رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لطالما كان الطموح نحو المعالي سمة من سمات العظماء في تراثنا العربي، فالطموح إلى القمم هو ما يميز قادة الأمم وصُنّاع التاريخ، إذ لم يكن الوصول إلى المناصب العليا يومًا مجرد مطلب دنيوي، بل كان طريقًا لتحقيق الإصلاح وترك الأثر. ومن سيرة أصحاب المناصب العليا، نجد أن الإصرار والعمل الجاد كانا مفتاحي الارتقاء. فكما تسلّق الإنسان العربي قمة المجد في الحضارات القديمة بعزيمته، كذلك اليوم لا تزال «المناصب العليا الإدارية» متوقدة في ذهنية أصحاب الطموح الوظيفي. وفي بيئة العمل الخليجية المتسارعة، يبرز الموظفون الذين يتبنون أساليب جديدة ومبتكرة للتميز والارتقاء. وهذا التميز يتطلب مزيجًا من المهارات الشخصية والمهنية التي تجعل منك قائدًا مؤهلاً للوصول إلى تبني المسؤوليات الإدارية. وفي عالم الإدارة، يذكر مفكرو هذه المدرسة أنه لا يكفي أن تكون خبيرًا فنيًا في مجالك، بل يجب أن تمتلك المهارات الناعمة مثل القيادة، والعمل الجماعي، والتواصل الفعال. ويعد الذكاء العاطفي مثلا أحد العناصر الأساسية التي تمكنك من بناء علاقات قوية مع فريقك وزملائك. وتتعلم كيفية فهم مشاعر الآخرين وإدارتها بشكل متوازن يسهم في خلق بيئة عمل منتجة ومتناغمة. فالتعلم المستمر هو المفتاح للبقاء متميزًا في سوق عمل يشهد تغيرات متسارعة، ولم يترك لنا عصر التكنولوجيا وقتا لالتقاط الأنفاس، فيجب أن تسعى لاكتساب مهارات مستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات وغيرها. وللوصول إلى المناصب الإدارية، عليك تبني عقلية القائد قبل أن تحصل على المنصب. ابدأ بتولي مسؤوليات إضافية والمشاركة في وضع إستراتيجيات تساعد في نجاح فريقك. وتذكر أن المبادرة في العمل وإيجاد حلول مبتكرة للمشكلات دليل على قدرتك على تحمل المسؤوليات الأكبر، وخاصة في بيئة العمل الخليجية التي تعتمد بشكل كبير على التواصل الشخصي. كن حاضرًا في الفعاليات والمؤتمرات المهنية، وابحث عن مرشد إداري وحكيم وظيفي يشاركك خبراته ويوجهك نحو النجاح. وتذكر بأن القادة الناجحين هم الذين يفكرون بطريقة إستراتيجية ويقدمون حلولاً مبتكرة تلبي احتياجات المؤسسة، وقدم دائمًا أفكارًا جريئة ولا تتردد، ولتكن مدروسة لتثبت قدرتك على تحقيق أهداف المؤسسة بأسلوب مبتكر واستثنائي. وبينما تطمح للوصول إلى المناصب العليا، لا تنس أبدا أن التواضع صفة وسمة بشرية عالية السمو وأساسية لأي قائد يريد أن يسمو بجناحيه، جناح الارتقاء الأخروي وجناح الارتقاء الدنيوي وأن تحقيق العدالة التنظيمية ونشر الخير في بيئة العمل هو من أعمال القياديين الاستثنائيين.
507
| 20 نوفمبر 2024
الحكم ليس مجرد ممارسة نظامية للسلطة، بل هو فن يكتسب قدسيته عندما يرتبط برضا الشعب ويحقق لهم الأمان والعدل، ففي لحظات الاستقرار الحقيقية، تتشابك آمال الحاكم وطموحات شعبه وتلتقي في بوتقة من التوافق والثقة. وهذه اللحظة النادرة، تكون عندما يختار الحاكم أن يسير بين الناس، وأن يعايشهم ويلامس احتياجاتهم بصدق أبوي، حينما يتحول الحكم إلى عهد من الشفافية والمساءلة، وعندما تُصاغ القرارات برؤية بعيدة المدى تراعي خصوصيات كل مجتمع، تتشكل أسس متينة للثقة التي تمنح الشعوب الأمل وتغرس فيهم شعور الرضا عن سلطتها. فالحكم الرشيد هو الأساس الذي يضمن استقرار الشعوب وازدهارها، فهو يجمع بين الإدارة الفعّالة والشفافية، ويعزز من العلاقة بين الشعب والحاكم عبر تحقيق الرضا المتبادل. فعندما يشعر الشعب أن حكامه يراعون مصالحه ويتعاملون بصدق وعدالة، يتولد شعور بالثقة والتعاون الذي يسهم في بناء مجتمع متماسك ومستقر. ويمثل الرضا الشعبي تجاه الحاكم جوهر هذا الاستقرار، إذ يتحقق عبر استماع القادة لمطالب الناس، وتلبيتها بطرق تعكس الشفافية والمشاركة الشعبية في صنع القرار. ومن هنا، فإن تحقيق الحكم الرشيد لا يتطلب فقط الالتزام بالشفافية، بل يستوجب تبني أسلوب حكم يتوافق مع خصوصيات كل مجتمع، فهو يتطلب احترام الثقافات المحلية والتاريخ الاجتماعي، والعمل على تصميم سياسات تتناسب مع هذه الخصوصيات. فكل مجتمع يتميز بتحدياته وأولوياته، ويتطلب نمطاً للحكم يتكيف مع طبيعته الفريدة. فلذلك، فإن اعتماد نماذج حكم جاهزة دون مراعاة السياق المحلي غالباً ما يؤدي إلى مشكلات وصراعات، وقد أظهرت التجارب التاريخية أن فرض سياسات غير ملائمة قد يزيد من مشاعر الاستياء الشعبي ويعوق التنمية المستدامة. ففي هذا السياق، يُعد الحكم التشاوري نموذجاً فعالاً لتحقيق الرضا بين الشعب والحاكم، إذ يمنح المواطنين فرصة للتعبير عن آرائهم ويسهم في بناء الثقة، كما أن إشراك الشعب في اتخاذ القرارات يضمن تحقيق العدالة، حيث يُعتبر صوت الشعب في توجيه السياسات التي تؤثر على حياتهم عنصراً أساسياً لتلبية احتياجاتهم بطرق فعّالة ومستدامة. فإن الحكم الرشيد ليس مجرد إطار سياسي، بل هو أسلوب للحياة والعمل يعتمد على العدالة في توزيع الموارد والثروات الوطنية، وتوفير فرص متساوية للمواطنين، وتعزيز البيئة المستدامة. ومن خلال النظر إلى كل شعب كحالة خاصة والعمل على تحقيق رفاهيته بما يتناسب مع إمكانياته وظروفه، يكون الحكم الرشيد قد حقق التوازن بين التنمية والعدالة، وجعل الرضا المتبادل بين الشعب والحاكم ممكناً، ما يحقق الاستقرار والازدهار المستدام للمجتمعات.
