية للمخيم، وتفريغه من السكان، أو تخفيف عددهم إلى الحد الأدنى، من خلال تدمير وحرق أكبر قدر من البيوت، وإعدام الخدمات الأساسية، بما يجعل الحياة داخل المخيم مستحيلة. ومنذ 21 يناير الماضي، وسع جيش الاحتلال عدوانه على مدن ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين شمالي الضفة، خاصة محافظات جنين وطولكرم وطوباس، مخلفا 61 شهيدا فلسطينيا وفق وزارة الصحة، إلى جانب نزوح أكثرمن 40 ألفا ودمار واسع في ممتلكات ومنازل وبنية تحتية. ولم تقتصر العمليات العسكرية للكيان المحتل على استهداف طولكرم ومخيمها بل أيضا الاجتياح الأخير لمخيم جنين، الذي استمر لأيام، كشف عن نوايا الاحتلال في إعادة فرض السيطرة الأمنية بالقوة. استخدمت إسرائيل الطائرات الحربية لأول مرة منذ سنوات في عمليات القصف داخل المخيمات، مما أدى إلى سقوط شهداء وتدمير منازل وبنية تحتية. كما استُخدمت جرافات الاحتلال لتمزيق شوارع المخيم وعرقلة حركة الفلسطينيين داخله، وفي نابلس، تستمر جماعات المستوطنين المتطرفين في ممارسة اعتداءاتها تحت حماية جيش الاحتلال. أُضرمت النيران في منازل فلسطينية، وقُطع أكثر من 1000 شجرة زيتون خلال الأشهر الماضية، في إطار سياسة تهجير ممنهجة تهدف إلى السيطرة على مزيد من الأراضي. رغم القبضة الحديدية الإسرائيلية، تشهد المقاومة في الضفة الغربية تطورًا نوعيًا. لم تعد العمليات مقتصرة على المواجهات التقليدية، بل تطورت إلى عمليات إطلاق نار تستهدف الحواجز العسكرية والمستوطنات، ككتيبة جنين وعرين الأسود التي تبنت عمليات نوعية ضد الاحتلال، وفي المقابل، يتزايد التساؤل حول دور الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تقف موقف المتفرج عما يحدث دون أن تبادر بأي رد فعل على الاعتداءات الإسرائيلية، بل تستمر في تنسيقها الأمني مع الاحتلال، وهو ما يجعلها بنظر الكثيرين أداة لضبط الشارع الفلسطيني وليس لمواجهة الاحتلال، بل إن صمت السلطة على جرائم الاحتلال، وملاحقتها لبعض المقاومين، يجعلها تبدو وكأنها شريك غير مباشر في تكريس الوضع القائم، مما يعمّق حالة الاحتقان الداخلي. ختاما... إنَّ الوضع الراهن في الضفة الغربية يشير إلى أن المواجهة مرشحة للتصعيد في ظل تعنت الحكومة الإسرائيلية اليمينية، بقيادة بنيامين نتنياهو، وسعيها لتوسيع الاستيطان وتعزيز القبضة العسكرية، في ظل صمت دولي يعجز عن كبح جماح الاحتلال.

354

| 26 فبراير 2025

الفلسطينيون فائض بشري!

يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير 2025، لم ينسَ وعوده القديمة للصهاينة، ولم يتخلَّ عن نزعاته العنصرية التي جعلت من خطابه السياسي وقودًا للأزمات، فكانت آخر صيحاته في هذا السياق اقتراحه تهجير سكان غزة بحجة إعادة الإعمار، وباعتبارها مكانًا غير قابل للعيش، وكأن الحل يكمن في اقتلاع أصحاب الأرض بدلاً من إنهاء الاحتلال الذي يحاصرهم. ترامب الذي لا يخفي انحيازه الأعمى للكيان المحتل، يتحدث وكأن غزة أرض بلا شعب، يمكن ببساطة شطبها من الجغرافيا وإعادة توزيع أهلها على خرائط الآخرين، الحل ليس رفع الحصار أو إنهاء الاستيطان أو الاعتراف بحقوق الفلسطينيين، بل تهجيرهم، وكأنهم فائض بشري يجب التخلص منه. إذ أنَّ فكرة التهجير ليست مجرد مقترح عابر، بل هي امتداد لمشروع استعماري متجذر، بدأ منذ النكبة ولم يتوقف يوما، ما يطرحه ترامب اليوم ليس جديدا، بل هو إعادة إنتاج لفكرة صهيونية قديمة، تعود إلى وثائق بن غوريون والقيادات الإسرائيلية التي خططت، وما زالت تخطط، لطرد الفلسطينيين من أرضهم بكل الوسائل الممكنة، الفرق أن ترامب يضعها اليوم على الطاولة بشكل فجّ، دون مواربة أو محاولات تجميل. لكن السؤال الأهم: هل غزة قابلة للترحيل؟ هل يمكن اقتلاع قرابة المليوني فلسطيني من بيوتهم؟، ومن ذكرياتهم؟، ومن بحرهم وسمائهم وحِجارتهم؟ وهل سيسمح لهم التاريخ بذلك؟ إنَّ ردود الفعل الفلسطينية على تصريحات ترامب لم تكن مفاجئة، فالرفض جاء قاطعا، ليس فقط من القيادات السياسية، بل من الشارع الذي لم يعرف يوما إلا المقاومة والصمود، حركة حماس أكدت أن أهل غزة، الذين صمدوا أمام الحصار والقصف والتجويع، لن يتخلوا عن أرضهم، ولن يكونوا جزءا من أي مخططات تهجير، حتى لو سُوِّقَتْ تحت عناوين إعادة الإعمار، كما وصفت حركة الجهاد الإسلامي التصريحات بأنها جريمة سياسية، تهدف إلى إكمال مشروع التهجير القسري الذي بدأ منذ 1948، مؤكدة أن غزة رغم كل الألم، تملك من القوة والإرادة ما يكفي لإفشال هذا المخطط. ومن الطريف أن هذه التصريحات لم تلقَ تأييدًا حتى داخل الولايات المتحدة في مجلس الشيوخ، فكانت هناك آراء تؤكد أنها زوبعة في فنجان وأنها تصريحات غير قابلة للتنفيذ، بل ومثيرة للسخرية، السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المعروف بتأييده المطلق لإسرائيل، لم يستطع التماشي مع هذا الطرح، وصرّح بأن الكونغرس لن يدعم أي محاولات لتهجير سكان غزة، أما الديمقراطي ريتشارد بلومنتال، فقد كان أكثر صراحة، إذ وصف الفكرة بأنها تطهير عرقي مُقَنَّع، وحذر من أن واشنطن قد تجد نفسها في عزلة سياسية إذا مضت في هذا الاتجاه، كما كان الموقف العربي حيال تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن رافضا لأي خطط تستهدف توطين الفلسطينيين خارج وطنهم. إنَّ ترامب وكل من يتزلف له، يتعاملون مع غزة وكأنها قابله للبيع! يودون تمرير ما اختلقه الصهاينة بأنها أرض بلا شعب، وأنَّ لهم الحق في تحديد مصير الفلسطينيين!، ولكن الحقيقة التي يعرفها الجميع هي أن غزة غير قابلة للمساومة، وغير قابلة للبيع، فالأمر لا يتعلق بالفلسطيني الذي يحاصر ويُجَوَّع ويُقصَف، بل في المستعمر المحتل الذي يفرض عليه هذا الواقع ليس وليد السابع من أكتوبر بل يعود كما سبق أن ذكرنا إلى وثائق بن غوريون والقيادات الإسرائيلية التي خططت، وما زالت تخطط، لطرد الفلسطينيين من أرضهم وليس من غزة فحسب كما يحدث الآن في الضفة الغربية، لتوسيع خطة الاستيطان. ختاما... قد يظن ترامب أن بإمكانه تغيير المعادلة بقرار أو بمقترح، لكنه يجهل أن غزة ليست مجرد بقعة جغرافية، بل فكرة، وغزة كما يعرفها العالم، ليست قابلة للتهجير، لأن من يسكنها ليسوا ضيوفًا، بل أصحاب الأرض، الذين يعلمون جيدا أن من يجب أن يرحل ليسوا هم، بل الاحتلال ومن يدعمه، ولهم من نكبة 1948 درس، فقد علمتهم أنَّ الوطن لا يستعاد بالمفاوضات الفارغة، ولا بالتنازلات التي لا تليق بأصحاب الحق وتفرّغ القضية من جوهرها، بل بالصمود والمقاومة المسلَّحة، فمن ذاق أسلافه مرارة التهجير لن يسمح بأن يُفرض عليه وعلى أبنائه المصير ذاته.