501
| 13 نوفمبر 2024
في عالم قد تغلب فيه المظاهر على الحقائق، يظهر الصدق كقوة شفافة لدى الآخرين فتزيل الأقنعة وتظهر الإنسان على حقيقته. ومن تلك المشاعر التي يدعيها من يدعيها « حب الوطن، والإخلاص له»، فلا تكفي إن بقيت حبيسة الأفواه وإن تغنى بها من تغنى، بل تحتاج لأفعال تترجمها وتدعمها. فحين تكون مشاعر الإنسان صادقة، فإنها تجد طريقها إلى الواقع عبر الأفعال التي تجسد تلك المشاعر بوضوح وجلاء. فالأفعال هي الشاهد الصامت على ما يختلج في القلوب، تكشف بوضوح عن نوايا الإنسان وأصالته. فالذي يدعي الانتماء الوطني وهو شعور الموظف بالفخر والولاء لوطنه، فإن كان صادقاً في ذلك فإن ذلك الشعور يولد لديه دافعًا قويًا لخدمة مجتمعه وإثبات كفاءته من خلال عمله. فقد أظهرت الأبحاث أن الانتماء الوطني يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على أداء الموظفين من خلال تعزيز ارتباطهم بالمؤسسة ودفعهم لبذل أقصى جهد ممكن في أداء واجباتهم. ويعكس هذا التأثير مفهوم الهوية الوطنية لديهم. فالموظف الذي يرتبط بوطنه ارتباطا صادقا يرى أن نجاحه الشخصي يُعتبر جزءًا من نجاح المجتمع ككل، مما يعزز لديه الالتزام والمسؤولية نحو تقديم أداء متميز. وتشير دراسات قامت بها مراكز متخصصة في دراسة السلوك السياسي وعلاقته بالعمل والانتاجية لدى المواطنين بأن الموظفين الذين يملكون انتماءً وطنيًا عميقًا يتميزون بمستويات عالية من الإنتاجية والإخلاص، حيث يرتبط هذا الانتماء بزيادة الشعور بالمسؤولية تجاه جودة العمل. وكم هو جميل أن تُشجع الحكومة على تعزيز الانتماء الوطني من خلال المبادرات التعليمية والثقافية، فتخلق لدى الموظف دافعية قوية لتطوير مهاراته والمساهمة في تحقيق أهداف وطنه التنموية. وقد يُواجه الموظف تحديات عدة تؤثر على مستوى أدائه، مثل الضغوط المهنية أو قلة الموارد. ومع ذلك فإن المؤسسات الحكومية التي تعزز الانتماء الوطني في موظفيها، لديها قدرة أكبر على مساعدة الموظفين على تخطي هذه التحديات، من خلال توفير بيئة عمل داعمة تشمل برامج تطوير مهني وأنشطة تشجع على تعزيز الولاء والانتماء. لذلك تجد من المواطنين من قد يُضحّي بفرص مالية أكبر أو امتيازات شخصية غير قانونية ولا يمنعه من ذلك الا بعد ديني أو ضمير يقظ أو وطن يشعر بأن خيانته من أعاظم الأمور. وفي ذلك يعبر أبو تمام يعبر عن أهمية صدق الأفعال على صدق الأقوال: «لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُهُ فلم يبقَ إلا صورةُ اللحمِ والدمِ»
345
| 06 نوفمبر 2024
يذكر أحد الفلاسفة واصفاً "الكلمة" ومفهومها بقوله: "تكلم حتى أراك. فالكلمات تكشف عن جوهر الشخص كما تنكشف المعادن عند صهرها." وقال آخر عن الكلمة المؤثرة: "الكلمات ليست سوى إشارات ومجازات، ولكنها تحمل في طياتها قدرًا كبيرًا من القوة والتأثير". الكلمة.. تلك الوحدة اللغوية التي تبدو في تراكيبها وصوتها بسيطة، ولكنها تحمل في طياتها قوة عظيمة قادرة على التأثير في أعمق أعماق النفس البشرية. فهي ليست مجرد وسيلة للتواصل أو التعبير فحسب، بل هي مفتاح إلى العوالم الداخلية للبشر، تفتح أبواب العواطف، تُحيي الذكريات، وتشكل القيم والمعتقدات. فالكلمة، كالسهم، قد تصيب القلب بالحب والدعم، أو تجرحه بشوكة النقد والتقليل من الشأن، مما يجعلها أداة يتحكم بها الإنسان العاقل، لكنها تمتد بتأثيراتها إلى أبعد من قدرته على التنبؤ أو السيطرة. حينما ننطق بكلمة إيجابية محملة بالأمل تجاه الآخرين، فإننا نزرع بذورًا طيبة في تربة النفس لديهم. فهذه الكلمات تجد طريقها إلى قلوب الآخرين، فتُنعش أرواحهم، وتعزز ثقتهم بذواتهم، وتجعلهم يرون العالم من زاوية أكثر إشراقًا وتفاؤلاَ. إن الكلمة الجميلة هي كبذرة الحب، كلما تكررت سقيها بالتشجيع والرعاية ومواصلة الرعاية، فإن شجرتها تنمو وتستمر بالنمو الذي يدعم الفرد، وتحميه من العواصف، وتظلله حين تشتد عليه مشاق الحياة. فالكلمة العطوفة التي تملأ الروح بالأمان، أو التشجيع الصادق الذي يمنح أجنحة للخيال والطموح، تبث الحياة في النفس وتدفعها للارتقاء فوق القيود التي وضعها البشر. وعلى النقيض، فإن للكلمة الجارحة حضورًا ثقيلًا وأثرًا لا يُمحى بسهولة. إنها مثل السهم المسموم الذي يترك جرحًا عميقًا لا يندمل بسهولة، مهما حاول الزمن محوه. الكلمات القاسية تدمر النفس من الداخل، تغلق أبواب الأمل، تاركة فراغًا لا يسهل ملؤه بعد فراغه. فالفرد الذي يسمع كلمات تستهين بقدراته يتوارى في ظلال الشكوك ويعيش في رهبة من نظرة الآخرين، وقد يظل عالقًا في دائرة النقد الذاتي واللوم. هذا الأثر يتعاظم خصوصًا في مرحلة التنشئة ويبقى حمل عبئها في وعي الناشئة طيلة الأيام. فالكلمة مسؤولية أخلاقية تقع على عاتق كل إنسان، لأنها تملك القدرة على تشكيل واقع حياتنا اليومية ومزاجنا وقدرتنا على مقاومة المصائر، وتصنع قالبنا النفسي كما لو كانت نحاتًا يشكل منحوتة خفية. فإن علمنا وزدنا وعيا بأثر الكلمة، نقترب من إدراك أعمق لحقيقة الإنسان وأن حياته مرهونة بما ينطق وبما يتحدث به، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالًا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم".
546
| 30 أكتوبر 2024
في تراثنا العربي الكبير، تزخر الأشعار والحِكم بإبراز فضائل «القائد القدوة»، الذي لا يقود بالسلطة فقط ويكتفي بها، بل يسعى لتكون أفعاله منارة تُهتدى بها ويقتدي بها أتباعه. فالقائد القدوة هو من يتقدم الصفوف في الشدائد، ويكون في تواضعه وكبريائه ميزانًا للعدل والعدالة. فقد قال أحد الحكماء: «القائد الحق هو من يجعل من نفسه مرآةً، يرى فيها أتباعه طريقهم». فكم هو أمر جميل أن يلهم القائد الآخرين بأفعاله فيبني جسور الثقة بينهم، ويزرع في نفوسهم العزيمة والإخلاص. فلا عجب أن تقوم الإدارة الحديثة وعلم القيادة الحديث بالبحث مليا في فكرة «القائد القدوة Leadership by Examples «، فالإدارة بالقدوة تُعد واحدة من أقوى أساليب القيادة وأكثرها تأثيرًا في بيئات العمل المختلفة. ويعتمد هذا الأسلوب على أن يتصرف القائد بشكل يعكس القيم والسلوكيات والمبادئ التي يتوقع من موظفيه وأتباعه أن يلتزموا بها، بدلاً من الاكتفاء بإصدار الأوامر أو التوجيهات اللفظية، فيقوم القيادي بتقديم نموذج حي ومشاهد للسلوك المهني المنضبط، مما يجعل الموظفين يتبعون نهجه بحافز ذاتي. هذا النهج يعزز القيم التنظيمية مثل النزاهة، الالتزام، والتفاني في العمل. ونرى فيمن يمتلك هذه الخصلة أنه يُظهر صفات مثل الاجتهاد والحرص على تحقيق الأهداف التنظيمية. فعندما يشاهد الموظفون قائدهم يتحمل المسؤولية بشكل كامل ويهتم بالتفاصيل، فإنهم يشعرون بالدافع للعمل بجدية وبنفس الروح. هذا الأسلوب لا يقتصر ولا يرنو إلى زيادة الإنتاجية فحسب، بل يساهم أيضًا في تعزيز الولاء التنظيمي والانتماء للمؤسسة، حيث يشعر الموظفون بأنهم جزء من فريق يُقدّر جهودهم. الإدارة بالقدوة مقام فريد، يتطلب من القائد أن يكون مستعدًا دائمًا للعمل الجاد والحيوي وتقديم مثال يحتذى به، سواء في الأوقات العادية أو خلال الأزمات والكوارث. ونجد بعض الأبحاث تشير إلى أن الموظفين يستجيبون بشكل أكثر فعالية للقيادة التي تعتمد على الأفعال أكثر من الأقوال، فعندما يتصرف القائد بما يتفق مع ما يطلبه من الآخرين، يُظهر التزامه بالقيم التي يروج لها، مما يعزز من ثقافة العمل القائمة على الانضباط والجدية. هذه البيئة تساعد على تقليل مستويات التوتر والصراعات الداخلية، حيث يلتزم الجميع بالمعايير نفسها. لذلك نعلم يقيناً، أن الإدارة بالقدوة لا تؤدي فقط إلى تحسين أداء الأفراد، بل تساهم في بناء ثقافة تنظيمية قوية ومستدامة، مما يجعل المنظمة والمؤسسة أكثر مرونة في مواجهة التحديات المستقبلية، ويعزز التفاني والالتزام في صفوف الموظفين والأتباع.