531

| 19 فبراير 2025

استثنائية الخطاب مع العدو

إنَّ إعلان كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين حتى إشعار آخر، تعد خطوة تحمل دلالات استراتيجية عميقة، كما أنها تعد استثنائية في لغة الخطاب مع العدو، فهذه الخطوة ليست مجرد موقف تفاوضي، بل تعكس رؤية المقاومة الفلسطينية العميقة للواقع العسكري والسياسي في إسرائيل، وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات داخلية وخارجية. كما أنَّ قرار تأجيل تسليم الأسرى بمثابة رسالة سياسية بامتياز، وهي تدرك أن الضغط على إسرائيل سيزداد مع مرور الوقت، فالخروقات الإسرائيلية للاتفاق، من تأخير عودة النازحين، واستهداف المدنيين، وعرقلة إدخال المساعدات، كلها عوامل تجعل الاحتلال في موقع المتهم أمام المجتمع الدولي، وتمنح المقاومة ورقة ضغط إضافية. التصعيد الأخير في ملف الأسرى يعكس فهما دقيقا للمزاج الإسرائيلي العام، فالشارع الإسرائيلي، الذي بات يضغط بشدة على حكومته لإتمام الصفقة، يقابله رئيس وزراء -أي بنيامين نتيناهو- يعيش أصعب لحظاته السياسية، الذي فقد جزءًا كبيرًا من هامش المناورة بعد عودة عدد من الأسرى الإسرائيليين واحتفاء المجتمع بهم، بات في موقع ضعيف، فهو يواجه معارضة داخلية متزايدة، وانتقادات لاذعة من عائلات الأسرى الذين لا يزالون في غزة. * من ناحية أخرى، ترى المقاومة أن إسرائيل ليست في موقع يسمح لها بالمماطلة، خاصة بعد الانتكاسات العسكرية الأخيرة، فانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم، وعودة النازحين إلى شمال القطاع، شكلّا نكسة كبيرة لخطط الاحتلال، حيث بددت أسابيع قليلة ما راكمه الجيش خلال خمسة عشر شهرًا من العمليات العسكرية المكلفة، مما يعرض إسرائيل لخسائر أكبر في حال العودة للقتال البري، سواء على المستوى العسكري أو الشعبي، فضلًا عن تعريض الأسرى الإسرائيليين أنفسهم للخطر، ما يزيد من تعقيد الموقف الداخلي لحكومة نتنياهو. ما يميز أداء المقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة هو الاستفادة الذكية من الدروس السابقة، فبحسب عزام أبو العدس -المختص بالشأن الإسرائيلي-، فإن المقاومة قامت بإعادة تفخيخ المباني والطرق ومحاور التوغل، إضافة إلى ترتيب الأنفاق مجددًا بعد وقف إطلاق النار، وهذا يدل على أنَّ هذه الإجراءات تعني أن أي عملية عسكرية إسرائيلية جديدة ستواجه تحديات أكبر مما كانت عليه سابقًا، ما يرفع كلفة أي مغامرة عسكرية جديدة للجيش الإسرائيلي، فهذه التحضيرات لا تأتي في سياق الدفاع فقط، بل تعكس استراتيجية واضحة للمقاومة في استنزاف الاحتلال، وإبقائه في حالة استنزاف مستمر، يدفعه إلى التفاوض بشروط أكثر توازنًا، بدلًا من فرض واقع يحقق أهدافه الأحادية. ولا ننسى في هذا السياق ومع احتدام التوتر تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي حملت لغة تهديد في حال لم يتم تسليم الأسرى من قبل كتائب عز الدين القسام في تمام الثانية عشرة من ظهر السبت فإنه سيفتح أبواب جهنم، إذ إنَّ هذه التصريحات من الواضح أنها تحمل موقفا منحازا بالكامل للعدو الصهيوني، كما أنها قد تمنح نتنياهو وحكومته المتطرفة الضوء الاخضر لتصعيد عسكري رغم رفض أغلب الشارع الإسرائيلي لخطوة التصعيد العسكري للحفاظ على أرواح الأسرى. * ورغم هذه التهديدات تبقى المقاومة متمسكة بمطالبها، كما أنها تدرك أن مثل هذه التصريحات ما هي إلا لإجبارها على تقديم تنازلات ولإرهابها حتى تتراجع عن موقفها، الأمر الذي لم يثبت نجاعته بل على العكس كلما زادت الضغوط السياسية، زاد تمسك المقاومة بشروطها خاصة وأن موقفها يحظى بدعم واسع من الشارع العربي والعالمي، مؤكدة أنها لن تتراجع عن شروطها حتى يلتزم الاحتلال بكل بنود الاتفاق، بل إنها تطالب بتعويض عن الانتهاكات التي حدثت، وهذا الموقف يعكس ثقة المقاومة بقدرتها على فرض معادلة جديدة، وقد تجعل إسرائيل مضطرة للامتثال لما تم الاتفاق عليه، بدلًا من الاستمرار في سياسة فرض الأمر الواقع. ما يجري اليوم في ملف الأسرى ليس مجرد مفاوضات تقليدية، بل هو جزء من معركة أوسع لإعادة تشكيل ميزان القوى، فالمقاومة الفلسطينية تدير الملف بدقة، مستفيدة من الواقع العسكري والسياسي، واضعة إسرائيل في زاوية ضيقة، ومع تزايد الضغوط على حكومة نتنياهو داخليًا وخارجيًا، قد يكون أمامها خيار وحيد: القبول بشروط المقاومة، لتجنب مزيد من التعقيدات في المشهد الإسرائيلي الداخلي. ختاما... في النهاية، يبقى تأجيل صفقة الأسرى خطوة تعكس ذكاءً تكتيكيًا في إدارة الصراع، وتؤكد أن المقاومة لا تتعامل بردود الأفعال فقط، بل تمتلك رؤية متكاملة لكيفية الضغط على الاحتلال، واستثمار نقاط ضعفه، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والميدانية.