1593
| 23 أكتوبر 2024
من المقولات الرائجة لجون ماكسويل أنه قال: «أنت لن تغير حياتك إلا إذا قمت بتغيير شيء تفعله يوميًا، فسر النجاح يكمن في الروتين اليومي». انطلاقا من هذه الكلمة نجد أن هذه الفكرة تتناغم بعمق مع الحكمة القديمة لأرسطو وما قاله: «نحن ما نفعله باستمرار، فالسؤدد ليس فعلاً، بل هو عادة للإنسان». فالعادات الصغيرة المتكررة هي التي تصنع مسار حياتنا، وتحول الطموحات إلى إنجازات ملموسة. وكنا كثيرًا ما نعتقد أن إحداث تغييرات جوهرية في حياتنا يتطلب جهودًا ضخمة وتحولات جذرية مرهقة، لكن الحقيقة الجميلة أن أكبر التأثيرات والتحولات الكبرى في حياة الآخرين يمكن أن تنبع من تغييرات صغيرة وبسيطة تُعرف بـ»العادات الدقيقة». فهذه العادات تتجسد في خطوات يومية بسيطة جدا، ولكن تزداد قوتها وتأثيرها بمرور الوقت عندما تُمارس بانتظام ملاحظ، مما يخلق تحولاً إيجابيًا مثمرا دائمًا في حياة الناس. فالعادات الدقيقة هي تلك «التغييرات الصغيرة التي يمكن دمجها بسهولة في روتين الحياة اليومي دون الحاجة إلى جهد كبير»، مثل ممارسة دقيقة واحدة من التنفس العميق قبل بدء العمل أو التفكير في اتخاذ قرار، أو شرب كوب من الماء فور الاستيقاظ وغير ذلك، فبالرغم من بساطتها، إلا أن هذه العادات البسيطة تكتسب تأثيرًا قويًا بفضل تكرارها، لتصبح أدوات فعّالة في تحقيق تحولات إيجابية على المدى الطويل. فنلاحظ أن المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه العادات الدقيقة هو مبدأ «التراكم»؛ حيث تزداد تأثيرات الأفعال الصغيرة بمرور الوقت والزمن، لتشكل في نهاية المطاف عادة ثابتة تترك أثرًا كبيرًا على حياتنا ويكون ملموسا. فمثلاً، إذا قررت قراءة صفحتين من كتاب كل يوم، ستنتهي بقراءة أكثر من 700 صفحة خلال السنة دون أن تشعر بأي إرهاق أبدا. فإن هذه القوة التراكمية تجعل من العادات الدقيقة وسيلة فعّالة لتحقيق أهدافك الكبيرة بخطوات صغيرة وثابتة. وتشير بعض الأبحاث في هذا المجال إلى أن نجاح العادات الدقيقة يعتمد على سهولتها وقدرتها على الاندماج في سلوكياتنا اليومية دون الحاجة إلى إرادة قوية لإدخالها ضمن جدول الفرد اليومي. فهذا الشعور بالإنجاز البسيط يحفزنا على الاستمرار والتقدم نحو تحقيق التحسين الذاتي اليومي. فعندما نرى نتائج ملموسة ومشاهدة أمام أعيننا، حتى وإن كانت صغيرة، فإنه تتولد لدينا الرغبة في المضي قدمًا نحو تحقيق المزيد والمزيد من الأهداف وتثبيت العادات الجيدة. ولكي تبني العادات الدقيقة في حياتك أيها القارئ، ابدأ بتحديد أهدافك الكبرى في ورقة، ثم قسمها إلى خطوات صغيرة واضحة ولها زمن محدد في بدياتها ونهايتها، وأن تكون أقرب إلى السهولة في التنفيذ قدر الاستطاعة، واعتمد على تقنية «دمج العادات» من خلال دمج العادات الجديدة مع أخرى قائمة بالفعل، كإجراء تمرين التنفس العميق أثناء شرب قهوتك الصباحية. فمن الجيد اكتساب تلك المهارة: «العادات الدقيقة»، فبالرغم من بساطتها، إلا أنها قادرة على إحداث تغييرات جوهرية في حياتك أيها القارئ إذا ما ارتبطت بالاستمرارية والالتزام.