327

| 12 فبراير 2025

جنين.. غزةٌ أُخرى

تشهد مدينة جنين ومخيمها عمليات تهجير قسري تعكس سيناريو مشابهًا لما حدث في غزة منذ قرابة الأسبوعين، حيث تعرضت خلال السنوات الثلاث الماضية إلى 104 اجتياحات متكررة، وسط تصاعد مستمر في وتيرة الاقتحامات. إلا أن ما يجري حاليًا في جنين يُعدّ الأعنف من نوعه، وكأن الاحتلال يسعى للانتقام لاستعادة هيبته التي تزعزعت في غزة، خاصة بعد مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين والاستقبال الشعبي لمقاتلي كتائب عز الدين القسام، الذين زعم الاحتلال أنه قضى عليهم ودمر بنيتهم التحتية، لذا وجد نفسه أمام صيد ثمين في استهداف المقاومة في جنين، وتنفيذ مشروعه الاستيطاني باقتلاع الفلسطينيين من أرضهم تحت غطاء العمليات العسكرية، في مسعى واضح لتطهير المدينة عرقيًا وفرض تهجير قسري على سكانها. تتصاعد عمليات التدمير في جنين بوتيرة غير مسبوقة، حيث توسعت جرائم التجريف لتشمل أحياء بأكملها، بل قام جيش الاحتلال بتفجير مربع سكني بأكمله، فقبل بدء العدوان الحالي، كانت 40 % من أراضي المدينة قد تعرضت للتجريف، ناهيك عن التدمير الممنهج للبنية التحتية. أما مخيم جنين، فقد بات مسرحًا لعملية تدمير تراكمي، حيث تعرض للاجتياح والتخريب قرابة 12 مرة، في مشهد يعيد للأذهان صور الدمار التي شهدها قطاع غزة. إن النزعة العدوانية المتغطرسة التي تحكم إستراتيجية الاحتلال العسكرية تهدد مصير أكثر من 80 ألف فلسطيني، خصوصًا مع تعمده تدمير البنية التحتية والخدمات الأساسية. فحاليًا، تعاني نصف الأحياء في جنين من انقطاع حاد في الاحتياجات الأساسية، بينما حُرمت أحياء بأكملها من المياه والكهرباء منذ أكثر من أسبوعين، وسط عجز بلدية جنين عن توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة، بالتزامن مع عرقلة عمل طواقم الأونروا في غزة والضفة الغربية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق. فقد كانت الأونروا تمثل شريان حياة لنحو مليون لاجئ في الضفة، عبر تقديم الحد الأدنى من الخدمات الصحية والتعليمية والغذائية، لكن تضييق الاحتلال عليها أضاف عبئًا هائلًا على بلدية جنين وحكومة تعاني أصلًا من الفساد الداخلي وسوء الإدارة. إن استمرار الأوضاع بهذا الشكل سيحوّل جنين إلى مدينة أشباح غير صالحة للحياة، تمامًا كما هو الحال في قطاع غزة، وفق تأكيدات مراقبين أمميين. فمع تواصل العمليات العسكرية منذ قرابة الأسبوعين، تلوح في الأفق كارثة إنسانية وشيكة ما لم يكن هناك تدخل دولي فاعل، سواء عبر المنظمات الدولية والإنسانية أو من خلال ضغوط سياسية مباشرة على الاحتلال. وحتى لحظة كتابة هذه السطور، لا تزال الاستغاثات المتكررة الصادرة عن رئيس بلدية جنين بلا أي صدى، إذ لم تُسجَّل أي استجابة تذكر من الجهات الدولية أو الأممية، رغم مناشداته المستمرة للدول العربية والإسلامية بضرورة التدخل والضغط السياسي لوقف السيناريو المتكرر لقطاع غزة. غير أن المشهد يعكس بوضوح معادلة التجاهل الدولي، وكأن المجتمع الدولي ارتضى أن يكون شريكًا بالصمت في هذه الكارثة الإنسانية، حيث وفق القانون الدولي، فإن ما يجري في جنين يرقى إلى مستوى جريمة حرب، إذ تنص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بوضوح على حظر العقاب الجماعي والتدمير العشوائي للممتلكات المدنية في الأراضي المحتلة، وهو ما ينتهكه الاحتلال يوميًا. كما أن عمليات التهجير القسري التي تستهدف الفلسطينيين تشكل انتهاكًا صارخًا للمادة 49 من الاتفاقية ذاتها، والتي تحظر النقل القسري للسكان تحت أي ذريعة. وهنا يأتي السؤال الذي يفرض نفسه أمام هذه الجرائم هو: أين الأجهزة الأمنية الفلسطينية مما يحدث؟ أين دورها في حماية أبناء شعبها من القتل والتهجير والتنكيل؟ جاء الرد الرسمي على لسان العميد أنور رجب، الناطق باسم الأجهزة الأمنية، بقوله: «عدم تدخلنا يأتي في مصلحة المواطن الفلسطيني، حتى لا ننجر إلى مربع يسعى إليه الاحتلال». لكن أي «مصلحة» هذه التي يُترك فيها الفلسطيني أعزل يواجه الإبادة؟ أين المصلحة في الصمت المهين بينما الفلسطيني يُقتل ويُهجر وتُفجر منازله؟ إن هذا الصمت الرسمي لا يمكن تفسيره إلا باعتباره تواطؤًا على الوطن والمواطن، وتخاذلًا مخزيًا عن القضية الفلسطينية. فالحصار يُفرض على الفلسطينيين، والقتل يستهدف الفلسطينيين، والمنازل التي تُدمر هي منازل فلسطينيين مدنيين، بينما لا يوجد بين المستهدفين مقاوم واحد. فهل بات الدفاع عن أبناء الشعب الفلسطيني مربعًا خطرًا تتجنبه الأجهزة الأمنية؟ وأي خطر أعظم من تفريغ فلسطين من شعبها؟ وفي ظل هذا الوضع المتفاقم، تلتزم الحكومة صمتًا مريبًا، وهو أشبه بموقف القردة الثلاثة في الأسطورة الصينية – لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم – بحجة أنها تحمي الفلسطينيين من الانجرار إلى سيناريو مشابه لما حدث في غزة. لكن الحقيقة أن هذا التقاعس يفاقم معاناة السكان، في مشهد يكشف الوجه الحقيقي لسياساته القائمة على الحصار والتهجير القسري. ختاماً في الوقت الذي تصعّد فيه إسرائيل انتهاكاتها في كل الجبهات، يواصل المجتمع الدولي غض الطرف، متجاهلًا مسؤولياته القانونية والأخلاقية في وقف هذه الجرائم. إن التخاذل الداخلي والتواطؤ الدولي يمنحان الاحتلال ضوءًا أخضر لمواصلة مشروعه الاستيطاني القائم على التطهير العرقي والتهجير القسري، ما يستدعي تحركًا شعبيًّا ودوليًّا عاجلًا قبل أن يتحول المشهد في جنين إلى نكبة جديدة، تُرتكب أمام أنظار العالم في القرن الحادي والعشرين.