1803
| 16 أكتوبر 2024
يبدو أن العالم يمر بأزمة حقيقية في القيادة العالمية، وأعني بالقيادة العالمية هي قدرة شخص ما أو مجموعة من الدول أو المؤسسات على توجيه النظام الدولي والتأثير في صنع القرارات العالمية لمواجهة التحديات المشتركة التي تؤثر على البشرية بأكملها بشكل سلبي ومحاولة لإنقاذ ما يجب إنقاذه. فهذه القيادة لا تعتمد فقط على القوة العسكرية أو الاقتصادية، بل تشمل القدرة على التنسيق وإيجاد الحلول والسعي لرسم التعاون بين الدول والمؤسسات المختلفة لحل القضايا العابرة للحدود مثل الحروب والعدوان العسكري، وتغير المناخ، وتفشي الأوبئة، وانتشار الفقر، وضياع السلام العالمي، وتشتت الأمن، واضطراب الاستقرار الاقتصادي، ونشر الأفكار الهدامة المخالفة للفطرة الإنسانية والديانات السماوية. فلم تعد القيادة تقتصر على القدرة على إدارة الدول أو المؤسسات، بل أصبحت تشمل القدرة على توجيه البشرية نحو أهداف تتعلق بالاستدامة، السلام، العدالة، والتقدم العلمي. ومع ذلك نجد أن غياب قيادة عالمية قادرة على تنسيق الجهود الدولية يمثل فجوة كبيرة. أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة هو تعدد مراكز القوى العالمية وتنوع الأقطاب المؤثرة. فلم يعد هناك زعيم أو دولة واحدة تستطيع أن تدعي القيادة الكاملة على الساحة الدولية كما كان الحال في بعض الفترات السابقة. فمنذ انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي، برزت قوى متعددة مثل الولايات المتحدة، الصين، والاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى ظهور عالم متعدد الأقطاب متصارع شرس، وهذه التعددية قد تكون علامة على توزيع أكثر عدالة للقوة، لكنها في الوقت ذاته خلقت صراعًا بين هذه القوى على التأثير والسيطرة. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، يتساءل البشر في منتدياتهم عن من هو القائد العالمي اليوم؟ والإجابة ليست واضحة المعالم، فالعالم بحاجة إلى قيادة قائمة على التعاون الدولي، ولكن يبدو أن الفجوة بين ما نحتاجه وما نعيشه تتسع يومًا بعد يوم، فالأزمة الحالية ليست في نقص القادة، بل في غياب رؤية موحدة وشاملة تتجاوز الحدود الوطنية وتسعى لحل المشكلات العالمية بروح التعاون والمسؤولية المشتركة. ولعل البعض يتساءل هل من الممكن أن تكون القيادة القادمة للعرب ؟ هو حلم بعيد المنال لكنه ليس بمستحيل، فالعرب يملكون من الأدوات ما يمكنهم من ذلك، فالعرب يمتلكون مقومات مهمة تؤهلهم للعب دور قيادي عالمي، مثل الموارد الاقتصادية الضخمة والموقع الجغرافي الاستراتيجي، إلا أن التحديات المتمثلة في عدم الاستقرار السياسي الداخلي، والانقسامات الإقليمية تقف عائقًا أمام تحقيق هذا الهدف. فنحتاج إلى تعزيز التعاون الإقليمي العربي، وتحسين التعليم والاستثمار العربي في التكنولوجيا والابتكار في ديارهم، وتبني سياسات خارجية قائمة على حماية مصالحها أولا ثم مصلحة البشرية وكسب التأييد العالمي. حتى ذلك الحين، قد لا يكون الحل في انتظار «قائد عالمي» واحد، بل في إنشاء شبكة قيادية عالمية تشمل العرب وغيرهم، تتكاتف هذه القوى فيما بينهم على مستوى الدول والمؤسسات بروح من التضامن والتعاون.
615
| 09 أكتوبر 2024
فقدان الذاكرة هو فقدان جزء من الذات، لأن ذاكرتنا هي ما تشكل هويتنا، وما نكون عليه في الحاضر والمستقبل، فالذاكرة ليست مجرد قدرة على التذكر، بل هي أيضًا أداة للتعلم من الماضي، واستثمار الحكمة في المستقبل. والمنظمات والمؤسسات تشابه البشر ونجد أوجه التشابه بين الكائنات الحية والمنظمات في نواحٍ عدة، فهي تمتلك دورة حياتية، تتعلم من تجاربها، وتواجه تحديات تؤثر على قدرتها على البقاء والنمو، ومن ذلك الذاكرة.. الذاكرة التنظيمية للمؤسسات، والتي تشير إلى القدرة الجماعية للمؤسسات والمنظمات على تخزين واسترجاع المعلومات والخبرات التي تم اكتسابها على مر الزمن، وتشمل هذه الذاكرة المعرفة الصريحة، مثل الوثائق والإجراءات المدونة، والمعرفة الضمنية التي توجد في رؤوس الموظفين ذوي الخبرة. فالذاكرة التنظيمية تلعب دورًا حاسمًا في مساعدة المؤسسة على التعلم من أخطائها السابقة واستغلال نجاحاتها، مما يعزز قدرتها على التكيف والتطور في بيئات عمل متغيرة. باختصار، الذاكرة التنظيمية هي النظام الذي يسمح للمؤسسة بالبقاء متصلة بتجاربها السابقة واستخدامها لصنع قرارات أفضل في المستقبل. ويأتي السؤال الجوهري هنا: هل ممكن أن تفقد المنظمات والمؤسسات ذاكرتها؟ فالجواب: نعم، يمكن أن تفقد المنظمات والمؤسسات ذاكرتها التنظيمية، وهذا قد يحدث نتيجة عدة عوامل، منها دوران الموظفين، حيث يغادر الموظفون ذوو الخبرة دون أن يتم نقل معارفهم إلى الآخرين أو توثيقها. بالإضافة إلى ذلك، ضعف أنظمة إدارة المعرفة والمعلومات في المؤسسات يمكن أن يؤدي إلى عدم تخزين المعلومات أو الوصول إليها بشكل فعال، مما يؤدي إلى فقدانها. وأيضًا، التغيرات الكبيرة في التكنولوجيا أو الثقافة التنظيمية قد تؤدي إلى ضياع المعرفة السابقة إذا لم يتم تحديث للأنظمة أو السياسات بشكل مناسب وسريع جداَ. ولكي نحمي الذاكرة التنظيمية لمؤسساتنا ومنظماتنا والحفاظ عليها، فنحتاج إلى اتخاذ خطوات فعالة مثل تطوير أنظمة فعالة لإدارة المعرفة تساعد في توثيق المعلومات وجعلها متاحة بسهولة، ويمكن أيضًا الاستفادة من التدريب والتوجيه لضمان نقل المعرفة بين الموظفين الجدد وذوي الخبرة، وأخيرًا يمكن تعزيز التعلم المؤسسي والمنظمي من خلال استراتيجيات مخصوصة تعزز الاستفادة من التجارب السابقة وتحديث المعرفة بشكل مستمر. فالذاكرة التنظيمية هي بوصلة المستقبل لمؤسساتنا، بحفظها للتجارب والمعرفة، وهي من تبني جسور النجاح القادم وتحمي من التكرار الأعمى للأخطاء.
408
| 02 أكتوبر 2024
في كتابها الأخير «نهاية القيادة» تجادل كيلرمان بأنه كان هناك تحول فريد في سلطة القيادة والاستحواذ عليها خلال السنوات الـ 40 الماضية. قد اعتادت السلطة السياسية أن تكون مجالا للقادة وصناعتهم، لكن هذا يتضاءل ويتحول إلى الأتباع وبقية الجمهور العام، فالتغييرات في الثقافة الشعبوية العالمية جعلت الأتباع يطلبون المزيد من القادة ما يفوق قدراتهم الفكرية والمهاراتية وكذلك تمكن الأتباع من غير السلطة السياسية الرسمية من الوصول إلى التكنولوجيا والوصول إلى كميات هائلة من المعلومات، جعلت القادة السياسيين أكثر اتجاهاً للشفافية أمام شعوبهم. فلم تعد السلطة مرادفة للقيادة، ووفقا لكيلرمان فإنه قد ظهرت تساؤلات مهمة حول طبيعة القيادة وعلاقتها بالسلطة، ففي الماضي، كانت القيادة مرتبطة بشكل كبير بالسلطة الرسمية السياسية، حيث يتمتع القادة بالمكانة والنفوذ بناءً على أدوارهم في الحكومة أو المؤسسة. والآن أصبح التساؤل الملح هو: هل أصبحت القيادة حكراً على السلطة؟ من وجهة نظر تقليدية، كانت السلطة تعتبر الأساس والمصنع الذي يقوم عليه النفوذ والقيادة، سواء كان ذلك في المؤسسات السياسية أو العسكرية أو حتى في الشركات والمنظمات، فقد كانت للقادة الرسميين السلطة القانونية التي تمنحهم الحق في اتخاذ القرارات وتوجيه الأفراد، وهذا النوع من القيادة يعتمد على التسلسل الهرمي والهيكل الرسمي. لكن مع تطور المجتمعات والتكنولوجيا، ظهر نوع جديد من القيادة يعتمد على التأثير الشخصي والمعرفة والخبرة، بدلاً من السلطة الرسمية. هذا النوع من القيادة يمكن رؤيته في الأفراد الذين يؤثرون على المجتمع من خلال أفكارهم وإنجازاتهم، دون أن يكون لهم أي منصب رسمي، على سبيل المثال، قادة المجتمع المدني، والعلماء والمبتكرون والمؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي، كل هؤلاء يمارسون القيادة غير الرسمية بدون الحاجة إلى سلطة رسمية. أحد العوامل التي ساهمت في هذا التغيير هو انتشار وانفجار المعلومات وسهولة الوصول إليها، ففي الماضي، كانت السلطة مرتبطة بالقدرة على التحكم في المعلومات واحتكارها، ولكن اليوم يمكن للأفراد الحصول على المعرفة وتوجيه الجماعات بفضل وسائل الاتصال الحديثة والسريع أيضا والمحمي من الملاحقة، فهذه القدرة على الوصول إلى الجماهير وتوجيههم ألغت إلى حد كبير فكرة أن القيادة تعتمد فقط على السلطة الرسمية. لذلك نجد أن القيادة لم تعد حكراً على السلطة السياسية كما كانت في السابق، فقد أصبحت القدرة على التأثير وإلهام الآخرين من خلال الأفكار والعمل الدؤوب أساساً جديداً للقيادة في العصر الحديث.