555

| 05 فبراير 2025

اليوم التالي وخطة الجنرالات

قد تكون ترويدة اليوم مختلفة باختلاف الظرف الصحي الذي أعيشه، والذي يتطلب مني الراحة التامة. ومع ذلك، فإن مشاهد العز والانتصار التي تناقلتها وسائل الإعلام العربية والغربية الحرة الشريفة لعودة سكان شمال قطاع غزة إلى أراضيهم قد آنستني وأعادت لي بعضًا من قوتي، بل انتصرت على آلامي التي تضاءلت أمام مشاعر الغزيين المختلطة بين فرحة العودة وحزن الفقد؛ الفقد في الأرواح والممتلكات. وهذا ما دفعني لكتابة هذه الكلمات من على سرير الشفاء لأتشارك فرحة العودة مع مئات الآلاف من سكان الشمال. هذا المشهد الذي حاولت حكومة الاحتلال الإسرائيلي منعه لأنه يتعارض مع أفكارهم الاستعمارية الاستيطانية، وخطة الجنرالات خاصة في قطاع غزة. لقد أدركنا حجم النصر الذي تجلى في عودة السكان إلى شمال قطاع غزة من خلال ردود الفعل الإسرائيلية، خاصة من وزير الأمن الإسرائيلي السابق المتطرف إيتمار بن غفير، الذي رأى في عودة السكان إلى غزة انتصارًا لحماس واستسلامًا مطلقًا لجيش كيانه المزعوم، في ظل أجندة حكومته التي حاولت تهجير سكان غزة من الشمال وتهيئة الأرضية للمشروع الاستيطاني الاستعماري. إن المشهد المهيب الذي سطره سكان شمال قطاع غزة خلال عودتهم إلى مناطق سكناهم عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين سيرًا على الأقدام لمسافة 7 كيلومترات، وهم يعلمون تمام العلم أن مساكنهم سُويت بالأرض، وأن هناك عددًا من المفقودين تحت الركام بل قد تحولوا إلى هياكل عظمية، أكد هزيمة الكيان المحتل بكل ما أوتي من قوة ودعم خارجي من أعتى الدول أمام صمود الغزيين. ليكتب بذلك فصلاً جديدًا من فصول الانتصارات الحقيقية أمام الأوهام التي ينسجها الكيان المحتل المشبع بالفكر الصهيوني بأنه يستطيع اقتلاع الفلسطيني من أرضه. فهذا المشهد سجله التاريخ ليكون وثيقة ليس لإسرائيل التي تعيش على الدعم الخارجي فحسب، بل للمتواطئين من العرب الذين يروجون لأفكارهم المسمومة بأن الفلسطيني قد باع أرضه. وهيهات هيهات أن يبيع الفلسطيني أرضه للمستعمر المحتل. فما عايشه الأجداد والآباء في 1948 نتيجة تخاذل عربي، يصعب على الأجيال الجديدة الوقوع في الفخ ذاته. فلا عهد ولا وعد مع الصهاينة. * إن تاريخ 27 يناير 2025 بات وصمة عار في تاريخ الكيان المحتل، ويضاف إلى تاريخ السابع من أكتوبر 2023 الذي مرغ أنوف المحتل في تراب غزة الطاهر لفشله استخباراتيًا وعسكريًا. هذا المشهد الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام الغربية قبل العربية، دفعهم لطرح سؤال كبير: ما الذي كان يصنعه جنودهم طيلة الـ15 شهرًا الماضية في قطاع غزة؟ ما الأهداف التي حققتها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حربها على غزة؟ فما حققه الكيان من تدمير مادي في قطاع غزة لا يعد مقياسًا للنجاح بل هو بكل تأكيد مقياس للفشل. وكلما استهدف المدنيين واستهدفت البنى التحتية، كلما خسر الطرف المعتدي أكثر. وهذا ما أكده أندرياس كريغ - كاتب متخصص في شؤون الشرق الأوسط - خلال مداخلة له في برنامج «ما خفي أعظم»، قائلاً: «إن أكبر خطأ باعتقادي كانت إسرائيل تعاني منه وما تزال حتى اليوم هو أنهم يقاتلون فكرة في عقول الناس، وهذه الفكرة أكبر بكثير من حماس». طوفان العودة قلب موازين النصر والهزيمة. فهو نصر لإرادة الشعب الفلسطيني، وتحديدًا لإرادة سكان قطاع غزة، الذين عاشوا ويلات حرب إبادة ممنهجة على مدار 15 شهرًا لم ولن يشهدها التاريخ الحديث، مقابل الكيان المحتل بذخائره وآلاته العسكرية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وكندا، وبدعم غير مباشر من بعض الدول الشقيقة التي ضيقت الخناق على قطاع غزة. ورغم هذه الحرب الشعواء التي ابتلعت الأخضر واليابس، واستهدفت الأطفال والنساء والشيوخ، خرج الغزيون وكان لسان حالهم يردد: «فإما حياة تسر الصديق. وإما ممات يغيظ العدى». خرجوا مرفوعي الرأس ينشدون العودة إلى ديارهم، وبالفعل كان لهم ما أرادوا. هذا الحلم الذي رآه ضعاف النفوس مستحيلًا، مراهنين على استسلام فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها «حماس»، ومراهنين على ضعف الحاضنة الشعبية لفصائل المقاومة، الذين سيستسلمون مقابل حرية مؤقتة في دول مجاورة. إلا أن الغزي لم يذقهم ما أرادوه، بل وبفضل الله ومقاومته الباسلة، رضخ العدو، وجعلته يجثو على ركبيتيه كما رسم لهم أبوإبراهيم الشهيد يحيى السنوار، حتى وصلوا إلى صفقة كانت فيها المقاومة الفلسطينية المبتدأ والخبر. ختامًا: * ما حدث كان نقطة فارقة في المشروع الاستيطاني وفي مسار العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. ما حدث خلق واقعًا جديدًا في العملية التفاوضية، ليس الآن فحسب، بل إلى أن يرحل الاحتلال عن أراضينا. ليكون اليوم التالي لنا، وليس خطط الاحتلال وجنرالاته، فإن عاشت غزة لذة العودة الصغرى، نحن وكل من هم في دول المهجر والشتات نتطلع إلى لذة العودة الكبرى للقدس وحيفا ويافا وعكا وفلسطين بأكملها.

324

| 29 يناير 2025

غزة تنتصر «خاوة»