405
| 25 سبتمبر 2024
يقول الشاعر العربي: إذا لم تجدْ للأمرِ حينًا مقدّرًا فبادرْ إلى ما قد يُتاحُ وتيسَّر فإن الليالي لا تدومُ على المنى وقد تُدركُ الفرصَةَ من لا تأخّر. بيت الشعر هذا يعكس أهمية اغتنام الفرص المتاحة دون انتظار الوقت المثالي، لأن الانتظار قد يؤدي إلى فوات الفرص، حيث إن الحياة لا تضمن بقاء الظروف على حالها، ومن يسارع للاستفادة من الفرص غالبًا ما يحقق النجاح. لكن يبدو أن شركة «كوداك» لم تضع ذلك في الحسبان حتى أصبح خبرها من الماضي، فقد كانت أحد الأسماء الرائدة عالميًا في مجال التصوير الفوتوغرافي لعقود طويلة، والتي تأسست في عام 1888 بواسطة جورج إيستمان، وكانت الشركة مسؤولة عن جعل التصوير متاحًا للعامة بفضل تطويرها أفلام التصوير وكاميرات بأسعار معقولة متاحة للعامة، وفي منتصف القرن العشرين، كانت كوداك تستحوذ على أكثر من 85% من سوق الكاميرات و90% من سوق الأفلام الفوتوغرافية في الولايات المتحدة، مما جعلها رمزًا للإبداع والابتكار في ذلك الوقت البعيد. لكن بحلول أواخر التسعينيات، بدأت الشركة تواجه تحديات كبيرة بسبب الثورة الرقمية، والمثير للاهتمام هو أن «كوداك» كانت من أوائل الشركات التي طورت كاميرا رقمية في السبعينيات من القرن الماضي، ولكنها ترددت في الاستثمار في هذا المجال بشكل كبير خوفًا من تدمير أعمالها الأساسية المرتبطة بالأفلام الفوتوغرافية. فالإدارة العليا للشركة كانت تخشى أن التحول إلى الكاميرات الرقمية سيؤدي إلى انخفاض مبيعات الأفلام والورق الفوتوغرافي، والتي كانت تمثل مصدر دخل رئيسي للشركة. والحق يقال إن هذا التردد في اتخاذ القرار لدى هذه الشركة ومثيلاتها كان سببا في خروجها، خاصة عندما يتعلق الأمر باغتنام الفرص المحدودة أو التعامل مع مواقف تتطلب سرعة التصرف، فالتردد السلبي يؤدي إلى ضياع الفرص أو تفاقم المشكلات. وفي نفس مرحلة التردد لدى «كوداك» بدأت الشركات المنافسة مثل «سوني» و»كانون» و»نيكون» بالتركيز على الكاميرات الرقمية، ومع مرور الوقت، أصبح السوق يميل بشكل كامل نحو التكنولوجيا الجديدة. «كوداك» تأخرت كثيرًا في التحول إلى التصوير الرقمي ولم تستثمر بما يكفي في تطوير الأجهزة الرقمية أو البرمجيات التي أصبحت أساسًا لصناعة التصوير الحديثة. حتى جاء عام الرحيل في 2012، فأعلنت «كوداك» إفلاسها بعد أن عانت من خسائر مالية كبيرة وانخفاض حاد في حصتها السوقية. وفي خطوة يائسة للنجاة، باعت الشركة العديد من أصولها وبراءات اختراعها، كما قامت بإعادة هيكلة أعمالها للتركيز على الطباعة الرقمية وخدمات الأعمال. قصة «كوداك» هي مثال واضح على الفشل في مواكبة التطورات التكنولوجية والتكيف مع احتياجات السوق المتغيرة، رغم ريادتها وزعامتها في عالم التصوير لعقود طويلة.
423
| 18 سبتمبر 2024
كما صاغ العالم السياسي جوزيف ناي مصطلح القوة الناعمة ويعني بها القدرة على التأثير على الآخرين وجذبهم دون استخدام القوة الجبرية أو الإكراه القسري، وذلك من خلال الإقناع، الثقافة، القيم، والسياسات الجاذبة. فإن كتاب عالم الإدارة وتحسين بيئة الأعمال قد صاغوا مفهوم «المهارات الناعمة» هي مجموعة من القدرات الشخصية والاجتماعية التي تساعد الفرد على التفاعل بفعالية مع الآخرين في بيئة العمل. وهذه المهارات تُعتبر أساسية للنجاح المهني، إلى جانب المهارات التقنية والفنية. على الرغم من أن المهارات الناعمة قد تبدو أقل أهمية مقارنة بالمهارات الصعبة، إلا أنها تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الأداء الشخصي والمهني، وبناء علاقات عمل قوية ومستدامة. وحقيبة المهارات الناعمة في حقيقتها لا حدود لها فهي تشتمل على العديد من المهارات الفرعية والمتجددة في بيئات الأعمال القائمة على التنوع والتجديد والتغيير المستمر، ومن أهم تلك المهارات الناعمة مثلا: التواصل الفعّال، العمل الجماعي، التفكير النقدي، وإدارة الوقت، القدرة على التواصل الجيد شفهيًا أو كتابيًا، وغيرها. فكل المهارات الناعمة في بيئة الأعمال تُعتبر أساسا لنجاح أي موظف في أي وظيفة، فالتواصل الفعال مثلا يعني القدرة على التعبير عن الأفكار بوضوح، الاستماع بتركيز، وتقديم التغذية الراجعة بطريقة بناءة. هذه المهارة تساعد على تجنب سوء الفهم وتحسين التعاون بين أعضاء الفريق. والإيمان بالعمل الجماعي هي مهارة أساسية أخرى في بيئة العمل، حيث يتطلب الأمر العمل مع الآخرين والقدرة على التفاهم، والاحترام المتبادل، والمشاركة الفعالة، فالموظف الذي يتمتع بروح الفريق يكون قادرًا على تقديم الدعم لزملائه والمشاركة في تحقيق الأهداف المشتركة، مما يسهم في خلق بيئة عمل إيجابية ومنتجة. ولا ننسى إدارة الوقت فهي مهارة لا تقل أهمية، حيث تساعد الموظفين على تنظيم مهامهم بفعالية وتحقيق الأهداف في الوقت المحدد، وتشمل هذه المهارة القدرة على تحديد الأولويات، التخطيط المسبق، والتعامل مع الضغوط بشكل جيد. فالموظف الذي يجيد إدارة وقته يمكنه تحقيق توازن أفضل بين الحياة الشخصية والمهنية، مما يؤدي إلى أداء أعلى وإنتاجية أفضل. أما مهارة التفكير النقدي وحل المشكلات فهي من المهارات الضرورية التي تساعد الموظف على التعامل مع التحديات اليومية بفعالية عالية جدا، فهي تساهم في تعزيز القدرة على تحليل المعلومات، وتقييم الخيارات، واتخاذ قرارات مستنيرة تساهم في تقديم حلول مبتكرة وفعالة للمنظمات والمؤسسات. لذلك أدعو المؤسسات العربية والمنظمات الحكومية لتعزيز هذه المهارات الناعمة في ذوات موظفيها، فهي مفتاح النجاح الإداري والوظيفي في بيئة العمل وذلك من خلال إحلالها في خطة التدريب السنوية ومراقبة خط أداء وسير العمليات المختصة في كل مؤسسة على حدة.