مرت خمسة عشر شهرًا على جولة التصعيد الأخيرة بين غزة والاحتلال الإسرائيلي، لتبرز معالم ميزانٍ جديد للنصر، حيث لم تستطع إسرائيل تحقيق أهدافها المعلنة من تنفيذ خطة الجنرالات، أو تفكيك المقاومة لاسيما حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، أو كسر إرادة سكان القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عاما رغم استهداف العدو المحتل -طيلة الخمسة عشر شهراً الماضية- المدنيين، والإمعان الوحشي بتدمير البنى التحتية، بل واستخدام أبشع الممارسات بحق سكان قطاع غزة من قصف وتدمير وتجويع وترهيب. في قلب هذا المشهد، وقفت وتقف غزة هاشم أو غزة العزة سمها ما شئت فهي غزة الشامخة الصابرة المحتسبة لشهدائها وجرحاها، ليبرز من بعيد صورة رجال المقاومة على اختلاف فصائلها لاسيما كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وهي تجوب شوارع القطاع بعدتها وعتادها فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح الأحد الماضي، وكأن لسان حالها يقول المعركة لم تنتهِ، وأن المقاومة مستمرة ما استمر الاحتلال، وخططكم أيها العدو ديست بأقدام رجال المقاومة، بل نفذت خطة ورؤية الشهيد يحيى السنوار-رئيس المكتب السياسي لحركة حماس سابقا-، وجثوتم على ركبكم وصولاً لهذه الصفقة، التي نفذت بتوقيت غزة الأبية، ليتقاطع مع مشهدهم مشهد آخر يبرز الحشد الشعبي الكبير المؤيد والداعم للمقاومة، ويبرز قوة تلاحم الشعب الفلسطيني لاسيما سكان غزة مع قيادته، ليبرهن مجددا أن تفكيك حركة المقاومة الإسلامية حماس «عصي»، بل إن الصورة بأكملها وضعت الحكومة اليمينية المتشددة التي يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حرج مع مناصريها ومنتقديها متسائلين ماذا كان يصنع جيش إسرائيل خلال الخمسة عشر شهراً الماضية في قطاع غزة؟، فلا حماس فُككت، ولا الأسرى أعيدوا!. .. قد يقول قائل أين النصر الذي حققته غزة بعد 47035 شهيد؟، فبالرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي المدعوم من قوى خارجية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تعرّض الاقتصاد الإسرائيلي لخسائر ضخمة نتيجة توقف الأنشطة التجارية والصناعية في المناطق المستهدفة، كما تراجعت ثقة الجمهور الإسرائيلي في قيادته السياسية والعسكرية، التي فشلت في حسم المعركة، بل وواجهت انتقادات شديدة بسبب استراتيجيتها غير المجدية في قطاع غزة. * تكبّدت إسرائيل خسائر كبيرة على مختلف الأصعدة خلال هذه الحرب غير العادلة، فقد بلغت تكلفة الحرب 42 مليون دولار، وبلغت الخسائر الاقتصادية أكثر من 34 مليار دولار، كما بلغ إجمالي العجز في الميزانية 37.5 مليار دولار، كما أغلقت 60 شركة إسرائيلية، وتراجع قطاع السياحة بنسبة 70%، أما من حيث الخسائر البشرية فقد أسفرت الحرب عن مقتل 810 جنديا إسرائيليا، وتم استدعاء نحو 220 ألف جندي من الاحتياط، وأصيب نحو 14 ألف جندي إسرائيلي، بمعدل ألف مصاب شهرياً، فضلا عن ما واجهه الاحتلال من ضربات نوعية وجهتها المقاومة، سواء من خلال الصواريخ بعيدة المدى التي وصلت إلى العمق الإسرائيلي، أو عبر العمليات النوعية التي نجحت في استهداف مواقع استراتيجية، إلى جانب الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالجيش الإسرائيلي، أُجبر آلاف المستوطنين على النزوح إلى مناطق أكثر أمانًا، ما شكّل ضغطاً داخلياً هائلًا على الحكومة الإسرائيلية، دونما أن ننسى الإخفاق الأمني والاستخباراتي الذي وصم الحكومة الإسرائيلية منذ عملية طوفان الأقصى. * على الجانب الآخر، قدم الشعب الغزي تضحيات جسيمة، حيث استُشهد المئات وأُصيب الآلاف جراء العدوان الإسرائيلي المستمر، دُمّرت منازل ومرافق حيوية، وزادت معاناة السكان بسبب الحصار، لكن هذه التضحيات، التي اعتقد الاحتلال أنها ستُضعف الشعب وتؤدي إلى قلب الشارع الغزي على المقاومة، جاءت بنتائج عكسية، فبدلاً من أن ينهار الدعم الشعبي للمقاومة، ازداد الالتفاف حولها كخيار وحيد للدفاع عن غزة وحمايتها من الاحتلال، كما تأكد المؤكد أن كتائب عز الدين القسام وعناصر المقاومة المسلحة تمثل الدرع الحامي لهم، وأن معركتهم ليست فقط من أجل البقاء، بل من أجل الحرية واستعادة الحق الفلسطيني المنهوب منذ 76 عاماً وليس الآن. ختامًا... في ظل هذه المعطيات، يمكن القول إن غزة أثبتت مرة أخرى أن إرادة الشعوب أقوى من آلة الحرب، فصمود المقاومة، وحجم التضحيات المقدمة، والتفاف الشعب حولها، كلها عوامل عززت فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه، ورغم الثمن الباهظ الذي دفعه أبناء غزة، يبقى المشهد يؤكد أن النصر يبدأ من الثبات، وأن الشعوب التي تقاوم لا يمكن أن تُركع، وانتصار أهالي غزة كان «خاوة» أي رغما عن أنف «النتن ياهو» ومن ناصره.

555

| 22 يناير 2025

سلطة تحت «بساطير الاحتلال»

في يوم ما اعترف رئيس السلطة الفلسطينية صراحة قائلا بأنه «سلطة تحت بساطير الاحتلال»، وأنّه لا يستطيع مغادرة أو العودة إلى رام الله إلا بموافقة الاحتلال، على الرغم من أنَّ اعترافه صحيح ولا شائبة فيه، إلا أنني لم أدرك ما اعترف به صراحة إلا بعد عملية الخزي و العار لا عملية «حماية وطن» الأمنية التي أطلقتها قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لتمنح نفسها شرعية إشهار سلاح ممول من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان المحتل في وجه أبناء الجلدة الواحدة! لتخليص أبناء المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين ثاني أكبر مخيم في الضفة الغربية من سلاح المقاومة الذي لم يشهر إلا في وجه الكيان المحتل والمستوطنين، مدعية أجهزة السلطة في عمليتها التي سُهي عليها وهي تختار شعار العملية أن تلحق بكلمة «وطن» الألف واللام، حتى تزيد حيرتنا فمن هو «وطن» المقصود في عمليتها الأمنية ؟!، ومن تخدم هذه العملية؟! وهذان السؤالان علينا توجيههما لمن لايزال يعتقد بأحقية ما اقترفته السلطة بحق أبناء الوطن الواحد تحت ذريعة «استئصال الفتنة والفوضى» في المنطقة على حد وصف الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. وما زاد الطين بلة هو أنَّ السلطة وبكل تبجح وصفت المقاومين بـ»العملاء» يسعون لزعزعة الاستقرار، واتهمتهم بالتواطؤ مع اليمين المتطرف الإسرائيلي الذي يعمل على إضعاف السلطة، مما دفع أجهزة السلطة لفرض حصار كامل على مخيم جنين، مما أسفر عن انقطاع الكهرباء والمياه، ومنع الدخول أو الخروج من المخيم. كما تعذر وصول سيارات الإسعاف، فيما استولت قوات السلطة على العديد من المنازل وحولتها إلى مواقع عسكرية، مما أدى إلى تهجير السكان قسرًا، كما عطلت طلبة المدارس والجامعات عن فصلهم الدراسي الحالي، دون أي مسوغ سوى شهوة السلطة، التي جعلت الأجهزة الأمنية تمارس أبشع أنواع الممارسات من قتل وقنص وتعذيب لمن تم اعتقالهم، وكأنها مقاول من الباطن لحماية وحراسة الاحتلال، كما أنها تخشى من تصاعد عمل المقاومين في الضفة الغربية الذي تراه تهديدا لوجودها المرتبط بالتنسيق الأمني مع المحتل، وبالتالي فإن تطور قدرات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية يزيد من احتمالات تراجع النفوذ الأمني للسلطة في الضفة وهي تخشى تكرار سيناريو غزة. ..وما أراه مؤسفا في هذه العملية التي يندى لها جبين كل فلسطيني حر، هو أنَّ ما أقدمت عليه أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية هو نوع من المغازلة السياسية على حساب أبناء الشعب الواحد، وتوجيه رسالة بأن السلطة شريك موثوق به، ولنيل الرضا من دولة الاحتلال وداعميها عن عمليتها الواسعة في الضفة الغربية، وكيف لا ترضى وهي ترى الدم الفلسطيني يراق بيد فلسطينية ! ..وحقيقة وللحظة كتابة هذه الأسطر، وأنا لازلت أضرب كفا بكف، فكيف لأجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية أن تتخذ هذه الخطوة المخزية والتي تعد وصمة عار لا وسام شرف بتاريخ السلطة الفلسطينية، إذ أنَّ هذا الأمر مهما حاولت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية تبريره وشرعنته سيظل وصمة عار بل وخيانة لأبناء الجلدة الواحدة، وعلى أجهزة السلطة الفلسطينية أن تعي تماما بأنَّ في حال انتهت مهمتها لن تنعم بطيب المعشر مع العدو المحتل مصداقا للمثل الشعبي «عشم إبليس في الجنة»، فمن سهُل عليه خيانة أبناء شعبه في ظل الخطر الذي يتهدد القضية الفلسطينية من خلال العدوان على قطاع غزة، ومحاولات تهجير الشعب الفسطيني وضم الضفة الغربية وتوسيع نطاق الاستيطان الإسرائيلي، لن يحظى باحترام حتى من تواطأ معه ضد أبناء شعبه. ختاماً... أتمنى من السلطة الفلسطينية أن تعود إلى رشدها، وتعيد حساباتها في ظل عنق الزجاجة الذي لا تحياه غزة فحسب بل كل فلسطين، ويظل السؤال قائمًا متى ستستيقظ السلطة الفلسطينية من غفلتها؟ ومتى ستغلق ملفات الخلافات بين الفصائل الفلسطينية؟ والتركيز على أنَّ هناك عدوا واحدا، يجلس متفرجاً على الأخ وهو يقتل أخاه بدم بارد لتحقيق مصالح العدو الخبيثة على أرض فلسطين.

561

| 15 يناير 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

7062

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2856

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

2448

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2301

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

2127

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1620

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1401

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1251

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1128

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

861

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

852

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

789

| 20 أكتوبر 2025

أخبار محلية