861
| 11 سبتمبر 2024
أظهرت بعض الدراسات التي أجريت في مجال بيئة الأعمال والوظائف أن ثلث العاملين تقريباً في بعض القطاعات العامة يحققون توازناً بين بيئة العمل والحياة الشخصية، أما البقية الباقية من الموظفين يعانون من صعوبة في تحقيق هذا التوازن. فمع تزايد الضغوط الوظيفية، ونمط الحياة وإيقاعها السريع، أصبح من الصعب على الأفراد تخصيص وقتٍ كافٍ مفيد لعائلاتهم وأصدقائهم وهواياتهم والتمتع بحياتهم الشخصية والاستفادة من وقتهم لتطوير ذاتهم. فتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية يحسن من نوعية الحياة الوظيفية والعامة، ويحسن أيضاً الحالة الصحية والنفسية الوظيفية، إلا أنه ما زال هناك عدة صعوبات تواجه الأفراد العاملين داخل بيئات العمل لتحقيق هذا التوازن المنشود، ومن ذلك: عدم إدراك الفرد العامل لأهمية التوازن بين حياته الشخصية والعمل وافتقاده الوعي لذلك الأمر، وعدم قدرته على تحديد الأدوار المطلوبة منه بدقة ودخوله في متاهة الأدوار وضياع بوصلة أهدافه، مما يجعله غير قادر على تحقيق هذا التوازن المطلوب. كما أن هناك بعض الأشخاص ينخرطون في العمل أكثر من اللازم ويحرقون أنفسهم وظيفياً، فنجدهم يفعلون أكثر من المطلوب منهم، ويحملون أنفسهم من الأمور ما لا طاقة لهم بذلك، سعياً منهم لتحقيق النجاح، وإثبات الذات، أو لوجود المنافسة الوظيفية ومحاولة تجاوزها، أو إرضاءً لصاحب العمل، أو مدير المنظمة والمؤسسة، ومنهم من يقوم بذلك خوفاً من العقوبات، أو فقدان العمل، وبالتالي يجعلون حياتهم كلها مشغولة بالعمل، حتى في أوقات الفراغ والإجازات يقومون بالاتصال بزملاء العمل، للاطمئنان على سير العمل وخاصةً في ظل وجود الهواتف الذكية، ووسائل التواصل المتعددة، التي جعلت العمل متاحاً في أي وقت ومن أي مكان. وبعض المنظمات تقوم بتخصيص وقت إضافي خارج ساعات العمل، من أجل زيادة الإنتاج وتحقيق الربحية خصوصا في المنظمات الربحية والخاصة، فتقوم بتشجيع الموظفين على العمل لساعات طويلة مقابل الأجر الإضافي، فيضطر الموظف إلى البقاء في العمل لفترة طويلة، تلبية لمتطلبات الشركة، وكل ذلك على حساب حياته الشخصية والعائلية. وهناك بعض الأفراد والعاملين يقومون بأكثر من عمل بعد انتهاء وقت العمل الرسمي، أو العمل في أوقات الإجازات، وذلك بسبب كثرة المسؤوليات الملقاة على عاتق هؤلاء الأفراد من قبل إداراتهم لسوء تخطيط إجراءات العمل وعدم تبسيطها، أو رغبة منهم في تحسين مستوى معيشتهم ومردودهم المادي دون وعي بسلسلة الإجراءات الصحيحة، أو لديهم أهداف وطموحات كبيرة من أجل النجاح، وهذا بدوره يؤثر على حياتهم الشخصية فيعجزون عن أخذ قسط من الراحة الأسبوعية، أو القيام ببعض الرحلات الترفيهية، أو الجلوس مع أفراد العائلة، أو التفرغ لعدة دقائق للتعلم والارتقاء بحياتهم. فعلينا أن ندرك أن الاسترخاء جزء من العمل، والعمل جزء من حياتنا وليس كل حياتنا، فإن لنفسك عليك حقاً ولا تكن مثل الذي أهلك نفسه فلا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى، فالتوازن هو ميزان الحياة المعتدلة والواقعية.
1269
| 04 سبتمبر 2024
مساحة إعلانية
 
        نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6600
| 27 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6480
| 24 أكتوبر 2025
 
        تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
3189
| 23 أكتوبر 2025
 
        المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2451
| 28 أكتوبر 2025
 
        القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1884
| 23 أكتوبر 2025
 
        جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1683
| 26 أكتوبر 2025
 
        على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1440
| 27 أكتوبر 2025
 
        النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1047
| 24 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
999
| 24 أكتوبر 2025
 
        لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
984
| 27 أكتوبر 2025
 
        “أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
921
| 27 أكتوبر 2025
 
        يشهد قطاع الرعاية الصحية في قطر ثورة رقمية...
906
| 23 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل
